إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 3 فبراير 2016

1735 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الثاني والعشرون بعد المئة المسند ومشتقاته



1735


( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي     
        
الفصل الثاني والعشرون بعد المئة

المسند ومشتقاته

والمسند من الأقلام العتيقة، وهو أعتق من القلم النبطي المتأخر، وهو أقدم الأقلام التي عرفت في جزيرة العرب حتى الآن. وقد أظهرت الاكتشافات الحديثة إن استعماله لم يكن قاصراٌ على اليمن حسب، بل لقد كان القلم المستعمل في كل أنحاء بلاد العرب. وقد استعمله العرب في خارج بلادهم أيضاً،لأنه قلمهم الوطني الذي كانوا به يكتبون فعثر في موضع قصر البنات على طريق "قنا"على كتابات بهذا القلم، كما عثر على كتابة بهذا القلم كذلك بالجيزة كتبت " في السنة الثانية والعشرين من حكم بطلميوس بن بطلميوس". وهي ليست بعد سنة "261" قبل الميلاد بأي حال من الأحوال. وعثر على كتابات بالمسند في جزيرة "ديلوس"من جزر اليونان.

وذكر السائح الانكليزي "وليم كنت لوفتس" William Kennett Loftus انه لاحظ فجوة في "وركاء" Uruk في العراق، فبحْث فيها، فتبين له انها كانت قبراً وجد في داخله حجر مكتوب بالمسند، فيه: إن هذا قبر "هنتسر بن عيسوبن هنتسر".

ولهذه الكتابة المدونة بالمسند، أهمية كبيرة جداً، لأنها أول كتابة وجدت بهذا الخط في العراق. وهي تشير إلى الروابط الثقافية التي كانت بين اليمن والعراق، والى وجود أشخاص في هذا المكان كانوا يستعملون المسند، سواء اكانوا عراقيين أم يمانيين.

وقد عثر على كتابات بالمسند في مواضع من الحجاز، ويظهر أنه كان قلم الحجازيين قبل الميلاد. وقد وصل هذا القلم إلى بلاد الشام. فقد عثرت بعثة علمية قامت بأعمال الحفر في ميناء "عصيون كبر." "عصيون جابر" Ezion Geber على جرار عليها كتابات بحروف المسند رأى بعض العلماء أنها معينية، تفصح عن الأثر العربي في هذا الميناء المهم الذي حاول سليمان أن يجعله ميناء اسرائيل على البحر الأحمر.

ويظهر من روايات أهل الأخبار أن غير اهل اليمن، لم يكونوا يستعملون المسند في كتابتهم، ولا يتعاطونه، كالذي يستفاد من قصة "قيسبة بن كلثوم السكوني"، وكان ملكاً وقع في أسر بني عامر بن عقيل، فذكر انه كتب بالسكين على مؤخرة رجل أبي الطمحان حنظلة بن الشرقي احد بني القين بالمسند، يخبر قومه بوقوعه في.الأسر. ولم يكن أحد من غير أهل اليمن يكتب بالمسند، فلما قرأه القوم، ساروا إلى بني عامر، وفتكوا بهم، وأنقذوا قيسبة منهم.

ورواية أهل الأخبار هذه لا يمكن أن تكون دليلاّ على عدم وقوف غير اهل اليمن على المسند في العهود البعيدة عن الإسلام. ولا على عدم استعمالهم لذلك القلم في حياتهم اليومية، لأن علم أهل الأخبار بأحوال الجاهليين لا يرتقى كما سبق أن قلت إلى عهود بعيدة عن الإسلام، ولأن في أكثر الذي ذكروه عنهم، قصص ونسج خيال، يستوي في ذلك حتى ما ذكروه عن الجاهلية الملاصقة للاسلام، ثم إن في الذي عثر عليه السياح من كتابات مدو"نة بالثمودية أو بأقلام أخرى مشتقة من قلم المسند ما يفند الرواية المذكورة في عدم استعمال غير أهل اليمن للمسند وفي عدم وقوفهم عليه. ويمكن حمل كلامهم في عدم استعمال أهل الحجاز أو غيرهم للمسند على أيام الجاهلية القريبة من الإسلام. حيث ظهر القلم العربي الشمالي.

والرواية لا يمكن أن ترتقي إلى زمن بعيد عن الإسلام. فنحن نعلم إن "حنظلة بن شرقى" المعروف بالطمحان، وهو من "بني القين بن جسر"كان شاعراً فاسقا من المخضرمين. وكان نديماً للزبير بن عبد المطلب في الجاهلية، ثم أدرك الإسلام، ولو صدقنا الرواية المذكورة وأخذنا بها، وجب إن تكون الكتابة قد وقعت قبيل الإسلام، ومعنى ذلك إن "قيسبة" وهو من "بني السكون" كان يكتب بها، أي إن المسند كان معروفاً ويكتب به خارج اليمن في هذا العهد، ولهذا يكون قول "الاصبهاني": "وليس يكتب به غير أهل اليمن"، مغلوطاً، لأن "قيسبة"لم يكن من أهل اليمن، حتى يصح قوله.

وكشفت العروض ونجد وأماكن أخرى عن سر كان العلماء يبحثون عنه في شوق، فقدّمت للعلماء عدداً من الكتابات المدونة بالمسند، وبذلك ثبت علميا إن "المسند" كان معروفا قبل الإسلام في كل جزيرة العرب، وربما كان القلم العام للعرب قبل المسيح، أي قبل ظهور أقلام أخرى ولدت على ما يظن بعد الميلاد.

ففي سنة 1911 للميلاد عثر"الكابتن شكسبير" Capt. W. H. Shakespear على كتابتين بالمسند في موضع "حنا""الحنأة "وفي خرائب "ثج""ثأج"التي تبعد خمسين ميلا تقريباً عن ساحل الخليج و زهاء مئة ميل من شمال غربي القطيف. وقد نشر ترجمة الكتابتين "ماركليوث". وعثر بعد ذلك على كتابة أخرى في موضع "ثج""ثأج"دخلت في ملك أمير الكويت، وقد نشر ترجمتها. "ركمنس"، وهي حجر قبر لشخص من قبيلة "شذب". وعثر على كتابة أخرى في هذا الموضع، وقد بلغ عدد ما عثر عليه في هذا المكان أربع كتابات.

وعثر عمال شركة البترول العربية السعودية الأمريكية "أرامكو"في أثناء الحفر على مقربه من "عين جوان""جون""جاوان "عام 1945 للميلاد على حجر مكتوب تكسرت بعض أطرافه بالمعاول قبل معرفته، اتضح بعد أنه حجر قبر لامرأة يقال لها "جشم بنت عمرت""عمرت"بن تحيو من أسرة "عور" "آل عور"من قبيلة شذب.

واستخرج "كورنول" ؛P.B. Coronwall لوحا مكتوباً بالمسند كان مدفوناً في أحد بساتين القطيف، دفنه اصحاب البستان، وقد ذكر أنه نقل من جزيرة "ثاروت". أو من موضع لا يبعد كثيراً عن القطيف، وقد وجد أن هذا اللوح هو مثل الألواح التي عثر عليها قبلاّ، شاهد قبر، وضع على قبر رجل يقال له "ايليا بن يرخما بن شصر من أسرة سمم من عشيرة ذال من قبيلة شذب". ويرى بعض الباحثين أن صاحب القبر كان نصرانياً، عاش في القرن الخامس أو السادس للميلاد".

وعثر على شاهد قبر آخر مدوّن بالمسند، هو شاهد قبر "شبام بنت صحار ابن عنهل بن صامت"من قبيلة "يدعب"، وجد على مقربة من القطيف. و "يدعب"يطن من بطون قبيلة "شذب". ويظهر إن قبيلة "شذب" كانت من القبائل المعروفة في العروض، وكانت ذات عدد من البطون، ولا تحمل الكتابة تأريخاً، ويرى الذين درسوها أنها تعود إلى القرن السادس للميلاد. واما الرقم الذي ذكر في نهاية النص وهو رقم "90"، فالظاهر انه يشير إلى عمر صاحبة القبر.

هذا ما عثر عليه من كتابات بالمسند في العروض. وأما في أواسط جزيرة العرب وفي باطنها وفي الأماكن التي لم يكن يتصور العثور فيها على أثر لحضارة، فقد عثر فيها على كتابات بهذا القلم كذلك، ولهذه الكتابات أهمية كبيرة ؛ لأنها أول وثيقة تاريخية لا يتطرق إليها الشك، ترد الينا عن هذه المناطق التي لم يرد لها ذكر مفصل عند المؤرخين السابقين، لأنها أول دليل عملي يثبت انتشار هذا الخط في اواسط جزيرة العرب. عثر "فلبي" في هذه المناطق على فخار وآثار أرسلها إلى المتحف البريطاني ظهر انها تعود إلى القرن الثاني قبل الميلاد. ويظن من فحصها انها من آثار السبئيين. كما عثر على كتابات وصور، وبقايا مقابر و عظا م.

وقد صور "فلبي"بعض الكتابات، وصور بعضاً آخر رجال شركة البترول العربية السعودية الذين وصلوا إلى هذه المواضع للبحث عن البترول. وقد وصلت تصاوير عدد منها إلى العلماء فنشروا نصوصها وترجماتها، مثل كتابات "القرية"أو "قرية الفأو"التي سبق أن تحدثت عنها. وقد وجد اسم الصنم "ودّ"مكتوبا بحروف كبيرة بين تلك الكتابات، وحيث أن هذه الكنوز الثمينة إنما عثر عليها ظاهرة على سطح الأرض، وحيث أن الباحثين لم يفحصوا الكهوف فحصاً دقيقاً، ولم ينظفوها من الأتربة والرمال التي في داخلها، فإننا نأمل العثور على أشياء ثمينة ذات بال بالنسبة للتأريخ الجاهلي إذا اهتمت الحكومة العربية السعودية بهذا الأمر، وقامت بتجهيز بعثة علمية من المتخصصين بالأثريات العربية، أو سهلت للعلماء وللبعثات سبل الوصول إليها، وحافظت على تلك الآثار من التلف وعبث العابثين.

ووجد "فلبي" كهوفاً ومقابر في مواضع أخرى من "وادي الفأو"، وقد وجدت حيطان بعض الكهوف "سردب""سرداب"مكسوة بالكتابات "والوسم"والتصاوير المحفورة. ويظهر أن أبنيه ضخمة كانت في هذه الأماكن.

وعثرت شركة "أرامكو"على رأس نحت من الحجر في "القرية" كتب عليه بالمسند أنه "ثار ونفسي علزن بن قلزن غلونن"، أي "اثر وقبر علزان ابن قلزان الغلوني". كما وجدت كتابات بهذا القلم عند جبل عبيد وفي حصن ناطق وفي شمال موضع "خشم كمدة"على مسافة "100" كيلومتر من شمال قرية الفأو في وادي الدواسر، وفي "و ادي هبن""حبن "على "120" ميلاً شمال شرقي عدن. وفي "عين قرية" على "30" ميلا تقريبا من شمال "زفر" وفي "منخلى" في جنوب خشم العرض حيث يعتقد البدو أن هذا الموضع هو بئر من آبار عاد.

لم يفسر علماء العربية سبب تسمية "المسند" مسنداً، وقد قرأت لإسرائيل ولفنسون تعليلاً لتسمية هذا القلم مسنداً، فقال: "والخط المسند يميل إلى رسم الحروف رسماً دقيقأ مستقيما كل على هيأة الأعمدة. فالحروف عندهم على شكل العمارة التي تستند إلى أعمدة. وعلى العموم فإن لحضارة جنوب بلاد العرب عقلية تنحو نحو الأعمدة في عمارة القصور والمعابد والأسوار والسدود وأبواب المدن، ومن اجل ذلك يوجد عندهم ميل شديد لإيجاد حروف على هيأة الأعمدة، أي إن الحروف كلها عبارة عن خطوط تستندّ إلى أعمدة.

وقد تنبه علماء المسلمين إلى شكل هذه الكتابات وأطلقوا عليها لفظة المسند، لأن حروفها ترسم على هيأة خطوط مستندهّ إلى أعمدة".

وهو رأي سبقه إليه "ليدزبارسكي" Lidzbarski إذ أشار إلى أثر العمارة والأعمدة في شكل هندسة حروف الخط المسند وهو تفسير يشبه تفاسير الأخباريين واللغويين للاسماء والأعلام التي لا يعرفون من أمرها شيئاً، فيلجأون إلى الخيال ليبتكر لهم سبباً وتعليلاّ يناسب الكلمة،ويتصورون عندئذ أنهم قد أوجدوا السبب، وأن من يأتي بعدهم سيكتفي بذلك ويأخذ به.

وكذلك كوّنت كلمة "المسند" في مخيلة "اسرائيل ولفنسون"ولدى "ليدزبارسكي"فكرة استناد خطوط الحروف وقيامها بعضها إلى بعض استناد المباني،وقد وجدا من مباني اليمن وقصورها ما قوى هذا الخيال عندهما، مع إن كلمة "المسند" التي تطلق في المؤلفات العربية الاسلامية على خط أهل اليمن قبل الإسلام لا علاقة لها بالقصور والمباني،واستناد أجزاء الحرف الواحد بعضها إلى بعض. وانما تعني شيئاً آخر، تعني خط أهل اليمن القديم لا أكثر ولا أقل. وكلمة "مسند""مزند "في العربية الجنوبية تعني "الكتابة" مطلقاً، وقد وردت في مواضع متعددة من الكتابات والنقوش، فورد في نص أبرهة مثلاً "سطرو ذن مزندن"، وترجمتها: "سطروا هذه الكتابة"، وتؤدي كلمة "سطرو" المعنى نفسه الذي يرد في لغتنا، وهو: "سطروا"، اي كتبوا ودونوا، فكلمة "مزندن"التي صارت "المسند"في عربيتنا تعني في العربية الجنوبية ما تعنيه كلمة الخط أو الكتابة في لغة القران، ولم تكن مخصصة عند اليمانيين بخط حمير، أو غير حمير،وانما حدث هذا التخصيص في المؤلفات الاسلامية فصار فها "المسند" اسم علم لخط حمير وحده. ولا ندري متى حدث ذلك: أحدث في الجاهلية المتصلة بالاسلام "ام في الإسلام ? واذا كان هذا التخصيص قد وقع في الإسلام، فإننا لا نستطيع أيضاً التكهن عن الوقت الذي ظهر فيه هذا.التخصيص، لأننا،لا نملك مصادر اسلامية تشير إلى هذا ولا مؤلفات من صدر الإسلام يمكن إن نجد فيها ما نبحث عنه. ويتألف المسند من تسع وعشرين حرفاً وأبجديته مثل الأبجديات السامية الأخرى من حيث انها تتألف من الحروف الصامتة ولا حركة في الكتابة فيها ولا ضبط في أواخر الكلمات ولا علاقة للسكون او للتشديد. ويفصل بين الكلمة والكلمة التي تليها فاصل هو خط مستقيم عمودي. وقد يكتب الحرف المشدد مرتين كما في اللغات الأوروبية.

ومما يلاحظ على الكتابات المعينية انه لم يطرأ عليها تغيير كبير في العهود التي مرت بها. اما الكتابات السبئية، فيمكن التمييز بين القديم منها والمتأخر في الأسلوب، وفي شكل الكتابة.

وللمسند ميزات امتاز بها عن القلم العربي، فحروفه منفصلة، وهي بشكل واحد لا يتغير بتغير مكان الحرف من الكلمة. فإذا جاء الحرف في أول الكلمة أو في وسطها أو في آخرها، كتب بشكل واحد. وقد جعلت هذه الخاصية هذا القلم ميزة أخرى، هي ميزة الكتابة به من أي جهة شاء للكاتب إن يبدأ بها. فله إن يكتب من اليمين إلى اليسار وله أن يكتب من اليسار إلى اليمين، وله إن يمزج بين الطريقتين، بأن يكتب على الطريقة الحلزونية، من اليمين إلى اليسار" ثم من اليسار إلى اليمين، ثم من اليمين إلى اليسار، أو العكس، وله أن يكتب من أعلى إلى أسفل أو العكس وهكذا، ثم إن حروفه غير متشابهة لذلك لم يعرف المسند الإعجام، ولو كتب له إن يكون قلم المسلمين ليسّر لنا اليوم وقتاً ومالاً في موضوع الطباعة به. ولكنه أبطأ في الكتابة نوعاً ما من الخط العربي لشكل حروفه الضخمة بالنسبة إلى الحروف العربية المختزلة، فالخط العربي يمتاز عليه بهذه الناحية فقط. أما موضوع الشكل، فالمسند غير مشكول،بل يكتب بحروف صامتة فقط.

وفي القرن التاسع عشر وما بعده كشف المستشرقون النقاب عن أقلام أخرى لم يعرفها علماء العربية، هي: القلم الثمودي، والصفوي،واللحياني. وكتابات أخرى كتبت بلهجات محلية عثر عليها في الجوف، وفي الحجر وفي العلا، وفي مناطق أخرى كجبل شيحان، وكوكبان، وجبل سمر، لها بعض الخصائص والمميزات اللغوية. والظاهر إن خط هذه الكتابات كان مستعملاّ بين السواد في الأمور الشخصية.

أما القلم الثمودي، فقد عثر على كتاباته في العربية الغربية، وفي الجمهورية العربية السورية وفي المملكة الأردنية الهاشمية وفي الحجاز، فقد عثر على كتاباته في مواضع متعددة من الحجاز، فيما بين المدينة ومكة وعلى مقربة من الوجه والطائف، وفي "ريع الزلالة"عند السيل الكبير على طريق الطائف مكة. وعثر على كتابات ثمودية في "حائل" وأماكن أخرى من نجد وفي اليمن. وفي هضبات شبه جزيرة سيناء.

هذا وقد عثر على كتابات ثمودية كثيرة في "ربع الزلالة""سيل الغربان"، إلى الشمال من الطائف على مسافة أربعين كيلومتراً منها. وفي وادي "الاب"،وفي مواضع أخرى من الحجاز ونجد، مما يدل على انتشار الثموديين في مواضع واسعة من جزيرة العرب.

وأما القلم الصفوي، فقد عثر عليه في منطقة الصفاة شرقي الشام، وفي بادية الشام، ولا يعني هذا إن هنالك قبائل كانت تسمى قبائل صفوية،لا بل هو اصطلاح أطلقه المستشرقون على الخطوط التي وجدت في ناحية الصفاة، وهي تشتمل على كتابات قريبة من كتابة لحيان وثمود. كما عثر على كتابات صفوية في مواضع من بادية العراق.، ويوجد عدد منها في ملك مديرية الآثار القديمة العامة في العراق. كما عثر على عدد كبير منها في المملكة الأردنية الهاشمية. وقد نشرت نصوص بعض منها في جريدة الآثار للمملكة الأردنية الهاشمية.

والموطن الرئيسي للكتابات اللحيانية هو منطقة العلا، ولا سيما موضع "الخريبة" والصخور الواقعة إلى شرقه، حيث عثر فيها على مئات من الكتابات التي تعود إلى شعب لحيان.

والأقلام الصفوبة والثمودية واللحيانية، مثل المسند، ليس لها علامات لا للفتح ولا للكسر ولا للضم ولا للاشباع ولا لاتحاد الفتحة والواو والباء "أي الإمالة Diphthoneg"الخ..، كما إن حروفها تأخذ صوراً متعددة، فيرد الحرف الواحد في كل قلم من الأقلام المذكورة بصور مختلفة، ولذلك تجابهنا صعوبات كبيرة في محاولتنا قراءة الكلمات والجمل قراءة صحيحة. ويحتاج القارئ إلى مرانٍ طويل ودراسات للهجات العربية الأخرى لضبط الكلمات في هذه اللهجات، ومعرفة معانيها.

وقد لاحظ المستشرقون مشابهة كبيرة بين الأقلام المذكورة وبين المسند، كما وجدوا هذه المشابهة بين عدد منْ الأقلام التي استعملت في غير جزيرة العرب والمسند،وبعد مقابلات بينها ودراسات ذهبوا إلى تفرعها من المسند. وهذه الأقلام المذكورة صورة كلها متأخرة عن المسند، وتعود تواريخ قسم منها إلى ما قبل الميلاد، ومنها ما يعود تاريخه الى ما بعد الميلاد.

ومما يلاحظ على هذه الأقلام اختلاف صور أكثر الحروف فيها، فقد تكون للحرف صورتان، وأحيانا ثلاث صور أو أكثر، غير إن هذا الاختلاف ليس كبيراً في الغالب بحيث يتعذر معه تمييز أشكال الحرف الواحد، ولا تجد فيها الوضوح والبساطة التي نجدها في المسند، كما لا نجد فيها هذه الخطوط المستقيمة المنقوشة بدقة وعناية في الكتابات المعينية أو السبئية أو الحضرمية أو القتبانية أو الحميرية، فكأن كتابهم كانوا يرون العجلة في الكتابة والاسراع في التسطر لضيق الوقت، لذلك لم تكن حروفهم دقيقة واضحة.

وأما الأقلام التي تشبه حروفها المسند. واستعملت عند أقوام عاشوا في أقطار لم تكن من جزيرة العرب، فمنها القلم الحبشي القديم، وقد عثر على كتابات به في منطقة "يحا""بها" Jeha، وهي تمثل أقدم نماذج الكتابات الحبشية،وقلمها هو القلم السبئي القديم، وفي "اكسوم" تعود إلى القرن الرابع للميلاد،وكتابات نصرانية كتبت باللهجة "الجعزية"وتعود إلى القرن الخامس للميلاد. وقد استعملت في هذه الكتابات الجعزية.الأصوات مع الحروف، وبذلك اختلفت عن الأبجديات السامية التي استخدمت الحروف الصامتة حسب، وذلك بإضافة شيء يشبه الحركات في صلب الحروف يقرأ معها ولاتفهم هي بدونها. ومع ذلك احتفظت بالأشكال الأصلية للحروف العربية الجنوبية، ولم تبتعد عنها كثيراً. ويمكن إدراك أثر المسند في الكتابة الحبشية المستعملة في الوقت الحاضر دون كبير عناء.

وذهب كثير من المستشرقين إلى أثر المسند نفسه أو بالواسطة في عدد من الأقلام الأخرى، منها كتابات عثر عليها في إفريقية Meroitische Schrift في إحدى اللهجات الكوشية أو النوبية. والخط البربري القديم الذي يعود إلى أيام قياصرة رومة. والقلم البراهمي " Brahma Script-Devanagri Alphbet"، حيث نلاحظ شبهاً كبير بين حروف هذا القلم والمسند. ولا يستبعد أثر المسند فيه ؛ لأن العلاقات بين العربية الجنوبية والهند كانت قديمة جداً.

يظهر أن المسند كان القلم الرئيسي في جزيرة العرب قبل الإسلام، وأن جزيرة العرب كانت تكتب به قبل المسيح. وأن أقلاماً تفرعت منه قبل المسيح وبعد المسيح، لأسباب لا تزال غير واضحة، وقد.تكون لأشكال الحروف التي تتطلب دقة في الرسم علاقة بذلك، فمال الكتاّب إلى ابتكار اشكال مرنة لا تحتاج إلى عناية في الرمم، فاستخدموها في الكتابة لسهولتها. فتولدت منه الكتابات ا لمذكورة.

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق