1696
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفصل التاسع بعد المئة
الطبقة المملوكة
المكاتبة
فالعتق هو فك الرقبة، وعودة الحرية إلى العبد. ومن أبواب فك الرقبة وتحريرها من العبودية المكاتبة، وهو أن يقول الرجل لمملوكه كاتبتك على كذا منجماً إذا أديته، فأنت حر، ويبين عدد النجوم، وقسط كل نجم: فإذا أدى العبد ما عليه، صار حراً. وقد عرف ذلك في الإسلام أيضاً. وقد كان "سيرين" والد "محمد بن سيرين" المشهور، من سبي "عين التمر" فاشتراه "أنس بن مالك" الأنصاري، وكان كثير المال، فأراد "سيرين" فك نفسه من العبودية، وسأل أنساً المكاتبة، فأبى، فانطلق "سيرين" إلى "عمر"، فأمره إن يكاتبه، وتلا عليه )فكاتبوهم إن علمتم إن فيهم خيراً( وذكر في رواية اخرى، إن أنساً كاتبة على عشرين ألف درهم، فأتاه بكتابته، فأبى إن يقبلها منه إلا نجوماً، فأتى "عمر" فذكر ذلك له، فقال: أراد انس الميراث، وكتب إلى أنس إن اقبلها من الرجل، فقبلها. وورد في صحيفة المكاتبة: هذا ما كاتب أنس غلامه سيرين. كاتبه على كذا وكذا ألفاً، وعلى غلامين يعملان مثل عمله. وكاتب "عبد الله بن عمر" غلاماً له يقال له شرف على خمسة وثلاثين ألف درهم، فوضع من آخر كتابته خمسة آلاف.
وذكر "الدميري" إن "المكاتبة" لفظة اسلامية. ولكني أشك في صحة هذا الرأي، لأن التكاتب كان معروفاً عند الجاهليين وهو عقد من العقود، يؤدي العبد بموجبه ما فارقه عليه من أداء المال، فإذا أداه استحق العتق، وإن عجز عن اداء نجم يحل عليه، فلسيده تعجيزه. ودليل ذلك ما ورد عن المكاتبة في القرآن الكريم من قوله: )والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم، فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً(. فنسق اللآية يدل على وجود التكاتب عند الجاهليين، واذا وجد، فلا يستبعد استعمالهم لفظة "المكاتبة" قبل الإسلام.
أما "التنجيم"، فمن "نجم المال"،إذا أداه نجوماً، أي يؤديه عند انقضاء كل شهر منها نجماً، حتى أنهم كانوا يؤدون الديات نجوماً. قال زهير في ديات جعلت نجومأَ على العاقلة: ينجمها قوم لـقـوم غـرامة ولم يهريقو ابينهم ملء محجم
وفي حديث سعد: والله لا أزيدك على أربعة آلاف منجمة تنجيم الدين.
هو أن يقدر عطاؤه في أوقات معلومة متتابعة مشاهرة أو مساناة. ومنه تنجيم المكاتب". ويظهر من ذلك أنهم كانوا في الجاهلية ينجمون حق العتق،ويكتبون بذلك كتاباً.
وكان منهم من يوصي بفك رقبة عبد له، أو أمة بعد وفاته. وللفقهاء آراء في بيع "المدبر"، وهو العبد الذي علق سيده عتقه على الموت.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق