1663
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفصل الخامس بعد المئة
البيع والشراء
أنواع للبيع
وقد تعرض أهل الأخبار لبعض أنواع البيع وطرقها التي كان يستعملها الجاهليون، وهي لا تختلف في طبيعتها عن طبيعة ما يسمى ب "الحظ والنصيب" في العهد الحاضر. ونظراً إلى ما قد كانت تسببه هذه الأنواع من خصومات ومنازعات بين المشتري وبين البائع، من بيعهم شيئاً مجهولاً غير معلوم، والى ما في كثير من هذه البيوع من غرر، نهى الإسلام عنها، وجاء ذكرها لذلك في كتب الحديث و الفقه.
والبيع والشراء، إما أن يكونا بشروط، يشترطهما أحدهما أو كلاهما عند عقد الصفقة، ويتم التوافق والتعاقد عليهما برضى البائع والمشتري، أي الطرفين، وإما ألا يكونا بشروط. فإذا اشترط المشتري على البائع شرط حق إرجاع السلعة اليه،إن وجد فيها شيئاً مخالفاً للوصف، ورضي البائع بذلك، فللمشتري حق إرجاع السلعة اليه في حدود معقولة، وقد يعين زمن ذلك الحق وهو ما يحدث في الغالب.
ومن جملة طرق البيع "بيع الحصاة". وهو بيع ذكر أهل الأخبار أنه كان متبعاً في سوق "دومة الجندل" المنعقدة في أول يوم من شهر ربيع الأول. وقد ذكروا أن هذه المبايعة من بيوع الجاهلية التي أبطلها الإسلام. وتفسير ذلك أن يقول أحد المتبايعين للآخر: إرم هذه الحصاة، فعلى أي ثوب وقعت فهو لك بدرهم، أو أن يبيع أحد المتبايعين من أرضه قدر ما انتهت اليه رمية الحصاة،او أن يقبض على كف من حصى ويقول: لي بعدد ما خرج في القبضة من الشيء المبيع، أو يبيعه سلعة ويقبض، على كف من الحصى ويقول: لي بكل حصاة درهم، أو أن يمسك أحدهما حصاة في يده، ويقول: أي وقت سقطت الحصاة وجب البيع، أو أن يتبايعا ويقول أحدهما: إذا نبذت اليك الحصاة فقد وجب البيع،أو أن يعترض القطيع من الغنم فيأخذ الحصاة ويقول: أي شاة أصابتها فهي لك بكذا ، أو هو أن يقول بعتك من السلع ما تقع عليه حصاتك إذا رميت بها ،أو بعتك من الأرض إلى حيث تنتهي حصاتك. أو أي ثوب من هذه وقعت الحصاة التي أرمي بها فهو لي بكذا، فيقول البائع: نعم.فيقع البيع لوجود شروط الايجاب والقبول.
ومن طرق البيع بيع الملامسة، والمراد بالملامسة المس باليد، وأن يجعل عقد البيع لمس المبيع. وذكر أن بيع الملامسة: أن تشتري المتاع بأن تلمسه ولا تنظر اليه. وذلك كأن يقول: "لمَسْمتَ ثوبي أو لمستُ ثوبك أو إذا لمست المبيع، فقد وجب البيع بيننا بكذا وكذا، ويقال هو أن يلمس المتاع كل من وراء الثوب ولا ينظر اليه،ثم يوقع البيع عليه" و " قيل: معناه أن يجعل اللمسَ باليد قاطعاً للخيار".
وقيل هو أن يأتي البائع بثوب مطوي ثم يطلب من المشتري أن يلمسه، ثم يقول له: "بعتك إياه بثمن كذا بشرط أن يقوم لمسك مقام نظرك". أو أن يقول له: "إذا لمست هذا الشيء فهو لك ": فيكون اللمس نهاية خيار المشتري. وهو محل بذلك محل النظر إلى الشيء الذي سيباع وتدقيقه وتمحيصه للوقوف على مقدار جودته أو بما فيه من عيوب. فهو بيع شرطه اللمس ولا خيار فيه. ومن بيع الملامسة، أن يقول الرجل للرجل: أبيعك ثوبي بثوبك ولا ينظر واحد منهما إلى ثوب الآخر، ولكن يلمسه لمساً.
واختلف الفقهاء في تفسير الملامسة على ثلاث صور: إحداها أن يكتفي باللمس عن النظر ولا خيار له بعده، بأن يلمس ثوباً لم يره ثم يشتريه على أن لا خيار، له إذا رآه. الثانية، أن يجعل اللمس بيعاً، بأن يقول: إذا لمسته، فقد بعتكه، اكتفاءً بلمسه عن الصيغة. الثالثة، أن يبيعه شيئاً على انه متى لمسه لزم البيع وانقطع خيار المجلس وغيره اكتفاء بلمسه عن الالزام بتفرق أو تخاير. وبطلان المبيع المستفاد من النهي، لعدم رؤية المبيع، واشتراط نفي الخيار في الأولى ونفي الصيغة في عقد البيع في الثانية، وشرط نفي الخيار في الثالثة.
ومن البيوع، بيع المنابذة. وهو أن يجعلا النبذ بيعاً. وهو أن تقول لصاحبك: انبذ إلي الثوب أو غيره من المتاع، أو انبذه اليك، وقد وجب البيع بكذا وكذا. أو هو أن ترمي اليه بالثوب ويرمي إليك بمثله. وهو أن يجعلا النبذ بيعاً بغير صيغة، أو أن يجعلا النبذ قاطعاً للخيار. ويقال له بيع الإلقاء. وقيل هو أن تقول: إذا نبذت الحصاة اليك، فقد وجب البيع، أو أن ينبذ الرجل إلى الرحل بثوبه، وينبذ الآخر اليه ثوبه، ويكون ذلك بيعهما من غير نظر ولا تراضٍ. فيكون النبذ وحده هو البيع و "النجش"، أن يبيع الإنسان بياعة فتساومه بثمن كثير لينظر إليك ناظر فيقع فيها، وكذلك في الأشياء كلها. وقيل: النجش في البيع أن يزيد الرجل ثمن السلعة وهو لا يريد شراءها، ولكن ليسمعه غيره فيزيد بزيادته. وقيل أن تمدح سلعة غيرك ليبيعها، أو أن تنفر الناس عن الشيء إلى غيره. والغاية من كل ذلك هو غش المشتري وجرّ النفع. لذلك نهي في الإسلام عنه. و"التناجش" في البيع المنهى عنه، هو التزايد في البيع وغيره. وأن يقول الرجل للرجل بيعُ فيقول نظر، أي انظرني حتى اشتري منك. والنجش في الشرع، أن يزيد في ثمن السلعة من غير رغبة ليوقع غيره فيها. فهو بيع غش وخداع.
ويقال للنجش الفلح. قالوا، الفلح النجش في البيع،وذلك أن يطمئن اليك، فيقول لك بع لي عبداً أو متاعاً أو اشتره لي، فتأتي التجار فتشتريه بالغلاء وتبيع بالوكس وتصيب من التاجر، وهو الفلاح. وذكر انه زيادة المشتري ليزيد غيره فيغريه.
ومن طرق البيع أيضاً: البيع ناجزاً بناجز. أي يداً بيد. ومن بيوعهم قول أحدهم بعتك هذا الثوب نقداً بدينار ونسيئة بدينارين، وقد ورد في الحديث: لا يجوز شرطان في بيع، أي مثل هذا البيع.
والبيعُ مُزابنة،وهو بيع التمر في رؤوس النخل بالتمر. وبيع الرطب في رؤوس النخل بالتمر. أو بيع كل ثمر على شجرة بتمر كيلاً. أو بيع التمر على رؤوس النخل بالذهب والفضة. وقد نهي عنه في الإسلام،إلا إذا انضج ولا يباع منه إلا بالدرهم والدينار. وذلك لأنه بيع مجازفة، ولما يقع فيه من الغبن والجهالة. وروي عن الإمام "مالك" انه قال: المزابنة كل جزاف لا يعرف كيله ولا عدده ولا وزنه بيع بمسمى من مكيل وموزون ومعداد. أو هي بيع معلوم بمجهول من جنسه أو بيع مجهول بمجهول من جنسه، أو هي بيع المغابنة في الجنس الذي لا يجوز فيه الغبن، لأن البيعين إذا وقفا فيه على الغبن، أراد المغبون إن يفسخ البيع،واراد الغابن أن يمضيه، فتزابنا فتخاصما فتدافعا. وتكون المزابنة في النخل غالباً. وذكر إن سبب ورود النهي عن هذا البيع، هو انه يؤدي إلى ربا الفضل، إذ الجهل بالمماثلة كحقيقة المفاضلة من حيث انه لم يتحقق فيها المساواة المشروطة في الربوى بجنسه.
وكان هذا البيع معروفاً عندهم. وذلك إن يبيع رجل ثمر نخله بتمر كيلاً أو بغير كيل، أو أن يبيع كرمه بزبيب، فورد النهي عنه في الإسلام، وإنما نهى عن ذلك لجهل المبيع. واعتبر هذا البيع نوعاً من أنواع الربا.
ومن البيوع الجاهلية: المخاضرة، بيع الثمار خضراً قيل أن يبدو صلاحها. ويدخل فيه بيع الرطاب والبقول وأشباهها على قول بعض. سُميّ مخاضرة لأن المتبايعين تبايعا شيئاً أخضر بينهما، مأخوذ من الخضرة.
وقد نهي عن "المعاومة" في الإسلام. وهي بيع النخل معاومة. وأن تبيع زرع عاملك بما يخرج من قابل. أو أن تبيع ثمر النخل أو الكرم أو الشجر سنتين أو ثلاثاً فما فوق. فهو بيع السنين، ولما فيه من غرر ومن بيع لمجهول، لم يصح هذا البيع في الإسلام.
و "الطني": شراء الشجر، او بيع ثمر النخل خاصة. ونهى في الإسلام عن بيع صبرة التمر المجهولة القدر، أي بيع المبيع بالكومة، ولا يعلم مكيلته بالكيل.
ومن ذلك أيضاً البيع المعروف ب "المجر"، وهو من بياعات الجاهلية. والمجر بيع ما في بطون الحوامل من الإبل والغنم، وهو إن يباع الشيء.بما في بطن الناقة، وأن يباع البعير أو غيره بما في بطن الناقة، ولا يقال لما في البطن مجراً إلا إذا ثقلت الحامل. فالمجر اسم للحمل الذي في بطن الناقة، وحمل الذي في بطنها.
ونهى الإسلام عن بيع "حبل الحبلة"، وهو بيع نتاج النتاج،وبيع الأجل، فكان الرجل في الجاهلية يبتاع الجزور إلى أن تنتج الناقة ثم تنتج التي في بطنها، أو بيع حبل الكرم قبل أن يبلغ، ومنه بيع الملاقيح والمضامين. والملاقيح ما في البطون من الأجنة والمضامين ما في أصلاب الفحول، وكانوا يبيعون الجنين في بطن الناقة وما يضربه الفحل في عام أو أعوام. وسبب النهي عنه انه من بيوع الغرر، وهو بيع مجهول.
ومن بيوع أهل الجاهلية: "الغَدَوى"،وذلك أن تبيع الشاة بنتاج ما نزا به الكبش ذلك العام. وقيل كل ما في بطون الحوامل، وقوم يجعلونه في الشاة خاصة. أو هو أن يباع البعير أو غيره بما يضرب الفحل، أو أن تباع الشاة بما نزا به الكبش. وكان الرجل منهم يشتري بالجمل أو العنز أو الدراهم ما في بطون الحوامل.
وأما بيع "الغذى"،فهو كالسابق أن يباع بنتاج ما نزا به الكبش. وقيل بل يكون الغذى من الإبل والبقر والغنم. وأظن أن "الغدى" و "الغذى" شيء واحد. وقد أخطأ بعض النساخ في حرفي الدال أو الذال، فصارت الكلمة كلمتان.
وقد نهي في الحديث عن بيع الملاقيح والمضامين. روي عن سعيد بن المسيب أنه قال: "لا ربا في الحيوان،وإنما نهي عن الحيوان عن ثلاث، عن المضامين والملاقيح وحبل الحبلة " فالملاقيح ما في ظهور الجمال، والمضامين ما في بطون الإناث. وورد العكس، اًي الملاقيح ما في بطون الإناث،والمضامين ما في أصلاب الجمال. وكانوا يتبايعون أولاد الشاة في بطون الأمهات وأصلاب الآباء. و "الرجع" أن تباع الذكور ويشترى بثمنها الإناث. وقيل بيع الإبل بعد الارتجاع منها. و"الرجعة: إبل تشتريها الأعراب ليست من نتاجهم وليست عليها سماتهم". و"الراجعة: الناقة تباع ويشترى بثمنها مثلها". والرًّجِيعة بعير ارتجعته، أي اشتريته من أجلاب الناس، ليس هو من البلد الذي هو به. وكانوا يربحون من بيع الذكور وشراء الإناث بثمنها، لنأ الإناث تلد، فيكثر عندهم المال. "قيل لقوم من العرب بمَ كثرت أموالكم ? فقالوا: أوصانا أبونا بالنجع والرجع". فالنجع: طلب الكلأ، والرجع أن تباع الذكور ويشترى بثمنها الإناث. وبذلك يكثرون أموالهم.
وتدخل في البيوعات الجاهلية بيع الرجل ما ليس عنده، وهو يتضمن نوعاً من الغرر، فإنه إذا باعه شيئا معيناً وليس في ملكه ثم مضى ليشتريه ويسلمه له كان متردداً بين الحصول وعدمه، فكان غرراً يشبه القمار فنهى الإسلام عنه. وبيع المعدوم لا يدري يحصل أو لا يحصل ولا ثقة لبائعه بحصوله بل يكون المشتري منه على خطر، فإن البائع إذا باع ما ليس في ملكه ولا له قدرة على تسليمه ليذهب ويحصله ويسلمه إلى المشتري كان ذلك شبيهاً بالقمار والمخاطرة من غير حاجة بهما إلى هذا العقد ولا تتوقف مصلحتهما عليه، لهذا منع الشارع بيعه، لا لكونه معدوماً بل لكونه غرراً.
وقد نهى الإسلام عن بيع الرجل على بيع أخيه وسومه على سومه. فورد إن الرسول نهى عن أن يستام الرجل على سوم أخيه. وكان أهل الجاهلية يستامون بعضهم على بعض بما في ذلك استيام الأخوة، فنهى عنه، لما قد يحدث هذا الاستيام من فرقة واختلاف بين الأخوة.
ونهى الإسلام عن التلقي للركبان، أي عن تلقي البيوع والسلع حتى تبلغ الأسواق. وقد ورد في الحديث: "لا تلقوا الجلب، فمن تلقاّه فاشترى منه، فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار". وذلك لأن من تلقاهم يكذب في سعر البلد ويشتري بأقل من ثمن المثل وهو تغريرا. وقد نهى عن بيع الحاضر للبادي. وذلك بأن يكون له سمساراً ليكسب منه، أو أن يطلب الحاضر من البادي أن يترك متاعه عنده حتى يبيعه بسعر أغلى، وذلك لما في هذا البيع من تغرير ومن ضرر يصيب الناس.
ونهى الإسلام عن بيوع أخرى من بيوع الجاهلية، منها بيع "الغرر"، ويراد به البيوع التي لا يحيط بكنهها المتبايعان،وهو بيع المخاطرة وهو الجهل بالثمن أو المثمن أو سلامته أو أجله، ومن ذلك بيع العبد الآبق الذي لا يقدر على تسليمه والفرس الشارد والطير في الهواء، وبيع السمك في الماء، وكبيع ضربة الغائص وما تحمل شجرته أو ناقته وما يرضى له به أو يهبه له أو يورثه إياه ونحو ذلك مما لا يعلم حصوله أو لا يقدر على تسليمه أو لا يعرف حقيقة مقداره، فهو بيع شيء مجهول. وقد كانت من البيوع الشائعة بين الجاهليين تفنّناً في الغش، وفي الكسب من أي طريق كان.
وقد عرفوا بيعة الغائص، بأن يقول الغائص في البحر للتاجر: أغوص غوصة،فما أخرجت فهو لك بكذا، فيتفقان على ذلك. وقد نهي عنه لأنه غرر. ومن البيوع الجاهلية: "الجس"، وهو بيع عُرِف بسوق صنعاء. فإذا تعاقد شخصان على سلعة، ووافقا على البيع، جس أحدهما يد الآخر،علامة على صحة البيع.
ومنها: "السرار". فإذا وجب البيع وعند التاجر إلف ممن يريد الشراء ولا يريده، اشركه في الربح.
وهناك نوع من البيوع يقال له "الجزاف"،وهو أخذ الشيء بالحدس بلا كيل ولا وزن ولا عدد.
وقد عرف "بيع المزايدة" عند الجاهلين كذلك. وهو أن يعرض ما يراد بيعه للبيع فيتزايد من يريد شراءه على ثمنه، حتى يقف على آخر من يقدم أكثر سعر له.
ومن البيوع بيع "العينة"، أن يشتري التاجر بحضرة طالب العينة سلعة من آخر بثمن معلوم ويقبضه ثم يبيعها من طالب العينة بثمن أكثر مما اشتراه إلى أجل مسمى، ثم يبيعها المشتري من البائع الأول بالنقد بأقل من الثمن الذي اشتراها به، فهذه عينة. وسميت عينة لحصول النقد لطالب العينة. وذكر إن العينة، إذا باع التاجر من رجل سلعته بثمن معلوم إلى أجل معلوم، ثم اشتراها منه بأقل من ذلك الثمن الذي باعها به. وللفقهاء كلام في هذا البيع. وقد كانوا يربحون من "العينة"، قال"ا عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وكان من سادة قريش: "أُغد غداً الى السوق، فخذ لي عينة"، فغدا ابنه فتعين من السوق عينة لأبيه، ثم باعها، فأقام اياماً، ما يبيع في السوق طعاماً ولا زيتاً غير ابنه من تلك العينة. وربح منها ربحاً طيباً.
وقد كان في جملة البيوع التي نهى عنها الرسول، حاضر لباد، والبادي هو الذي يكون في البادية، مسكنه المضارب والخيام، والحاضر ساكن الحضر، وصورة البيع للبادي أن يقدم غريب من البادية بمتاع ليبيعه بسعر يومه، فيقول له البلدي: اتركه عندي، لأبيعه لك على التدريج بأغلى منه. أو أن تشتري السلع من الأعراب الوافدين على القرى وهم في طريقهم إلى االسوق وأماكن البيع بأثمان بخسة ، ثم عرضها في السوق واغلاء أثمانها فيها،أو تشرى السلع منهم، وهي في السوق وعرضها مرة أخرى للبيع، لكسب الفرق بين السعرين، وقد نهى الإسلام عن هذا البيع، لما فيه من احتكار واضرار بالمصلحة العامة،ليكتسب بذلك نفر محدود من الناس. وللفقهاء في هذا البيع كلام وآراء.
وقد كان الناس يلجأون إلى أساليب غير حميدة من أساليب التلاعب بالأسعار، وغش المشترين والتحايل بالبيع، كأن يأتي البائع بجماعة من أصحابه يتظاهرون بالشراء وبالتكالب على السلعة لرفع السعر، حتى يدقع الحاضرين على رفع السعر، فيرسو البيع عليهم. وبذلك يغش البائع المشتري. وهو بيع نهي عنه في الإسلام.
ومن البيوع التي تتضمن الغش والخداع بيع التصرية. وكان من عادة العرب إذا أرادوا بيع شاة أو ناقة تركوا أياماً لا يحلبونها، فيبقى اللبن في ضرعها، فيكبر، فيعرضها البائع للبيع، ويظن المشتري إن كبر ضرعها ووجود اللبن بغزارة فيه، هو بسبب إن تلك الشاة أو الناقة حلوبة، فيشتريها، فيغش. ونظراً إلى ما في هذا البيع من غش وخداع نهى عنه في الإسلام، وجعل خيار البيع ثلاثة أيام، فإن ردها ردّ معها صاعاً من تمر، وإن شاء أمسكها. ويقال لهذا البيع أيضاً بيع المصراة.
وقد يشتري الشركاء سلعة رخيصة، ثم يتزايدون بينهم حتى يبلغوا غاية ثمنها، فيشتريها من يرسو الثمن عليه، ويأخذها. ويقال لذلك: "التقاوي". ولم ير الإسلام بأساً بذلك. وفي حديث ابن سيرين لم يكن يرى بأساً بالشركاء يتقاوون المتاع بينهم فينمى ويزيد.
ومن البيوع التي نهي عنها في الإسلام "الإعراب". أن يقول الرجل للرجل: إن لم آخذ هذا البيع بكذا، فلك كذا وكذا من مالي.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق