إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 1 فبراير 2016

1684 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل السابع بعد المئة المال التسليف


1684

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
      
الفصل السابع بعد المئة

المال

التسليف

وفي جملة وسائل الاستفادة من المال: التسليف. وهو تسليف المال لمزارع أو لأصحاب الإبل والماشية في مقابل شيء يتفق عليه، يدفع بعد البيع أو الحصاد. يدفع نقوداً أو عيناً أو إبلاً أو ماشية أو أي شيء آخر يتفق عليه. والسلف، هو أن يعطى مالاً في سلعة إلى أجل معلوم بزيادة في السعر الموجود عند السلف، وذلك منفعة للمسلف.وقيل كل مال قدمته في ثمن سلعة مضمونة اشتريتها للصفقة، فهو سلم وسلف. والسلف القرض الذي لا منفعة فيه للمقرض غير الأجر والشكر وعلى المقترض رده كما أخذه.

وذكر العلماء أن السلف في المعاملات له معنيان: أحدهما القرض الذي لا منفعة للمقرض فيه غير الأجر والشكر وعلى المقترض ردّه كما أخذه. والعرب تسمي القرض سلفاً، والمعنى الثاني في السلف، هو أن يُعطى مالاً في سلعة إلى أجل معلوم بزيادة في السعر الموجود عند السَّلف، وذلك منفعة للمسلف.

ولما قدم النبي المدينة، وجدهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين، أي يعطون الثمن في الحال ويأخذون السلعة في المآل. فقال لهم: من أسلف فلا يسلف إلا في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم. ويظهر من ذلك انهم كانوا يسلفون المزارع مالاً، ويشترطون عليه أن يعطيهم في مقابل ذلك حاصلاّ، أو يبيع زرعه عندهم أو بواسطتهم، وذلك على نحو ما يفعل المزارعون في هذا الوقت. فيكسب المسلف،ويربط المزارع به، بحيث يرغمه على أن يكون مرجعه الوحيد في بيع حاصله. فجوّز الرسول السلف،على أن يكون بيعاً شرعياً صحيحاً، كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم.

و "القرض" الذي لا منفعة للمقرض فيه غير الأجر والشكر، هو ما يقال له "قرضاً حسناً" في الإسلام، وهو ما تعطيه لتقضاه، أي ما يعطى قرضاً، فيعاد إلى صاحبه.

وقامت المعابد في العربية الجنوبية بتسليف المال للمحتاج اليه. ولا أعني بالمال النقود، بل كل شيء له ثمن وقيمة. وكانت تتقاضى فائضاً في مقابل الاستفادة منه. وقد كانت معظم معابد ذلك الوقت تقوم مقام "بنوك التسليف" في هذا اليوم بتسليف الأموال إلى المحتاج لها، لما كان عندها من فائض يأتيها من أملاكها ومن حقوقها المفروضة على أتباعها، فتاجرت في الأسواق، وسلفت الفائض إلى المتسلفين.

ولهذه المعابد بيوت وضعت بها أموال المعبد، وهي خزائن المعابد، وبيوت المال عند المسلمين. وقد كانت في المعابد في الغالب، ليكون في وسع أصحاب النذور طرح نذورهم بها. أما الزروع والمواشي التي تكون من حقوق المعبد فتحفظ في المخازن المخصصة لهذه الغاية وفي "حرم" الالهة المحماة باسمها لرعي ماشيتها. وقد تحدثت عن "الغبغب" الذي كان بمكة في الجزء السادس من هذا الكتاب، وقد كان خزانة للكعبة، وأشرت إلى وجود خزائن لبيوت الأرباب الآخرى. وسدنة الأصنام هم حفّاظها وأمناؤها، ولا استبعد احتمال قيام هؤلاء السدنة بالاتجار باسم المعابد، وبتسليف ما في خزائنها من مال إلى المحتاجين اليه.

وقد عرف الاستلاف من بيت المال في الإسلام. استلف منعه بعض الخلفاء والعمال وكبار الرجال لحاجتهم إلى المال أو لتشغيله وللاستفادة منه تجارة أو لاستخدامه في مشاريع زراعية مثل إحياء موات، أو تحويل مجرى ماء إلى غير ذلك من سلف وقروض نص عليها أهل التواريخ والأخبار.

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق