إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 3 فبراير 2016

1733 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الحادي والعشرون بعد المئة الخط العربي أصل الخط


1733

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي     
        
الفصل الحادي والعشرون بعد المئة

الخط العربي

أصل الخط

ولقد اهتم المسلمون في موضوع أصل الخط عند البشر وفي منشئه وكيفية ظهوره. وذهبوا إلى إن أول من وضع الخطوط آدم، كتبها في طين وطبخه، فلما أظل الأرض الغرق أصاب كل قوم كتابهم. وقيل "أخنوخ"، وهو "ادريس". وقالوا: " كان ادريس النبي عليه السلام أول من خط بالقلم وأول من خاط الثياب ولبسها، وكان من قبله يلبسون الجلود". وعرف عندهم ب "هرمس الأول"، "وهو المثلث النعم، فإنه كان قبل الطوفان. ومعنى هرمس لقب، كما يقال قيصر وكسرى. وتسميه الفرس في سيرها اللهجد، وتفسيره ذو عدل. وهو الذي تذكر الحرانية نبوته، وتذكر الفرس أن جده كيومرث، وهو آدم. ويذكر العبرانيون أنه أخنوْخ، وهو بالعربية ادريس". وقالوا: "إن ادريس أول من درس الكتب، ونظر في العلوم، وأنزل الله عليه ثلاثين صحيفة، وهو أول من خاط الثياب ولبسها". وذكروا أنه عرف ب "هرمس الهرامسة"، تمييزاً له عن "هرمس الثاني"، وهو "هرمس البابلي"، وعن "هرمس الثالث"،وهو "هرمس المصري". وانه هو باليونانية أرميس وعرب بهرمس. ومعنى أرميس عطارد وانه بالعبرانية "خنوخ"وعرُب "أخنوخ". وسماه الله في كتابه العربي المبين ادريس. وان معلمه اسمه "اغثاذ بمون"المصري. إلى غير ذلك من قصص نجده في كتب أهل الأخبار.

وهو في زعم أهل الأخبار "أخنوخ بن يارد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش ابن شيت ين آدم". ومولده بمصر في مدينة "منف". ووصفوه وصفاً كأنهم كانوا معه وقد شاهدوه وجالسوه، فقالوا: " كان عليه السلام رجلاً آدم اللون تام القامة، أجلح، حسن الوجه، كث اللحية، مليح التخاطيط، تام الباع، عريض المنكبين، ضخم العظام، قليل اللحم، براق العين أكحل، متأنياً في كلامه، كثير الصمت، ساكن الأعضاء، إذا مشى أكثر نظره إلى الأرض، كثير الفكرة، به حدة وعبسة، يحرك إذا تكلم سبابته". وكان كثير الأسفار. زار الهند، وجاء إلى فارس وبابل. وعرف ب "ارمس"عند اليونان. وهو "اسم عطارد. ويسمى عند اليونان أطرسمين". " استخرج سائر الصنائع والفلسفة والطب". وهو. الذي علم "اسقلبيوس"الطب.. وهو أول من تكلم في شيء من الطب على طريق التجربة وامام الطب، وأبو أكثر الفلاسفة.

"وأول من تكلم في الأشياء العلوية من الحركات النجومية، وان جده كيومرث، وهو آدم علمه ساعات الليل والنهار، وهو أول من بنى الهياكل ومجّد الله فيها، وأول من نظر في الطب وتكلم فيه. وانه ألفّ لأهل زمانه كتباً كثيرة، وأشعاراً موزونة وقواف معلومة بلغة أهل زمانه في معرفة الأشياء الأرضية والعلوية. وهو أول من أنذر بالطوفان، ورأى إن آفة سماوية تلحق الأرض من الماء والنار، وكان مسكنه صعيد مصر، تخير ذلك فبنى هناك الأهرام ومدائن التراب، وخاف ذهاب العلم بالطوفان فبنى البرابي، وهو الجبل المعروف بالبرابر بأخميم وصوّر فيها جميع الصناعات وصناعها نقشاً وصوّر جميع آلات الصناع،. وأشار إلى صفات العلوم لمن بعده برسوم حرصاً منه على تخليد العلوم لمن بعده، وخيفة أن يذهب رسم ذلك من العالم".

ونسبوا له النبوة والقول بالتوحيد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحض على الزهد والعدل والصيام أياماً معروفة في كل شهر والجهاد على الأعداء وايتاء الزكاة معونة للضعفاء، وغلظ عليهم في الطهارة من الجنابة والحمار والكلب. وحرّم المسكر من كل شيء من المشروبات، وشدد فيه أعظم تشديد، وجعل لهم أعياداً كثيرة، وقربانات. ورتب الناس ثلاث طبقات: كهنة وملوكاً ورعية. وجعل مرتبة الكاهن فوق مرتبة الملك، لأن الكاهن أقرب إلى الله من الملك والرعية.

و "هرمس"من "أرمس" Ermis، اسم إلَه من آلهة اليونان. ويقابل الإلَه "تحوت" Thot عند قدماء المصريين. وينسب المصريون إليه اختراع كل علم. ويقابل " Mercurius عند الرومان. وهو "عطارد" عند العرب.وقد عرف عند المسلمين ب "هرمس المثلث النعم"وب "المثلث النعم"، وقد أخذ ذلك عن اليونانية، إذ لقب فيها ب "طريسميجيسطيس" Hermis Trismegistes ومعناه ثلاثي التعليم. وقد عرّبوه فجعلوه "اطرسمين". وقد وقف المسلمون على قصص قديم شاع بين البابليين والمصريين والعبرانيين واليونان والرومان والفرس عن أصل المعرفة وكيف ظهرت بين البشر، فمزجوا بينها وجسّموها في قصص ادريس. وفي جملة ذلك اختراع الكتابة، فنسبوها إليه.

ولأهل الأخبار آراء في كيفية ظهور الكتابة عند كل امة من الأمم. أخذوها من أهل الكتاب أيضاً ومن القصص والأساطير. فذكروا مثلاً إن الله أرسل ملكاً اسمه "سيمورس"، علم آدم الكتابة السريانية، على ما في أيدي النصارى. وتفرعت منها ثلاثة أقلام، وهي: المفتوح ويسمى اسطرنجالاً، وهو أجلهّا وأحسنها، ويقال له الخط الثقيل ونظيره قلم المصاحف. والتحرير المخفف، ويسمى اسكوليثا، ويقال له الشكل المدور، ونظيره قلم الوراقين. والسرطا وبه يكتبون الترسل، ونظيره في العربية الرقاع. وذكروا إن أول من كتب بالفارسية "جم الشيد بن اونجهان""جمشيد""جم شيد"، "وكان ينزل أسان من طساسيج تستر، فزعمت الفرس انه لما ملك الأرض ودانت له الجن والارض وسخر له ابليس، أمره ان يخرج ما في الضمير إلى العيان فعلّمه الكتابة، وزعموا إن أول من كتب بالعبرانية عابر بن شالخ، وضع ذلك بين قومه فكتبوا يه. وزعموا إن اليونان لم يكونوا يعرفون الخط حتى ورد رجلان من مصر، يسمى أحدهما قيمس والاخر أغنور ومعهما ستة عشر حرفاً، فكتب بها اليونانيون،ثم استنبط أحدهما أربعة احرف، فكتب بها. ثم استنبط آخر يسمى سمونيدس أربعة أخر، فصارت أربعاً وعشرين.

ترى مما تقدم أن أهل الأخبار أخذوا أخبارهم المتقدمة عن نشوء الخط، من اهل الكتاب ومن الأساطير المترسبة من القصص الساذج القديم الذي كان شائعاً عند الشعوب القديمة، ثم صاغوه صياغة اسلامية،دون نقد ولا تمحيص، ومراجعة لاستخراج عناصر السذاجة والخرافات منها، وسبب ذلك أن ملكة النقد كانت هزيلة عندهم، وقد تقبلت كل ما سمعته من "أهل العلم الأول" دون نقد ولا تمحيص، تقبلت حتى الخرافات والأباطيل المخالفة لأبسط قواعد المنطق والعقل.

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق