إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 3 فبراير 2016

1721 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الرابع عشر بعد المئة الحرف الحياكة والنسيج والثياب


1721

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي     
 
الفصل الرابع عشر بعد المئة

الحرف

الحياكة والنسيج والثياب

والحياكة والنسيج، من الحرف التي لا ينظر الى صاحبها نظرة أحترام وتقدير في المجتمع العربي القديم، ويقوم بالغزل النساء في الغالب. والحياكة والنسج في الحضر في الغالب. وقد ذكر أهل اللغة أسماء بعض آلات الحياكة والنسج، مثل "الحف" وهي الآلة التي تلمظ بها اللحمة أي تلقم وتصفق ليلتقمها السدى.

وقيل: الحفة المنوال، وهو الخشبة التي يلف عليها الحائك الثوب، وقيل: الحف المنسج. و "الوشيعة" وهي المنسج، وهي قصبة في طرفها قرن يدخل ألغزل في جوفها، وتسمى السهم. وقيل لفيقة من غزل، وتسمى القصبة التي يجعل النساج فيها لحمة الثوب للنسج. و "المشيعة" ما يلف عليه الغزل.

و "الثناية" التي يثنى عليها الثوب. و "العدل" خشبة لها أسنان، مثل أسنان المنشار، يقسم بها السدى ليعتدل و "الصيصية" عود من طرفاء،كلما رمي بالسهم فألحمه، أقبل بالصيصة فأدبر بها، وقيل: إنها شوكة الحائك التي يسوّي بها السداة واللحمة. و "النير" لحمة الثوب، وقيل: الخشبة المعترضة التي فيها الغزل. وقد تنسج الثياب على نيرين، ويكون بذلك أصفق واًبقى.

و "الصنار" رأس. المغزل. وأما "المداد" فالعصا في طرفها صنارتان يمدد بهما الثوب. و "الكُفة" الخشبة المعترضة في أسفل السدي. و "الحماران" يوضعان تحتها ليرفع السدي من الأرض. و "المثلث" قصبات ثلاث. و"المبرم" و "البريم"، الحبل الذي جمع بين مفتولين ففتلا حبلاً واحداً. و "المبرم" من الثياب المفتول الغزل طاقين، ولذلك اطلقت اللفظة على نوع خاص من الثياب. والدعائم" خشبات تنصب ويمد عليها السدي. و "الشفشقة" قصبة تشق وتوضع في السدي عرضاً، ليتمكن به من السقي. و "الكحمة" ما يلحم به، وأداة الحائك المنصوبة تسمى "المنوال"، وهو "النول" أيضاً.

وأما المادة التي يغزل منها ويحاك وينسج، فهي الصوف بأنواعه، وشعر الماعز والوبر،والقطن والشاش والبز والكتان والحرير. وأما التي يغزل بها، فهي "المغزل" ومنه نوع بسيط يحمل باليد. وهو قديم جداً معروف في العصور المتقدمة قبل الإسلام، ولا يزال معروفاً ومستعملاً في الزمن الحاضر، ومنه ما هو سريع بعض السرعة. وهو على هيأة دولاب يدار بالأرض، فيكون سريعاً بالغزل بعض السرعة بالنسبة إلى اليد، ويكون مجال الغزل فيه أوسع من مجال الغزل بالمغزل اليدوي البسيط.

ويلف الغزل على آلة تسمى "الهراوة"، وذلك تمهيداً لتقديمها إلى "النساج" لنسجها.

ويقال للمغزل: "المردن" أيضاً. وقيل: "المردن" المغزل الذي يغزل به الردن. والردن الغزل. وقبل: الغزل يفتل إلى قدّام، وقيل هو الغزل المنكوس، وثوب مردون: منسوج بالغزل المردون.

والغزل هو من أعمال النساء في الغالب، فهي تمسك المغزل وتغزل به. وقد يقوم الرجال بالغزل أيضاً. وهناك أنواع من المغازل وهي متشابهة من حيث الأساس والتصميم. وقد عثر على انواع منها في مواضع من جزيرة العرب.

وفيَ التوراة وصف لكيفية إعداد الصوف وشعر الماعز للغزل. فقد كان على الغزال تنظيف الصوف والمادة المراد غزلها قبل غزلها، وذلك بنثر المادة وتنظيفها من المواد الغربية المختلطة بها. وقد تضرب بعصا أو بآلة خاصة، على نحو ما يفعله "النداف" في الوقت ألحاضر، لتلطيف المادة المراد غزلها وجعلها سهلة الغزل. وقد تغسل بالماء ثم تنظف. فإذا وجد إن المادة المراد غززلها صارت نقية صالحة للغزل، غزلت. وقد عثر على صور لعمال كانوا يقومون بغسل المواد قبل غزلها على نهر النيل، وقد صورت على جدران مقابر قدماء المصريين.

وأهل الجاهليهّ مثل من تقدم أيضاً في تنظيف الصوف وشعر الماعز والوبر والكتان وسائر المواد الاخرى المراد غزلها، كانوا ينظفونها ويمشطونها بأمشاط خاصة، لاخراج ما قد يعلق بها فيها من مواد غريبة، يوعالجونها معالجة خاصة، فأذا نظفت وخلصت من الشوائب، غزلت. وقد كانوا يدقون الكتان لتهترئ اليافه وتتشقق فتنفصل، ثم يمشط بالممشقة، حتى يخلص وتبقى فتاته وقشوره، يوؤخذ الكتان لغزله ونسجه. اما الفتات والقشور، فهي المشاقة، وتستعمل في حشو الخفتان وللقبس.

ويقال لمشاقة الكتان وللخشن من ليف الكتان والقنب "اسطبة". ويظهر انها من اصل يوناني هو "Stippi".

ويهيأ الفتاك "السلك"، وهو الخيط. وقد يكون من حرير او قطن او كتان. واذا وضع في الخيط الخرز واللؤلؤ، فيقال لذلك عندئذ "السمط".

ومن اللوازم المستعملة في البيوت وفي الحياة اليومية والتجارية، الحبال، يستعملونها لحاء الشجر في بعض الاحيان، يؤخذ فيدق ويفتل منه حبل، ويقال لذلك "القرَ ن"، أو من شعر الماعز أو من الأصواف، أو من مختلف الألياف المستخرجة من النبات، او من الخوص.

أما الخيوط، فإنها أدق من الحبل، وتصنع من الكتان أو القطن أو الصوف أو الحرير.، ويخيط بها. وأما "الاطنب" و "الطنب". فإنها حبال الخيمة، تستخدم لربط الخيمة. وأما "الوتر"، فيصنع من أمعاء الحيوانات، وتوضع في الأقواس، لرمي السهم، وتستخدم في الآلات الموسيقية كذلك. وتستخدم الحبال رُبُطاً، يربط بها. يربط بها الأسرى والمساجين والحيوانات.

والصوف مادة مهمة في صنع البسط والسجاجيد. وأكثر صوف جزيرة العرب من انوع الخشن، الذي يصلح لصنع السجاد. وتصنع منه الخيام كذلك. والمستعمل في صنع الخيام هو من شعر الماعز في الغالب. أما أصواف الأغنام، فتستعمل في الغزول والأنسجة اللطيفة التي تحتاج إلى صوف ناعم ودقيق. ولا يزال أهل البادية يصنعون خيامهم الشهيرة ذات اللون الاْسود من شعر الماعز. وقد كان عماد العبرانيين في نسجهم على الصوف وشعر الماعز والكتان. وقد عرف البساط الضخم المنسوج من الوبر أو الصوف ب "الاراخ" ، ويقال للفسطاط "البلق".

وقد اشتهرت اليمن بالغزل والنسيج، وعرفت بإنتاج بعض البرد التي اختصت بها حتى عرفت ب "البرد اليمانية". وهي من الأنواع الغالية الثمينة التي لا يشتريها في العادة إلا المترفون والمرفهون. وقد جعل النبي في جملة ما يدفعه أهل الجزية الثياب عوضاً عن النقد إن لم يكن في قدرة من فرضت عليه الجزية دفعها نقداً، كما عرفت بصنع "الحلل" الغالية، اشتهرت بجميع أنواع الغزل والنسيج، غزل القطن والصوف والحرير، وبأنسجة الصوف والقطن والحرير. وقد كان من عادة روْساء اليمن لبس الملابس الثمينة والحلل الغالية المصنوعة في بلادهم، كما كانوا يصدرونها اق الخارح لبيعها في مختلف أسوإق بلاد العرب وفي العراق وبلاد الشام.

وعرفت دور النسيج في اللهجات العربية الجنوبية بي "تعمت". وقد ورد في كتب اللغة: "عمت الصموف والوبر... لف بعضه على بعض مستطيلاَ ومستديراً حلقة فغزله". وورد: "يعمت الغزل".

وقد ازدهرت صناعة غزل القطن ونسجه في اليمن وفي بقية العربية الجنوبية في القرن السادس للميلاد، فصارت صناعة الغزل والنسيج من أهم الموارد التي يتعيش عليها عدد كبير من الشعب والتي تكون مورداً كبيراً من موارد الدولة. وقد كان للملوك مغازل ودور نسيج تعمل لحسابهم ولهم، وقد عرفت دور النسيج الملكية ب "تعمت ملكن"، أي "المنمسج الملكي" و "دار النسيج الملكية".

وهناك لفظة أخرى في المسند للموضع الذي ينسج فيه وتغزل فيه الغزول هي لفظة: "ح ل ل ت" "حللت"، ويرى "رودوكناكس" انها "حلالة". وأما النساج، فيقال له "انم" في المسند، وهو للمفرد والجمعْ. وعندي إن المراد ب "ح ل ل ت" "حلت"، الحلة. والحلة عند علماء اللغة إزار ورداء، بردٌ أو غيره. وقيل: الحلل الوشي والحبر والخز، وقيل: كل ثوب جيد جديد تلبسه غليظ أو رقبق، وقيل: كل ثوب له بطانة، وعند الاعراب من ثلاثة أثواب القّميص وإلإزار والرداء. فيراد بها الموضع الذي تعمل فيه الحلل.

وقد كانت بعض الحكومات تحتكر صناعة بعض أنواع النسيج، وذلك بصنع أنواع فاخرة منه لاستعمال الملوك، أو للانعام به على الأمراء والكبراء ورجال الدين كالذي كان في مصر. ويوسم بسمة المعمل وبشعار الحكومة أو الحاكم ، ليكون في علم الناس انه من صنع الحكومة. وقد تبيعه الحكومة للناس. وتعد هذه الأنواع من النسيج من أفخر ما تنتجه المناسج، ويعرض في السوق.

وقد كان الملوك والكهنة والأغنياء المتأنقون بملابسهم، يرتدون أنسجة دقيقة مصنوعة صنعاً خاصاً بأيد ماهرة متقنة لعملها،لا تصنع الا الأنسجة الثمينة الغالية. ومن هذه الأقمشة ما كان يصنع من الكتان الخالص أو الصوف الناعم الرقيق، ومنه ما كان يصنع من الحرير الخالص أو المخلوط بمادة أخرى. وقد يقصب القماش بالذهب، يوشى به، كألبسة الملوك ورجال الدين الذين كانوا يرتدون ملابس موشاة ومطرقة في أثناء أدائهم الصلوات واقامة الشعائر الدينية. وقد كان الملوك والكهان يستوردون الأقمشة الجيدة من أماكن أخرىَ اشتهرت باتقانها واجادتها صنع الأقمشة الجيدة، مثل بابل وبلاد الشام والهند ومصر وفارس وغيرها لمثل هذه الأغراض.

وقد اشتهرت منسوجات اليمن في كل مكان من جزيرة العرب، بجودتها وأناقتها، وظلت محافظة على سمعتها هذه إلى الإسلام، فكان أغنياء الحجاز وغيرها من جزيرة العرب يفتخرون بحصولهم عليها ويلبسونها خاصة في أعيادهم ومواسمهم. وكانت البرد المعروفة ب "الحبر"، وهي برد موشاة مخططة، تعد من أثمن البرد اليمانية في القرن السادس والسابع الميلاديين، ولما قدم وفد نجران على الرسول كانوا يتوشحون بها. ولما توفي الرسول، ووضع مسجى في ناحية من البيت، وضعت عليه الحبرة.

ويقال للثوب الجديد الناعم "الحبير". وذكر اًيضاً إن الحبير البرد الموشى المخطط، وأن الحبرة ضرب من برود اليمن منمر، وبائعها حبرى لا حبار. وتعد "ثياب الحبرة" من الثياب الغالية الجيدة التي يلبسها ا لأغنياء والسادات، فلما قدم وفد تجران على النبي بالمدينة " "فدخلوا المسجد عليهم ثياب الحبرة، وأردية مكفوفة بالحرير.

واشتهرت اليمن ب "المراجل"، وهي ضرب من البرود. وذكر بعض علماء اللغة أن البرد المُرجل، فيه صور كصور الرجال. وورد ثوب مرجل بمعنى معلم، وبرد مرجل أي برد فيه تصاوير رحل على تفسير بعض علماء اللغة. وورد المرحلات يعني المرط المرحلة، وهي الموشاة، وقّد أشير إليها في كتب الحديث. و "القيصران" وهو ضرب من الثياب الموشاةْ. والعصب ضرب آخر من اابرود اليمانية يعصب غزله ثم يصبغ ثم يحاك وينسج، فيأتي موشى لبقاء ما عصب فيه أبيض لم يأخذه صبغ. وقيل: هي بررود مخططة. ويقال ثوب مبرج إذا كان ثوباَ ذا تصاوير.

وقد عرفت "البرد"، أنها أكسية يلتحف بها، وقيل إذا جعل الصوف شقة وله هدب. وقيل: البرد من برود العصب والوشي، وأما البردة، فكساء مربع أسود فيه صغر تلبسه الأعراب، وأن البرد ثوب فيه خطوط وخص بعضهم به الوشي.

واشتهر بلد المعافر بنوع من اابرد والثياب، حتى قيل "": برد معافري وثوب معافري". وأما "الشرعبية" فضرب من البرود. وذكر انها من الثياب الحارية. واليها أشير في شعر امرىء القيس: فلما دخلناها أضفنا ظهورنـا  الى كل حاري حديد مشطب

وعرفت "صنعاء" بوشيها وبأنواع أخرى من النسيج.

وعرفت اليمن بنوع من البرودُ سمي "عَصْبأَ" لأن غزله يعصب، أي يدرج، ثم يصبغ، وذكر أنها خاصة باليمن، لأنها تصبغ بالعصب. ولا ينبت العصب والورس إلا باليمن. وقيل العصب برود مخططة، اشتهرت بها اليمن.

والمسندة والمسند وأثواب سند، نوع من البرود اليمانية. والثياب القدمية منسوبة الى موضع باليمن. وثوب "أكباس" "أكباش" من برود اليمن.

وهناك ضرب من البرود قيل له "القطرية" والمفرد "قطري". وكان الرسول متوشحاً بثوب قطري. كما كان على عائشة درع قطري ثمنه خمسة دراهم،وذكر أن البرود القطريةُ حمر لها أعلام فيها بعض الخشونة، وأنها تأتي من "قطر" بسيف البحرين.

وعرفت الأنسجة اليمانية المصنوعة من الكتان في كل مكان من جزيرة العرب. وقد كانت لباس الأغنياء والوجهاء. وتعطي أنسجة الكتان برودة خاصة في الصيف، ولهذا كانت رائجة في كل مكان.وقد كانت مصر ذات شهرة خاصة في تصدير أنسجة الكتان، فقد كان كتانها لطيفاً ناعماً. ولهذا بيع بثمن مرتفع. وذكر علماء العربية أن الكتان لفظة عربية النجار،سمي بذلك لأنهُ يخيس ويلقي بعضه على بعض حتى يكتن.

و "البرجد"، كناية عن كساء ضخم مخطط. وقد ذكر في شعر طرفة. وذكر انه كساء من صوف أحمر.

والعباءة، هي مقابل "س م ل ه" "سمله" "شمله" عند العبرانيين و "Himation"،عند اليونان ،وتلبس فوق الألبسة. وتكون بعضها ثقيلة تصنع من الوبر أو الصوف، وتستعمل في الشتاء خاصة وفي الأوقات الباردة، وبعضها خفيف، يصنع من الصوف أو من شعر الماعز. وتستعمل في الأوقات التي لا يكون فيها البرد شديداً وفي أيام الصيف. وقد يستلقي عليها الإنسان، فتكون بمثابة فراش له. وقد تصنع العباءة من قطعين من القماش، وقد تصنع من قطعة واحدة، وهي أحسنها وأغلاها. وتكون عباءة الأغنياء والرؤساء من قماش جيد منسوج نسجأَ خاصاً محلاة في الغالب من ناحية العنق والصدر والجهة العليا من اليدين بخيوط من الحرير أو الذهب. يروفها "الروّ اف"، بأشكال متعددة فيختلف سعرها لذلك باختلاف الجهد الذي بذله الروّاف في تطريزها وفي زخرفتها.

وتصنع أحسن العباءات من الوبر. وقد تفنن فيها، وتخصصت بعض الأماكن بنسجها. ولا تزال هذه الصناعة باقية تدر على أصحابها ربحاً يتعيشون منه، كما تصنع من أوبار الجمال أشياء أخرى عديدة. على أن القرن العشرين قد علّم سكان الجزيرة تصدير الوبر إلى الخارج إلى المعامل الحديثة لاستعماله مع الأصواف في صناعة الغزل والنسيج.

والشملة: كساء دون القطيفة يشتمل به كالمشمل. والمشملة عند العرب مئزر من صوف أو شعر يؤتزر به، فإذا لفق لفقين، فهي مشملة يشتمل بها الرجل إذا نام بالليل. وقيل المشملة والمشمل: كساء له خمل متفرق يلتحف به دون القطيفة. واشتمل الثوبَ أداره على جسده كله حتى لا تخرج منه يده.

وقد ذكر أن الجاهليين كانوا يستوردون الجبب والأردية والأقمصة والأقمشة من بلاد العراق والشام، وكانت غالية الثمن وذات قيمة عندهم، لحسن صنعتها وإتقان قماشها. وقد كانت للرسول جبة من صنع بلاد الشام ، وكان له طيلسان مدبج،أي منقوش الأطراف بالديباج. وفي جملة ما استورد من مصر من ألبسة وثياب، القباطي وهي ثياب بيض دقيقة رقيقة تتخذ بمصر، والقسي وهي ثياب منسوجة من كتان وابريسم مضلعة، تصدر من مصر، من قرية تسمى القسي فنسبت إليها.

وقد بقيت مصر تصدر القباطي حتى في الإسلام. وذكر علماء اللغة أن القباطي والثياب القبطية منسوبة إلى القبط، أهل مصر الخلص من ولد القبط بن حام بن نوح على رأي بعض النسابين، أو من ولد قبط بن مصر بن فوط بن حام على رأي فريق آخر. وذكر أن لفظة قبطية، وردت في شعر لزهير هو هذا البيت: لِياح كأن بالأتحمية مسبـع  إزاراً وفي قبطية متجلبب

وورد ذكرها في بيت شعر أخر ينسب له أيضاً هو: ليأتينك مني منـطـق قـذع  باق، كما دنس القبطية الودكُ

وقد ورد ذكرها في كتب الحديث، فقد ذكر أن الرسول كسا "أسامة" قبطية.

وأشير إلى ثياب بيض قيل لها "القبطرى". وزعم بعض علماء اللغة أن في الكلمة غلط، وأن الراء زائدة.

وعرفت بعض الثياب ب "الأنماط"، جمع "نمط"، وهي الثياب المصبغة. وفي حديث "ابن عمر" أنه كان يحلل بدنه بالأنماط. وذكر أن الأنماط ضرب من البسط له خمل رقيق.

ويقال للنمط الزوج كذلك. وقيل الزوج: الديباج واللون.

وأما السبح، فالسبحه درع عرض بدنه عظمة الذراع ، ولهُ كمّ صغير نحو الشبر، تلبسه ربات البيوت. وقيل هي بردة من صوف فيها سواد وبياض. وقيل ثوب له جيب ولا كمّين له، بلبسه الطيّانون. وقيل هي مدرعة كمُها من غيرها. وقيل كساء أسود، أو القميص. وهي لفظة معربة أصلها بالفارسية "شبي". وذكر إن "السباج" ثياب من جلود.

وقد كانت بعض الثياب المستوردة من بلاد الشام ومصر ومن الأرضين التي تسودها أكثرية نصرانية ترد وعليها صلبان منسوجة. فلما جاء الإسلام، وأمر بطمس الصلبان، كان الرسول إذا رأى الصليب في ثوب قضبه وقطع موضعه أو نقشه.

وإذا كان الحرير المعروف ب "الخسرواني"، معروفاً حقاً عند الجاهليين، فإنه يدل على انه كان مستورداً من العراق، بدلالة اسمه عليه. ويذكر علماء اللغة انه منسوب إلى الأكاسرة، وانه حرير رقيق حسن الصنعة.

ولفظة "حرير" من الألفاظ المستعملة في العربية، غير أن من الصعب تعيين أصلها. وقد ذكر "سترابون" أن اليونان أخذوا الحرير من الهنود. ولذلك أطلقوا عليه لفظة أخذوها من اسم أحد الشعوب الهندية. أما العبرانيون فقد أطلقوا عليه لفظة "مسى". وقد ذهب بعض الباحثين إلى أن لفظة "سريقوم" "Sericum"، الواردة في النصوص الكلاسيكية تعني الحرير الخام. ووردت في العبرانية لفظة "دمشق"،،Demeshek،، ،يرى بعض العلماء أنها تعني حريراً دمشقياً، أي معمولا" بدمشق. وذهب آخرون الى أن اللفظة، محرفة من لفظة "دمقس" الواردة في العربية ويراد بها نوع من الحرير أو الحرير الخام. والديباج من الثياب المعمولة من الحرير. واللفظة من الألفاظ الفارسية المعربة.

ومن الثياب والأقمشة التي تحمل اسماً معرباً "الدخدار"، وهو كما يقول "الجواليقي" "تخت دار" بالفارسية. وذكر أنه ورد فيَ هذا البيت منسوب إلى عدي بن زيد العبادي: تلوح المشرفية فـي ذراه  ويجلو صفح دخدار قشيب

وأشير إلى "الديباجة" في شعر "حسان بن ثابت"، ويراد بها الثياب المتخذة من الابريسم.

وقد وردت في القرآن الكريم لفظة "سندس"، وذهب العلماء الى إن المراد بها رقيق الديباج، وذكر بعضهم أنه ضرب من "البزيون" يتخذ من المرعزاء، واللفظة من الألفاظ المعربة.

وأما الاستبرق، فإنه ما خشن من الديباج على رأي بعض العلماء. وأصله من الفارسية، فهو من المعربات.

وكان الأغنياء وسادات القبائل يلبسون الألبسة المنسوجة من الحرير، وهي ثمينة غالية، يستوردونها من الخارج ، وينسج بعض منها في اليمن. وقد نهى الإسلام عن لبس الحرير، لما في ذلك من ترف يميت الرجولة ومن تشبّه بمترفي العجم، ومن تأثير يتركه استعماله في نفوس الفقراء.

ومن أنواع الثياب الجيدة المصنوعة من القز الأبيض "الدمقس،"، وهو ناعم وذكر علماء اللغة أن اللفظة من الألفاظ المعربة القديمة الواردة في شعر لامرىء القيس. ويرى بعض الباحثين أن الدمقس تحريف "مدقس" وهو الحربر اللأبيض ، وأن أصلها يوناني هو: "Metaxa" ويعرف الحرير الجيد بالسّرق، وقيل: السرق شقق الحرير أو الأبيض أو الحرير عامة. وذهب بعض العلماء إلى أنها من الألفاظ المعربة عن الفارسية، وأن أصلها سَره أي جيد. وقد ورد في الحديث: انك في سرقة من حرير، أي قطعة من جيد الحرير. ويقال للسرق "سريَكون" "Sericum""Sirikon" في اليونانية. ويراد بها الحرير عامة. ومن هذا الأصل جاءت لفظة "السرق" على ما أرى.

ويعرف الحرير ب "مشى" و "دمشق" في العبرانية. وقد ذهب بعض علماء التوراة أن للفظة "دمشق" صلة بدمشق الموضع المعروف. ودمشق من المواضع المشهورة منذ القديم بنسج الحرير. وذهب آخرون أنها من أصل "دمقس"، تحرف فصار "دمشق" ولا علاقة لها بدمشق. وأما لفظة "حرير"، فتعرف ب "Sericum" عند اليونان واللاتين كما ذكرت. أما لفظة "حرير" المستعملة في العربية، فإن من الصعب تعيين أصلها والوقت الذي ظهرت فيه.

والخز: ثياب تنسج من صوف وإبريسم، وقيل انه الثياب المعمولة من الإبريسم. وقيل انه الحرير ، وذكر علماء اللغة أن " اللاذ" ثياب من حرير تنسج بالصين، وأن "الاضريج" الخز الأصفر، وأن المطرف: ثوب مربع من خزّ له أعلام.

وربما كان "الديبوذ" و "الديابوذ" من الثياب التي وصلت إلى الحجاز من الاتصال التجاري بالعراق. واللفظة من المعربات. ذكر الجواليقي انها من الألفاظ الفارسية الأصل، وان المراد بها ثوب ذو نيرين ، وأورد شعراً للاعشى جاءت فيه هذه اللفظة.

وقد وردت في القرآن الكريم لفظ " "سرابيل" جمع "سربل". وذكر علماء اللغة أن "السربال" القميص من أي جنس كان ووردت السربال في شعر منسوب إلى الأعشى: مقلص أسفل السربال معتمر

وفي هذا المعنى لفظة "سروال"، والجمع "سراويل" والسربال هو "سربالين" "س ر ب ل ي ن" في العبرانية. وهو أيضاً "السروال" في العربية و "الشروال" من أصل فارسي. وقريب من السربال والسروال "اللباس" الطويل المستعمل عند أهل القرى والفلاحين وبين كثير من أهل المدن في الوقت الحاضر. يرشد عند الخصر ثم يعرض وينتهي بفتحتين ضقتين لدخول الرجلين منهما. ولا زال "الشروال" مستعملاً بين الايرانيين والأكراد وفي بلاد الشام. وقد ذكر علماء اللغة أن السروال لفظة معربة من اصل فارسي. وورد "في حديث أبي هريرة: أنه كره السراويل المخرفجة " أي "الواسعة الطويلة". وقد اشتهر الفرس بلبس السراويل، والظاهر أن الرسول كره السراويل الواسعة الطويلة، لأنها كانت من سنة الأعاجم. فأراد عدم التشبه بهم. وأما القميص،، فقد يقال له "الدرع" و ا لسربال.

وأما "القز" "القهز"، فهما ثياب صوف كالمرعزيَ وربما خالطها الحرير.

وأما "الزازفية"،فثياب بيض من كتان. وأما "الخنف" فما غلط من الثياب. ومن الأكسية "الجودياء"، وقد ذكر بعض علماء اللغة أنها لفظة معربة عن أصل فارسي أو نبطي،وذكروا أن الأعشى تصرف بها في شعره فجعلها "اجياد".

وهناك نوع من أنواع القميص أو البرد المنسوجة من الصوف فيها سواد وبياض يقال لها "سبيج" "السبيج" و "السبجة" و "السبيجة". وقد ذكر الجواليقي أنها من الألفاظ المعربة.

والطيلسان: من الألفاظ المعربة، ويراد بها ثوب يلبس على الكتف، أو ثوب يحيط بالبدن ينسج للبس، خال عن التفصيل والخياطة. وذكر أيضاً أنه كساء مدور أخضر، لا أسفل له، لحمته أو سداه من صوف. وقد اشتهرت الفرس بلبسه، ويسمى عندهم ب "تالسان"، حتى استعمل العرب جملة: "يا ابن الطيلسان" أي يا ابن الأعجمي في الشتم ، وذلك من تطلسهم به.

والساج: الطيلسان الضخم الغليظ، وقيل: هو الطيلسان المقوّر ينسج كذلك، قيل: هو طيلسان أخضر. وفي حديث ابن عبّاس، أن النبي، كان يلبس في الحرب من القلانس ما يكون من السيجان الخضر،جمع ساج، وهو الطيلسان الأخضر، وذكر "ابن الأعرابي": السيجان الطيالسة السود.

و "الشوذر" من الألفاظ المعربة القديمة على رأي بعض العلماء، ويراد بها الملحفة والإزار.

وقد اشتهرت اليمن بصنع الأزر، واشتهرت بهذه الصناعة مواضع أخرى. و قد كان العراق يصدر الأزر إلى جزيرة العرب. واشتهرت ازره عند العبرانيين. أطلقوا عليها "ازرت شنعار" "ازرت شنعر"، أي "ازر شنعار"..يريدون بشنعار ما يقال له أرض بابل. وهو من نسيج جيد مبروم. وقد عرفت ب "لُبلتى برمه" "Lubulti birme"،وعرف النساج الذي اختص بهذا النوع من الأزر ب "اشبر برمي" "Ushbar Birimi".

و "القهز" و "القهزى"، ثياب بيض يخلطها حرير. وهي من الألفاظ المعربة..ذكر بعض علماء اللغة أن الأصل الفارسي هو "كهزانة".

والخميصة: ثوب أسود معلم من خز أو صوف. وأما الأنبجانية فكساء له خمل، وقيل: الغليظ من الصوف. والفروج: القباء له فرج من وراء أومن أمام. وأما المِرٌطُ فالكساء يتغطى به.

ومن أنواع الثياب "القباء". وقد ذكر بعض العلماء إن اللفظة فارسية الأصل معربة.

و "النرمق" ثياب لينة بيض، وهي من الألفاظ المعربة عن الفارسية، وأصلها "نرمه". وأما "النمرق" و "النمرقة"، فالوسادة أو الميثرة و الطنفسة. ولاحتياج الإنسان الى الملابس في كل زمن ، كانت حرفة الغزل والحياكة يحترفها كثير من الناس وتعيش عليها أسر عديدة. ويمكن عدّها من اًهم الحرف في ذلك العهد، وعد العمال، المشتغلين بها من أكثرعمال الحرف الأخرى عدداً. ولم يكن المتعاطون لهذه الحرف هم أصحاب معامل النسيج، ولكن أصحابها الأغنياء والمتمولون. أما المشتغلون بها، فعمال يشتغلون فيها بأجر يتقاضونه، ومنهم من كان رقيقاً مملوكاً يعمل لحساب سيده ومالكه، في مقابل قيامه بأوده. والقليل من العمال من كان يملك مصانع نسيج، تعمل له وتدر الربح عليه.

بل كان الملوك يشاركون الشعب في امتلاك دور النسيج وينافسونهم في الإنتاج.وفي نصوص المسند إشارات عديدة الى دور الحياكة والنسيج الملكية، والى انتاجها واشتغالها. ولا يستبعد احتكارهم لها أو احتكار صناعة بعض الأنواع من النسيج وبيع الأقمشة. وقد علمنا في الجزء السابق من هذا الكتاب أن البطالمة كانوا قد احتكروا بيع أنواع معينة من النسيج وصناعتها. وقد ظل احتكار حكومات مصر لأنواع معين آ من النسه في..عروفاً إلى الإسلام، تنسجها في معاسلها، ولا خ للأهللإت بإنتاجها، كما فعل ذلك غير المصريين أيضاً. فصناعة النسيج صمناعة مهمة ذات أرباح وفوائد،وهي من أهم الصناعات في المجتمع. ولأرباحها هذه ولكونها مورداً مهماّ، فكرت بعض الدول في احكارها، للحصول على أرباحها، كما تفعشالسول في الزمن الحاضر في احتكار بعفر الصناعات والمناجم وبعض المصالح ا"هامة مثل سكلك الحديد أو التلفون والبرق وغير ذلك لتكون مورداً يمون الدولة بالمال. ومن أسماء القطن "الطوط"، وقيل: الطوط قطن البردي. وورد في شعر لأمية ابن أبي الصلت: والطوط نزرعه أغن جراؤه  فيه اللباس لكل حول يعضد.

ولم يقتصر عمل الحائك على حياكة الأقمشة ونسجها وحدها، لمجل شمل عمله كل شيء يحاك، مثل البسط والطنافس والسجاجيد و "الدرانك" التي هي نحو من الطنافس وإلبسط. ويذكر علماء اللغة أن اللفظة من المعربات. وذكر بعض العلماء أن "الدرنوك" و "الدرموك" ضرب من الستور والفرش، يكون فيها الصفرة والخضرة، وقال بعض آخر: انه ضرب من الثياب له خمل قصير كخمل المناديل، وبه شبه فروة البعير. وورد انه الطنفسة والبسط ذات الخمل. وقد تكون كبيرة تفرش البيت. والأنماط، وهي ضرب من البسط، وضرب من الثياب المصبغة، وثياب من صوف تطرح على الهودج. والنساجة وهي ضرب من الملاحف المنسوجة. والقطيفة وهي دثار مخمل. وقيل هي كساء مربع غليظ له خمل ووبر. والوسادة وهي المخدة. والنمرقة وهي الوسادة، وقيل للصغيرة منها، أو هي الميثرة، وتوضع على الرحل كالمرفقة، غير إن مؤخرها أعظم من مقدمها ولها أربعة سيور تشد بآخرة الرحل.

وهناك حرفة أخرى لها علاقة بالنساجة والحياكة، هي الخياطة. وحرفة الخياط تحويل الأقمشة إلى كسوة، وصنع الثياب والعمائم بتفصيل القماش وقصه ثم خياطته على وفق القياس المطلوب. وهي حرفة تروج في المدن. أما في البادية،فتقوم المرأة بعمل الضروريات، ويلتجئ الرجال الى القرى والمدن في شراء ما يحتاجون اليه من ثياب. ونجد بين أسماء الثياب، ما هو معرب، مما يدل على انه منقول مستورد، وأن الخياطين الجاهليين قد رأوه فقلدوا صنعه.

كذلك نجد بين أسماء اجزاء الثوب أسماء معربة.فذكر علماء اللغة أن "الدخريص" و "التخريص" من المصطلحات المعربة، وأن أصلها فارسي ، وهي تعني "البنيقة" و "اللبنة". وقد وردت "الدخارص" في شعر منسوب الى الأعشى.

ويعبر عن "الخيّاط" بلفظة "درز"،و "بنو درز" الخيّاطون والحاكة.

و "الخِياط" الإبرة. والإبرة، هي التي يخاط بها، وذلك بإدخال الخيط في سمّها أي في ثقب الإبرة ، وتخييط ما يراد تخييطه بها. والخياطة صناعة الخائط. ويقال للذي يسُوّي الابر الآبّار. و "السم" الثقب، ومنه "سم الخياط"، أي سم الإبرة.

ومن أسماء الخياط: "القراريّ". قال الأعشى: يشق الأمور ويجتـابـهـا  كشق القراري ثوب الردن

ويعبر عن خياطة الخياط الثوب خياطة متباعدة ب "شمج" و "شمرج"، وذلك بأن يباعد بين الغرز. و "الشمرج" الرقيق من الثياب وغيرها.

ويعبر عن الخيط بلفظة "السلك" و "السلكة".

والثوب اللباس ، وهو ما يلبس. ولذلك فهما من الكلمات العامة التي تطلق على أشياء عديدة. وقد اشتهرت بعض الثياب بكونها ثياب رقاق، منها "السبوب" والسب: الشقة البيضاء،و كذلك الخمار. و "الشف"، وهو الثوب الرقيق، و "اللهله" و "النهنه"،الثوب الرقيق النسج. وثوب هلهل وهلهال،رقيق النسج، وهو المتدارك النسج، والمواد التي يستعين بها الخياط في صنع الثياب والاكسية هي الأنسجة المصنوعة من القطن أو الحرير أو الكتان أو الأصواف أو الشاش أو البز أو الكرباس.

ولفظة "قطن"، من الألفاظ التي يصعب تعجين أصلها. وقد ذهب كثير من الباحثين إلى أنها من أصل هندي. وفي التوراة لفظة "كربس" "Karpas"،أي الكرباس،فسرها علماء التوراة بمعنى "فطن". ولفظة "كرباس" معروفة في العربية. وهي من الألفاظ المعربة المعروفة عند الجاهليين. وترد في لغة بني إرم وفي العبرانية واليونانية واللاتينية. وقد ذهب بعض العلماء،أنها من أصل سنسكريتي وانها تعني شجرة القطن. وقد ذكرت اللفظة في تأريخ "هيرودتس"،وعرفها اليونان الذين كانوا في حملة الاسكندر الكبير. ودعوها "Carbasus"و"Carbasina" وقد أشار إلى القطن "هيرودوتس" و "سترابو" وصاحب مؤلف "Periplus maris Erythr" و"لوقان" "Lucan"و "Quintus Curtius" وأشاروا الى صلتها بالهند. واللفظة من الألفاظ الواردة في الفارسية أيضاً. وذهب علماء العربية إلى إن الكرباس ثوب من القطن الأبيض معرب عن الفارسية. وفي حديث عمر: "وعليه قميص من كرابيس"،جمع كرباس وهو القطن. ومن أسماء القطن الخرفع والخرنع. وذكر أن "الطوط"، هو قطن البردي. والبز عند علماء العربية: الثياب، وقيل ضرب من الثياب، وقيل البزُ من الثياب أمتعة البزاز، و البزاز بائع البزَ وحرفته البزازة. والبيزّة الهيئة والشارة واللبسة. وذكر إن "البز" ضرب من برود اليمن.

واللباس والألبسة والملبس كل ما يلبس. والكسوة، اللباس أيضا. والكساء واحد الأكسية. وقد عرفت لفظة الكسوة في العربيات الجنوبية كذلك،إذ وردت في بعض النصوص، "كسوت" "كشوا" "كشوي". وذكر علماء العربية إن الكساء الذي لا بطانة له، يقال له: "كساء سمط".

وفي العبرانية لفظة "بجد" وتقابل "بجاد" و "بجد" في العربية، وتعني اللباس عامة، من دون تمييز. أما لفظة "لبوش"، فهي من أصل "لبس"، وهي في.معنى "لبوس" و "لبس" في العربية. و البجاد عند العبرانيين من الألبسة التي تستعملها الطبقات الراقية.

وذكر علماء العربية أن البجادة كساء مخطط من أكسية الأعراب. وقيل: إذا غزل الصوف بسرة ونسج بالصيصة، فهو بجاد. ويقال للشقة من البجد: قليح وجمعه "قلح". وقيل البجاد الكساء. وقيل انه من وبر الإبل وصوف الغنم مخيطة.

ومن أنواع الأكسية: "المشملة": كساء يشتمل به دون القطيفة. وذكر: المشمل: كساء له خمل متفرق يلتحف به دون القطيفة. وورد في الحديث: "ولا تشتمل اشتمال اليهود"، وهو افتعال من الشملة ،وهو كساء يتغطى به و يتلفف فيه، والمنهي عنه هو التجلل بالثوب وإِسباله من غير أن يعرف طرفه. وهو "سمله" "Simlah" و "Salmah" عند العبرانيين.

و "البرنس": كل ثوب رأسه منه ملتزق به دُرّاعة كان أو ممطراً أو جُبةّ. وذكر أن "البرنس" قلنسوة طويلة، وكان النسّاك يلبسونها في صدر الإسلام. وهو من "البرس"،القطن. وعرف بهذه التسمية أيضاً عند العبرانيين.

والمُلاءة: الريطة،وهى الملحفة والإزار. وذكر أن الريطة الملاءة إذا كانت قطعة واحدة ولم تكن لفقين، وقبل: الريطة كلا ملاءة غير ذات لفقين كلها نسج واحد، وقيل: هو كل ثوب لين دقيق. والرائطة: المنديل.

والإزار: الملحفة، والمئزرة: الإزار. والرداء الذي يلبس، والجمع أردية. وذكر أن المئزر من الصوف أو الشعر يؤتزر به، فإذا انفق فهو "شملة" يشتمل بها الرجل إذا نام بالليل.

و الردن: الكُمّ. يقال: قميص واسع الردن. وذكر أن الردن مقدم كمّ القميص، وقيل هو أسفله ، وقيل: هو الكمّ كله.

ويصنع الخياط الهمابين جمع "الهميان"،ويراد به الحزام وبه كيس نجعل فيه النفقة ويشد على الوسط. وقد يصنع من الجلود أيضاً، وهو من الألفاظ المعربة من الفارسية.

أما "الكيس"، فهو لحفظ ولخزن ولحمل الأشياء. ويعرف ب "كيس" في العبرانية كذلك، وقد يصنع من الجلد. وأما "الخريطة"، فإنها "خريط" في العبرانية. وتحفظ فيها الأشياء الثمينة، وقد تحلى وتزخرف. وأما "الصرة"، وهي "صرور" في العبرانية، فلصر الأشياء. ولا تزال هذه الأسماء مستعملة معروفة.

والجاهليون مثل عرب الإسلام في اختلاف ملابسهم، فقد كانت ملابسهم تختلف باختلاف منازلهم ودرجاتهم. فللشرفاء والوجهاء أهل المدن والقرى لبس خاص يميزهم عن الطبقات الدنيا من الناس. وللتجار لبس خاص بهم، أما الأعراب فكانوا يتميزون أيضاً بطريقة لبسهم عن أهل المدن والقرى. ثم انهم عموماً كانوا يختلفون في ألبستهم باخلاف أمكنتهم وبحسب درجة اتصالهم واختلاطهم بالأعاجم. فقد كان عرب العراق قد تأثروا بألبسة الفرس وبألبسة بني إرم، فأخذوا منهم. وتأثر عرب بلاد الشام بالروم، فأخذوا منهم بعض ملابسهم،حتى أسمائها، احتفظوا بها، وقد حفظتها لنا كتب الاسلاميين، وبعضها لا تزال حية نستعملها هذا اليوم. ولا تختلف ألبسة الرأس المعروفة عند الجاهليين عن ألبسة الرأس المستعملة بين الأعراب وفي قرى جزيرة العرب. فقد اقتضت طبيعة الصحراء، أن يحمي الجاهلي رأسه بألبسة واقية تقيه من أذى أشعة الشمس المحرقة ومن الرمال التي تذرها العواصف في العيون وفي الأنوف، فأوجد لنفسه ألبسة رأس مناسبة له ولبساطة حياته. فستر رأسه بقطعة قماش مربعة الشكل في الغالب، تمتد على أطرافه ليتلثم بها وقت ظهور العواصف وارتفاع الرمال، أو وقت ظهور السموم، فيحمي نفسه منها ومن العطش، كما يحمي مؤخر رأسه من أشعة الشمس، ولتحميه من البرد في الشتاء كذلك. ويضع فوق هذه القطعة عقالاً، يصنع من الصوف أو من شعر الماعز أو الوبر، ليمسك قطعة القماش فلا تسقط. وتعرف قطعة القماش هذه بالكوفية و ب "الكفية" في الوقت الحاضر، ويقال لها وللعقال "الكفية والعقال" و "الكوفية والعقال" في اصطلاح المحدثين.

أما عرب بلاد الشام، فقد كانوا يضعون لباداً فوق رأسهم مصنوعاً من مادة مضغوطة من الصوف أو الوبر، يشبه ما يسمى ب "العرقجبن" في العراق "العرقية"، يلف حوله بقماش مختلف الألوان، قد يمتد أحد طرفيه، ليستعمل لثاماً للوجه وستراً للرقبة ، وهو زي الفلاحين والرعاة.

والعمامة من لباس الرأس عند الجاهليين. "والعرب تقول للرجل إذا سوُّد: قد عمم. وكانوا إذا سوّدوا رجلاً عمموه عمامة حمراء،وكانت الفرس تتوج ملوكها فيقال له متوج". ويقال لها "السبائب" كذلك. والعمامة: "السُب".

وعادة صبغ الثياب،من العادات المعروفة عند العرب قبل الإسلام. وكانوا يستعملون في ذلك أصباغاً مختلقة،كالقرف وهو قشور الشجر، والجذور يستخرجون ما فيها من مادة ملونة لصبغ ما يضعونه فيها من ملابس، والأصباغ المستخرجة من بعض النباتات. ولألوان العمائم أو الملابس دخل في المناسبات الاجتماعية،فكانوا يستعملون للحرب مثلاً نوعاً خاصاً من العمائم ذوات ألوان خاصة، تعبر عن المواقع، ويستعملون في الأحزان نوعاً خاصاً من العمائم والثياب، وفي الفرح ملابس خاصة،وهكذا، كما كانوا يقومون بتجميرها في بعض الأحوال.

ويقوم بصبغ الثياب وقصرها الصباغون، يصبغون الملابس كما يصبغون الأقمشة قبل تفصيلها وخياطتها. وذكر أن الكهان كانوا لا يلبسون المصبوغ ، ولعلهم كانوا يفعلون ذلك بسبب اعتقادهم أن تابع الكاهن ينفر من الصبغ.

وفي جملة الأصباغ المعروفة والشائعة عند الجاهلين، العصفر، وهو نبت أصفر يستخرج منه صبغ أصفر، تصبغ به الثياب والاقمشة وأمثالها. ومن هذه الصبغة جاءت لفظة "المعصفرات"، ويراد بها الثياب المصبوغة بالعصفر. والورس وهو صبغ أصفر، يؤخذ من نبت طيب الرائحة تصبغ به الملابس، فيقال ملحفة مورسة،إذا كانت مصبغة بالورس. وقد جاء النهي عن لبس الثياب المعصفرة في الإسلام.

والثوب الأحمر، هو الثوب المصبوغ بلون أحمر، أما "الكرك"،فالثوب الأحمر كذلك. و "ثوب مشرق"، ثوب بن الحمرة والبياض، و "ثوب قتمة" و"مقتوم" ثوب سواده ليس بشديد، و "ثوب مفروك"،مصبوغ بالزعفران، وزبرقت الثوب زبرقة، صفرته. وقد سمي "الزبرقان بن بدر" بذلك، لصفرة عمامته.

ويظهر إن الصباغين كانوا يمطلون بالمواعيد ويخلفون، لذلك ضرب بهم وبالصياغين المثل في الحلف. وورد في الحديث: "أكذب الناس الصباغون و الصوّاغون".

ويستعمل شعر الماعز في الغالب لصنع الخيام،وذلك للاعراب وللتجار والمسافرين وغيرهم. والاتجار بالخام، من التجارات التي كانت رائجة يومئذ ويستعمل شيوخ القبائل والرؤساء والملوك خياماً خاصة مصنوعة من أقمشة غليظة تتحمل المطر والعوارض الطبيعية الأخرى، ولها أسعار غالية عالية، تختلف باختلاف حجمها ونوع القماش المصنوعة منه. ولبعضها قواطع تجزئ الخيممة إلى أقسام تكون شبه غرف يسكن فيها. ويستعمل بعضها مضارب يعقد فيها ديوان الرئيس، وبعضها معابد توضع فيها الأصنام والأشياء المقدسة التي تتنقل مع القبيلة، يحملها الكهنة معهم.وقد أشير إلى هذه الأصنام المتنقلة مع القبائل في الأخبار التي سجْلها الآشوريون عن حروبهم مع الأعراب ، كما كان العبرانيون يصنعون خياماً واسعة تكون مقدسة لخدمة الرب. ومن الخيم الكبار "الفسطاط". ويطلق على الأبنية كذلك.

والبساط، ما بسط. وقد اشتهرت أنواع خاصة من البسط بين الجاهليين. منها بسط عبقر، والبساط العبقري من الأبسطة الجيدة، ومن عادة العرب أنهم إذا استحسنوا شيئاً أو عجبوا من شدته و مضائه نسبوه الى "عبقر". وعبقر عندهم أرض من أرض الجن. وورد "ثياب عبقرية" نسبة إلى عبقر. حتى قالوا: "ظلم عبقري " أي شديد فاحش. ومن أنواع البسط: "النخ". وهو بساط طوله أكثر من عرضه، وهو فارسي معرب، وجمعه نخاخ.

وللعرب طرق في هيأة لبسهم وفي كيفية وضعها على أبدانهم، ولا سيما أهل الحضر منهم. كما كانوا يكيفون لبسهم حسب المناسبات في مثل الغارات والحروب والسفر. ومن ضروب لبسهم، ما يقال له: "الاضطباع"،ويقال له: "التأبط"، وهو أن يدخل الثوب من تحت يده اليمنى فيلقيه على منكبه الأيسر.

ومن ضروب اللبس: "التفضل"، وهو التوشح،أن يخالف اللابس بين أطراف ثوبه على عاتقه. وأما "الفضلة" فالثياب التي تبتذل للنوم لأنها فضلت عن ثياب الصرف. وعرف التوشح: أن يتوشح بالثوب، ثم يخرج طرفه الذي ألقاه على عاتقه الأيسر من تحت يده اليمنى، ثم يعقد طرفيهما على صدره. وقيل: التوشح بالرداء مثل التأبط والاضطباع،وهو أن يدخل الثوب من تحت يده اليمنى فيلقيه على منكبه الأيسر، كما يفعل المحرم.

وأما "الاشتمال"، فهو ادارة الإنسان الثوب على جسده كله حتى لا تخرج منه يده. وروي أن النبي نهى عن اشتمال الصّماء. والشملة الصّمّاء، التي ليس تحتها قميص ولا سراويل، وذكر أن اشتمال الصمّاء هو أن يشتمل بالثوب حتى يجلل به جسده ولا يرفع منه جانباً، فيكون فيه فرجة تخرج منها يده، وهو التلفع،وربما اضطجع فيه على هذه الحالة.وذكر الفقهاء: أن الاشتمال هو أن يشتمل بثوب واحد ليس عليه غيره، ثم يرفعه من أحد جانبيه فيضعه على منكبه فتبدو منه فرجة.

"والسند"، ضرب من ضروب اللبس عند العرب، وهو أن يلبس قميصاً طويلاً تحت قميص أقصر منه. كما أن السند ضروب من البرود،وضرب من الثياب. وذكر أن السناد هي الحمراء من جباب البرود.

وإذا نام الشخص وأدخل رأسه في ثوبه قيل لذلك الكبس والكباس. و "الكمكمة" التغطي بالثياب.

وقد عرف الجاهليون "الكلل". و "الكلة": الستر الرقيق يخاط كالبيت يُتوقى فيه من البق.

ويعبر عن الستر ب "السجف"، وهو قماش يستر به. والسجافة السدافة،أي الحجاب. وكل باب ستر بسترين مقرونين فكل شق منه سجف. وقيل لا يسمى سجفاً إلا أن يكون مشقوق الوسط كالمصراعين.

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق