إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 3 فبراير 2016

1712 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الثالث عشر بعد المئة حاصلات طبيعية الدباغة


1712

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
      

الفصل الثالث عشر بعد المئة

حاصلات طبيعية

الدباغة

والدباغة حرفة الدبّاغ، دبغ الإهاب بما يدبغ به. والإهاب ألجلد،من البقر والغنم والوحش، أو هو ما لم يدبغ. وقد استخدم الدباغون في ذلك مواد مختلفة، بعضها بدائية، وعالجوا الجلد قبل دبغه لترقيقه وتنظيفه وصقله. وقد اشتهرت في ذلك جملة مواضع، منها: مدينة "جرش" وهي من مخاليف اليمن من جهة مكة، وقد نسب إليها الأدم المعروف ب "أدم جرش"، و "أدم جرشي"، وهي مدينة تسقى بالآبار، يستخرج منها الماء بالدلاء، على الإبل، وقد فتحت في حياة النبي في سنة عشر للهجرة صلحاً على الفيء، وأن يتقاسموا العشُر ونصف العشرْ. وقد اشتهرت بإبلها كذلك، التي نسبت إليها. ومنها "صعدة"، في مخلاف خولان، وكانت تسمى في الجاهلية "جماع"، وكان بها قصر قديم ضخم. ذكر "الهمداني" انها كورة بلاد خولان وموضع الدباغ في الجاهلية، وذلك انها في موسط بلاد القرظ. وقد اشتهرت أيضاَ بالنصال. ونعتها بأنها "بلد الدباغ في الجاهلية الجهلاء، وهي في موسط بلد القرظ، ربما وقع فيها القرظ من ألف رطل إلى خمسمائة بدينار مطوق على وزن الدرهم القفلة".

والأدم من السلع المهمة المشهورة في تجارة أهل الجاهلية. والأديم، الجسد الذي قد تمّ دباغه. وقيل الجلد ما كان أو أحمره أو مدبوغه، وقيل هو بعد الافيق، وذلك إذا تمّ واحمر. ويدخل في الحرف التي تقوم على تحويل الجلد الى سلع، مثل الأحذية، وصنع القباب. التي تضرب للملوك وللسادة وللاشراف امارة على الرئاسة والسيادة. وتصبغ جلودها بلون أحمر في الغالب. وكانت غالية، لذلك لم يستعملها إلا أصحاب الجاه والمال. فكان سادة مكة إذا نزلوا منزلاً ضربوا قباباً من أدم، وكان حكام عكاظ والسادات الذين يحضرون السوق، يضربون لهم قباباً، وأما سائر الناس، فيضربون لهم بيوت الشعر. وبيوت الشعر أرخص، ثمناً من قباب الأدم.

وقد اتخذ العرب بيوتاً من جلد عرفت ب "القشاعة" و "القشوع"، وذكر بعضهم أن "القشاعة" بيت من أدم. وربما اتخذوا من جلود الإبل صواناً للمتاع. وذكر أن البيت من أدم، هو "الطراف". وهو بيت من بيوت الأعراب ليس له كفاء، قال طرفة بن العبد: رأيت بني غبراء لا ينكرونـنـي  ولا أهل هذاك الطراف الممدد 4

وقد اشتهرت اليمن بدباغة الجلود وبالاستفادة من هذه الجلود في أغراض مختلفة، وبتصدير الجلود إلى أماكن أخرى من جزيرة العرب. ولا تزال اليمن تصنع الجلود على الطريقة القديمة، وتصدرها إلى الخارج، وقد ذكر "ابن المجاور" إن الأديم يدبغ في جميع اقليم اليمن والحجاز، وانهم يبيعونه طاقات بالعدد، وقد اشتهرت مكة يدبغ الجلود كذلك، جلود الجمال والبقر والغزلانْ. واشتهرت الطائف في دباغة الجلود كذلك، وذُكر إن مدابغها كانت. كثيرة، وأن مياهها كانت تنساب الى الوادي فتنبعث منها روائح كريهة مؤذية. وكانوا يدبغون بصورة خاصة الأدم الثقيل المليح. وذكر "الهمداني"، انها "بلد الدباغ، يدبغ بها الأهب الطائفية المعروكة".

وقد ذكر علماء اللغة أسماء مواد كثيرة استعملت في دباغة الجلود، وذكروا أيضاً طرقاً متعددة في كيفية الدبغ وفي أسماء الجلود المدبوغة والمواد التي تصنع من مختلف الجلود. والواقع إن اعتماد العرب الجاهلين على الجلود كان كبيراً، لأنها كانت متيسرة لديهم، وهي أسهل في العمل من الخثسب أو الحديد أو الأشياء الأخرى بالنسبة إلى عمال جزيرة العرب في ذلك العهد.

و "القرظ" من أهم ما استعمل في دباغة الأدم،يجلب فيطحن بحجر الطواحين، ثم يستعمل في الدباغة. ومن "العقيق" يجلب القرظ إلى مكة لاستعماله في الدباغة. وقد أشار بعض الأخباريين إلى ضخامة حجر الطواحين التي يطحن بها القرطْ. واستعمل "الغرف" في الدباغة كذلك.وعرفت الجلود التي تدبغ به بالجلود الغرفية، ومنها جلود يمانية وجلود بحرانية. وسقاء غرفي دبغ بالغرف. وكذلك مزادة غرفيه.

ومن المواد التي استعين بها في دباغة الجلد: "الدهناء". وهي عشبة حمراء لها ورق عراض يدبغ به، و "القرضم" قشر الرمان، ويدبغ به. و"الشث" نبت طيب الريح مر الطعم يدبغ به، قيل ينبت في جبال الغور وتهامة ونجد. وذكر بعضهم "الشب" في جملة ما كان يدبغ به. و "الأرطى" شجر دبغ به، وعرف الجلد الذي يدبغ به بي "المأروط" وب "الأرطى"، وب "أديم مرطى".

وعرف الجلد الذي يدبغ بغير "ألقرظ" ب "الجلد الحوري". و "الأفيق" الجلد الذي لم يتم دباغه، أو الأديم دبغ قبل أن يخرز أو قبل أن يشق. وقيل هو ما دبغ بغير القرظ والأرطى وغيرهما من أدبغة أهل نجد، وقيل هو حين يخرج من الدباغ مفروغاً منه، وقيل رائحته، وقيل ما يكون من الجلد في الدباغ.

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق