5-8
تاريخ العالم الإسلامي - الفصل الخامس - الدول الإسلامية في المغرب
الأشراف الحسنيون:
قامت دولة الأشراف السجلماسيين الحسنية في المغرب الأقصى فاتخذ المولى محمد بن الشريف جيشاً وانضم إليه جمع من أهل سجلماسة وأعمالها وذلك سنة 1045هـ- 1635م، وكان أصحاب أبي حسون قد أساؤا السيرة بسجلماسة ونصبوا حبالة الطمع في الناس حتى ملتهم القلوب وزرعوا بغض المملكة السوسية في قلوب الخاصة والعامة، ولما دعا الناس إلى الإيقاع بأهل السوس أجابوه وأجمع رأيهم على بيعة المولى محمد فبايعوه سنة 1050هـ- 1640م، في حياة أبيه ووافق على بيعته أهل الحل والعقد بسجلماسة، فاستتب أمره واستولى على درعة وأعمالها واتسعت ايالته وتوفرت جموعه وعظمت جبايته وطار في بلاد المغرب صيته.
ولما قتل محمد بن الشريف سنة 1075هـ- 1664م، انحشرت جموعه كلها إلى أخيه المولى الرشيد فبايعوه البيعة العامة وعظم أمره وفتح مدينة تازا وسجلماسة وفاس وزاوية ومراكش وتارودانت وايليغ وسائر السوس.
وكانت أساطيل الحسنيين تطوف حوالي بلاد المغرب وما جاورها، فيغير قرصان البحار على سفن الفرنج ويأخذونها غنيمة مما جعل المستعمرين يبررون موقفهم في الاستيلاء على المغرب.
وكان بعض الأوروبيين كالدانيماركيين وغيرهم يؤدون إلى سلطنة مراكش كل سنة مالاً في مقابلة عدم التعدي على سفنهم التجارية.
وظلت دولة الأشراف الحسنية تدافع تيار دول الاستعمار من اسبانيول وبرتغال وافرنسيس وانكليز وعثمانيين وغيرهم تارة بعقد معاهدات وأخرى بوقائع حربية دامية حتى غلبت على أمرها وسلب منها استقلالها، وذلك لما احتلت فرنسا الجزائر في بداية الثلث الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي، وظلت تعمل في السر والخفاء لتصل إلى ثغرة تنفذ منها إلى إخضاع الدولة المراكشية والسيطرة عليها.
ولما جلس المولى عبد العزيز على عرش المغرب تحفزت لفرنسا لبسط نفوذها على مراكش، فكانت انكلترا واقفة لها بالمرصاد خشية من امتدادها إلى جبل طارق ولما حل عام 1322هـ- 1904م، جرت مذاكرات بين انكلترا وفرنسا أسفرت عن توقيع معاهدة في 8 نيسان نصت المادة الأولى منها على تنازل فرنسا عن حقوقها في مصر لإنجلترا ونصت المادة الثانية على أن فرنسا لا ترغب في إجراء تبديل الحالة السياسية في مراكش، وأن بريطانيا تعترف بأنه من شأن فرنسا أن تحافظ على سلامة بلاد مراكش، وأن تقدم لها جميع ما تحتاج إليه من المساعدات الإدارية والاقتصادية والمالية والإصلاحات العسكرية، وأن بريطانيا لا تمانع في بسط نفوذ فرنسا على مراكش بشرط المحافظة على حقوقها وامتيازاتها، وفي شهر تشرين الأول من السنة نفسها عقد اتفاق بين فرنسا واسبانيا، حددت فيه مصالحهما في مراكش، فأحدث ذلك ضجة كبرى في الأندية الألمانية، واعتبرته الحكومة الألمانية عملاً مغايراً لنصوص معاهدة برلين وطلبت وضع المسألة المراكشية على بساط البحث فأذعنت فرنسا، ووافقت على عقد مؤتمر دولي عام لوضع حد نهائي للقضية المراكشية، فعقد المؤتمر في الجزيرة إحدى مدن الاسبان، حضره مندوبو الدول صاحبة الشأن ووضع في صفر 1324هـ- 7 نيسان 1906م، معاهدة تحتوي على 123 مادة، منها المادة الأولى تنص على الاعتراف باستقلال السلطان، والمادة الثانية تنص على المحافظة على كيان السلطنة المراكشية تحت حماية فرنسا، ونصت المادة الثالثة على أن للدول الموقعة على هذه المعاهدة الحرية التجارية وغيرها من الشؤون، غير أن المراكشيين رفضوا الخضوع لمقررات المؤتمر وقامت ثورة بزعامة الرسولي، أرسلت فرنسا على أثرها قوة لإخمادها، واحتلت العوجاء والدار البيضاء والشاوية، وجاءت اسبانيا على الأثر، فحشدت قوات في مليلة وسبتة، وخلع أهل المغرب المولى عبد العزيز عن كرسي المملكة، وولوا مكانه المولى عبد الحفيظ.
وفي 5 صفر 1329هـ - آذار 1911م هاجمت القبائل مدينة فاس، فاستنجد السلطان بالجنود الفرنسية، فأرسلت فرنسا قوة لحماية السلطان، واحتلت في شهر أيار فاس، كما احتلت في الوقت نفسه الجنود الاسبانيين العرايش ، فعدت ألمانيا هذا العمل مخالفاً لاتفاقية الجزيرة وأرسلت أسطولها إلى أغادير، وعقد على أثرها مؤتمر في الجزيرة في ذي القعدة 1329هـ- 4تشرين الأول 1911م اعترفت بموجبها ألمانيا:
1- بحماية فرنسا على مراكش لقاء تنازلها لألمانيا عن 27500 كيلو متر في الكونغو.
2- أن تحتل فرنسا أي مقاطعة في مراكش تراها مناسبة لحفظ الأمن.
3- أن تمثل فرنسا السلطان بأموره الخارجية.
4- حرية التجارة في هذه البلاد.
وبعد انفضاض المؤتمر وقعت معاهدة في ربيع الثاني 1330هـ- 30 آذار 1912م بين مراكش وفرنسا، اعترف سلطان المغرب بموجبها أن بلاده أصبحت محمية فرنسية وكانت اسبانيا تدعي حق الحماية على جانب من المغرب الأقصى، فاتفقت هي وفرنسا في تشرين الثاني من تلك السنة على تحديد مصالحهما، ونصيب كل منهما من تلك البلاد.
وحدثت ثورات عديدة بمراكش خلال الحرب العامة الأولى، وبعده ضد المحتلين، أشهرها ثورة محمد بن عبد الكريم الخطابي فقد شكل جمعية وطنية وعقدت اجتماعها الأول في بدء سنة 1340هـ- 1921م فكان قرارها الأول إعلان استقلال البلاد وتشكيل حكومة دستورية جمهورية، يرأسها محمد بن عبد الكريم زعيم الثورة، ثم وضعت دستوراً للبلاد مبدؤه سلطة الشعب، وجعل السلطتين التشريعية والتنفيذية في يد الجمعية الوطنية، وجعل رئيس الجمهورية رئيساً للجمعية المذكورة، وأوجب على كل شيخ وزعيم وقائد من أعضاء المجلس تنفيذ المقررات التي تقرها الجمعية وهم مسؤولون عنها تجاه الرئيس بصفته رئيس الحكومة.
وبذل محمد بن عبد الكريم كثيراً من الجهود السياسية والجهود الحربية لإيقاف الطامعين المستعمرين عن حقهم والاعتراف باستقلال بلاده. واهتمت الجمعية الوطنية اهتماماً عظيماً في تكوين الجيش فجعلته في مقدمة القضايا، فأقرت التجنيد العام واستعرت نار الحرب بين الجيشين الريفي والاسباني، وهزم الأخير في كثير من المعارك، وقرر مجلس الوزراء الاسباني انتداب وفد للمفاوضة مع محمد بن عبد الكريم في عقد الصلح مع الريف وإنهاء الحرب وقد اشترط مندوب الريف لعقد الهدنة مع الاسبان الشروط الآتية:
1- أن تدفع اسبانيا عشرين مليوناً من الجنيهات كتعويض.
2- أن تسلم اسبانيا لحكومة الريف خمس عشرة طيارة، ومئة ألف بندقية، ومئة وعشرين بطارية مدافع جبلية.
3- أن يجلو الاسبان عن مراكش إلى حدود مليلة وسبتة
4- إذا قبلت اسبانيا بشروط هذه الهدنة سيبحث في الصلح ومبادلة الأسرى.
وقد رفضها الاسبان، وأصدروا بلاغاً بتنفيذ الجلاء عن 200 مركز من مراكز الريف.
وعز على فرنسا أن ترى جمهورية محمد بن عبد الكريم مجاورة للجزائر في الغرب ولمراكش في الشمال، فأخذ المرشال ليوتي يعد قواته على الحدود، ويقيم المخافر الأمامية استعداداً للحرب، وجعلت بعض صحف باريس تمهد السبيل لإقناع الرأي العام الفرنسي بضرورة الحرب مع عبد الكريم الخطابي، فاشتعلت نار الحرب بين الخطابي والفرنسيين، وانتصر الخطابي في كثير من المعارك، غير أن قوة الاستعمار قد تغلبت على الحق، وقضت على هذه الجمهورية الفتية.
وأخيراً تزعم محمد الخامس الحركة الوطنية المراكشية، فخلعه الفرنسيون ونفوه، ونوع الاستعمار الفرنسي الأساليب لخنق هذه الحركة المباركة، فلم يستطيعوا بل اضطروا إلى إعلان تصريح سان كلو في صفر1375هـ- 6 تشرين الأول 1955م الذي اعترف بمبدأ المفاوضة في سبيل تحقيق الاستقلال المراكشي، وعاد محمد الخامس إلى بلاده وعرشه في 16تشرين الأول، وتألفت أول حكومة برئاسة مبارك البكاي في8 كانون الأول وفي رجب 1375هـ-2آذار 1956م، تم توقيع التصريح المشترك المغربي الفرنسي في باريس الذي ألغى معاهدة الحماية المفروضة على مراكش في 30 ربيع الثاني 1330 هـ - آذار 1912م.
وفي 7 نيسان 1956م، تم توقيع التصريح المشترك المغربي الاسباني الخاص بإلغاء نظام ربيع الثاني 1330هـ- 30 آذار سنة 1912م، واتفاقية مدريد التي وقعت في 27تشرين الثاني من نفس السنة، واعتراف اسبانيا باستقلال المغرب ووحدة أقاليمه وفي 25 أيار 1956م تم توقيع الاتفاقية الدبلوماسية بين المغرب وفرنسا وأرسل في 7 تموز من السنة المذكورة الوفد المغربي فتسلم السلطات من الاسبان في منطقة شمال المغرب.
وفي 14 تموز أرسل وزير خارجية مراكش إلى الأمين العام لهيئة الأمم طلب انضمام المغرب إلى المنظمة الدولية، فأوصى مجلس الأمن بالإجماع الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة بقبولها المغرب عضواً في الهيئة وقد قبل الطلب وأصبح المغرب في عداد أعضاء هيئة الأمم المتحدة.
المولى محمد بن الشريف
1050هـ-1640م
المولى الرشيد
1075هـ-1664م
أبو النصر المولى إسماعيل
1084هـ-1672م
أحمد الذهبي
1139هـ-1727م
المولى عبد الله بن إسماعيل
1141هـ-1728م
المولى محمد بن عبد الله
1171هـ-1757م
المولى يزيد
1204هـ-1789م
المولى سليمان
1206هـ-1789م
المولى عبد الرحمن بن هشام
1231هـ-1816م
المولى محمد بن عبد الرحمن
1276هـ-1859م
المولى الحسن
1290هـ-1873م
المولى عبد العزيز
1311هـ-1894م
المولى الحفيظ
1326-1330هـ/1909-1912م
السلطان يوسف
1330-1346هـ/1912-1927م
الملك محمد الخامس
1346-000هـ/1927-000م
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق