إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 3 فبراير 2016

1724 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل السابع عشر بعد المئة القصور والمحافل وألاطام


1724

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي     
    
الفصل السابع عشر بعد المئة

القصور والمحافل وألاطام

وقد أورد علماء اللغة العربية، جملة ألفاظ لها صلة بالمباني الضخمة وبالمباني العالية. منها: "قصر" والجمع "قصور"، و "محفد" والجمع "محافد"و "أطم"، و "مجدل"، و "حصن" و "برج" وغير ذلك. من ألفاظ لبعض منها صلة بالناحية الحربية، لذلك أترك أمرها إلى ذلك الباب، وسأقتصر هنا على الكلام على المباني الأخرى التي تخص الحياة الاجماعية في الأكثر.

والقصر البيت الكبير الفاخر، وتقابل لفظة "قصر" كلمة "قصرو" في لغة بني إرم. وقد أطلقها علماء اللغة على البيوت الكبيرة لأهل الجاهلية في اليمن، فقالوا: "قصور اليمن". واشتهر من بينها "قصر غمدان" و "قصر سلحين"، وقد اطلقها عرب العراق على حصونهم التي كانوا يتحصنون بها عند دنو خطر عليهم، فكانت الحيرة مكونة من "قصور"، أقامها أشرافها، واتخذوها بيوتاً لهم، وحماية لأموالهم، وملجأ يلجأ إليه أتباعهم عند دنو الخطر، للدفاع عن سادتهم وعن أموالهم، يصعدون الى أعلى القصر، فيرمون المهاجم بالحجارة والخزف والسهام والنار، ويصبون عليه الماء الحار. ولما هاجمها "خالد بن الوليد"، أخذ يحاصرها قصراً قصراً، ويفتحها، وبذلك سقطت المدينة، المؤلفة من هذه القصور. ولا تزال اللفظة معروفة في العراق، فيعرف حصن "الأخيضر" المشرف في البادية ب "قصر الأخيضر"، ويطلق على بعض قرى عين التمر القصور، لأنها كناية عن بيوت تحمى ب "قصر"في الأصل.

وتخزن في غرف الطابق الأرضي من القصر الميرة، وما يحتاج إليه، وكذلك الماشية، أما الطابق الثاني، أو ما بعده، فيتخذ مسكناً، لأهل القصر، وقد تعمل به منافذ صغيرة، ليرمي منها المدافعون المهاجمين بالسهام وبالحجارة، لمنعه من الدنو من القصر، ويدافع عنه من السطح كذلك.

والمحفد من الألفاظ الواردة في كتب اللغة، وجمعها "محافد". وتعني في العربية الجنوبية القلعة والحصن، أي المكان الحصين المنيع الذي يتحصن فيه الجنود للدفاع. وتعرف ب "محفدن" في العربية الجنوبية، أي "المحفد".

وترد لفظة "صحفت " مع "محفد". وأما"صحفت"، فقد فسرت بمعنى المجاز أو الطريق أو الممر أو الخندق. وهي في معنى لفظة "ضخف " التي تعني الحفر، ومنها "مضخفة" التي تعني المسحاة. ويكون الخندق حول المحفد، يحميه من غارات الأعداء، فيحول بينهم والوصول إلى سوره. وتؤدي لفظة "صحفت" معنى ممر في داخل الحصن يربط بين السور وداخل الحصن. والمجدل، هو القصر المشرف. فهو نوع من أنواع الأبنية الضخمة. وهو الحصن في داخل المدن عند العبرانيين، ويقابل لفظة Castellum في اللاتينية. وقد وردت لفظة "مجدل" و "مجادال" أي في صيغة الجمع في النصوص اللحيانية بمعنى البرج والحصن.

وأما الأطم فالحصن و الجمع أطام. وهي القصور و الحصون. وقال "الأصمعي" الأطام الدور المسطحة السقوف، موشاة أي منقوشة. وهي معروفة عند أهل "المدينة". وقد تحارب الأوس والخزرج عندها، فأرخوا بهذا اليوم. وكانت الأوس والخزرج تتمنع بها، فأخربت في أيام "عمان".

وتقوّى الحصون بسكك الحديد أحياناً، وبكل وسائل التقوية والإسناد، لتتمكن من الصمود أمام العدو، ومن تحمل ضربات الآلات التي تستخدم للهدم. ويعبر عن التقوية هذه بلفظة "سكم"، أي "سك".

وقد فسر بعض علماء العربيات الجنوبية لفظة "صرحت" "صرحة" "صرحس" التي ترد في كثير من الكتابات المتعلقة بأعمال البناء، بالطبقة الثانية من البناء أو أعلى كل بناء. وفي كتب اللغة: "الصرح: بيت واحد بنى منفرداً ضخماً طويلاً في السماء"، وقيل "القصر" أو كل بناء عال مرتفع. وفي التنزيل: إنه صرح ممرد من قوارير، والجمع صروح. وقال بعض المفسرين: الصرح بلاط اتخذ لبلقيس من قوارير.

وترد لفظة "مرحت" بهذا الشكل في بعض الكتابات، كما ترد بغير تاء، أي "صرح". وقد وردت على هذه الصورة: "صرحس" في بعض الكتابات المعينية، كما وردت على هذا الشكل: "صرحسن" أي "الصرح".

والغالب بين علماء اللغة أن الصرح البيت العالي، وقد قيدّ بعضهم ذلك بالبيت العالي المزوق. وحيث إن البيوت المرتفعة العالية هي في اليمن وفي مواضع من العربية الجنوبية الأخرى في الغالب، ونظراً لورود اللفظة في كتابات العرب الجنوبيين، فإننا نستطيع أن نقول باحتمال أخذ الحجازيين لفظة "الصرح" و "صرح" من العرب الجنوبيين.


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق