إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 4 فبراير 2016

1756 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الحادي والثلاثون بعد المئة الوقت و الزمان


1756

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي     
        
الفصل الحادي والثلاثون بعد المئة

الوقت و الزمان

بقول علماء العربية: الوقت مقدار من الزمان، وكل شيء قدرت له حيناً، فهو موقت. والوقت تحديد لاوقات كالتوقيت. واختلفوا في الزمان، فقالوا: الزمان الدهر، وعارضه آخرون. إذ قالوا: يكون الزمان شهرين إلى ستة أشهر والدهر لا ينقطع. والزمان يقع على الفصل من فصول السنة وعلى مدة ولايهّ الرجل وما أشبه، ويظهر أن بين العلماء خلافاً في تحديد المراد من اللفظتين ثم في تحديد معنى كل لفظة منهما، وفىِ معنى "الدهر"، و ذلك بسبب مسألة القدم والحدوث، وما للتفسير من صلة بهما، وأثر ذلك في مسائل ذات صلة بعلم الكلام.

وروي عن الرسول قوله: " لا تسبوا الدهر، فان الله هو الدهر"، وفي رواية أخرى: " فإن الله هو الدهر"، وورد في الحديث عن "أبي هريرة"، "قال الله تعالى: يؤذيني ابن آدم بسب الدهر وإنما أنا الدهر. أقلب الليل والنهار". فالدهر الزمان الطويل، أو الدائم. وقد عبر عنه في الإسلام بالأبدية، التي هي الله.

ويقاس الوقت بالسنين. والسنة اطول وحدة قياسية له. وتنقسم إلى أجزاء.

ولفظة "سنة" من الألفاظ العربية القديمة، وترد في جميع لهجات الجاهلين، وهي من الألفاظ السامية التي ترد في كل لغاتها، مما يدل على أنها من الكلمات السامية القديمة. ويعبر عن كثرة السنين بمصطلحات، مثل: "عصر"، وهو كل مدة ممتدة غير محدودة تحتوي على أمم تنقرض بانقراضهم، وفي القرآن الكريم:) والعصر إن الإنسان لفي خسر(. وقد ذهب بعض المفسرين إلى أن "العصر" الدهر. وتقابل لفظة "العصر" لفظة "دورDor" " في العبرانية. ومنها جملة "دور وآدهور "Dor Wadhor"، بمعنى الدهر والدهور، أي الزمان الدائم. و ذلك بالنسبة لله. لأن الزمن لا شيء بالنسبة له. " لأن ألف سنة في عينيك مثل يوم أمس بعد ما عبر وكهزيع من الليل"، و " أن يوماً واحداً عند الرب كألف سنة، وألف سنة كيوم واحد". وقد أيد القرآن الكريم هذا المعنى، فذكر أن الوقت لا شيء بالنسبة إلى أبديته: "وإن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون".

ولفظة سنة لفظة عربية شمالية، ترد في عربية القرآن الكريم، كما ترد في النصوص العربية الشمالية، مثل نص النمارة الذي يعود عهده إلى سنة "328" للميلاد، ونص "حران" الذي يعود تأريخه إلى سنة "568" للميلاد، أي إلى عهد لا يبعد كثيراً عن أيام مولد الرسول. وقد كتبت لفظة "سنة" على هذه الصورة "سنت"، أي بالتاء المبسوطة. وقد وردت هذه اللفظة في الكتابات الصفوية وفي اللهجات العربية الشمالية الاخرى ايضاً.

ولدينا لفظة أخرى مرادفة للسنة هي العام، فيقال لعامنا هذا، أي لسنتنا.

وذكر علماء اللغة إن العام أخص مطلقاً من السنة، فتقول. كل عام سنة، وليس. كل سنة عاماً. وذكر بعض العلماء أن العام كالسنة، لكن كثيراً ما تستعمل السنة في الحول الذي يكون فيه الجدب والشدة، ولهذا يعبر عن الجدب بالسنة، والعام فيما فيه الرخاء والخصب. وقال بعض اخر: السنة أطول من العام، وهي دورة من دورات الشمس، والعام يطلق على الشهور العربية بخلاف السنة. وذكر بعضهم أن العام لا يكون إلا شتاءً وصيفاً، وانك إذا عددت اليوم إلى مثله فهو سنة.

وقد وردت لفظه "عوم" في نص واحد من نصوص المسند، بمعنى سنة، أي في معنى "عام" في لساننا. ولكن الغالب أن يعبر عن السنة بلفظة "خرف"، أي "الخريف"، ويظهر أنهم أطلقوا على السنة "الخريف"، لأن الخريف هو من أبرز المواسم في العربية الجنوبية وله أهمية خاصة بالنسبة لهم، ولذلك غلبّوا التسمية على كل العام.

و "الحول" السنة اعتباراً بانقلاب الشمس ودوران الشمس في مطالعها لي مغاربها.وقد وردت في القرآن الكريم. ويظهر انها من الألفاظ الجاهلية القديمة. والحولي: ما أتى عليه حول من ذي حافر وغيره، ويقال جمل حولي ونبات حولي.

وذكر علماء اللغة أن "الخريف" السنة والعام، أي بالمعنى المفهوم من اللفظة في كتابات المسند. وذهب بعض العلماء إلى أن الخريف هو الفصل المعروف.

وأما ورود اللفظة بمعنى السنة والعام في أحاديث الرسول، فلان الخريف لا يكون في السنة إلا مرة واحدة، ولذلك قصد باللفظة المسافة تقطع من الخريف إلى الخريف، وهو السنة.

ويستعمل العرب الجنوبيون لفظة "خرف" "خريف" في مكان سنة في لغتهم. وترد في النصوص المؤرخة، حيث تفيد توريخ حادث ما وتثبيته بذكر السنة التي وقع بها من سني الملك أو الرئيس الذي أرخ الحادث به. فيكَتب: "ب خرف.." "بخرف.."، أي "بسنة..."، ثم يذكر بعدها اسم المؤرخ به. كما ترد بمعنى الخريف، الفصل المعلوم من السنة.

وتؤدي لفظة "كبر" معنى سنة في بعض الأحيان، وقد رأينا أن اللفظة تعني "كبير"، وهي كناية عن وظيفة كبيرة في الحكومة، والظاهر أن الناس قد تجوّوزوا في الاصطلاح، فأطلقوه بمعنى السنة، لأنهم كانوا يؤرخون بسني حكم الكبراء، فصاروا يطلقونها على السنة أيضاً، ويفهم معناها عندئذ من الجملة. كما في جملة: " عد ورخ وكبر في ذت هقنيتن"، ومعناها: "إلى شهر وسنة إعلان ذلك التمليك".

وتؤدي لفظة "الحقِبة" معنى السنة عند بعض علماء اللغة، وتجمع على حقب، وذكر أن الحقب ثمانون سنة، وقيل أكثر، والجمع أحقاب. وتؤدي لفظة "الحجة" معنى السنة كذلك.

وتتألف السنة عند العرب وسائر العجم من اثني عشر شهراً، وأيام السنة ثلثمائة وأربعة وخمسون يوماَ، تنقص عن السرياني أحد عشر يوما وربع يوم، لأن أيام السنة كند السريان ثلثمائة وخمسة وستون يوماً وربع يوم. وقد كانت العرب في الجاهلية تكبس في كل ثلاث سنين شهراً وتسميه النسيء وهو التأخير.

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق