إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 3 فبراير 2016

1705 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الثاني عشر بعد المئة الصناعة والمعادن والتعدين الإجارة


1705

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
      
الفصل الثاني عشر بعد المئة

الصناعة والمعادن والتعدين

الإجارة

والأجر والأجرة يقال فيما كان عن عقد وما يجري مجرى العقد، والأجارة ما أعطيت من أجر في عمل. وهي شرعاً عقد على منفعة مقصودة معلومة قابلة للبذل والإباحة بعوض معلوم. وهي واسعة تشمل نواحي متعددة من فروع الاستئجار. والأجر، من يشتغل لغيره في مقابل أجر يدفع له. والأجرة، الكراء. وهو ما يعطى الأجير في مقابلة العمل. منهم من يشتغل في الحرف، مثل النجارة والحدادة والبناء وأمثال ذلك، ومنهم من يشتغل في الزراعة، ومنهم من يستأجر لأداء أعمال لأجل، مثل خدمة القوافل، أو حراسة زرع وما شابه ذلك، فاذا انتهى الأجل انتهى العمل.

وما يدفع إلى الأجر في مقابل عمله، يتوقف على الشروط التي اتفق صاحب الأرض مع الأجير عليها. فقد يكون الأجر نقداً، ويقال لذلك "ورقم" "ورق" في لغة المسند. وهو في القليل، لقلة النقد آنذاك. وقد يكون حصة، أي نصيباً يتفق عليه مع الملاك يؤخذ من الحاصل، وقد يكون مقايضة، بأن يدفع للاجير ما يحتاج اليه في حياته من ملبس أو غذاء،او حيوان، وأمثال ذلك، في مقابل جهده وتعبه.

ومن ذلك استئجار الإنسان للقيام بتنفيذ عقد يحدد ويبين ويتفق عليه" كأن يقوم برعي النعم والماشية مقابل مبلغ من مال أوشيئاً آخر يتفق عليه، كالذي روي من أن الرسول رعى غنم قريش على قراريط، 0 أو استئجار شخص أو أشخاص للعمل في سفينة أو في أرض او لارشاد قافلة أو نفر إلى طريق للوصول إلى موضعه. أو استئجار رجل يعمل عملاً محدد بأجل، أي بوقت، كأن يحدد بالساعات أو النهار أو الليل كالحراسة أو أياماً أو شهوراً أو سنة او أكثر آو بغير أجل موقوت. أو استئجار رجل للقيام بعمل محدود معين كالغزو، أو الحمل، أي أن يحمل حملاً ينقله إلى موضع يعين له. أو ينقله من مكان إلى مكان.

ومن ذلك استئجار النبي "عبد الله بن أريقط" من "بني الديل"، ثم من "بني عدي" ليكون هادياً للطريق يوصله إلى يثرب، فساحل به وبأبي بكر وبعامر بن فهيرة، حتى بلغ يثرب. وكان قد ساحل، لأن أهل مكة كانوا يتبعون طريق "بدر" إلى المدينة، أراد التخلص بذلك من تعقيبهم" واستئجار المقاتلين، للقتال عنهم. فقد كان أحدهم يعتذر عن المشاركة بنفسه في القتال لوجود أسباب مانعة، فيرسل غيره للقتال عنه، يدفع اليه أجراً عن ذلك.

و "الكروة" و "الكراء" أجرة المستأجر. والمكاري، هو الذي يكري دابته لغيره، في مقابل "كروة". والمكارين، هم الذين يكرون دوابهم، وتدخل الإبل فيها، فقد كان من أصحاب الإبل من يكاري إبله للتجار ولغيرهم تنقلهم إلى مسافات بعيدة أو قريبة.

ويستخدم الملاكون وسادة لأرض الأجراء ممن لا أرض لهم ولا مال لديهم يحصلون به على أرض يستغلونها، في الاشتغال بأرضهم وبمزارعهم لإصلاحها وزرعها وبنائها. ويعرف هؤلاء ب "ملجا" في بعض نصوص المسند. واللفظة من أصل "لجا" التي هي لجا في عربيتنا. ويقيم اللاجىء في ملجئه ويتمتع بحماية صاحبه وسيده ما دام فيه، يزرع ويبني لسيده في مقابل هذه الحماية التيّ يتمتع بها والحماية التي تحميه من أي ظلم أو اعتداء.

ويعبر عن الأجراء الذين يستخدمهم الملاّكون في زراعة الأرض واستغلالها مقابل أجر يدفع لهم بلفظة "اجرم" في المسندْ. أي أجير وأجراء. والأجراء جماعة كبيرة، تنقلت من ملك إلى ملك، ومن خدمة سيد إلى خدمة سيد آخر، لتخدم ملاّكاً في مقابل أجر يتفق عليه، وعقد يبرم بين المالك والأجير، فإذا انتهى العقد أو العمل، أو رأى المالك انتفاء الحاجة إلى خدمة الأجير، أنهى عمله. وقد كان الأجراء طبقة بائسة لا تملك شيئاً غير عمل يدها، ولهذا كانت مضطرة بحكم فقرها هذا إلى التنقل من مكان إلى مكان للحصول على عمل تقتات منه فكانت من جملة المشكلات الاجتماعية التي تعرضت لها حكومات جزيرة العرب في ذلك الهد.

وجاء في أحد النصوص المعينية: "كل معنم حرم واجرم"، أي: "كل معين أحرار وأجراء". ويقصد ب "كل معين" كل شعب معين. فقسم هذا النص شعب معين إلى أحرار، والى أجراء. وهم أكثر حرية من "الأدم"، أي "العبيد" والرقيق، لأنهم في مشتغلون بأجر وبعقود يتفقون عليها، فاذا انتهى العقد، أو حصل خلاف،جاز للاجير الانتقال الى موضع آخر، أو إلى صاحب محل آخر للعمل لديه، على حين لا يجوز للعبد فعل ذلك، لأنه ملك يمين.

ومن أجراء الزراعة أجراء "المحاينة"، يؤدون خدماتهم موسم الحصاد،. وينالون أجرهم في مقابل حصاد الحصاد، حسب ما اتفق عليه. فهم يحصدون الزرع وينقلونه مع سنبله إلى موضع تجميعه. ويكون ذلك في المزارع الكبيرة التي تحتاج إلى اعداد كبيرة من حصاد الزرع.

واليمن، هي في مقدمة أجزاء جزيرة العرب في الصناعة، ولا نكاد نجد في جزيرة العرب مكاناً يسبقها فيها. وهي الأولى في الانتاج أيضاً. وقد عرفت منتجاتها في كل موضع من بلاد العرب. وهي المكان الوحيد فيها، الذي زادت صادراته فيه على وارداته، وكان مستواه المعاشي فيه أعلى من المستوى المعاشي لبقية أجزاء جزيرة العرب. وكان مستهلكاً ومنتجاً، لحاجته إلى الاستهلاك. ثم هو المكان الوحيد، الذي نجد فيه التمايز الطبقي، والعنعنات الطبقية واضحة ظاهرة، لتباين الظروف المعاشية التي عاشت فيها طبقات المجتمع، فأسياد أغنياء، وطبقات وسط، وطبقات فقيرة معدمة، لا تجد رزقها إلا بشق الأنفس.

ولم تبرز صناعة اليمن في نوع واحد أو في صنف معين، بل برزت في كل نوع من انواعها المعروفة في ذلك العهد، والتي دعت الحاجة إلى ظهورها، والتي وجدت موادها الأولية فيها. مثل صناعة الحديد واستخراج المعادن، وتحويلها إلى مصنوعات، والنجارة و الحياكة، والدباغة، والأصباغ والصموغ، وغير ذلك من صناعات اشتهرت اليمن بها وارتبط اسمها بها.

و "الذهب" هو "ذهبن" في لغة المسند، أي "الذهب". ويقال له التبر أيظاً. وذكر أن "التبر" الذي في المعدن، والذي لم يخرب ولم يصنع. ومن أسمائه "العسجد". وقيل العسجد اسم جامع يطلق على الجوهر كله كالدر والياقوت. وذهب "ابريز"، بمعنى خالص. و "العقيان"، الذهب الخالص، أو الذهب الذي لا يستذاب من الحجارة، وإنما هو ذهب ينبت نباتاً. مما يدل على أنهم يقصدون وجود حبيبات منه خالصة في معادنه، يجمعونها، فيحصلون عليه من غير نار ولا اذابة حجر. وكانوا يطحنون أحجار الذهب،ويذرون تراب المعدن، لاستخلاص الذهب منه. يقال: "ذريت تراب المعدن، طلبت ذهبه". ويقال لتراب الذهب "السحالة"، وهي أيضاً قشر البر والشعير والأرز. وكانوا يضعون المعدن في التنور ليميع، ثم يجعلونه في "الكوج"، ليتخلص المعدن وينقى من الشوائب.

وقد ذكر الجغرافيون العرب أسماء مواضع عرفت بوجود خام الذهب بها، مثل موضع "بيشة" أو "بيش"، وقد كان الناس يجمعون التبر منه، ويستخلصون منه الذهب. و "ضنكان"، وكان به معدن غزير من التبر. والمنطقه التي بين القنفذة ومرسى". حلج". وورد أن ب "بيش" عدة معادن. وذكر "الهمداني" أن بقرية "بنات حرب" شيء من الذهب. وأن معدن "صعاد"، وهو من ديار "عقيل" هو أغزر معدن في جزيرة العرب، وهو الذي ذكره الرسول في قوله: "مُطرت أرض عقيل ذهباً". مما يدل على أنه كان معدن ذهب. وقد ذكر بعض العلماء -أن العرب تسمي معدن الذهب "خُزيَبة".

ومن معادن الذهب، معدن "القفاعة"، ومعدن "الأحسن"، "الحسن" وهو معدن لبني كلاب، من أول عمل المدينة وأدنى عمل المدينة إلى اليمامة. ومعدن "المؤخرة" ، وهو من مياه "بني الأضبط" من بني كلاب. وهو معدن ذهب وجزع أبيضْ، و "ثخب"، وهو جبل بنجد لبني كلاب، عنده معدن ذهب ومعدن جزع ،و "القشَرْاء"، و. "خصْلةّ"، ومعدن "خصلة" بحذائها، وكان به ذهب، ومعدن "شيبان"، وبه معادن الذهب والفضة والصفر ، ومعدن "موزر"، بضرية من ديار كلاب، و "ناضحة" بين اليمامة ومكة ومعدن "الهردة"، ومعدن "المخلفة"، وهو معدن ذهب جيد، بأرض حجور. وقد وصفه الهمداني، وذكر ما كان يستخرج منه من الذهب. وقد ضبط معدن الهردة ب "الهروة" في موضع آخر من "تاج العروس"، وقال إنه عند "الحوأب" وبه معددن ذهب، ومعدن "الهجيرة". ومعدن "الحراضة"، ويقع بين "ينبع" والمروة معادن للذهب ومعدن "الحُفير" بناحية "عماية" وهو معدن ذهب غزير، ومعدن "الحسن"، ومعدن "الثنية" ثنية "حصن بن عصام الباهلي"، ومعدن تياس، ذهب مخف بتياس. و "العقيق": وهو من معادن الذهب. وهو مدينة كان فيها مائتا يهودي ونخل كثير وآبارْ. ومعدن الصبيب، عن يسار الضبيب.

ويظهر أن منجم "مهد الذهب"، هو المنجم الذي كان لبني سُليم، فعرف باسمهم وقيل له: "معدن بني سليم" "معدن سليم"، وقد أقطعه الرسول "بلال بن الحارث". وقد عثرت شركة التعدين السعودية العربية على أدوات فيها استعملها الأولون قبل الإسلام في استخراج الذهب واستخلاصه من شوائبه، مثل رحى وأدوات تنظيف ومدقات ومصابيح، وشاهدت آثار القوم في حفر العروق التي تكون الذهب. وقد عرف معدن "بني سليم" ب "فران" "قران"، وقد نسب إلى "فران بن بلي" دخلوا في "بني سليم" ويأخذ عليه طريق الكوفة إلى مكة.

وتعرف "الفضة"، في نصوص المسند ب "صرفن" "الصرف". والفضة من المعادن المشهورة المعروفة في اليمن. و "الصريف" الفضة الخالصة. وقد كانت جزيرة العرب في جملة الأسواق التي مونت العبرانيين بهذا المعدن.

ومن المواضع التي عرفت بالفضة "عوسجة" في بلاد هذيل. فقد كان معدناً للفضة. ومعدن "شمام"، معدن فضه ومعدن نحاس وصفر، "وكان به ألوف من المجوس الذين يعملون المعدن، وكان به بيتْا نار يعبدان"، ومعدن "شيبان"، و معدن "اليحموم".

وقد ذكر "الهمداني" أن ب "قرية المعدن"، معدن فضة، فضة لا نظير لها في الغزر، وبقربه معدن الرضراض، ، وهو معدن فضة كذلك، لا نظير لهْ.

وذكر صاحب كتاب بلاد العرب أن "خزبة" معدن من معادن اليمامة، وكانت جبالها إنما هي فضة،ثم مسخت معادنها فصارت شيئاً آخر إذا صيرت إلى "الكوج" التي كانت تخلص فبه، وتخلصت تصدعت كتصدع الزجاج، لا ينتفع بها.

و "اللجين" الفضة، و "الوذيلة" القطعة من الفضة، وقبل السبيكة منها، وقيل القطعة من الفضة المجلوة، ولعل ذلك هو الذي حمل الطائيين على تسمية المرآة "الوذيلة"، لأن المراة في ذلك الوقت صفيحة من المعدن مجلوة، ينظر فيها.

وقد كانت السلطات الحاكمة تأخذ "الخمس" من معادن "الفرع"، و "نجران"، و "ذي المروة"، و "وادي القرى". مما يدل على إن الناس كانوا يستغلون مناجم هذه الأرضين في الإسلام.

ويظهر إن ما كان يستخرجه أهل الجاهلية من الذهب والفضة من معادنهما لم يكن بمقياس واسع وبكميات كبيرة تصلح للتصدير إلى الخارج، بدليل اننا لم نعثر على خبر عنه لا في كتابات المسند ولا في روايات أهل الأخبار، ثم انهم لو كانوا يستخرجون المعدنين المذكورين بكميات وافرة،لاستمروا على الاستخراج ولحسنوا كيفية استخلاص المعدنين المذكورين من معدنهما إلى ظهور الإسلام، ولأشير إلى ذلك حتماً في الموارد الاسلامية، ولما سكتت هذه الموارد عن الاشارة اليهما.

وقد استخدم أهل اليمن الرصاص في كثير من الأعمال، منها صبه في أسس الأعمدة َوبين مواضع اتصال الحجارة، لترتبط بعضها بعض. وقد عثر المنقبون على بقايا منه في مواضع متعددة من الأماكن الأثرية باليمن. والرصاص ضربان: أسود، وهو الأسرب والآبار، والأبيض، وهو القلعي. وقد عرف بالانك، والأسرب، والأسرف، والصرفان وشيء مرصص مطلي به. وكانوا يطلون الأواني ويشربون بها، وذكر أن "الانك"، هو الأسرب، وهو الرصاص القلعي، أو أبيضه، أو أسوده، أو خالصه، وذكر أن الانك بمعنى الخالص، وأنهم كانوا يقولون: هذا رصاص آنك، بمعنى هذا رصاص خالص. وقال بعض العلماء: الانك هو القزدير "القصدير". وورد في الحديث: من استمع إلى مغنية صب الله الآنك في اذنيه يوم القيامة. والأسرب، الانك، وهو الرصاص، واللفظة من المعربات، عربت من أصل فارسي. والأسرف، لفظة معربة أيضاً، تعني الأنك من أصل فارسي،هو "سرب". و"الصرفان" هو الرصاص القلعي، وقيل النحاس وأرى أن الرصاص القلعي، هو رصاص استخرج من "القلعة" موضع باليمن، بوادي "ظهر" به معدن حديد، واليه نسبت السيوف القلعية. زعموا أن "الجن" تغلبت عليه.

وللحديد معدن في "رغافة"، باليمن على مرحلة من صعدة. وفي "قساس" ذكر انه جبل بديار بني نمير، وقيل بني أسد فيه معدن حديد. وذكر أهل الأخبار اسم موضع آخر عرف بوجود معدن الحديد فيه، قالوا انه بأرمينية منه السيوف القساسية. وذكر "الهمداني" أن باليمن معادن حديد غير معمولة بنقم و غمدان.

ولعل كثرة الحديد باليمن، واشتهارها به، جعل أهل الأخبار يروون إن أول من عمل السنان من حديد هو "ذو يزن" "ديرون الحميري"، وانما كانت أسنة العرب من صياصي البقر. وقد اشتهرت اليمن بسيوفها، فالسيوف اليمانية هي من السيوف الجيدة التي اكتسبت سمعة طيبة عند الجاهلين.

و"النحاس" الصفر، وقيل ما سقط من شرار الصفر، أو الحديد إذا طرق. والصفر، النحاس الجيد، وقيل هو ضرب من النحاس، وقيل هو ما صفر منه. والصفر الذهب أيضاً.

واستعملت لفظة "هاع" بمعنى سال وذاب، في نصوص المسند، استعملت لمناسبة صب الرصاص الذائب في أسس الأبنية وبين فواصل أحجار الأعمدة، لتشدها شداً محكماً.

والكبريت من المعادن الموجودة فى اليمن. و "ذمار" هي مركزه ومنها يجلب إلى سائر أعمال اليمن. وذكر انهم كانوا يكبرتون أباعرهم، يطلونها بالكبريت مخلوطاً بالدسم والخضخاض، وهو ضرب من النفط أسود رقيق لا خثورة فيه، وليس بالقطران، لأنه عصارة شجر أسود خاثر. وكانوا يستحمون في العيون التي يجري منها الماء مشوباً به، ولها راثحة الكبريت.

و "الجزع" من الأحجار التي تستعمل في الفصوص التي توضع في الأختام.

وقد تحفر عليها كتابة أو صور 1. وقد عثر على فصوص من هذا النوع في مواضع عديدة من الآثار في اليمن وفي العربية الجنوبية والغربية وفلسطين. وذكر علماء اللغة أن الجزع: الخرز اليماني الصيني، وزاد بعضهم الصيني، فيه سواد وبياض تشبه به الأعين. قيل إنهُ سمي جّزعاً، لأنه مجزع، أي مقطع بألوان مختلفة. وقد أشير اليه في شعر امرىء القيس: ومن الجزع: الجزع السماوي، وهو العشاري من وادي عشار.

وقد اشتهرت "ظفار" بالجزع. فقيل: "جزع ظفار". قيل إنه من "ظفار الحقل"، قرب صنعاء على مرحلتين منها وقيل إنه منسوب إلى "ظفار أسد" مدينة باليمنْ. وكان لعائشة عقد من جزع ظفارّ. واستخرج أيضاً من جبل شبام. ومن. معادنه معدن ضهر، ومعدن سعوان، ومعدن عذيقّة، مخلاف خولان. ومن الجزع الموشى والمسيّر، وهو في مواضع من اليمن، منها النقمي.

وعرفت اليمن بالعقيق، تتخذ منه الفصوص، يؤتى به من اليمن من معدن له على مرحلة من "صنعاء" يقال له "مقرأ" "مقرى". وهو أجود من عقيق غيرها. ويوجد عقيق أخر يستورد من الشحر. وقد تختم به. وذكر انه يستخرج من جبل شبام. ومن "الهام"، ومن "الهان"، ومن "شهارة"، ومن قساس. وذكر "الهمداني"، إن العقيق الأحمر، والعقيق الأحمر العتيقين من ألهان.

وقد عرف معدن "بقران" بالأحجار التي تستخرح منها الفصوص البقرانية. وهو في مخلاف بني نجيد من اليمن. وذكر "الهمداني"، أن "البقران" ألوان، ويبلغ المثلث بها مالاً، إذ يشترى بأسعار عالية، وهو أن يكون وجهه أحمر، فوق عرق أبيض، فوق عرق أسود. ويوجد البقران بجبل أنس، وهو ينسب إلى أنس بن ألهان بن مالك.

ومن الأحجار الأخرى: الفصوص السعوانية من سعوان، واد إلى جنب صنعاء، وهو فص أسود فيه عرق أبيض، ومعدنه بشُهارة، وعيشآن من بلد حاشد إلى جنب هنوم، وظليمة والجمش من شرف همدان. والعشاري، وهو الحجر السماوي.

ومن الفصوص الثمينة: "الدهنج" كالزمرد، حصى أخضر تتخذ منه الفصوص، وأجوده: "العدسي". ومن معادنه حرة بني سليم، وحرة النار.

ومن الجواهر الأخرى: "الزمرد"والزبرجد، و "الشذر"، قطع من الذهب تلقط من معدنه بلا إذابة الحجارة، ومما يصاغ من الذهب فرائد يفصل بها اللؤلؤ والجوهر، وقيل خرز يفصل بها، أو اللؤلؤ الصغار.

و "الجمست" معدن يستخرج من "الصفراء" على ثلاثة أيام من المدينة، وهو في جملة ما يقال له "القوارير". والبلور، ويستخرج من البراري من بين الحصى، ومن "ضهر"، و "سعوان"، ومن "عذيقة" مخلاف خولان، ومن وادي عشار، ومن الهان، وشهارة.

و "الدرة" اللؤلؤة العظيمة، وما أعظم من اللؤلؤ. ويستخرج اللؤلؤ من الخليج، وقد اشتهرت اليحرين به منذ أيام ما قبل الإسلام. وأما "الياقوت"، فأجوده الأحمر الرماني وقد استورد من سرنديب "سيلان".

والزاج، مشهور في اليمن، ويقال له الشب اليماني، وهو من الأدوية. و "الشب"، حجارة يتخذ منها الزاج وما أشبهه، وأجوده ما جلا من اليمن، وهو شب أبيض له بصيص شديد، وقد استعمل في دباغة الجلود. وقد أشير اليه في الحديث. وذكر بعض العلماء إن الزاج كثير الأصناف،وهو غير الشب، وينبعثان من معدن واحد، والشب من المعادن الأربعة التي لم تكمل صورتها، وهي الزاج والملح والنوشاذر والشب، والشب يشبه الزاج وفيه بعض حموضة، وأما الزاج فحموضته أكثر، والشب أنواع. وقد ذكروا انه ماء يقطر،فيجمد قبل أن يصل إلى الأرض، فيصير هذا الشب اليماني. ومن معدنه "إسبيل"، جبل من ديار عنس من مذحج، بقربه مقطر الشب، ومعدن الأشعر. ويظهر من أقوال أهل الأخبار انهم كانوا يستخرجونه من "غرض" الجبال، وهي شقوق تكون في الجبل، يحفرون بها، ويستخرجون منها الشب.

ويطلق العرب على الموضع الذيَ يستخرجون المعدن منه "المعدن". وقد عرفوا "المعدنِ" بأنه منبت الجواهر من ذهب ونحوه، ومكان كل شيء يكون فيه أصله ومبدؤه، نحو معدن الذهب والفضة والأشياء. ومنه حديث بلال بن الحرث أن الرسول أقطعه معادن القبيلة جلسيها وغوريها. وهي المواضع التي تستخرج منها جواهر الأرض. وهي ناحية من ساحل البحر بينها وبين المدينة خمسة أيام، وقيل ناحية من نواحي الفرع، بين نحلة والمدينة. ومن المعادن: معدن الغاف، ومعدن النقرة، منزل لحاج العراق بين إضاخ وماوان، وبها سوق، وبها بركة وثلاثة آبار وآبار صغار للاعراب تنّزح عند كثرة الناس، وعندها تفترق الطريق. فمن أراد مكة نزل المغيثهّ، ومن أراد المدينة اخذ نحو العسيلة فنزلها،. و"العصيان" من معادن بلاد العربْ.

ومن المعادن التي لم يخصص أهل الأخبار نوع معدنها: معدن "البئر"، ومعدن النميرة "التميرة"، ومعدن "حليت"، و معدن "الخربة"، ومعدن "خزبة" ، ومعدن "خصلة"، ومعدن "الشبيكة" ، ومعدن "الشجرتين"، ومعدن "عراقيب"، ومعدن "ذي العوسج"، ومعدن "العيصان" لبني نمير، ومعدن "عيهم"، ومعدن "قساس"، وقد كشف فيه حديثاً معدن الحديد، ومعدن "الكوكبة"، ويظهر انه كان من معادن الفضة، ومعدن المزبدة، ومعدن "النقيب"، ومعدن "منضح"، وهو اسم معدن جاهلي بالحجاز عند جوبة ماء عظيمة يجتمع فيها الماء، ومعدن اللقطْ، ومعدن "ماوان"، وهو معدن مشهور، ومعدن "النصب" من معادن القبلية ، ومعدن "النقرة"، وب "بيش"، وهو مخلاف من مخاليف مكة عدة معادن. ومعدن شمام، و "بحران" ، وهو بناحية الفرع من الحجاز به معدن للحجاج بن علاط البهري، له ذكر في سرية "عبد الله بن جحش"، و "حوراء" بناحية المدينة وبها معدن البرام. ومعدن "فران"، وينسب إلى "فران بن بلي بن عمرو". ومعدن "المحجة" بين العمق وببن أفيعة. ومعدن هبود لبني نمير.

والملح من المواد التي تاجر بها الجاهليون. وتوجد معادنه في مواضع متعددة من جزيرة العرب. وقد كان بعضهم يستحضره من المياه المالحة، ومنهم من كان يستخرجه من مناجم تحفر.، فيستخرج منها. وقد ذكر "الهمداني" أسماء مواضع وجدت فيها معادن الملح. وقد أشير في "المسند" إلى الملح والى الاتجار به، والى وجود كياّلين كانوا يكيلونه ويرسلونه إلى الأسواق لبيعه فيها.

ومن أشهر مواضع الملح في اليمن: جبل الملح في بلاد مأرب، وهو ملح صاف كالبلور، وكان النبي قد أقطعه "الأبيض بن جمال".

وقد استغل التجار "مكر" في المربية الجنوبية تجارة الملج، فأخذوا يستغلون مناجمه، ويحملونه منها قوافل إلى الأسواق. ونظراً إلى سعة هذه التجارة والى كثرة الملح المستخرج، ظهرت جماعة عرفت ب "زلا" "سلا" في لغة المسند، تخصصت بكيل الملح وتعبئته في الجوالق لإرساله الى الأسواق.

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق