إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 1 فبراير 2016

1688 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الثامن بعد المئة أصحاب المال سرقة أموال الآلهة


1688

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
       
الفصل الثامن بعد المئة

أصحاب المال

سرقة أموال الآلهة

وقد ورد في نص من نصوص المسند، وعيد بان ينزل الإلَه رب السماء "ذ سموي" غضبه ولعناته وكل سوء، وأن يلحق البؤس "يباس" بكل "نفس" إِنسان لا يبالي بأوامر ذلك الإله، فيسرق "ذ يسرقن" محرمه، ويسرق من أموال محرمه "بقرم" بقرأَ، أو غير ذلك كما أشير إلى العقوبات التي ستنزل بذلك الإنسان المتطاول المخالف لأوامر الألهة. عقوبات العذاب "عذبن" تنزلها الالهة على أولئك الأشخاص.

ولهذا النص أهمية كبيرة بالنسبة الينا، لأنه شاهد ناطق على أن الإنسان عند الحاجة وعند تصوره وجود منفعة وفائدة له لا يعبأ بسرقة آلهته وبالسطو على ما في معابدها من أموال وحلال، وأنه لا يتردد من السطو على أوقاف تلك الالهة وأخذ ما فيها. لا فرق في ذلك بين إنسان قديم، كان للدين عليه وعلى مجتمعه نفوذ وسلطان،وبين مجتمع حديث تهذب فيه الإنسان وارتفعت فيه مداركه ومزاياه فها نحن أمام جماعة سرقت معبد "محرم" إلآهها "ذو سموي" رب السماء، ولم تكتف بسرقة ذلك المعبد، بل سرقت البقر في الأرض المحبوسة على ذلك الإلَه، ولهذا أمر رجال ذلك المعبد الناطقين باسم ذلك الإله بكتابة ذلك النص ليقرأه الناس وليروا ما فيه من لعنات ستنزل على من يتجاسر على مخالفة أوامر ذلك الإلَه، فيسرق معبده ويسرق بقره.

ويلاحظ إن التشريع قد اعتبر القبيلة والجماعة وحدة اجتماعية مسؤولة أمام الإلهَ عن كل ما اقترفه أفرادها من سرقات وآثام. فإذا سرق أحدهم من معبده أو ألحق أضرارأَ بأملاكه، صارت القبيلة مسؤولة قانوناً وكلها أمامه، وعليها إنزال عقابها بالفاعل، بالاضافة إلى العقاب الذي يفرضه المعبد عليه. وبإيقاع المسؤولية على القبيلة كلها، يكون المعبد قد أمن بذلك من غدر الأفراد المجهولين، ومن تطاول السرّاق المتسترين على أموال المعابد والآلهة،ومتى وجدت القبيلة انها مسؤولة عن ذلك بالتضامن، فإنها تكون حذرة وعيناً على السرّاق والمفسدين، لا سيما إذا ما علمت إن الآلهة تغضب عليها فتصيبها بالكوارث،فتقلّ بذلك حوادث السرقات بالنسبة إلى أموال المعابد والأوقاف.

ويجب أن نتذكر هنا القصة التي يرويها أهل الأخبار عن سرقة "كنزالكعبة" وذلك قبل بنيانها بقليل، ووضع السراق ما سرقوه عند "دويك" مولى لبني "مليح ابن عمرو" من خزاعة، وقطع أهل مكة يده لذلك. وما ذكره أيضاً من أن سارقاً سرق من مالها زمن جرهم، فانتزع المال منه.

كذلك يجب أن نتذكر إن سارقاً سرق من بيت "عائشة" شيئاً، فدعت عليه، فقال لها النبي: "لاتسبخي عنه بدعائك عليه"، أي لا تخففي عنه إثمه الذي استحقه بالسرقة بدعائك عليه. سرق بيت رسول الله مع انه مسلم مؤمن بالله وبرسوله،لم يردعه عن السرقة دينه، وقد تكون الحاجة قد دفعته إلى تلك السرقة.

ووصلت إلينا نصوص أخرى يفهم منها أن أشخاصاً استدانوا من أموال المعبد، فلم يؤدوها له، وأن قوماً أكلوا حقوق الآلهة المفروضة عليهم من أعشار ونذور، وفي بعض منها إقرار من أصحابها بأنهم أكلوا حق الآلهة، أو لم يتمكنوا من الوفاء بديونهم أو بنذورهم لها، فهي تتوسل إليها بأن تغفر لأصحابها ما اقترفوه بسبب ذلك من إثم، وأن تمن عليهم بالصحة والعافية. ويظهر أنم أصيبوا بسوء ومرت بهم أوقات عصيبة، جعلتهم ينسبون ما حل بهم إلى فعل الالهة، والى غضبها عليهم بسبب أكلهم أموالها وحقوقها، فكتبوا ما كتبوه يستغفرون ويتوبون، يرجون الصفح والعفو، وقد وعد بعضهم بالوفاء بل ما أخذه ولوّاه.

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق