إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 3 فبراير 2016

1703 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الحادي عشر بعد المئة النقود



1703


( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
     
الفصل الحادي عشر بعد المئة

النقود

وفي الموارد الاسلامية بعض الأخبار عن نقود كانت متداولة في الحجاز عند ظهور الإسلام. وقد سميت تلك النقود بأسمائها َوأشير إلى وزنها ومقدارها. وعثر الباحثون على نماذج من نقود جاهلية تعود إلى عهود مختلفة في مواضع متعددة مختلفة من جزيرة العرب، قسمت لنا بعض المعارف عنها وعن مصادرها، فمن الموارد الاسلامية ومن بعض كتابات المسند التي اشر فيها إلى نقود جاهلية ومن قطع النقود الجاهلية التي عثر عليها المنقبون، جمعنا ما سنقوله عن نقود أهل الجاهلية.

وقد استعمل أهل العربية الجنوبية النقود في معاملاتهم، استعملوا نقودا ًسكّت من ذهب، ونقوداً سكت من فضة، وأخرى سكت من نحاس ومن معادن أخرى. وقد عثر على نماذج من كل نوع من هذه الأنواع. كما تعاملوا بالنقود الأجنبية كذلك، مثل النقود اليونانية والرومانية والمصرية والحبشية والفارسية. وقد عثر على نماذج من هذه النقود في مواضع متعددة من العربية الجنوبية: في اليمن، وفي حضرموت، وفي مواضع أخرى. وقد زاد تعامل أهل اليمن بالنقود الحبشية والساسانية في أثناء احتلال الحبش والساسانيين لليمن، ولا شك.

وفي بعض المتاحف ودور الآثار وعند بعض هواة جمع النقود والأشياء القديمة، قطع من نقود جاهلية ضربت في العربية الجنوبية، بعضها من ذهب، وبعضها من فضة، وبعض آخر من نحاس، ومنها الكبير،ومنها نقود صغيرة دون على بعضها اسم الملك الذي ضربت في أيامه، أو الحرف الأول من اسمه، وعلى بعض آخر رموز وصور ألف العرب الجنوبيون ضربها على النقود، مثل صورة "أثينة" أو "البوم" وهي من الطيور التي ألف العرب الجنوبيون إظهار صورتها على النقد، وعلى الحجارة المكتوبة وعلى جبهات البيوت.

والعملة تطور خطير من التطورات التي أثرت في الحياة الاقتصادية للبشر. أحدث اختراعها إنقلاباً كبيراً في النظم الاقتصادية والاجتماعية، ويعدّ ايجادها من المخترعات الكبرى التي لعبت دوراً خطيراً في حياة الإنسان ولا تزال تلعبه، قلصت أعمال المقايضة المرهقة المتعبة،وقضت على التعامل بالوزن في تقدير الأثمان. أعني التعامل بوزن الذهب والفضة " في تقدير قيم الأشياء، بأن يعطي إنسان إنساناً قيراطاً من ذهب، أو نصف مثقال، أو مثقالاً مقابل سلعة ثم التساوم على سعرها. أو وزن مثقال من فضة أو أقل، من ذلك أو أكثر في مقابل سلعة يريدها المشتري. وهو نظام سبق نظام النقد، الذي ولدت منه فكرة العملة. وهو نظام متقدم بالنسبة الى نظام المقايضة التي سبقته، قلصّ من صعوباتها كثيراَ، وأراح التاجر في التعامل، حتى ولدت فكرة سك العملة، فقلصت منه ومن تعقيداته، سهولة التعامل بالعملة، ولاكتسابها صفة رسمية وسعراً ثابتاً مقرراً ووزناً معيناً حددته الحكومات.

وفي وسعنا اطلاق مصطلح "النقد الطبيعي" على نظام المقايضة، أي مبدأ مبادلة سلعة بسلعة. فهو في الواقع نظام يستند على مبدأ التسعير وتثمين السلع وبيع سلعة بثمن سلعة أخرى. ولما وجد الإنسان صعوبة كبيرة في التعامل بهذه الطريقة، هداه عقله وتقدمه الفكري إلى ابتداع طريقة التعامل بالذهب والفضة وزناً. فخفف الإنسان بذلك كثيراً من التعقيدات والصعوبات التي كان يجابهها في تعامله بالمقايضة، فكان إذا أراد شراء حاجة عامل صاحبها بمقدار موزون من الذهب أو الفضة، يقدمه اليه في مقابل شرائها، ثم انتقل بعد ذلك إلى طريقة سك العملة. فسهل بذلك معاملاته في البيع والشراء كثيراً، ولا زال هذا النظام سائداً في كل أنحاء العالم، مع نظام العملة الورقية ونظام التعامل بالصكوك.

وقد تعامل الجاهليون بالطرق الثلاثة المذكورة. تعاملوا بالمبادلة، أي المقايضة، وتعاملوا بوزن الذهب والفضة، وتعاملوا بالعملة. ولما ظهر الإسلام كانت هذه الطرق لا تزال مألوفة عندهم متبعة، فكانوا يبيعون تمراً بتمر، وشعراً بشعير، وحنطة بحنطة. وقد أشير إلى هذه النوع في كتب الحديث، وأشرت إليها في باب البيوع. ولم يراع أهل الجاهلية تنوع الصنف في البيع، كأن يبيعوا حنطة من جنس معلوم بحنطة من جنس اخر، بل كانوا يبيعون الحنطة بالحنطة من نفس الجنس والنوع، بوزن مختلف لوجود تباين في الجودة أو تراب او حبوب غريبة في احدى الحنطتين. كما تعاملوا بتنوع السلع، مثل بيع حنطة بشعير وبالعكس، وبيع تمر بصوف أو بجلود، وما شاكل ذلك لوجود حاجة ولقلة النقد.

وتعاملوا بوزن الذهب والفضة، فاشتروا الرقيق بأواقي يحددونها من ذهب أو من فضة، وباعوا التجارة بأواقّي الذهب والفضة. تعاملوا يالأواقي وبأقل منها وبأكثر حسب قيم الأشياء ودرجة تثمينها. ونجد ذكر هذا التعامل في كتب الحديث والفقه، لما له من دور خطير في معاملات الناس في الجاهلية وفي الإسلام.

و "النقد" في مصطلح علماء العربية تمييز الجيد من الرديء. قال الشاعر: تنفي يداها الحصى في كل هاجرة  نفي الدنانير تنقاد الـصـياريف

والنقد اعطاء النقد. ونقد الثمن أعطاه نقداً معجلاً. ويظهر إن الجاهليين كانوا يطلقون لفظة "النقد" على العملة، وعلى التعامل بها من أخذ وقبض وتمييز الجيد من الرديء منها.

و "السِكة": حديدة منقوشة كتب عليها، يضرب عليها الدنانير والدراهم. ومنه الحديث انه نهى عن كسر سكة المسلمين الجائزة بينهم إلا من بأس. أراد بها الدرهم والدنانير المضروبين، سمى كل واحد منهما سكة لانه طبع يالحديدة المعلمة له.

ونجد في كتب الحديث رواية تذكر إن أول من ضرب الدينار تبع، وهو  

"أسعد بن كرب"، وان أول من ضرب الفلوس وأدارها في أيدي الناس: "نمروذ بن كنعان".

وقد وردت في كتابات سبئية وقتبانية إشارات إلى نقود سبئية وقتبانية كانت مستعملة في تلك الأيام. ويرجع بعض العلماء تأريخ أقدمها إلى حوالي سنة "400" قبل الميلاد. وقد ورد ذكر بعضهما مع أسماء ملوك سبئيين وقتبانيين، في تدوين عقود زراعية أو ضرائب في الغالب، وقد ذكرت حين الإشارة إلى دفع مبلغ أو إلى تحديد غرامات. ولكن ورود أسمائها في تلك العقود وفي الأوامر الملكية لأولئك الملوك لا يدل على أنها سكت في أيامهم، وضربت في عهدهم، فقد يجوز إن تكون قد ضربت قبل أيامهم بأمد طويل أو قصير، وأنها كانت مستعملة قبل أيامهم وفي أيامهم في الأسواق، ولذلك اًشير إليها في تلك الكتابات.

ونجد في أحد وجهي بعض النقود رأس رجل ظهرت ملامح وجهه إلى العنق، يحيط به غصنا شجر على هيأة دائرة، وقد تدلى شعر الرأس إلى للعنق، وظهرت عليه تموّجات الشعر على هيأة خصل محفورة. وأما صورة الأوجه، فهي جانبية اتجاهها نحو اليمين في الغالب. ولولا وجود بعض حروف المسند عليها لحسبتها من النقود المضروبة عند اليونان، ونجد في الوجه الآخر من النقد صورة البوم في الغالب: جسمها جانبي، اي قد امتد نحو الجانب. أما الوجه، فقد صور وكأنه ينظر اليك، وقد برزت عيناه بصورهّ واضحة ظاهرة حتى بدتا في شكل لا يتناسب أحياناً مع حجم الوجه. ومن ينظر إلى هذا الوجه يخيل اليه أنه ينظر إلى رأسي بومتين لا بومة واحدة.

وتحمل بعض النقود إشارات ورموزاً لها صلة بديانة العرب الجنوبيين قبل الإسلام، ومن ذلك، الهلال، إشارة إلى الإلهَ القمر. والهلال وفي داخله أو في مقابله كوكب ذو رؤوس تلتقي بنقطة في الوسط، وأحياناً على هيأة قرص دون رؤوس. يمكن اعتبارهما أساس الكوكب والهلال "النجمة والهلال" المستعمل في بعض الأعلام الإسلامية واللذين يشاهدان على قبب المساجد ويعتبران عند المسلمين وعند الغربيين شعاراً للاسلام. وهما في الأصل من شعائر الوثنيين الجاهليين.

وقد يكون الكوكب ذو الرؤوس أو القرص رمزاً يشير إلى الشمس.

وللعلماء الباحثين في النقود العربية الجنوبية آراء في الحروف المقطعة المضروبة على النقود. وفي الحروف المتصلة المربوطة بعضها ببعض في بعض الأحيان على هيأة الطغراء، وذهب بعضهم إلى إن هذه الحروف هي الأحرف الأولى لأسماء الملوك الذين ضربت تلك النقود في أيامهم، وذهب آخرون إلى انها أسماء المواضع التي ضربت فيها تلك النقود. وذهب آخرون إلى انها رموز للالهة، وقد ضربّت تبركاً باسمها. ومهما يكن من شيء، فبين الباحثين في النقود العربية الجنوبية اختلاف في هذا الموضوع، لم يتوصلوا فيه إلى حل متفق عليه.

ومن الملوك الذين ضربت بعض النقود في أيامهم، ملك ذكر لقبه وحده وهو "ينف" "ينوف"، دوَن اسمه الأول الذي يعرف به. وإذ قد تلقب، جملة ملوك بهذا اللقب، فمن الصعب البت في تعيين الملك صاحب هذا النقد. وملك ذكر اسمه الأول، وهو: "شمر"، والظاهر انه "شمر يهرعش" ملك سبأ وذي ريدان. و "كرب ال وتر يهنعم"، وهو ابن الملك "ذمر على بين" و "عمدن يهقبض"، و "عمدن بين"، وملوك آخرون.

وقد وردت لفظة "بلط" في نصوص المسند،ترجمت ب "نقد" وب Coin في الانكليزيةْ. و "أبلط" في عربيتنا بمعنى لصق بالأرض وافتقر، وذهب ماله، وأفلس. والبلطهّ المفلس.

وقد ذكر "نزيه مؤيد العظم"، إن أهل اليمن يطلقون على النقود لفظة "ظلط". ولعل لهذه اللفظة صلة ببعض أسماء النقود اليمانية قبل الإسلام. وهناك لفظة أخرى وردت في نصوص المسند، هي "خبصتم"، "خبصت". ويرى "رودوكناكس" اًنها اسم نقد أقل سعراً وثمناً من سعر النقد الذهب، وأنه لم يكن من ذهب ولا من الفضة بل من المعادن الأخرى.

ووردت لفظة "صيم" "رضى" بعد العدد خمسة، في نص سبئ. ذكرت مع العدد في أمر يشير إلى غرامة تفرض على المقصر والمتماهل في العمل، فحمل ذلك بعض الباحثين على الذهاب إلى أنها تسمية لنوع من القد الذي كان مستعملاً آنئذ. ولكن هناك من يرى أن اللفظة ليست تسمية وسمة لنوع من أنواع النقود، وإنما هي صفة لها، بمعنى مرضية ومرض وبمعنى تامة وافية صحيحة، غير مزيفة ولا منقوصة في الوزن.

وإذا كنا لا نستعمل اليوم في لغتنا الألفاظ والتعابير التي تدل على صحة النقود وسلامتها من الغش والتزوير كثيراً، فإن القدماء ولا سيما صيارفتهم وأصحاب المال كانوا يستعملونها في معاملاتهم اليومية وفي عقودهم التي كانوا يدوّنونها، لأن سك العملة وضربها لم يكن يومئذ متقناً ولا مضبوطاً من حيث المادة أو الوزن. وكان من السهل تقليد العملة وغشها والتلاعب بوزنها. ولذلك كان ثمنها عرضة للتغيير والتلاعب بالسعر في بعض الأحيان،كما كان من السهل غش الناس بإعطائهم العملة المزيفة، حتى حفظت كتب الماضين أمثلة عديدة على ذلك، وكتب القدماء فصولاّ في كشف الغش في النقود وفي معاقبة المسؤولين عنه.

ومن الألفاظ التي استعملها أهل العربية الجنوبية للتعبير عن صحة العمة وسلامتها من الغش والتي دوّنوها في كتاباتهم، لفظة "مصعم" "مصع"، بمعنى نصع وخلص، أي خالصة من كل غش، صحيحة لا شائبة فيها. ولفظة "رضيم" المتقدمة، ولفظة "خبصتم" "خبصت" من هذه التعابير على رأي بعض الباحثين.

ويلاحظ وجود أثر للسكة اليونانية على السكة العربية الجنوبية. وقد وجد شبه ايضاً بين بعض النقود العربية الجنوبية ونقود الساسانيين. ونظراً إلى وجود صلات تجارية بين اليونان والساسانيين والعرب الجنوبيين، فلا يستبعد تأثر دور ضرب السكة في اليمن وفي حضرموتْ بطريقة ضرب النقود عند اليونان والساسانين. ومن أهم ملامح تأثر ضرب النقود بنقود اليونان، هو وجود صورة "البوم" رمز "أثينة" مطبوعاً على النقود، على نحو ما طبعت على النقود اليونانية، حتى صار من الصعب التفريق بينهما، فكأنما أخذ عمال ضرب النقود قالباً للنقد اليوناني، ثم حفروا عليه حروف المسند وضربوه. ثم صور الملوك، وكراسي جلوسهم عليها، والصولجان الذي بأيديهم، فكل هذه نقلت نقلاً عن النقود اليونانية.

ولا بد أن تكون في اليمن دور لضرب النقود سكّت فيها عملتهم. وإني لآسفٌ إذ لم اقف على كتابات جاهلية فيها ما يفيدنا عن كيفية ضرب النقود عند العرب الجنوبيين أو عند غيرهم وأوزانها وأنواعها، وما شابه ذلك من أمور تتعلق بها، وليس لنا من أمل في زيادة علمنا بها غير الترقب والانتظار، فلعل يقظة العرب توليّ تأريخ العرب القديم ما يستحقه من عناية ورعاية وبحث، فيجدّون في تتبع مواطن الاثار الغنية المطمورة لاستخراج دفائنها التأريخية الثمينة التي تظهر لنا أموراً كثيرة من تأريخ تلك الأيام وقد عثر في بصرى وفي مواضع من المنطقة التي عرفت ب "المقاطعة العربية" "الكورة ألعربية" على نقود معظمها من نقود الرومان واليونان، كما عثر على نقود نبطية. ويذهب بعض الباحثين في النصّيات، أن الملك "الحارث الثالث" "87 - 62 ق. م."، هو أول ملك نبطي، أمر بضرب النقود، أخذ السكة من اليونان أثناء استيلائه على دمشق. وقد عثر على نقد من فئة "دينار" طبع عليه رمز يمثل اتفاق الحارث و "سكاورس" وصورة جمل وشجرة. وعثر على نقود أمر "الحارث" هذا بضربها، تشبه النقود التيّ ضربها "ديمتريوس الثاني ?" "الثالث" Demetrius Eukairos III بمدينة "دمشق" شبهاً كبيراً، ولهذا يرى الباحثون أنها تقليد ومحاكاة لها. ولم يصل الينا نقد من نقوده يحمل كتابة مدوّنة بالنبطية.

وجاد "عبادة" الثالث من ملوك النبط علينا بقطع من النقود، يرى الملك على أحد وجهيها ومعه صورة امرأة يظن انها صورة أمه، وانها تشير إلى مبدأ حكمه إذ كان قاصراً، فكانت أمه تدير الملك باسمه نيابة عنه، وذلك بالنسبة إلى النقود التي ضربت في أوائل أيام الحكم، وأما في النقود المتأخرة، فإنها صورة زوجته، التي كانت تساعده وتؤازره. وتشاهد صورة نسر واقف قابض على جناحيه في الوجه الثاني من أحد النقود، وعلى طرفي الصورة كتابة، وصورة رأس رجل ني القطعتين المرقمتين "7" و "8" يرى انها رأس الملك وعلى طرفي الصورة كتابات نبطية وتأريخ الضرب.

وتعدّ النقود التي ضربت في أيام "الحارث" الرابع من خير ما ضرب من النقود في أيام النبط، ولم يعثر على نقد له ضرب في مدينة "دمشق" في المدة التي استولى فيها على تلك المدينة، وقد ضرب بعضها باسم الملك وباسم زوجته "خلدو" "خلد"، زوجته الأولى. وصورت صورة زوجته هذه على النقد، وضرب بعضها باسمه وباسم زوجته الأخرى "شقيلة" وطبعت صورتها على النقد كذلك. وضرب بعض اخر باسم الملك وحده، وهي مختلفة: بعضها من الفضة، وبعض آخر من البرونز، وعلى عدد منها تأريخ الضرب.

وضرب ام "شقيلة" الثانية ملكة النبط مع اسم الملك "ملكو" "مالك" الثاني في نقد وصل الينا. وقد وصفت في النقود بأنها أخته. أما القطع التي وصلت الينا، فبعضها مصنوع من الفضة وبعض آخر من البرنز، وعلى نقوده شيء من التبديل والتغيير عن النقد الذي ضرب في أيام " الخارث" الرابع. وتبورك في بعض النقود مثل نقود "بصرى" بضرب صور الالهة أو نعوتها أو رموزها على النقود، فقد ضرب نعت الإلهَ "دو شرى" "ذو الشرى" على نقد ضرب في "بصرى". كما أشير إلى هذا الإلهَ في نقد ضرب ب "بصرى" بتصوير منظر من مناظر الاحتفالات السنوية التي كانت تقْام في كل عام اكراماً له، وتعرف ب"Actia Dusaria". أما آلهة المدينة التي ضربت صورتها على بعض النقود، فتشبه صورتها صورة "عشتاروت" "عشتروت" المعروفة بفلسطين وفينيقية. ويظهر أنها "اللات". وتشبه في بعض النقود صورة "أثينة"، وقد دعيت ب "Tyche" هي "اللات" عند أهل حوران. وعثر في جزيرة "فيلكَا" على نقود يونانية من بينها درهم ضرب في عهد الملك "انطيوخس" الثالث من ملوك السلوقيين، ويعود تأريخ هذا الدرهم إلى حوالى السنة "212" قبل الميلاد. وتبين أن بعض الدراهم قد ضرب في "جرها" "Gerhha" ، "الجرعاء"،كما عثر على نقود ضربت من النحاس، تبين أن قطعة منها ضربت في عهد "سلوقيوس" الأول، ضربها باسم الملك "الاسكندر" الأكبر، وأن قطعتين منها ضربتا في أيام "انطيوخس" الثالث. فهي تعاصر الدراهم المذكورة.

أما اهل الحجاز، فقد تعاملوا بالنقود الرومية والساسانية: تعاملوا بالدنانير، وتعاملوا بالدراهم، وتعاملوا بالدانق. وتعاملوا بنقود أهن اليمن، ولعلهم كانوا يتعاملون بنقود أهل الحبشة كذلك. فقد كان أهل مكة خاصة تجاراً يتاجرون مع اليمن ويتاجرون مع العراق وبلاد الشام والحبشة. وتجارتهم هذه تجعلهم يستعملون مختلف النقود.

ولم يرد في الأخبار ما يفيد قيام أهل العربية الغربية أو أي مكان آخر في جزيرة العرب بضرب النقود الجاهلية فيها، لكن ذلك لا يمنع من احتمال عثور النقّابين في المستقبل على نقود محلية ضربت في مكة أو في الطائف أو في يثرب أو في مكان آخر ولو على نطاق ضيق محدود.

وكان تعامل أهل مكة بالدنانير، ترد اليهم من بلاد الشام، ولا سيا دنانير هرقل. وبالدراهم الفارسية البغلية فكانوا لا يتبايعون إلا على أنها تبر.

وكان المثقال عندهم، معروف الوزن، وزنه اثنانْ وعشرون قيراطاً إلا كسراً، ووزن العشرة دراهم سبعة مثاقيل، فكان الرطل اثنتي عشرة أوقية. وكل أوقية أربعون درهماً. فأقر رسول الله " ذلك ومن جاء بعده إلى أيام "عبد الملك بن مروان"، فأمر أن تضرب الدراهم على خمسة عشر قيراطاً من قراريط الدينار.

وذكر أن الدنانير التي كانت ترد مكة في الجاهليهَ رومية، والدراهم كسروية.

وقد اشْتهرت دنانير "هرقل"، وعرفت ب "الهرقلية" حتى انها كانت تسمى الدنانير عامةّ "الهرقلية"،و الظاهر إن ذلك بسبب كونها مجلوة مطبوعة طبعاٌ حديثاً، لم تطمس أثارها ولم يمض زمن طويل عليها،أو لأن العرب حصلت في عهده على أكثر دنانيرها، فنسبتها اليه.

والدينار عملة من الذهب، عرف علماء اللغة أنها من الألفاظ المعربة، ولكنهم لم يتأكدوا من أصلها، فذهبوا إلى أنها من أصل فارسي. وهي معربة من أصل يوناني هو "ديناريوس" "Dinarius" مختصر Dinarius Aureus "Aureus Denarius"كما جاء ذلك في تأريخ "بلينيوس"، والظاهر أن العرب استعملوا التسمية التي كانت شائعة في بلاد الشام، منذ عهد إصلاح "قسطنطين" الأول "309 - 319 م" لنظام النقد. فأطلقوا على العملة الذهب لفظة دينار.

وقد كان أهل الشام قد اقتصروا على لفظة Dinarius منذ ذلك العهد. وقد ورد ذكر الدينار في القرآن الكريم: )ومن أهل الكتاب مَنْ إن تأمنه بقنطار يؤده اليك، ومنهم من إن تأمنه بدينارّ لا يؤده اليك إلا ما دمت عليه قائماً(. والقنطار وزن. وتأويل الكَلام أن من أهل الكتاب الذي إن تأمنه على عظيم من المال كثير يؤده اليك ولا بخنك فيه ومنهم الذي إن تأمنه على دينار يخنك فيه، فلا يؤده اليك إلا بالتقاضي والمطالبة.

ويعرف "الدينار" ب "العين". والعين الذهب عامة ، فكأنهم سموا عيناً، لأنه من ذهب.

وقد فكر المسلمون قبل "عبد الملك بن مروان" في موضوع النقود، وفي ضرورة تحويلها إلى نقد اسلامي. وكان "عمر" في جملة من فكر في ذلك.

انه أراد أن يجعل الدراهم من جلود الإبل، فلما استثار ذوي الخبرة، لم يقروه على رأيه فأمسك. وذكر انه امر بضرب الدراهم، فضربت سنة ثماني عشرة من الهجرةْ. وضرب "عثمان" الدراهم كذلك. ثم إن معاوية ضرب الدراهم السود، وضرب أيضاً دنانير عليها تمثال متقلد سيفاً. وضرب "زياد" النقد كذلك. ولما قام "عبد الله بن الزبير" بمكة ضرب دراهم مدورة. وكان أول من ضرب الدراهم المستديرة. وضرب "مصعب بن الزبير" دراهم بالعراق، ثم غيرها "الحجاج"، حتى استقر الأمر لعبد الملك، فعرب النقد على نحو ما هو معلوم.

وقد بقي العرب يتعاملون بالدنانير الرومية إلى أيام عبد الملك،.حيث أمر بضرب الدنانير، فضربت بدمشق. وقد نعت الدينار الجديد ب "أحرش" إذا كانت فيه خشونه لجدته. ومنه الحديث إن رجلاً أخذ،من رجل آخر دنانير حرشاً، وهي الجياد الخشن الحديثة العهد بالسكة التي عليها خشونة النقش. ومن أسماء الدينار "السكِيَ".

وقد ذكر علماء اللغة أن لفظة الدرهم فارسية الأصل، وقد عربت، وقالوا في جمعها دراهم ودراهيم. وهو نقد من الفضة. وقد عرف ب "درم" Diramفي الفارسية وب "درخمة" "درخما" Drachma في اليونانية. والظاهر ان العرب اخذوا بالتسمية الفارسية. وقد استعملوا في تعاملهم دراهم الفرس ودراهم اليونان.

وأشير إلى الدراهم في الآية: )فشروه بثمن بخس دراهم معدودة، وكانوا فيه من الزاهدين(0. ويذكر المفسرون أنه كان من عادة الجاهليين التعامل بوزن الدراهم بالأواقي إن زاد عددها على وزن أوقية أو كان وزن الأوقية أربعين درهماً. فما نقص عن هذا المقدار،جرى التعامل، عليه بالعدد، وما زاد عليه جرى التعامل عليه بالوزن.

وكانت الدراهم مختلفة كباراً وصغاراً، فكانوا يضربونها مثقالاً، وهو وزن عشرين قيراطاً، ويضربون عشرة قراريط، وهي أنصاف المثاقيل. وكان أهل الجاهلية يتعاملون بها حسب وزنها. وهي دراهم الأعاجم.

وقد قسمّ العلماء الدراهم التي كان يستعملها الجاهليون من أهل مكة وغيرهم إلى نوعين: الدراهم السود الوافية، والدراهم الطبرية العتق. والوافية هي البغلية.

وكان لهم دراهم تسمى "جوراقية". والدرهم الطبري: ثمانية دوانق، والدرهم البغلى: أربعة دوافق، وقيل العكس. والدرهم الجوراقي: أربعة دراهم ونصفْ.

وورد إن الدراهم كانت في أيام الفرس مضروبة على ثلاثة أوزان: منها درهم على وزن المثقال عشرون قيراطاً، ودرهم وزنه عشرة قراريط ودرهم وزنه اثنا عشر قيراطاً.

وعرفت دراهم الأكاسرة ب"دراهم الأسجاد". قيل انها عرفت بذلك، لأنها كانت عليها صور يسجدون لها، وقيل: كانت عليها صورة كسرى، فمن أبصرها سجد لها، أي طأطأ رأسه لها وأظهر الخضوع. وإياها عنى الأسود بن يعفر النهشلي في روابة من الروايات بقوله: من خمر ذي نطف أغنّ منطق  وافى بها كدراهم الأسـجـاد

وذكر في رواية أخرى، إن الأسجاد: اليهود والنصارى، أو معناه الجزية. وكان الفرس، عند فساد أمورهم فسدت نقودهم من العين والورق غير خالصة، إلا انها كانت تقوم في المعاملات مقام الخالصة وكان غشها عفواً لعدم تأثيره بينهم الى أن ضربت الدراهم الاسلامية فتميز المغشوش من الخالص.

وورد انه كانت باليمن دراهم صغاراٌ، في الدرهم منها دانقين ونصف. وورد إن الدرهم اليمني كان دانقاً. ويظهر انه كان من أيام الحميريين، بدليل تسمية "الماوردي" لهذه الدراهم بدراهم حميرية، وكانت كما يقول قليلة. وعلى هذا يكون أهل مكة قد تعاملوا في الجاهلية بعملة الروم،وبعملة الفرس، وهي الدراهم على الأكثر، وبعملة اليمن، وأشار بعض العلماء الى عملة مغربية، لم يذكروا عنها شيئاً.

وذكر أن "عمر بن الخطآب"، أمر بضرب الدراهم على نقش الكسروية، وشكلها بأعيانها، غير أنه زاد في بعضها: "الحمد لله"، وفي بعضها: "محمد رسول الله"، وفي بعضها، "لا إله إلا الله وحده". وكان ذلك سنة ثماني عشرة من الهجرة. وفي آخر مدة عمر وزن كل عشرة دراهم ستة مثاقيل. فلما بويع "عثمان" ضرب في خلافته دراهم نقشها: "الله أكبر".

وفي عهد "معاوية"، ضرب الدراهم السود الناقصة من ستة دوانق، فتكون خمسة عشر قيراطاً، تنقص حبة أو حبتين. وضرب منها "زياد"، وجعل وزن كل عشرة دراهم سبعة مثاقيل، وكتب عليها، فكَانت تجري مجرى الدراهم. ولما قام "عبد الله بن الزبير" بمكة ضرب الدراهم مدورة، وكان أول من ضرب الدراهم المستديرة، وكان ما ضرب منها قبل ذلك ممسوحاً غليظاً قصيراً، فدورها عبد الله. وضرب مصعب بن الزبير دراهم بالعراق، جعل كل عشرة منها سبعة مثاقيل. فلما استوثق الأمر لعبد المْلك بن مروان ضرب الدنانير والدراهم في سنة ست وسبعين من الهجرة.

وجاء في رواية أخرى أن أصحاب رسول الله كانوا يتعاملون بدراهم العجم، فكان إذا زافت عليهم أتوا بها السوق، فقالوا: من يبيعنا بهذه? وذاك أنه لم يضرب النبي، ولا أبو بكر، ولا عمر، ولا عثمان ولا علي ولا معاوية. وأن أول من ضرب المنقوشة عبد الملك بن مروان. ونجد بين العلماء اختلاف في أول من أمر بضرب الدنانير والدراهم في الإسلام.

وذكر بعض أهل ألأخبار، أنه كانت لقريش، أوزان في الجاهلية، فدخل الإسلام، فأقرت على ما كانت عليه، كانت قريش تزن الفضة بوزن تسميه درهماً، وتزن ألذهب بوزن تسميه ديناراً، فكل عشرة من أوزان الدراهم سبعة أوزان الدنانير. وكان لهم وزن الشعيرة وهو واحد هن الستين من وزن الدرهم، وكانت لهم الأوقية وزن أربعين درهماً، النش وزن عشرين درهماً، وكانت لهم النواة وهي وزن خمسة دراهم، فكانوا يتبايعون باًلتبر على هذه الأوزان.

وقد أقرهم الرسول على ذلك. وكانوا يحتفظون بالأوزان المقررة، حتى إذا حدث اختلاف على الوزن، رجعوا إلى الوزن المقرر المعتبر. وكان "أبو وداعة ابن ضبيرة السهمي" يمتلك وزن مثقال في الجاهلية، يوزن به.

وقد كانوا يثلمون أطراف الدينار والدرهم، أو بقطعونها قطعاً، فيتعاملون بالقطع حسب الوزن، ويفعلون ذلك غشاً، كما كَانوا يكسرون النقود، لتأكد من صحة معدنها، أو لتحويل الدنانير الى تبر. وقد نهى في الإسلام عن التلاعب بالعملة، مثل قرضهم اطراف الدراهم والدنانير بالمقراض، لغرض الاستفادة من تلك القراضة، اذ يجمعونها فيسكبونها، فيخرجون بذلك النقد المقروض عن سعره.

والدرهم إذا عدل المثقال، فهو درهم وأف، وهو الذي لا يزيد ولا ينقص بل وفي بزنته.

وأطلق علماء اللغة على الدرهم لفظة "الورق"، على الموسر الماك للدراهم المورق، وسموّا الفضة وَرقاً. وقد وردتَ اللفظة في نصوص المسند، وكأنها نوع من أنواع العُمل، أَو وزن. فورد "خمسي، ورقم"، أي "خمسين ورق"، و "عشر ورقم"، أي "عشر ورق"، فكأن لفظة "ورق" هنا اسم علم لنوع معين من العملة، أو وزن معين وعيار كان معروفا عندهم. وذهب بعض العلماء إلى إن الورق: الذهب. وهذا التفسير ينطبق مع ما ذهب اليه المستشرقون من أن لفظة "ورق" في المسند،تعني ذهباَ ولو فسرناها بهذا المعنى ايضاً، فإن ذلك لا يمنع من أن يكون المراد من "ورقم" عملة خاصة ضربت من ذهب. وارجح إن المراد منها عملة خاصة عرفت بهذه التسمية. وذكر بعض العلماء أن "الورق: المال، ورجل و راق كثير المال. والدراهم بعينها والفضة.

وأطلق أهل الحجاز على الدرهم والدينار لفظة "الناض"، وذلك إذا تحول عينا بعد أن كان متاعاً. وفي حديث "عمر" كان يأخذ الزكاة من ناض المال، وهو ما كان ذهبا أو فضة، عيناً أو ورقا. وقالوا إن النض هو الدرهم الصامت. أما إذا كان الدرهم رديئاً، فيعبرون عنه بلفظة " بهرج" و "قسيّ". فيقولون درهم بهرج، أي رديء، وكل مردود عند العرب بهرج ونبهرج. وذكر بعض العلماء أن اللفظة فارسية من "نبهرة"، وأنها بمعنى الباطل والرديء،والدرهم البهرج الذي لا يباع به لرداءته، والذي فضته رديئة وكل رديء من الدراهم وكل مردود عند العرب بهرج.

وتعرف الدراهم ب "قطاع" بلغة هذيل.

ودرهم زائف مغشوش، مردود لغش فيه. يقال درهم زيف وزائف. وزاف فلان الدراهم جعلها زيوفاً. ودراهم فسول، دراهم زائفة، وأفسل عليه دراهمه، إذا زيفها. "ومنه حديث حذيفة انه اشترى ناقة من رجلين وشرط لهما من النقد رضاهما فأخرج لهما كبساً فأفسلا عليه، ثم أخرج كيساً فأفسلا عليه، أي أرذلا وزيفا منها. وأصلها من الفسل وهو الرديء الرذل من كل شيء". وكان "عبد الله بن مسعود" يكسر الزيوف وهو على بيت المال.

ويعبر عن الدراهم الموزونة ب "دراهم مجربة"، لأنها مجربة. وقد ظهر من التجربة انها صحيحة غر منقوصة.

وقد ورد فى الأخبار، إن الخمسمائة درهم، كانت تعادل في أيام النبي اثنتي عشرة أوقيه ونش. وأن الدرهم سبعة دوانيق، وكل عشرة دراهم سبعة مثاقبل. و "النش" نصف أوقية ، وهو عشرون درهماً، لأنهم يسمون الأربعين درهماً أوقية، ويسمون العشرين نشاً، ويسمون الخمسة نواة.

وقد ذكر علماء اللغة نقداٌ دعوه "النميّ"، وقالوا إنه الدرهم الذي فيه رصاص أو نحاس، وقال بعض آخر إنه الفلس من الرصاص بالروميةّ، وكانت بالحرة على عهد النعمان بن المنذر. قال النابغة أو أوس بن حجر: وقارفت وهي لم تجرب وباع لها  من الفصافص بالنمي سفسـير

و"الدانق" من الأوزان ومن النقد. وهو " داناق"، أيضاً، من أصل فارسي هو "دانك" في الفهلوية، ومن dang و "دانك" danak في الفارسية، وهو "دنك" في الارمة. وهو يعادل سدس الدينار أو سدس درهم. وكان معروفاً عند أهل مكة في الجاهلية.

أما "الفلس"، فلفظة لاتينية يونانية الأصل، عرّبت من أصل Follis اللاتيني، ويراد بها نقود مسكوكة من النحاس. وقد استعملها العرب في تعاملهمواحتفظوا باًلأصل الأجنبي. وقد كان الفلس في أيام القيصر "أنستاس الأول" "أنسطاسيوس الأول" "491 -518م" زهاء ثلثين غراما ووسم بالحرف M. وظهرت بعد ذلك فلوس بأوزان تقل عن هذه. ولما ضرب المسلمون النقد، كانت الفلوس في جملة ما ضرب من نقد.

وذكر بعض أهل الأخبار إن "القيراط" جزء من الدينار أو الدرهم. وقد ذكر "القراط" في الحديث. في حديث رعي الرسول غنم قريش وفي احاديث أخرى. وذكر بعض العلماء إن العرب لم تكن تعرف القيراط الذي هو من النقد. وذكر "ابن الأثر" إن القيراط جزء من أجزاء الدينار، وهو نصف عشرة، ويظهر أن منهم من كان ستعمله وزناً، ومنهم من جعله جزءاً من الدنانير والدراهم.

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق