إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 2 يونيو 2014

340 عمر بن عبد العزيز ( معالم التجديد والاصلاح الراشدى ) على منهاج النبوة الفصل الثالث : السياسة الداخلية لمعاوية رضي الله عنه المبحث السابع : الشرطة في عهد معاوية : أولاً : الشرطة في العراق :


340

عمر بن عبد العزيز ( معالم التجديد والاصلاح الراشدى ) على منهاج النبوة

الفصل الثالث : السياسة الداخلية لمعاوية رضي الله عنه

المبحث السابع : الشرطة في عهد معاوية :

أولاً : الشرطة في العراق :

يعتبر المغيرة أول والٍ يعينه معاوية في الكوفة وقد استعان برجال الشرطة لغرض بسط الأمن، وعين صاحب الشرطة عُرف بشراسته وقسوته وكان يُدعى قبيصة بن دمّون ، ومن الحوادث التي تبين مدى فعالية الشرطة في حفظ الأمن والنظام ما أورده الطبري حول صراع المغيرة مع الخوارج، وذلك حين أخبره صاحب الشرطة باجتماعهم في الكوفة لإثارة القلاقل والاضطرابات، فأصدر المغيرة أوامره إلى صاحب الشرطة لمحاصرة مكان الاجتماع، وبعد أن ألقى القبض عليهم أودعهم السجن. وفي البصرة، عين معاوية عبد الله بن عامر والياً عليها ثم عزله في عام 45هـ وعين زياد بن أبيه والياً على البصرة. وقد تبين لزياد عند وصوله البصرة مدى التدهور الحاصل في الأمن، فذكره وشدّد عليه في خطبه التي افتتح بها ولايته، جرياً على العادة في ذلك الوقت فألقى خطبة طويلة سيأتي الحديث عنها بإذن الله، بين فيها أسلوبه الذي سوف يتبعه في معالجة التدهور الأمني، ومن قراءة تلك الخطبة تبين أن زياد كان مصمماً على إقامة الأمن والنظام بغض النظر عن الوسيلة التي تحقق ذلك الهدف ، ولو كانت بالعسف وخصوصاً حين يقول: وإني أقسم بالله لأخذنّ الولي بالولي، والمقيم بالظاعن، والمقبل بالمدبر، والصحيح منكم بالسقيم، حتى يلقى الرجل منكم أخاه فيقول: أنج يا سعد فقد هلك سعيد، أو تستقيم لي قناتكم ، ويروي البلاذري كيف استتب الأمن في البصرة في عهد زياد، وذلك في حادثة مفادها أن زياداً سمع جلباً وأصواتاً بين العامة، فسأل عن السبب فقيل له إنّ قد استأجر من يحمي له بيته، وذلك نظراً لعدم وجود الشرطة، وانتشار السَّراق ، وفي اليوم التالي أمر زياد صاحب الشرطة بأن يقوم الشرطة بحراسة الطرقات بعد صلاة العشاء ، ويضيف البلاذري أنّ الشرطة قد قتلت ما يقارب الخمسمائة نفر من لص ومنتهب للبيوت ، ويعتبر زياد أول من منع التجول وذلك بمنع العامة من الخروج من منزلهم ليلاً ، وكان يأمر صاحب شرطته بالخروج فيخرج ولا يرى إنساناً إلا قتله. فأخذ ليلة أعرابياً، فأتى به زياداً فقال: هل سمعت النداء؟ ـ يقصد نداء منع التجاول ليلاً ـ قال: لا والله، قدمت بحلوبة  لي وغشيني الليل فاضطررتها إلى موضع، فأقمت لأصبح، ولا علم لي بما كان من الأمير: قال: أظنك والله صادقاً، ولكن في قتلك صلاح هذه الأمة، ثم أمر به فضربت عنقه . ومثل هذا الفعل الظالم لا تقرّه الشريعة مهما كانت التبريرات . وعلى ما يبدو أن قتل البدو لم يكن لمجرد الرغبة في القتل ذاته، بل تمّ لإقناع أهل البصرة بجدية الوالي في تنفيذ أوامره، وأن لا أحد منجى من العقوبة إذا خرق القانون، حتى لو كان بريئاً لا ذنب له، كما سبق وهدّد في خطبته البتراء، لقد كان الهدف النهائي عند زياد، إقرار هيبة الدولة والحصول على طاعة العامة، ولو عن طريق الإرهاب، وبذلك تستقيم الأمور في البصرة حيث ترى العامة أن الأمر لا هزل فيه ولا هوان في تطبيق العقاب ، ولم يكن خافياً على زياد بن أبيه ضرورة إعادة تنظيم جهاز الشرطة حتى يتمكن من تحقيق سيطرة فعالة على الأوضاع الأمنية، لذلك عمل زياد على اتخاذ بعض الإجراءات التي تسمح له بفرض هيمنته، منها زيادة عدد الأفراد العاملين في الشرطة فصعّد عددهم  حتى وصل أربعة آلاف فرد، وعين اثنين في منصب صاحب الشرطة بدلاً من واحد  إن ارتفاع عدد رجال الشرطة إلى أربعة آلاف يدل على أمرين: أولهما: ـ شدة الاضطراب الداخلي. الثاني: ـ أن الشرطة كانت ترفد الجيش في كثير من الأحيان . وبلغ من دقته في عهده أنه قال: لو ضاع حبل بيني وبين خراسان علمت من أخذه ، وترتب على ذلك ما قاله الطبري:... وكان زياد أول من شد أمر السلطان، وأكد الملك لمعاوية، وألزم الناس الطاعة، وتقدم في العقوبة، وجرد السيف، وأخذ بالظنَّة، وعاقب على الشبهة وخافه الناس في سلطانه، خوفاً شديداً، حتى أمن الناس بعضهم بعضاً، حتى كان الشيء يسقط من الرجل أو المرأة فلا يعرض له أحد حتى يأتيه صاحبه فيأخذه، وتبيت المرأة فلا تغلق عليها بابها، وساس الناس سياسة لم ير مثلها، وهابه الناس هيبة لم يهابوها أحداً قبله، وأدرّ العطاء، وبنى مدينة الرزق ، وعندها ضمّ معاوية الكوفة إلى ولاية زياد واستطاع أن يفرض النظام الأمني حيث حقق للأمويين رغبتهم في استقرار النظام والأمن في كل من البصرة والكوفة، وحيث أصبحت الشرطة أهم قوة داخلية وأكثرها فاعلية .

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق