إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 3 فبراير 2016

1717 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الرابع عشر بعد المئة الحرف الصياغة


1717

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي     
 
الفصل الرابع عشر بعد المئة

الحرف

الصياغة

و "الصائغ"، من يحترف الصياغة، وذلك في اللهجة العربية الشمالية، ويشتغل في صياغة الذهب والفضة. وقد كان بين أصحاب الرسول من احترف هذه الحرفة. وقد ورد عن أبي رافع الصائغ إن عمر بنْ الخطاب كان يمازحه بقوله: "أكذب الناس الصواغ، يقول اليوم وغدا". وكلام عمر بن الخطاب هذا يدل على أن الصاغة لذلك العهد كانوا يخلفون ايظا في المواعيد، ولا يحافظون على الأوقات.

وقد تحدث بعض الكتبة اليونان عن أثاث وحلي مصنوعة من الذهب والفضة، ذكروا أن السبئيين كانوا يستعملونها في بيوتهم، ولكننا لم نقف على شيء مهم من ذلك، إلا قطعاً متاكلة من المعدن وصلت الينا، لتتحدث عن عمل الصاغة والحدادين في العربية الجنوبية. وأكثرها من المصنوعات المصنوعة من البرنز فلدينا مصباح من البرنز مصاب ببعض العطب، عثر عليه في "شبوة"، على طرفه جسم "أيل" جميل، صنع وكأنه متهيء للوثوب. وهناك قصة أخرى تمثل احداها جملاً، وأخرى حصانا، كما عثر على عصي مصنوعة من البرنز، وعلى ألواح من هذا المعدن أيضاً، عليها كتابات. وهي محفوظة في المتاحف الأوروبية. وهذا الذي عثر عليه هو شيء قليل بالطبع بالنسبة الى ما سيعثر عليه، متى سمح للآثاريين بالبحث عن الآثارو الكشف عن المطمور في جزيرة العرب ، ولا سيما في العربية الجنوبية حيث تشاهد تلول من الأتربة منشرة تضم تحتها كنوزاً ثمينة من الآثار.

ويقال للذهب الأنضر، وقد ذكر بعض، علماء اللغة أن لفظة النضر. اسم للذهب والفضة، وكذلك النضار. أما النضرة فإنها السبيكة من الذهب. ونضار الجوهر الخالص، من التبر.

وتد عرف التبر، بأنه الذهب كله، وقيل: هو من الذهب والفضة وجميع جواهر الأرض من النحاس والصفر والشبه والزجاج وغير مما استخرج من المعدن قبل أن يصاغ ويستعمل. وقيل: التبر هو الذهب المكسور، وقيل الفتات من الذهب والفضة قبل أن يصاغا، فإذا صيغا فهما ذهب وفضة. وورد التبر ما كان من الذهب غير مضروب فإذا ضرب دنانير فهو عين. وقد يطلق التبرعلى غير الذهب والفضة من المعدنيات كالنحاس والحديد والرصاص، وأكثر اختصاصه بالذهب. وورد في الحديث: الذهب بالذهب تبرها وعينها، والفضة بالفضة تبرها وعينها. وأما "الجذاذ"، فإنه حجارة فبها ذهب، أي الحجر الذي يقلع من مناجم الذهب، ثم يسحن بالمساحن لاستخلاص الذهب من المواد الاخرى. والمسحنة حجر يدق به حجارة الذهب.

والحلي، ويراد بها ما يزي به من مصوغ المعدنيات أو الحجارة ، هي من أهم أعمال الصائغ عند الجاهليين، يقوم بصنعها من الذهب أو الفضة، ويزينها ببعض الحجارة في بعض الاحيان. وقد اشتهر "بنو قينقاع" في منطقة "يثرب" بإجادتهم حرفة الصياغة واتقانهم لها. ومن هذه الحلي ما يعلق على الصدر، ومنها ما يوضع في الأيدي أو في الأصابع ومنه ما يوضع حول الساق. وما يعلق في مواضع أخرى من الجسد مثل الأذنين أو الأنف أو على الجبين، كما إن بعضه مما يحلى به الحيوان أو الأشياء النفيسة في البيت.

ومن الحلي المشهورة عند الجاهليين، القلادة. وتصنع من الذهب أو الفضة في الغالب، وقد تكون من ربط حجارة أو عظام أو خرز بعضها إلى بعض.

وتربط حول العنق، وتتدلى على الصدر. على أن القلادة في اللغة لفظة عامة تطلق على أمور كثيرة. وقد كان الجاهليون يضعون قلادة في عنق البدن، مثل عروة مزادة، أو خلق نعل،أو غير ذلك، ليعلم أنها هدي. كما كانوا يقلدون الإبل بلحاء شجر الحرم، ويعتصمون بذلك من أعدائهم.

والأسورة من أدوات الزينة كذلك. وقد استعملها أهل الجاهلية، تضعها المرأة في يديها. ويذكر علماء اللغة أن "السوار" لفظة معربة،عربت من الفارسية وأصلها في الفارسية "ستوار"، فأخذها العرب وعربوها. واشتقوا منها "سوّرت الجارية" و "جارية مسوّرة". على أن بعض المحاربين كانوا يستعملون الأسورة، ويتباهون بها في الحروب.

وأما "العصمة"، فقيم ل إنها القلادة، وقيل إنها شبه السوار، توضع حول اليد. وأما المعصم، فإنه موضع السوار من اليد أو الساعد. وأما القرط، فمن حلي الاذن يعلق بشحمة الاذن ، سواء أ كَان درّ ة أم ثومة من فضة أم معلاقاً من ذهب.

والخلخال من أدوات الزينة التي يستعملها النساء، يوضع على الساق يصاغ من الذهب أو الفضةْ. وقد يحشى بالقار، كما تحشى الأسورة أيضا في بعض الأحيان لتبدو غليظة. ويستعمل القير والقار في طلي السفن، لمنع الماء من الدخول فيها. والعرب تسمى الخضخاض قاراً، وهو قطران وأخلاط تهنأ بها الإبل. وقد ذكر انه صعد يذاب، فيستخرج منه القار. ولا يزال أهل البادية والقرى يتحلون بالخلخال. وللاجراس الصغيرة التي تعلق به رين خاص ونغمات. وهو من أدوات الزينة المستعملة بين شعوب الشرق الأوسط منذ القديم. وقد أشير اليه في التوراة.

وقد نهى الإسلام تبختر النساء بالخلخال، واثارتهن نغماتها، في ذلك من اثارة للرجال وتأثير عليهم.

والخاتم من عمل وصنع الصائغ، وهو من حلي الاصبع. ويحلى بالحجارة الكريمة في الغالب، مثل الياقوت والماس والشذر وغير ذلك. ويستعمل الخاتم للختم كذلك أي للطبع بدلاً من التوقيع، وذلك بحفر رمز أو كلمة أو عبارة أو اسم صاحب الخاتم على الخاتم، فإذا أريد كتابة كتاب أو تصديق قرار أو وثيقة ختم به على الشيء المراد ختمه، فيقوم اذ ذاك مقام التوقيع والاعتراف بصحة المذكور. ويقال لما يوضع على الطينة وما يختم على اللبنة الخاتم كذلك. ولذلك عد الخاتم عند الشعوب القديمة رمزاً للتفويض والتصديق والملك. وختم الملك، يدل على ارادة الملك ورضائه وأمره. ولذلك قيل: خاتم الملك.

وقد يصنع الخاتم من الشبه أو الصفر أو الحديد، ويعمل على صور وأشكال متعددة متنوعة. وقد كان خاتم رسول الله من حديد ملوي، عليه فضة. وفي المتاحف وعند الناس عدد كبير من الأختام،عثر عليها في مواقع متعددة من جزيرة العرب. وهي تكون عند علماء الآثار لدراسة خاصة، لما كان لها من أهمية عند الشعوب القديمة ولما في بعضها من دقة في الصنعة ومن تفنن وابداع. وبعض هذه الأختام مستورد من الخارج وبعضه متأثر بالاختام الأجنبية، مثل الأختام العراقية أو الأختام اليونانية أو الفارسية.

ويقوم الصائغ بعمل الزينة للرأس، ومنها التيجان. وقد كان ملوك الحيرة يضعون التيجان على رؤوسهم. وقد ورد في شعر لمالك بن نويرة أن تاج النعمان بن المنذر كاد من الزبرجد والياقوت والذهب.

ومن حلي النساء الفتخ والخرُص والسخاب والحلق. وقد حلي بها الأولاد كذلكْ. وكذلك المسكة من ذهب والسلسلة والأطواق والأجراس والجلاجل. ويراد بالفتخ الخواتيم الضخام. يكون في اليد والرِ جل، بفص وبغير فص. وقيل الخاتم اياً كان، أو حلقة من فضة. وأما المسكة، فسوار من ذبل أو عاج، فإذا كانت من غيرهما أضيفت الى ما هي منه. وتوضع السلسلة في العنق، وأما الأجراس فتوضع في الأرجل.

ومن الحلي: "الحُبلة"، ضرب من الحلي يصاغ على شكل ثمرة "الحبلة" يوضع في القلائد في الجاهلية.

ويقال للنقوش والزينة المزوقة والتصاوير المموهة بالذهب "الزخرف". وذكر علماء اللغة أن "الزخرف " الذهب، وهو الأصل، ثم قيل لكل زينة زخرف، وكذلك كل شيء موّه به. قد ورد في كتب الحديث والأخبار أن الكعبة كانت قد زينت بالزخرف، أي بنقوش وتصاوير، وكانت بالذهب. فلما كان يوم الفتح، لم يدخل الرسول الكعبة، حتى أمر بالزخرف فنحي، وبالصنام فكسرت، فدخل بعد ذلك الكعبة.

وقد ألف أهل مكة وغيرهم استعمال الآنية المصنوعة من الذهب والفضة" فاستعملوا الاكواب والاباريق والكؤوس والقوارير والأواني، وبعضها عليه صور مرسومة أو محفورة. وقد أشر في القرآن الكريم إلى هذه الأواني، وذكرت في كتب الفقه، وقد ورد النهي عن الشرب بأواني الذهب في الحديث ، وفي ذلك دليل على وجودها واستعمالها عند العرب قبل الإسلام.

وقد ذكر علماء اللغة أن من الأواني المستعملة من الفضة الجام ، وعرفوا الكوب بأنه كوز لا عروة له، أو هو المستدير الرأس الذي لا خرطوم له. وقد ذكر في شعر عدي بن زيد العبادي ، وفي شعر نفر آخر من الشعراء الجاهليين ممن ألفوا الحضارة. وورد "أكواب" جمع "كوب" في القرآن الكريم، دليل على استعمال أهل مكة للاكواب.

واللفظة من الألفاظ المعربة عن اليونانية. وتقابل لفظة Cup في الانكليزية. وقد أخذت من هذا الأصل اليوناني.

والكوب، هو في معنى "كوس" عند العبرانيين، أي كأس في عربيتنا. وتصنع الكؤوس من المعدن، كما تعمل من الطين. وعملت كؤوس الملوك وكبار الأغنياء من الذهب والفضة. ولبعضها يد أو علاّقة ليحمل الكأس بها. وقد ذكرت لفظة "كأس" في القرآن الكريم.

واستعمل أهل مكة الاباريق المصنوعة من الذهب والفضة كذلك. وقد ذهب علماء اللغة إلى إن لفظة "ابريق" لفظة معربة، أصلها فارسي هو: "آب رى". وقد وردت لفظة "الاباريق" في القرآن، كما وردت لفظة "ابريق" في شعر منسوب إلى عدي بن زيد العبادي.

وأخذ تجار مكة من الفارسية بعض الألفاظ الحضارية التي لها علاقة بالصياغة، بحكم اتصالهم بالعراق، مثل لفظة "زركش"، وهي من أصل فارسي معناه الراسم والناقش على الذهب.

وصاغ الصياغ خرزاً من الفضة، جعلوها على أمثال اللؤلؤ، وعرفت عندهم باسم "الجمان". وقد وردت لفظة "جمانة" في شعر منسوب للبيد. وذكر الجواليقي أن اللفظة معربة من أصل فارسي، وانها تكلمت بها العرب قديماٌ.

ويصنع الصائغ اطارات للمرائي، جمع المرآة، وهي ما تراءيت فيه،وما ترى فيه صور الأشياء. وقد يصنع الصائغ المرآة على هيأة سبيكة مصقولة من الفضة إذا نظر إليها بان وجه الإنسان.وقد ذكر العلماء نوعاَ من المرائي، دعوه "السَجنجل"، وقد وردت هذه اللفظة في معلقة امرىء القيس،وذكر العلماء أن اللفظة معربة من أصل رومي.

وقام الصائغ بعمل كل ما طلب منه، فعمل قبيعة السيف من الذهب والفضة وزين السيوف بالذهب والفضة، بل صنع بعضهم أنوفاٌ من ذهب لمن أصيبت أنوفهم. فذكر أن صائغاً صنع أنفاً من ذهب لعرفجة بن سعد،وكان قد أصيب أنفه يوم الطلاب في الجاهلية.

وزينت الدروع و الدرق بالذهب كذلك. ووجد الصائغ عملاً مهماً له في المعابد، اذ أمدها بزخارف مموهة بالذهب وضعت على أبوابها وعلى الأماكن المقدسة فيها. كما أمدها بالتماثيل المصنوعة من الابريز وبالقناديل والمصابيح المصنوعة من الذهب و الفضة.

ومن أدوات الصاغة المهمة التي يستعملونها في صناعتهم "الحماليج"، وهي المنافيخ، وتستخدم فيَ إيقاد النار وفي زيادة لهبها كي تتمكن من صهر المعدن أو جعله ليناً ليحوله الصائغ على الشكل الذى يريده.

ومن الأدوات المصنوعة من الحديد ومن النحاس والبرنز أيضاً "التور"و "الطست" و "الطاجن"، وهي أوان يوضع فيها الماء في الغالب. وذكر بعض علماء اللغة انها كلها ألفاظ معربة من الفارسية.

وقد عرف التور بأنه إناء من الأواني، وقيل انه إناء من صفر أو حجارة كالإجانة وقد يتوضأ منه.

ومن الأدوات التي يصنعها النحاسون "القمقّم". ذكر بعض علماء اللغة انه الجرة أو ما يستقى به من نحاس. واللفظة ما تزال حية معروفة في العراق، تطلق على وعاء يوضع في " ماء الورد، يسكب منه في المآتم خاصة.

وقد اشتهرت بعض مواضع اليمن بالمعادن، وتعرف الأرضين المحتوية على خاماتها ب "معْدن" عند أهل الأخبار. ويذكر بعد هذه اللفظة اسم المكان الذي يوجد فيه المعَدن ثم نوعه، فقد ورد مثلا "معدن عشم" و "معدن ضخكان"، وقد اشتهرا بالذهب. وذكر إن ذهبهما من النوع الجيد الجليل. أما "معدن القفاعة"، ففيه ذهب كذلك، لكنه دون ذهب المعدنين المذكورين، وهو خير من ذهب "معدن بني محيد".

وقد استغل الناس مناجم الذهب والفضة والحديد، وعثر عند بعضها على أدوات استخدمت في إذابة المعدن، لاستخلاصه من المواد الغربية العالقة به. وقد ذكر "فؤاد حمزة" في كلام على جبل "تهلل" بجوار السودة في عسير، وبه معدن الحديد ، أنه عثر فيها على اثار عشرات النقر لإذابة المعادن. وقد كانوا يضعون خام الحديد المستخرج من منجمه في هذه النقر ومعه، الخشب والاغصان التي توقد لايجاد النار الكافة لإذابة المعدن واستخلاصه من المواد الغريبة المختلطة في خامه. فإذا ذاب المعدن وخلص من المواد الغريبة التي كانت ممتزجة به، عولج معالجة خاصة لتنقيته ولاستخراج فحمه والمواد الأخرى التي تجعله هشاً قابلاٌ للكسر والثلم بسهولة. وقد يعالج جملة مرّ ات ا إن أريد استعماله في أمور تستدعي استعمال حديد نقي صاف في مثل السيوف الجيدة التي يجب صنعها من هذا الحديد.

واستعمل الأتون أيضاً في إذابة المعادن لتنقيتها وإذابتها ولإحالتها إلى الشكل المطلوب. وتوقد النيران في أسفل الأتون، لتذيب المعدن وتحيله إلى سائل يسيل من فتحة تقع في جانبه ليحوله المعدن إلى الشكل الذي يريده. ويخرج الدخان من فتحة تكون في نهاية مرقد النار، وتقوم هذه المدخنة في تهوية الموقد في الوقت نفسه. وطريقة إذابة المعادن وتنقيتها هذه، معروفة عند الرومان واليونان والفرس والعبرانيين. ويطلق العبرانيون على الأتون، لفظة "اًتون" كذلك.

وأشير إلى معادن أخرى في اليمن، منها: الفضة، وقد وجد في "معدن الرصاص"، موضع بين "فهم" من همدان، بين خولان العالية ومراد، ومعها الرصاص، وعليه كان اعتماد أهل اليمن. وكان في الموضع قرية تسمى "قرية الرصاص"، وأهلها من العرنيين. وقد ارتدوا، فقتلهم رسول الله. وعرف الرصاص الخالص بالآنك. وقد ذهب بعض الباحثين إلى انها من أصل إرمي هو "أنكو" Anko.

ومن المعادن: الجزع، واليفران، والعقيق، وهو في مواضع عديدة من اليمن، بعضه بعدن أبيض، وبعضه بأرض وادعة بين صعدة والحجاز، وفي نجران وبيجان.

والنحاس، هو "نحشت" في العبرانية. ويعرف ب "صبرو" S iparu في البابلية. ومن هذه اللفظة "الصفر"، المستعملة في العراق بمعنى نحاس. وذكر علماء اللغة أن النحاس ضرب من الصفر والآنية شديدة الحُمرة. وذكروا أن الصفر: النحاس الجيد، وقيل ضرب من النحاس والصفار صانع الصفر وقد عرف المشغلون بالمعادن طريقة خلط المعادن، فاستعملوها في أغراض شتى. فخلطوا بين الفضهّ والرصاص أو النحاس في صنع التي، وهي الفلوس. وكانت في الحيرة على عهد النعمان بن المنذر. وخلطوا الحديد بمعادن أخرى، ليتناسب مع طبيعة الأشياء التي يراد صنعها منه.ويكون خلط المعادن بنسب مقدرة معلومة كي تؤدي الغاية المرجوة منه. ومن هذه المعادن: الشبه. وقد ذكر علماء اللغة أنه ضرب من النحاس يلقى عليه دواء فيصفر.

وفي العربية لفظة "فولاذ"، وتعني معنى في الانكليزية، أي نوعاً خاصاً من أنواع الحديد وتقابل لفظة "فلدو" "بلدو" في السريانية و "فلداه" في العبرانية. ويظهر أن الفولاذ كان معروفاً عند الشعوب القديمة قبل الميلاد. ولم يختلف أهل اليمن القدماء عن أهل اليمن المحدثين في طرقهم البدائية في استخراج المعادن واستخلاصها من خاماتها، ولا يزال أهل اليمن يضرمون النار في الحجارة المحتوية على المعدن، فيسيل المعدن بتأثير الحرارة، فإذا سال سكب عليه الماء، فيبرد، وتتكون قطع منه، يستعان بها في صنع ما يحتاجون اليه من آلات وأدوات.

ولا يزال كثير من سكان جزيرة العرب يمارسون الصناعات على الطريقة القديمة، يعتمدون فيها على الأيدي وعلى الآلات البدائية التي ورثوها من الماضي، فيبغون الأدم على طريقتم الموروثة، ويصنعون سرج الخيل وهوادج الإبل، والأحذية، وينسجون الأنسجة من صوف الأغنام أو الماعز أو الوبر، للملابس، ولبيوتهم التي تنتقل بتنقلهم.

والعطارة من الحرف القديمة المعروفة، وقد ذكرت في التوراة. والعطار وإن كانَ اسمه قد جاء من العطر بسبب تعاطيه بيع الطيب والعطور، يبيع أيضا مختلف الأعشاب والعقاقير والأدوية. فهو صيدلي في الواقع، واليه تأتي وصفة الطبيب تعين الأعشاب والعقاقير التي يحتاجها المريض. وقد كان العطارون يبيعون في مكة ويثرب وأماكن أخرى أنواع العطور والطيوب، وفي جملتها المسك. وقد ضرب الرسول المثل "بصاحب المسك" أي العطار، إذ جعله مثال الجليس الصالح للر جل.

ويبيع العطارون عدة أشياء تستعمل في الطب وفي الطعام، مثل الزعفران والكركم وهو أصغر، وذكر أنه "الهُرد"، وهو عروق يصبغ بها. ومثل "المصطكا"، وهو علك رومي، ويدخل في الأدوية أيضاً.

وقد يحمل العطارون آلتهم معهم، يضعونها في خريطة من أدم، يطلقون عليها "القفدانة" و "القفدان". وهي لفظة فارسية معربة، وتطلق على المكحلة كذلك كما يقول بعض علماء اللغة.

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق