إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 28 يونيو 2014

6-7 تاريخ العالم الإسلامي - الفصل السادس - مصر والشام وجزيرة العرب العائلة المحمدية العلوية (1):


6-7

تاريخ العالم الإسلامي - الفصل السادس - مصر والشام وجزيرة العرب

العائلة المحمدية العلوية (1):

قامت العائلة المحمدية العلوية في مصر 1220هـ-1805م، أسس هذه العائلة محمد علي باشا الكبير، ولد بمدينة قوله من أعمال مقدونية سنة 1182هـ-1768م، وكان والده يسمى إبراهيم آغا من ضباط تلك المدينة، ولما توفي والده تركه في سن لايتجاوز الأربع سنوات فكفله عمه، ثم مات عمه بعد ذلك بمدة يسيرة فتكفل به حاكم المدينة المذكورة ورباه عند أحد أصدقاء والده، فشب على حب استعمال السلاح، وزوجه وهو في الثامنة عشرة من العمر بإحدى قريباته، وكانت ذات يسار، فكان ذلك مبدأ ثروته واشتغل بالتجارة ونجح فيها خصوصاً في تجارة التبغ التي هي أعظم حاصلات بلدته.

ولما عين كوجك حسين باشا لإخراج الفرنسويين من مصر كتب إلى (جورباجي) مدينة قوله حسين آغا بإرسال عدة من العسكر فأرسل مائتي جندي مع صهره محمد علي آغا هذا صحبة الأسطول الذي أقلع إلى مصر سنة 1214هـ-1799م، وبعد إخراج الفرنسويين من الديار المصرية 1216هـ-1801م، ترقى محمد علي إلى رتبة قائد فرقة، ثم توظف في معية محمد خسرو باشا والي مصر، ولم يزل محمد علي يتقدم إلى أن ارتقى إلى رتبة أمير لواء، فظهر حينئذٍ إقباله وعلا نجم سعده حتى خاف منه خسرو باشا وأراد الفتك به.

وبعد حدوث أمور ووقائع يطول شرحها صدرت الأوامر السلطانية بتولية محمد علي باشا على الديار المصرية في شهر صفر من سنة 1220هـ- 1805م، عملاً بإرادة أعيان البلاد وأمرائها.

وأخذ محمد علي بعد توليته يسعى بشتى الطرق في تسكين الاضطرابات وقطع دابر الفتن واستمالة قلوب المشايخ والعلماء وأصحاب الكلمة.

ثم أن الحكومة الانكليزية اعتبرت تثبيت محمد علي مخلاً بنفوذها ومضراً بمصالحها، فجردت حملة تحت قيادة الجنرال فريزر لإرجاع سلطة المماليك، فوصل الانكليز الإسكندرية في 9 المحرم سنة 1222هـ- 17آذار 1807م، وفي 4 رجب 1222هـ-1807 م، عقد صلح بين محمد علي والانكليز مؤداه أن يخرج الانكليز من الإسكندرية وفي 17 رجب 1222هـ-1807م، خرج الانكليز من الإسكندرية ودخلها محمد علي.

ولما رسخ قدم محمد علي، وقويت شوكته، سعى بعض الناس في مصالحته مع المماليك، ثم أخذ يسعى محمد علي في تخليص مصر منهم وعزم على إبادتهم ودمارهم.

وتم لمحمد علي ما أراد وذلك أن السلطان محمود الثاني كلفه بقهر الوهابي الذي كان قد استفحل أمره في بلاد العرب وأمره بإخضاع الوهابيين، فانتهز محمد علي الفرصة وأجاب السلطان طائعاً وشرع يجمع القوى اللازمة لتلك الغزوة وبعد أن رتب الحملة صورة وجعلها تحت قيادة ابنه طوسون، وأمر بخروج الحملة، وقوادها وعسكر بهم في الحصوة المسماة بالعباسية، ودعا جميع الأعيان والأمراء والمماليك لوداع ابنه طوسون والاحتفال بخروجه ورجاله إلى الغزوة.

وفي صفر 1226هـ-أول آذار 1811م، اجتمع الناس وورد المماليك إلى القلعة أفواجاً وصار محمد علي يستقبل المماليك ويرحب بهم في سرايته حتى إذا تكامل الجمع وأزفت الساعة الموعودة أمر محمد علي بمسير الموكب فسار وكان المماليك في الخلف حولهم الفرسان والمشاة حتى إذا قربوا من باب العزب من أبواب قلعة القاهرة وساروا في طريق ضيق منحدر بين أسوار عالية، فأمر محمد علي بغلق الأبواب وأشار إلى الأرناؤد فهجموا على المماليك بغتة فارتاعوا وحاولوا الفرار فلم يجدوا لهم ملجأ، وسقط المشاة على المماليك من خلفهم ضرباً برصاص البنادق فأرادوا الرجوع إلى الخلف فلم يتمكنوا من كثرة الخيول وضيق الطريق، وبهذه المذبحة انقرضت طائفة المماليك.

ولما خلت البلاد من المماليك واطمأن بال محمد علي من خوف حدوث ثورة في البلاد أصدر الأوامر بتجهز الجيوش لحرب الوهابيين، فسافرت تلك الجيوش تحت قيادة نجله طوسون إلى ينبع 12 شعبان 1226 هـ- 3 أيلول 1811م، فاستخلصت من أيدي الوهابيين المدينة ومكة، ثم وقع بين الطرفين قتال شديد اضطر طوسون إلى الهزيمة، ولما عاد الجيش المصري إلى ينبع أرسل طوسون إلى أبيه يعلمه بالخبر، فجهز له جيشاً آخر حمل به طوسون على الوهابيين فقهرهم في عدة مواقع، وأراد محمد علي مشارفة القتال بنفسه، فسار إلى الحجاز وقبض على الشريف غالب بن مساعد لما تحقق فيه من الميل إلى الفتنة وأرسله إلى مصر ومنها نفته الدولة إلى سلانيك.

وبينما محمد علي يستعد لفتح ما بقي بيد الوهابية من الأقطار العربية، بلغه أن بيد لطيف باشا خطاً سلطانياً يقضي بتقليده الولاية المصرية، فأسرع محمد لاظ أوغلي نائب محمد علي بمصر مدة تغيبه بالقبض على لطيف باشا وقتله، ولما حضر محمد علي إلى مصر أخذ يقوي الثغور ويجهز المعدات الحربية، وأمر نجله طوسون بأن يعقد شروطاً بينه وبين أمير الوهابية عبد الله بن سعود تقضي بأن يرد الوهابيون جميع ما سلبوه من الحجرة النبوية، وأن يبقى أميراً ببلاده بشرط الطاعة لمحمد علي وعاد طوسون إلى مصر، وبعد قليل من الزمن أصيب بمرض لم يمهله ومات.

ولما رأى الوهابيون في أنفسهم القدرة على القتال استعدوا له واستعد محمد علي لقتالهم وأعد السفن لحمل الجنود، وجعل على هذه القوة ولده إبراهيم 12شوال 1231هـ-13 أيلول 1816، ولما اجتمعت الجيوش في ينبع تقدم بها إبراهيم إلى الدرعية وبعد حصارها أياماً سلمها عبد الله بن سعود على غير شرط، ثم قبض عليه وعلى أتباعه وبعث به وبكثير من أمراء الوهابيين إلى مصر، ثم أرسلوا عبد الله بن سعود إلى دار الخلافة فقتل هو وأتباعه، وبموتهم انتهى أمر الوهابيين، وعاد إبراهيم إلى مصر بجميع عساكره، وأنعم عليه السلطان بلقب والي مكة.

وبعد أن فرغ محمد علي من هذه الطائفة التفت إلى تنظيم البلاد وإصلاح القطر المصري فقطع دابر الأشقياء وأمَّن السبل وأخذ في تحسين سير التجارة براً وبحراً واهتم بالزراعة وأمر بحفر بعض الترع وإصلاحها، ونشط الحركة العلمية وأصلح الجيش والإدارة، إلى ما هنالك من الإصلاحات العمرانية التي قام بها.

وجهز محمد علي سنة 1234هـ-1819م جيشاً، وجعل ابنه إسماعيل قائداً عاماً على هذه القوة وأرفقه بصهره أحمد الدفتردار فتوجها بالجيوش وتقدما نحو دنقلة، وهزم إسماعيل المماليك في واقعة كورتي 1235هـ-1820م، ثم امتلك في زمن قليل بلاد النوبة وبلاد سنار، ووجد إسماعيل نقطة اتصال النيل الأبيض بالنيل الأزرق أنها أعظم تلك البقاع وأحسنها فأخذ في تحصينها وأسس على رأسها مدينة الخرطوم.

وأحسنت الحكومة المصرية معاملة الأمراء السودانيين وكانت هذه المعاملة سبباً لمقاصد الحكومة في إدارة شؤون البلاد وإصلاح أحوالها، ونظمت مدينة الخرطوم وقسمت مقاطعات السودان وحسنت الزراعة ونشرت أصول الصناعة والتجارة فيها الخ.

ثم عزم محمد علي على توسيع تخوم الديار المصرية، ففتح 1235هـ-1820م سيوة وأخضع سكانها واعترفوا بالطاعة والخضوع للحكومة المصرية.

وفي عام 1239هـ-1824م، أرسل محمد علي بأمر الباب العالي حملة مصرية تحت قيادة ابنه إبراهيم للمحاربة في بلاد اليونان فسار وحارب، وأظهرت الحملة المصرية في تلك الحروب شجاعة الأبطال ولولا اتحاد الدول مثنى وثلاث على الجنود العثمانية والمصرية لما قامت لليونان قائمة في تلك الحرب.

وجرد محمد علي عام 1247هـ-1831م، حملة في البر والبحر إلى الشام فأرسل المشاة والمدفعية عن طريق العريش براً وسار إبراهيم في رجاله بحراً، أما حملة البر فاستولت على غزة ويافا، ثم وصل إبراهيم باشا إلى يافا وسار في جيشه إلى عكة، ثم سار إلى دمشق فأخضعها، ولم تدافع إلا يسيراً، وبرحها إلى حمص، حيث كانت تنتظره الجنود العثمانية تحت قيادة محمد باشا والي طرابلس فوصلها صفر 1248هـ-8 تموز سنة 1832م، وبعد الأخذ والرد استولى إبراهيم على حمص، فخافت الشام سطوة هذا القائد، فسلمت له حلب وغيرها من مدن الشام.

بعث الباب العالي حسين باشا السر عسكر بجيش عثماني لإيقاف إبراهيم باشا عند حده فجاء وعسكر في اسكندرونة فلاقاه إبراهيم باشا وحاربه وانتصر عليه، ثم تقدم في آسيا الصغرى تاركاً جبال طوروس وراءه، وكان الباب العالي أرسل رشيد باشا في جيش لملاقاته، فجند إبراهيم باشا جنداً كبيراً من البلاد التي افتتحها وسار نحو القسطنطينية لملاقاة رشيد باشا فالتقى الجيشان في رجب 1248هـ- ا كانون الأول سنة 1832م في قونية جنوبي آسيا الصغرى فتقهقر رشيد باشا برجاله واخترق إبراهيم باشا آسيا الصغرى حتى هدد الأستانة.

ولم يقف بإبراهيم عن المسير إلا توسط الدول وفي مقدمتهن الدولة الروسية فأنفذت إلى مصر البرنس مورافيف لمخاطبة محمد علي بذلك وتهديده، فبعث إلى إبراهيم أن يتوقف عن المسير، ثم عقدت بمساعي الدول معاهدة من مقتضاها أن تكون الشام قسماً من مملكة مصر وإبراهيم باشا حاكماً عليها وجابياً لخراج أدنة.

عاد إبراهيم باشا إلى الشام واهتم بتدبير أحكامها وأخذ يدير الأحكام بكل دراية وحكمة خشية سوء العقبى، وبالرغم من ذلك لم ينجح من ثورات استعرت نيرانها في الشام وحروب التقى فيها الجيشان العثماني والمصري.

وتوالت الحوادث إلى جمادى الأولى 1256هـ- 15تموز سنة 1840م، فانعقدت معاهدة لوندرا التي تقضي باعتبار محمد علي باشا من تابعي الدولة العثمانية.

وبعد ذلك بيسير من الزمن جاءت الجيوش الانكليزية إلى صيدا ثم سار الأسطول الانكليزي لحصار بيروت، وكانت تحت قيادة سليمان باشا الفرنسوي وقد حصنها تحصيناً منيعاً، ولكن لسوء الحظ جاءته الأنباء أن إبراهيم باشا قتل وتشتت رجاله، ولما رأى سليمان نفسه منفرداً في بيروت ترك المدينة فاستولى عليها الانكليز، ثم اتصل به أن إبراهيم باشا لايزال حياً ويأمره بالثبات أمام العدو.

ثم سار نابيه إلى الإسكندرية بست سفن انكليزية وعرض على محمد علي باشا الصلح فقبل وعقدوا معاهدة وقع عليها الطرفان، ومانعت الدول في تثبيتها وبقيت الأمور على حالها حتى دارت المخابرات بين الباب العالي ومحمد علي باشا، فأراد السلطان إرضاء محمد علي، فأعطاه ولاية مصر على أن تكون وراثية لنسله بشرط أن يكون للسلطان الحق المطلق أن يختار من عائلة محمد علي من يريد لتوليتها، فتردد محمد علي في بادئ الأمر، ثم أمر جيوشه أن تنسحب من الشام.

وتولى إبراهيم بن محمد علي الإمارة المصرية بعد تنازل أبيه عام 1265هـ- 1849م، وقد تقدم في سيرة أبيه معظم سيرة حياته، لأنهما عملا معاً في مصر، وكان إبراهيم ساعد أبيه الأيمن في فتوحه وسائر أعماله العسكرية، ولم يدم حكم إبراهيم إلا أحد عشر شهراً، وتوفي قبل والده.

ثم تولى عباس الأول 1265هـ-1849م، وكان على جانب من العلم والمعرفة، وشهد أكثر الوقائع الحربية وفي عهده أنشئ الخط الحديدي بين مصر والإسكندرية وأسست المدارس الحربية في العباسية، ومدت الخطوط البرقية، وجهزت حملة عسكرية لنجدة الدولة العثمانية في حربها ضد الروس.

ثم تولى الحكم سعيد بن محمد علي سنة 1270هـ-1854 م، وفي عهده تم تمديد الخطوط الحديدية والبرقية بين الإسكندرية ومصر، وعدلت الضرائب، ورفع كثير منها، وثارت مديرية الفيوم على الحكومة فأخمدت ثورتها، وأعطيت بلاد السودان بعض الامتيازات، وولي عليها الأمير حليم حكمداراً.

ثم تولى الحكم إسماعيل بن إبراهيم سنة 1280هـ-1863م، ووقعت في ولايته حوادث عظيمة بالديار المصرية منها: الاحتفال بفتح قناة السويس سنة 1286هـ - 1869م، كان قد بوشر بحفرها على عهد عمه سعيد باشا فحضر ذلك الاحتفال ملوك أوربا، أو من يقوم مقامهم، وأعد لضيوفه من وسائل الزينة شيئاً كثيراً، حتى أنه بنى الأوبرا الخديوية بالقاهرة لتكون مرسحاً يشاهد فيه ضيوفه صنوف التمثيل.

وقد فتحت القناة، وبيد الحكومة المصرية 44 بالمئة من أسهمها ونحو 52 بالمئة من أسهمها لفرنسا، وأما إنكلترا فلم تشتر إلا 85 سهماً.

ثم تهور إسماعيل في النفقات على البلاد، وعلى نفسه، فاضطر للأموال فجعل يبدد مما في يديه من الأسهم، واحتاج أخيراً إلى مبلغ كبير، فتقدمت فرنسا لابتياع تلك الأسهم، فانتبهت إنكلترا لما يترتب على ذلك من ازدياد نفوذ فرنسا في تلك المنطقة، فابتاعت من إسماعيل 176000 سهم بمبلغ 4000000 جنيه، ثم تورط في إسراف المال، فاحتاج إلى مال آخر، فاقترض مليون جنيه من شركة السنديكات الكبرى ورهن عندها حصة مصر من أرباح القناة أي 15 بالمئة.

وبسبب إسرافه الكبير، تدخلت بعض الدول الأوربية ذات العلاقة في الشؤون المالية المصرية، فوضعوا قانون التصفية، وعجزت مصر عن دفع المليون جنيه المذكور فتنازلت عن الرهن، وتألفت شركة فرنسية دفعت الدين، وقامت مقام مصر في الاستيلاء على حصتها المشار إليها.

وكان إسماعيل قبل بيع أسهم القناة قد باع أرباحها لعشرين سنة، فلما باع الأسهم لإنكلترا سوت تلك الأرباح بأن تسددها الحكومة المصرية بأقساط مقدارها 200000 جنيه كل سنة إلى عام 1314هـ-1869م.

ثم عينت الدول ذات العلاقة 1295هـ-1878م، لجنة مالية مختلفة، لمراقبة حسابات الحكومة المصرية، فرأت فيها عجزاً مقداره مليون ومائتا ألف جنيه، فتنازل إسماعيل عن أملاكه الخاصة وأملاك عائلته للحكومة التي تعرف بأملاك الدومين كما تقرر في تلك السنة استقراض ثمانية ملايين جنيه ونصف، وجعلت أملاك الدومين رهناً لها، وهذا الدين المعروف بدين روتشيلد.

ثم صادق إسماعيل على تعيين ناظرين في مجلس النظار، أحدهما انكليزي للمالية والآخر فرنسي للأشغال العمومية، ثم أخرج الناظرين الأجنبيين، فعظم ذلك على دولتي إنكلترا وفرنسا، فعمدتا إلى الانتقام، فسعتا في ذلك لدى الباب العالي سراً وجهراً حتى صدر الأمر الشاهاني سنة 1296هـ-1879م ، بإقالته وتولية ابنه توفيق ورحل إسماعيل إلى أوربا.

وفي 17 ربيع الآخر 1304هـ-13 كانون الثاني 1887م، ألح الباب العالي على الحكومة الانكليزية، أن تعين زمن جلاء جيوشها عن القطر المصري، فأجابت أنها لا يمكنها ذلك إلا متى استتب النظام فيه. وفي 3 شباط تقرر أن يكون جيش الاحتلال منحصراً في ثلاثة مراكز: فيقيم في القاهرة 2900 جندي، وفي الإسكندرية 900، وفي أصوان 4000.



يتبع



يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن











ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق