إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 1 فبراير 2016

1664 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الخامس بعد المئة البيع والشراء الخلابة


1664

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
     
الفصل الخامس بعد المئة

البيع والشراء

الخلابة

ومن البيوع الفاسدة الخلابة. وتقوم على المخادعة، والخلابة المخادعة. وفي الحديث: أن بيع المحفلات خلابة، ولا تحلّ خلابة مسلم. والمحفلات التي جمع لبنها في ضرعها. وفي حديث النبي، أنه قال لرجلٍ كان يخدع في بيعه: "إذا بايعتَ، فقل لا خلابة، أي لا خداع". وذلك لأن بعض الباعة كانوا، يخادعون المشتري في بيوعهم.

ومن بيوع أهل الجاهلية: بيع المواصفة، وهو أن تواصف الرجل بالسلعة ليست عندك. وقد أبطل هذا البيع بعض الفقهاء، وأجازه بعض آخر،إذا وافقت السلعة الصفة.

وقد يتفق في السلعة الرهط، فلا يجدون بداً من أن يشتركوا وهم كارهون. وربما اتفقوا فألقوا الحجارة جميعاً إذا كانوا عدداً على أمر بينهم فوكسوا صاحب السلعة إذا طابقوا عليه.

ومن بيوع أهل الجاهلية بيعهم الذهب بالذهب والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح. وقد نهي عنه في الإسلام، إلا سواء بسواء، أي إلا متساويين، ويداً بيد. ويسمى هذا البيع "مراطلة" إن كان بالوزن، ومبادلة إن كان بالعدد. وأما بيع الذهب بالفضة، والفضة بالذهب، فقد أبيح ذلك في الإسلام كيف شاء المتبايعون، بتفاضل أو بتساو، لأن بيع الذهب بالفضة والعكس يسمع "صرفاً" ويجوز فيه التفاضل، لكن يشترط فيه التقابض يداً بيدْ.

ويظهر من منع الإسلام لبيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة إلا إن يكونا متساوبين ويداً بيد، أي مقبوضين، إن أهل الجاهلية كانوا يبيعون الذهب بذهب يزيد عليه حين يؤديه في أجله حدود، فاعتبر الإسلام ذلك علة من علل الربا، وعلته هنا الثمينة، ولو تبايع الناس بالجلود لنهى عن التفاضل فيها. والعلة في الأربعة الآخرى الادخار للقوت أو ما يصلح للقوت. وعلة الربا هي النقدية أو الطعم أو الاقتيات.

ومن بيوع أهل الجاهلية بيع حق الانتفاع، مثل أن يبيع بائع لمشتري حق الانتفاع من ظهر دابة، بأن يستفيد من ركوب ظهر الدابه التي اشتراها، ولكن للدابة تكون مع ذلك لصاحبها. ومن ذلك اشتراط البائع على المشتري ظهر الدابة إلى مكان معين.

وقد كان الباعة الجاهليون يفعلون في أسواقهم ما يفعله باعة أيامنا من صخب في السوق، ومن لغط ومن قسم على جودة السلع ورخص أسعارها، يريدون التأثير على المشترين وحملهم على الشراء. وقد لاحظ الرسول ما في هذا الصخب من ضرر، وما في هذا النوع من الدعاية للبضاعة من غش، فنهى عنه.

وقد لخصت بعض كتب الحديث والفقه البيوع وعرفتها على النحو الاتي: البيع المطلق إن كان بيع العين بالثمن، والمقايضة إن كان عيناً بعين، والسلم إن كان بيع الدين بالعين، والصرف إن كان بيع الثمن بالثمن، والمرابحة إن كان بالثمن مع زيادة، والتولية إن لم يكن مع زيادة. والوضيعة إن كان بالنقصان، واللازم إن كان تاماً، وغير اللازم إن كان بالخيار، والصحيح والباطل والمكروه، والبيع نقداً، وهو خلاف النسيئة. وهو أن يشتري الرجل شيئاً، فيعطي البائع نقداً معجلاً. أما بيع النسيئة، فهو البيع، المؤخر، أي الذي يدفع ثمنه مؤخراً.

وقد اتخذ الإسلام قاعدة عامة في البيوع، هي: بطلان بيع المبيع الذي يقوم على بيع المجهول كمّاً وكيفية وقبل التأكد منه، أي بيع المجهول، لما في ذلك من التغرير، أي الخداع في البيع والغبن، ولما يقع من هذه البيوع من أضرار ولما تحدثه من خصومات ومجادلات ومن تلاعب في الأسعار ومن تأثير ذلك في الناس المنتفعين. فأبطل بيع المبيع قبل القبض، إِذ كان الجاهليون يتبايعون بالذهب والطعام وهو مرجأ، يشترون الطعام من الركبان جزافاً، ثم يبيعونه في مكانه، لكسب،فنهى الرسول عن هذا النوع من البيع، حتى يؤووه إلى رحالهم ويحوّلوه، وفي رواية ويكتالوه، وأمر الرسول بضرب من يبتاع الطعام جزافاً ، كما نهى عن معظم الييوع المذكورة واعتبرها باطلة، لا تعتبر عقداً صحيحاً مشروعاً لمن عقده.

والبيوع المذكورة وإن كانت بيوعاً بنيت في الواقع على ايجاب وقبول في البيع وتراض من الطرفين وبموافقة محصول البيع من المتعاقدين: البائع والمشتري، غير إن هذه البيوع كانت تحدث منازعات أحياناً بين الطرفين، وتنتج ضرراَ لذلك نهى عنها في الإسلام وقيّد بعضها بقيود حتى تحدّ من وقوع المخاصمات قدر الإمكان ومن وقوع الغلط في السلعة، من حيث الجنس والنوع أو من حيث الصفة، ومن وقوع الغبن والتغرير.

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق