إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 4 فبراير 2016

1788 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل السادس والاربعون بعد المئة الشعر خبر شعراء الجاهلية


1788

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي     
  
الفصل السادس والاربعون بعد المئة

الشعر

 خبر شعراء الجاهلية

وقد حصلنا على أسماء الجاهلية من الموارد الاسلامية، فقد ذكرت ان النصوص الجاهلية لم تتعرض لأمر الشعر الجاهلي ولا للشعراء الجاهليين. ونجد أسماء هؤلاء الشعراء في مختلف الموارد، في كتب الأدب و في ضمنها دواوين الشعر، و في كتب النثر الباحثة عن الشعر، وفي كتب التفسير والحديث واللغة والمعاجم، بل وفي الشعر الجاهلي كذلك، اذ ذكر بعض أسماء الشعراء. ونجد في شعر بعض الشعراء الذين ظهروا في العصر الاموي أسماء جاهليين، فنجد في شعر للفرزدق أسماء شعراء جاهليين، اذ يقول: وهب القصائد لي النوابغ اذ مضوا  وأبو يزيد و ذو القروح و جرول

والفحل علقمة الذي كـانـت لـه  حلل الملوك كلامـه لا ينـحـل

وأخو بني قيسٍ وهن قـتـلـنـه  ومهلهل الشـعـراء ذاك الأول

والأعشيان كلاهمـا ومـرقـش  وأخو قضاعة قولـه يتـمـثـل

وأخو بني أسد عبـيدُ إذ مـضـى  وأبـو دوُاد قـولـه يتـنـخـل

وابنا أبي سلمى زهـير وابـنـه  وابن الفريعة حين جدّ المـقـول

والجعفري وكان بشـر قـبـلـه  لي من قصائده الكتاب المجمـل

ولقد ورثتُ لآل أوسٍ منـطـقـاً  كالسم خالط جانبيه الحـنـظـل

والحارثي أخو الحمِاس ورثـتـه  صدعاً كما صدع الصفاة المعول

ونجد في شعر "جرير" الذي نقض على الفرزدق قصيدته المذكورة، وفي شعر "سراقة" البارقي، ذكراً لأسماء بعض الشعراء الجاهليين إذ يقول: ولقد أصبت من القريض طريقةً  أعيت مصادرها قرين مُهلهـل

بعد امرئ القيس المُنوّه باسمـه  أيام يَهٌذي بالدخول فحـومـل

وأبو دُواد كـان شـاعـر أمةٍ  أفَلَتٌ نجومهم ولـمّـا يأفـل

وأبو ذؤيب قد أذل صعـابـه  لا ينصبك رابض لـم يذلـل

وأرادها حسان يوم تعرضـت  بردى يصفق بالرحيق السلسل

ثم ابنه من بعده فتمـنـعـت  وإخالُ أن قرينه لـم يخـذل

وبنو أبي سُلمى يقصر سعيهـم  عنّا كما قصرت ذراعاً جَرول

واذكر لبيداً في الفحول وحاتماً=يلومك الشعراء إن لم تفعل ومُعقِّرا فاذكر وإن ألـوى بـه  ريب المنون وطائر بـالأخـيل

وأمية البحر الذي في شـعـره  حكم كوحي في الزبور مُفصل

واليذمري على تقـادم عـهـده  ممن قضيتُ له قضاء الفيصـل

واقذف أبا الطحمان وسط خوانهم  وابن الطرمة شاعر لم يُجهـل

لا والذي حجت قـريش بـيتـه  لو شئت إذ حدثتكـم لـم آثـل

ما نال بحري منهم من شـاعـرٍ  ممن سمعت به ولا مستعجـل

وجمع رواة الشعر شعر الشعراء الجاهليين وأخبارهم من موارد متعددة، من الشعراء انفسهم، مثل الحطيئة الذي ادرك الإسلام، ومثل حسان وبقية الشعراء، وبما حفظوه من شعرهم، وبما استحسنوه من اشعارهم، كما مونوهم بأخبارهم التي بقيت عالقة في اذهانهم عن الجاهلية، وعن ايامهم في الإسلام. كما جمعوا اخبارهم من أبناء الشعراء الجاهليين ومن ذوي رحمهم وآلهم، ونجد في كتب الأخبار والأدب أخباراً كثيرة من شعراء جاهليين، نقلها الرواة من ابناء أولئك الشعراء، أو من ذوي قرابتهم، فقد جاء قسط كبير من شعر الشاعار "تميم ابن مقبل" عن ابنته أم شريك، وجاء جزء من شعر "حاتم" وأخباره عن ابنه "عدي".

وأخذ الرواة شعر الشعراء الجاهليين من قبائلهم كذلك، فقد كان القبيلة من يحفظ شعر شعرائها أو شعر البارزين منهم. وقد رأينا كيف استعزت تغلب بقصيدة "عمرو بن كلثوم"فكانت ترددها دوماً حتى عيبت على ذلك، وكان في القبائل الاخرى من حفظ شعر شعرائها، ونجد كتب الأدب والأخبار تنص على اسمائهم، فتذكر اسم الشخص، وتنص على اسم قبيلته، وقد تذكر جملاً مثل "سمع أشياخاً من طئ"، أو "حدثني الطائيون"، وأمثال ذلك، من جمل تنص على أسم المورد الذي استقى منه الرواية خبره أو شعر الشاعر من القبيلة.

كتاب الشعر والشعراء لابن قتيبة "276ه"، اسماء شعراء جاهليين، وقد أخذا علمهما بهم ممن تقدم عليهم فألف قبلهم في موضوع الشعر والشعراء، ودون "اليعقوبي" في تأريخه جريدة بأسماء شعراء العرب، وقد جعل أولهم "امرئ القيس"، وذكر "النابغة" الذبياني بعده، وانتهى بالمخضرمين، ولكنه لم ينص على اسم المورد الذي أخذ تلك الاسماء منه.

ولا نجد بين أسماء الشعراء الجاهليين اسم شاعر واحد نظم شعره وعاش في العربية الجنوبية أو نظم بلهجة متأثرة باللهجات العربية الجنوبية، فأكثر من ذكروهم من الشعراء انما هم من الشعراء الذين قضوا أكثر حياتهم خارج العربية الجنوبية، وقد كان في هذه العربية شعراء ولابد، فليس من المعقول خلوها من الشعر والشعراء، ولكن علماء العربية لم يعتنوا إلا بشعراء القبائل التي احتكوا بها والتي أخذوا العربية عنها، والتي اعتبروا لسانها من افصح ألسنة العرب، فضاع بسبب ذلك شعر القبائل التي كانت بعيدة عنهم أو التي كان لسانها بعيداً بعض البعد عن العربية التي ارتضوها والتي نزل بها القرآن الكريم.

ولا نجد في الشعر الجاهلي الواصل الينا شعراً نظم في أغراض دينية وثنية، أي في عبادات القوم قبل الإسلام، اللهم إلا ما نسب إلى بعض الشعراء الأحناف من شعر فيه تحنف، وإلا ما نسب إلى بعض آخر من شعر فيه اشارات عابرة إلى عقائد يهودية أو نصرانية. أما شعر وثنى خالص، من شعر فيه ترنيم بالأصنام والأوثان، وتحميد لها وتقديس، أو وصف لطقوس دينية وثنية، فهو شعر لم يصل الينا منه شئ، وسبب عدم وصوله الينا هو الإسلام، الذي اجتث ما يمت إلى الوثنية بصلة قريبة، وقضى عليه، فأمتنع المسلمون من رواية هذا النوع من الشعر.

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق