1700
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفصل ألعاشر بعد المئة
الاتاوة والمكس والاعشار
والإتاوة: الرشوة والعطاء والخراج، يقال أدى إتاوة أرضه أي خراجها، وضربت عليهم الإتاوة، أي الجباية. وهي ما كان يفرضه الملوك وأصحاب الأرض وسادات القبائل من حقوق على رعاياهم وأتباعهم، ويجبرونهم على أدائها لهم. وهي بالطبع جباية مكروهة، كان الناس يتهربون منها كلما استطاعوا الى ذلك سبيلاً، ويتهربون من رؤية وجوه عمالها، الذين كانوا يكرهونهم كرهاً شديداً لاشتطاطهم عليهم، وتعسفهم بهم، وأخذهم أكثر مما يجب أخذه في أغلب الأحوال،ليأكلوا منها ما يتمكنون من أكله، فقد كانت الجباية من موارد الرزق الحرام والكسب الغير المشروع للجباة.
ويقال للخراج والإتاوات "الطعم"، يقال فلان تجبى له الطعم، أي الخراج والاتاوات. ويقال جعل السلطان ناحية كذا طعمة لفلان، أي مأكلة له. وفسر بعضهم الطعمة بشبه الرزق وبالمأكلة. وفي هذا التفسير تفسير لوجهة نظر الجاهليين والإسلاميين بالنسبة إلى الاتاوة وكل أنواع الجباية، كانوا يرون أنها مأكلة للحكّام ورزقاً يأخذونة من أتباعهم، ليعتاشوا به مع ما يعتاشون عليه من ارزاق، مثل الاتجار في السوق واستثمار الملك، بينما لا ينال الأتباع منه أي شيء، إلا بتوسل واستعطاف ودعاء ومدح وتمرغ على أعتاب أبواب الحكام.
و "المكس" هو ما يأخذه الماكس من جباية من بائعي السلع في الأسواق في الجاهلية، أو الدراهم كانت تؤخذ من بائعي السلع في الأسواق. والمكوس، هي الضرائب التي كان يأخذها العشارون، والمكس النقص، وبين المكس والنقص صلة وعلاقة، فتأدية المكس، هو نقص يصيب مال المؤدي للمكس. وقد أشير اليه في شعر "جابر ين حني" التغلبي، الذي يقول: أفي كَل أسواق الـعـراق اتـاوة وفي كل ما باع امرؤ مكس درهم
ومعنى هذا أن الناس كانوا يدفعون إتاوة في أسواق العراق، يدفعون عن كل ما يبيعونه مكساً هو درهم. وهو مكس يزيد بزيادة ثمن البيع.، فاذا كان ثمن المباع كثيراً، زاد مكسه ليتناسب مع الثمن.
وتمّابل لفظة "مكس" لفظة " Telos في اليونانية،و Toll في الانكليزية. ويقال للموضع الذي تمكس البضائع والسلع فيه "" Telonion ويجب أن نميز بين هذه الضريبة وبين لفظة " " Tribute التي هي في مقابل، Mas ،لأن المكس، ضريبة تؤخذ عن للسلع وعن حق مساهمة الحكومة في الأرباح، بينما الثانية ضريبة اجبارية تؤخذ من الناس. وقد ترجمت لفظة "Tribute ب"جزيهّ" وجباية واتاوة في اللغة العربية. يقال جبي الخراج جباية. وورد في شعر للجعدي: دنانير يجبـيهـا الـعـبـاد وغـلة على الأزد من جاء امرىء قد تمهلا
ونجد علماء اللغهّ يجعلون لفظة "الماكس" في مرادف لفظة "العشار". وعرفوا المكس، بأنه ما يأخذه العشار، وهو ماكس، فالعشار هو الماكس، وورد في الحديث: لا يدخل صاحب مكس الجنة. قيل صاحب مكس هو العشارْ. والعشار هو قابض العشار، والعشر أخذ واحد من عشرة. فالماكس ، اذن هو الجابي القابض للمكس، وهو العشر، أي عشر ما يباع، وقد غلبت عليه لفظة "العشار" لأنه يأخذ العشر، عشر أموال الناس، ولأنه يعشرهم. وقد كان "العشر"، من أهم سمات. الجاهلية ومعالمها، "وفي الحديث إن لقيتم عاشراً فاقتلوه، اي إن وجدتم من يأخذ العشر على ما كان يأخذه أهل الجاهلية مقيماً على دينه، فاقتلوه، لكفره أو لاستحلاله لذلك إن كان مسلماً واخذه مستحلاً وتاركاً فرض الله، وهو ربع العشر".
فالمكس، إذن هي الضرائب التي تؤخذ عن المبيعات والمشتريات، أي عن التجارة، يجبيها جباة المكس، أي العشارون من الأسواق ومن المواضع المخصصة لمرور التجار بها على الحدود، ولا صلهّ لهذا العمل بعمل جباية الجزية والخراج. ولفظة "الإتاوة" و "العشر" و "المكس" والجزية من الألفاظ التي لا يشك في كونها كانت معروفة عند الجاهليين. وقد أشرت إلى ورود لفظة "الإتاوة" في شعر "جابر ين حني التغلبي". ووردت في شعر للجعدي. هو: موالي حلف لا موالي قرابة ولكن قطيناً يسألون الاتاويا
أي هم خدم يسألون الخراج. وكانت الكلمة على ما يظهر عامة، بمعنى ضريبة من غير تعيين.
وأما "الخراج"، فللعلماء في أصلها ومعناها كلام. وقد وردت لفظة "خرجاً" في القرآن الكريم. وردت في سورة الكهف: )فهل نجعل لك خرجاً على إن تجعل بيننا وبينهم سداً(. وقد قرأها بعض المفسرين "خراجاً"، وذهبوا إلى أنها بمعنى الأجر، وقال بعض منهم إن الخراج عند العرب هو الغلة،. ووردت في سورة "المؤمنون": )أم تسألهم خرجاً فخراج ربك خير وهو خير الرازقين(. وفسر العلماء اللفظتين بمعنى الأجر.
وذهب علماء اللغة إلى إن الخرج بمعنى الإتاوة تؤخذ من أموال الناس، كالخراج، وهما واحد لشيء يخرجه القوم في السنة من مالهم بقدر معلوم. وقال بعضهم: الخراج الفيء والخرج الضريبة والجزية. وذكروا إن الخراج الذي وظفه "عمر" على السواد وأرض الفيء، فإن معناه الغلة أيضاً، لأنه أمر بمساحة السواد ودفعها إلى الفلاحين الذين كانوا فيه على غلة يؤدونها كل سنة، ولذلك سمي خراجاً، ثم قيل بعد ذلك للبلاد التي فتحت صلحاً. ووظف ما صولحوا عليه على أراضيهم خراجية،لأن تلك الوظيفة اشبهت الخراح الذي ألزم به الفلاحون وهو الغلة، لأن جملة معنى الخراج الغلة. وقيل للجزية التي ضربت على رقاب أهل الذمة خراج، لأنه كالغلة الواجبة عليهم، وفي الأساس: ويقال للجزية الخراج، فيقال أدى خراج أرضه والذمي خراج رأسه. وعن ابن الأعرابي الخرج كل الرؤوس والخراج على الأرضين. وقال الرافعي: أصل الخراج ما يضربه السيد على عبده ضريبة يؤديها اليه، فيسمى الحاصل منه خراجاً. وقال القاضي: الخراج اسم ما يخرج من الأرض ثم استعمل في منافع الأملاك كريع الأرضين وغلة العبيد والحيوانات".
والخراج، هو "طسقا" Tasqa في التلمودن و Maddata "مداثا" في الموارد السريانية النصرانية. ولفظة "طسقا"،هي من الألفاظ الإرمية الأصل. وتعرف ضريبة الأرض Halk و Halak و بMinda "ميندا" و ب Middaفي لغة بني إرم. ووردت باسم "طسقا" وب "مناثا ذ - ملكا" Mnata d-Malkaفي التلمود، وباسم "طسقا" و "مدثا"، Maddata في السريانية.
ولفظة "طسقا" معروفة في العربية كذلك، فهي عندهم "الطسق"، وتؤدي المعنى ذاته المفهوم منها في التلمود. ذكر علماء العربية أن الطسق، ما يوضع من الخراج المقرر على الجريان. وكتب "عمر" إلى "عثمان ين حنيف " في رجلين من أهل المدينة أسلما إرفع الجزية عن رؤوسهما وخذ الطسق من أرضيهما. وذكر بعض علماء اللغة أنها لفظة معربة أو مولدة. فهي ضريبة الأرض. وتقابل "فورس"، Phoros ، في اللغة اليونانية. وتؤخذ عيناً في الغالب، أي غلة. وأما الجزية، فقد ذكر العلماء، انها خراج الأرض، وما يؤخذ من الذمي. ورد في الحديث: "ليس على مسلم جزية"، وورد: "من أخذ أرضاً بجزيتها"، وورد في القرآن الكريم: )قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون(. وقد ذكر المفسرون إن الجزية الخراج عن الرقاب. ويظهر من الحديث ومن كتب الفقه، إن المراد بها ضريبة الرأس. ولما كتب الرسول إلى "المنذر بن ساوى"، بشأن أتباعه، قال له: "ومن أقام على يهودية أو مجوسية فعليه الجزيه". وقد أمر الرسول عماله بأخذ الجزية من أهل الكتاب، ممن يريد البقاء في دينه، فهي اذن، بهذا المعنى ضريبة تؤخذ من غير المسلمين، في مقابل الزكاة التي تؤخذ من المسلمين.
وضريبة الرؤوس معروفة، وهي تؤخذ من المغلوب على أمره، ولا سيما بعد الحروب. فتفرض على المغلوب ضريبة كل رأس كل انسان بالغ ولذلك أنفت تغلب من أدائها، ولم تقبل بتاًديتها، لأن في أدائها مذلة وصغاراً. وهي ضربية دائمة، تلازم من فرضت عليه ما دام في حكم من فرضها، وهي نختلف عن الفدية التي تفرض على الأسير لفك أسره، وعن المبلغ الجماعي الذي يفرض على المغلوب في مقابل التصالح معه، وهو ما يعبر عنه في العربية ب " وصالحهم على كذا وكذا" يؤدونه جزاء العفو عنهم.
وعبر عن الجزية بلفظة " Keraga " " Keraga"، في التلمود. وبKesef Resha "Kesef Rexa" ، أي ضريبة الرأس في الموارد النصرانية السريانية،وب "Belo" في لغة بني إرم وب Kesap Gulgulta في التلمود أيضاً. وقد ذهب بعض الباحثين إلى إن لفظة "الجزية" و "جزية" من أصل سرياني هوGzita وذهب بعض آخر إلى أنها من أصل فارسي هو " Gazitak و "كزيد" بمعنى ضريبة يدفعها الذمي، أي الذي أمنته الحكومة على حياته وماله وعرضه. وذهب بعض آخر إلى أنها من أصل عربي. وتقابل هذه الضريبة ما يقال له Kensos، في اليونانية، وهي ضريبة كان ياًخذها الرومان من اليونان عن رؤوسهم، وهي لا تدفع غلة أو سلعة وإنما تؤخذ منهم نقوداً، أي بالعملة الرومانية.
وقد كانت الحكومات العربية الجنوبية تتقاضى العشر أيضاً عن البيوع وتوسعت حكومة "قتبان" في العشر، فجعلته إتاوة كل وارد أو ربح يصيبه الرجل، سواء أكان ذلك من البيع والشراء أو من الإجارة والإرث والزرع وكل عمل آخر، ويظهر أن العشر،قد أخذ عن الزرع أيضاً في حكومة "سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنت" أيضاً، وفي حكم الحبش على اليمن. وقد وردت لفظة "عشر" و "عشورت" في كتابات المسند، وتعني العشر،الذي نبحث عنه.
وأشار "بلينيوس"، إلى العشر، فذكر إن العرب الجنوبيين كانوا يعشرون اللبان وما تنتجه بلادهم من بخور، يعشرهم رجال الدين باسم الإلهَ "سن" "سين". ومعنى هذا إن المعبد كان يعشر المتمكنين من أصحاب الحاصل، فيأخذ منهم عشر غلتهم من هذه المواد. وأعتقد انهم كانوا يعشرون كل مال يدخل اليهم، ولا يقتصر هذا التعبير على المواد المذكورة، أي على الغلة الزراعية، بل يشمل ذلك كل ربح مهما كان نوعه،جاء عن الزراعة أو التجارة. وهذا التعشير لكل شيء، كان متبعاً عند غير العرب كذلك. ونجد"صموئيل" يهدد شعبه بأنه سيعشر زرعه وكرومه وغنمه،ويأخذ جواريه وعبيده وشبانه وبناته، فيجعلهم عبيداً له، يسخرهم كالحمر إن لم يستجيبوا له، ويسمعوا لما طلبه منهم.
والعشر، معروف عند غير العرب أيضأَ، وهو يقابل "اش - رو - و" "Isch-ru-u"في الآشورية، أي "عشر"، وهو ما يدفع عن الأموال والذهب عندهم،و "معَشَير" "Ma'asher" في العبرانية، وقد جرى التعشير عندهم قبل أيام موسى، ونص عليه في التوراة. فكانوا يقسمون عشر أموالهم صدقة تزكيهم، يدخل فيه البقر وبقية الماشية، وتوسع "الفريسيون" في ذلك، فأدخلوا في العشر، عشر النعناع والشبث والكمون.
وقد أشر في نصوص المسند إلى الضرائب التي كان على المتبايعين في الأسواق أداؤها إلى الحكومة. فعلى كل متعامل في السوق دفع "همد" إلى جباة السوق. وادل "همد" ما يؤخذ من المتعاملين في السوق عن اتجارهم بها. فهي ضربية الييع والشراء. وقد حذرت تلك النصوص المخالفين المتهربين من دفع ما عليهم من ال "همد" بإنزال أقصى العقوبات عليهم بما في ذلك مصادرة أموالهم، إن حاولوا أكل حق الحكومة، والتهرب من دفع حصتها من الربح.
وهناك ضريبة أخرى ذكرت في النصوص كذلك، هي "فرعم"، أي "فرع". يظهر أنها كانت عندهم تطوعية، لا يجبر الإنسان على أدائها، وإنما هي صدقة يتصدق بها من يشاء.
وقد كانت الحكومات العربية الجنوبية قد عينت جباة يجلسون في الأسواق وعند مدخل الحدود لجمع الضرائب المفروضة على البيع والشراء والاتجار وحق المرور. أما ضرائب غلات الأرض، فلها جباتها، كما كان يلتزمها كبار أصحاب الأرض وأصحاب الأقطاع، فيدفعون للحكومة حصتها من الزرع، وهم يجبون تلك الحصة من صغار المزارعين التابعين لهم أو المستأجرين لأرضهم، فيأخذون منهم كل ما يمكنهم أخذه للاستئثار به، واعطاء القليل منه إلى الحكومة. وبذلك كان صغار المزارعين والمستأجرين للارض يلاقون عنتاً شديداً من الضرائب المفروضة عليهم.
وقد كان المتولون لأمر الأسواق يأخذون عشور التجار. لهم جباة بجوبون السوق، ليأخذواُ عشر ما يباع. فكان "الأكيدر" يعشر سوق دومة الجندل وربما يتولاها سادة "كلب"، او بعض الغساسنة، وكان "قنافة" الكلبي، ممن ينافس الأكيدر على دومة يتولى جباية العشر كذلك. وكذلك كان المتولون لأمر الأسواق الأخرى يأخذون العشر. فالعشر، الجباية المألوفة التي يدفعها التجار عن تجارتهم في كل ما يبيعون ويشترون، وعن مكس السلع التي تنقل لبيعها في الأسواق الخارجية، فقد كان التجار العرب إذا دخلوا حدود بلاد الشام، عشرهم رجال المكس على الحدود. واذا تاجروا في أسواق بلاد الشام عشرهم العشارون في هذه الأسواق.
وكان "زنباغ بن روح" ممن يعشر من يمر به بمشارف الشام. وهو من "جذام". وكان يعمل للحارث بن أبي شمر الغساني. ذكر إن "عمر" خرج تاجراً في الجاهلية مع نفر من قريش، فلما وصلوا إلى فلسطين، قيل لهم إن "زنباع بن روح" يعشر من يمر به، فعمدوا إلى اخفاء ما معهم من ذهب، فلما وجده، أغلظ عليهم في العشر، ونال من عمر، فقال "عمر" في ذلك: متى الق زنباع بن عمـرو بـبـلـدة لي النصف منه يقرع السن من نـدم
ويعلم إن الحـي حـي ابـن غـالـبّ مطاعين في الهيجا مضاريب في الهيم
ويقال لعمال العشور والجزية "الحشُار"، وفي حديث وفد ثقيف اشترطوا أن لا يعشروا ولا يحشروا،أي لا يندبون إلى المغازي ولا تضرب عليهم البعوث، وقيل لا يحشرون إلى عامل الزكاة ليأخذ صدقة أموالهم، بل يأخذها في أماكنهم. وورد في كتاب الرسول لعبد يغوث بن وعلة الحارثي: "ولا عشر ولا حشر"، وورد في كتابه إلى "يزيد بن المحجل الحارثي" "إن لهم نمرة ومساقيها ووادي الرحمن من بين غابتها، وانه على قومه من بني مالك وعقبة لا يغزون ولا يحشرون"، وجاء مثل ذلك في كتابه لقيس بن الحصين ذي الغصة: "لا يحشرون ولا يعشرون"، ووردت هذه الجملة في كتابه لبنيُ جعيل من بلي، وقد فسر "ابن سعد" جملة "وانهم لا يحشرون" ، بقوله: "لا يحشرون من ماء إلى ماء في الصدقة"، وعبارة: "لا يعشرون" بقوله: "ولا يعشرون يقول في السنة الا مرة". وفسر "السعاية" الواردة في الكتاب بالصدقة. وعندي إن الحشر يجب أن يكون في معنى له صلة بألجلاء، أو بالجمع لسخرة وتكَليف بقيام عمل إجباري. وقد ورد في كتب اللغة إن الحشر الجلاء، ولذلك قيل في بني النضير عندما أجلوا انهم أول حشر حشر إلى أرض المحشر، كما قالوا يوم المحشر وأرض المحشر. والحشر أيضاً بمعنى إجحاف السنة الشديدة بالمال. فللفظة اذن علاقة بالاجلاء وبالسخرة وبالندبة إلى الحرب أو للقيام بعمل إجباري جماعي. ولا زال أهل العراق يستعملون لفظة "الحشور" في معنى جمع الناس للسخرة، ولأي عمل تريده الحكومة إجباراً.
و "العشر" كما يتبين من النصوص الجاهلية ومن الموارد الاسلامية، أقدم ضريبة معروفة عند العرب، وهي ضريبة عامة تشمل أرباح التجارة، كما تشمل أرياح الزراعة. وقد عرفت في جميع أنحاء جزيرة العرب. وهي في الواقع من أقدم الضرائب المعروفة في التاريخ فرضتها الحكومات والأديان على الأتباع منذ أقدم العصور.
ولم أقف على وجود "العشّار" في مكة أو في يثرب أيام الجاهلين، ولكن هذا لا يعني نفياً لوجود هذه الضريبة عند أهل المدينتين. ولا استبعد وجودهما عندهم، وذلك أنهم كانوا يأخذونها من المتبايعين في الأسواق لصرفها في الشؤون العامة المتعلقة بمجتمعهما، فقد كان لكل سوق في الجاهلية عشارون يجمعون العشر فلا داعي لاستثناء سوقي مكة والمدينة من العشر.
وقد سبق لي أن ذكرت أن سادات مكة كانوا قد اتفقوا فيما بينهم على أن يقسموا من أموالهم مالاً للرفادة ولتحمل الأشناق ونفقات الدفاع عن المدينة.
يدفعها كل انسان حسب قابليته المالية وامكانياته، ولعلهم كانوا يأخذون من أرباحهم التي يحصلون عليها من القوافل نصيباً معلوماً قبل توزيعها على المساهين، ليكون عوناً للمَدينة في تمشية أعمالها وفي الدفاع عن شؤونها.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق