إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

162,619

الاثنين، 1 فبراير 2016

1660 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الرابع بعد المئة الاسواق


1660

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
    
الفصل الرابع بعد المئة

الاسواق

والسوق المحل للذي يتسوق منه. وهي إما ثابتة مع أيام السنة، يبيع فيها الباعة ويقصدها المشترون للشراء، وإما موسمية، تعقد في مواسم معينة، فإذا انتهى الموسم رفعت. ويقال للسوق القسيمة كذلك.

وتكون الأسواق الثابتة في مواضع السكن، كالقرى والمدن والمستوطنات، أي بين "الحضر"، حيث القرار والاستقرار والإقامة، فيجلس الناس في السوق يبيعون ما عندهم من سلع، يبسطونها على الأرض، أو على "الدكة" المبنية للجلوس عليها، ولعرض البضاعة فوقها، أو على مائدة أو ما شابه ذلك، وهم من صغار الباعة ممن لا تكون عندهم سلع كثيرة. أما الباعة الكبار فيجلسون في "حوانيت"، وهي "الدكاكين"، يبيعون فيها سلعهم التي توضع فيها، ولها أبواب، فإذا انتهوا من البيع، أغلقوها ليعودوا إليها في اليوم الثاني. ويقال للحانوت "المبيعة" كذلك.

ولم يكن كل الباعة يملكون حوانيتهم، أو ما يعرضونه من سلع للبيع. فبينهم من كان يشتغل لغيره، كأن يكون مملوكاً، أقامه سيده في "مبيعته"، ليبيع عنه، وليأتي بثمن ما باعه اليه، ومنهم من كان أجراً اتفق مع صاحب الحانوت ومالكه على أن يشتغل عنده في مقابل أجر يقسمه اليه، فهو لا ينال من الدكان إلا أجر عمله.

والبيع في العربية من الأضداد، يقال: باع فلان إذا اشترى، وباع من غيره. والبائع هو كل من البائع والمشتري، والبياعة: السلعة، والتبايع المبايعة، وللبيعة الصفقة على ايجاب البيع وعلى المبايعة، والمبيعة الدكان، أي موضع البيع. وقد تخصص بعض الجاهليين في عمله، فمنهم من كان حدّاداً، حرفته معالجة الحديد، ومنهم من كان نجاراً، ومنهم من كان بزازاً، ومنهم من كان عطاّراً، ومنهم من كان "جزاراً" حرفته "الجزارة". وقد يجتمع صنف واحد من الباعة في مكان واحد، يكونون سوقاً خاصة بهم، فتسمى سوقهم بأسم ذلك الصنف.

وهناك مصطلحات تطلق على السوق من حيث الرواج والكساد. فإذا نشطت السوق وراج عمل أصحابها قيل نفقت السوق، واذا كسدت قبل انحمقت.

و "الصفقة" البيعة. يقال صفقة رابحة وصفقة خاسرة، أي بيعة. وإنما قيل للبيعة صفقة، لأنهم إذا تبايعوا تصافحوا بالأيدي، ويقال لمن لا يشتري شيئاً إلا ربح فيه: إنه لمبارك الصفقة. والصفقة تكون للبائع والمشتري. والصفق للتبايع. وفي حديث "ابن مسعود" صفقتان في صفقة ربا، أراد بيعتان في بيعة، وهو على وجهين، أحدهما أن يقول البائع للمشتري بعتك عبدي هذا بمائة درهم على أن تشتري مني هذا الثوب بعشرة دراهم، والوجه الثاني أن يقول بعتك هذا الثوب بعشرين درهماً على أن تبيعني سلعة بعينها بكذا وكذا درهماً. و "الصفاق" الكثير الأسفار والتصرف في التجارات.

وقد يشهد الأسواق للتجارة قوم لا رأس مال عندهم ولا نقد لديهم، فإذا اشترى التجار شيئاً دخلوا معهم فيه. ويقال لهؤلاء: "الصعافقة".

وقد ترد التجارة من الخارج لبيعها في السوق. ويقال للذين يجلبون الإبل والغنم للبيع الأجلاب والجلب. وذكر إن الجلب ما يجلب من إبل وغنم وخيل ومتاع وسبي. وفي المثل: النفاض يقطر الجلب، أي إذا نفض القوم، بمعنى نفدت أزوادهم قطروا إبلهم للبيع، كالجليبة و "الجلوبة. ويقال لموضع بيع النعم: "المربد".

وتمتار القبائل ميرتها من أسواق الحضر، والميرة الطعام يمتاره الإنسان، وجلب الطعام. فكان رجالها يقصدون الأسواق في المواسم وعند الحاجة لشراء ما فيها من طعام محتاجون اليه، ومن حاجيات أخرى محتاجون إليها،ثم يعودون إلى منازلهم. و "الميار" جالب المرة، ويقال للرفقة التي تنهض من البادية إلى القرى لتمتار "ميار ة".

و "السواقط" الذين يردون اليمامة لامتيار التمر، و "السقاط" ما يحملونه من التمرْ.

ويقال لكل سوق يجلب إليها غير ما يؤكل من حر الطيب والمتاع غير الميرة "لطيمة". والميرة لمآ يؤكل. وذكر أن اللطيمة سوق فيها أوعية من العطر ونحوه، وربما قيل لسوق العطّارين لطيمة.

ويقال للابل التي تخرج ليجاء عليها بالطعام "ركاباً"، حين تخرج وبعدما تجيء. وتسمى عيراً على هاتين المنزلتين. والتي يسافر عليها إلى مكة أيضاً ركاب تحمل عليها المحامل والتي يكثرون ويحملون عليها متاع التجار وطعامهم كلها ركاب، ولا تسمى عيراً، وإن كان عليها طعام إذا كانت مؤاجرة بكرى. وليس العير التي تأتي آهلها بالطعام ولكنها ركاب. ويقال زيت ركابي، لأنه يحمل من الشام على ظهور الإبل.

ويباع في الأسواق كل شيء: سلع مختلفة الأصناف والألوان ومنها البشر والحيوان. وقد ذكر العبيد والإماء مع الحيوانات في بعض الأوامر والأنظمة التي أصدرها الملوك في تنظيم البيع والشراء، وفي كيفية جباية حصة الحكومة من البيع والشراء، كما في هذه الجملة المقتبسة من أمر ملكي أصدره الملك "شمر يهرعش ملك سبأ وذي ريدان" في تنظيم التجارة والجباية: "بن انسم وابلم وثورم وبعرم وشامت بمنمو ذ يشامتم عبدم فعو امتم وبعرم". ومعناها: "من انس "بشر" وإبل وثيران وبعر تشتري. ومن يشتري عبداً أو أمتاً أو بعراً". فذكر "انسم" أي "انس" وذكر بعدهم الإبل والثيران والبعر وغير ذلك. وكيف يميز بين الإنسان والحيوان، والانسان في ذلك الوقت سلعة، مثل سائر السلع تباع وتشترى، ليكون عبداً وخادماً ومملوكاً لمشتريه! والبضاعة، القطعة من مال يتجر فيه. وأبضعه البضاعة أعطاه اياها. وهي من الألفاظ التجارية التي لا زالت رائجة جارية على كل لسان في الأسواق. ويقال لثمن الشيء: "القيمة"، وهو ثمن الشيء بالتقويم. وقومت السلعة ثمّنتها. ويقول أهل مكة: "استقمتها" ت أي ثمنّتها، ويقولون استقمت المتاع، أي قوّمته.

و"العينة" خيار المال. وعن التاجر، إذا باع من رجل سلعته بثمن معلوم إلى أجل معلوم ثم اشتراها منه بآقل من ذلك الثمن الذي باعها به. وقد كره العينة أكثر الفقهاء وروى فيها النهيْ.

وقد كانت بالقرى والمدن أسواق محلية، فكان بمكة والمدينة أسواق بها مبيعات. ويظهر أن "ملا" القرى كانوا. يشرفون عليها ويأخذون ضرائب البيع والشراء منها. وقد ورد أن "عمر" استعمل على سوق المدينة "السائب بن يزيد" وسليمان بن أبي خيثمة وعبدالله بن مسعود. ولم تشر الرواية إلى الأعمال التي أناطها "عمر" بهؤلاء. ولكني لا استبعد احتمال كون هذا التعيين استمرار لعادة قديمة كانت متبعة بيثرب قبل الإسلام، لمراقبة السوق، ولمنع للتلاعب به وأخذ الحقوق من التعامل بالسوق.

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق