إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 28 يونيو 2014

6-8 تاريخ العالم الإسلامي - الفصل السادس - مصر والشام وجزيرة العرب العائلة المحمدية العلوية (2):



6-8


تاريخ العالم الإسلامي - الفصل السادس - مصر والشام وجزيرة العرب

العائلة المحمدية العلوية (2):

ثم خلف محمد توفيق ابنه عباس حلمي سنة 1309هـ-1892م، وقد تزعم حركة جلاء البريطانيين عن مصر مصطفى كامل، فجاهد بقلمه ولسانه وقلبه، في مصر وتركيا وربوع أوربا، يكتب ويخطب، فأنشأ جريدة اللواء، وأخذ يتصل برجال الصحافة والسياسة والنفوذ والأدب من مشاهير الغرب وإليك نموذج مما سطره قلمه إلى جلادستون في ربيع الثاني 1314هـ-28 أيلول 1896م: أيها السيد المبجل إن الذي يخاطبكم اليوم هو مصري، تشرف من قبل بمراسلتكم، ولما شرفتموني في شهر يناير الماضي بجوابكم الذي صرحتم فيه أن وقت الجلاء عن مصر قد حان منذ أعوام كتبت إليكم راجياً باسم الإنسانية والشرف البريطاني أن تلقوا خطبة تذكرون فيها حكومة الملكة بأنه هناك معاهدات خاصة بمصر، يجب احترامها، فلم يصلني جواب ما، وحسبت أن رجائي لم يؤثر أي تأثير في روحكم الشريفة الكريمة، واليوم أرى من الأسف أنكم لا تميلون إلا إلى المسيحيين من بني الإنسان أو ليس لنا حق كذلك نحن معشر المصريين المسلمين في دعواكم المؤثرة وندائكم القوي؟ أما أنا فأظن ذلك، وخصوصاً لأنكم بدعوتكم للجلاء عن مصر لا تدافعون عن حقوق أمة متمدنة معتدلة فقط، بل تدافعون كذلك عن مقام بريطانيا وشرفها، وإن اليوم الذي تدافعون فيه عن مصر تستميلون إليكم لامحالة كل المسلمين الذي يعتقدون الآن أن دفاعكم عن الأرمن إنما تحيز للمسيحية ودفاعاً عنها، لا عن الإنسانية، وعلى هذا أؤمل أن تعيروا رجائي التفاتكم ورعايتكم، ومع انتظاري لجوابكم أرجو منكم أيها السيد العظيم المقام أن تتفضلوا بقبول صادق اعتباري وعظيم احترامي.

ثم عقد اتفاق في 8 نيسان 1904م – 1322هـ، بين إنكلترا وفرنسا هذا نصه:

تصرح حكومة جلالة الملك (ملك إنكلترا) أنها لاتنوي تغيير حالة مصر السياسية وتصرح حكومة الجمهورية الفرنسية أنها لا تعيق عمل بريطانيا العظمى في مصر بطلب تحديد زمن الاحتلال الانكليزي، أو بأي أسلوب آخر.

ولما توفي مصطفى كامل 1326هـ-1908م، خلفه رفيقه في الجهاد محمد فريد فاضطلع بأعباء الزعامة في ظروف أشد وأحرج من ظروف سلفه، هذا إلى أن وفاة مصطفى كامل، وما أحدثته من قوة واستقرار في الشعور الوطني، قد نبهت سلطات الاحتلال إلى خطر الحركة الوطنية، وعظم شأنها وحفزتها إلى مضاعفة الجهود لاضطهادها وإخمادها واتبعت سياسة جديدة للوصول إلى هذه الغاية، هي سياسة الوفاق التي عقدت بين الخديوي عباس حلمي والمعتمد البريطاني، وحلت محل سياسة الخلاف والمشادة التي كانت قائمة بين الخديوي وسلطات الاحتلال، وبذلك استهدفت الحركة الوطنية لمحاربة السلطتين المتحالفتين، ولكن محمد فريد لم يهن ولم يضعف، بل استمر في نضاله، وقاوم الاحتلال باستمساكه بالجلاء، وظل يجاهد ويناضل، حتى فاضت روحه في ربيع الأول 1338هـ- 15 تشرين الثاني 1919م، في برلين.

وفي المحرم 1333هـ- 18 كانون الأول 1914م، أعلنت الحماية البريطانية على مصر، ثم أعلن في غده قيام السلطان حسين كامل على العرش، ولم تمض أشهر قليلة بعد إعلان الحماية حتى أطلقت السلطات الانكليزية أيديها في دواوين الحكومة، إلا ما هي في غنى عنه، ولا قدرة لها على إدارته.

ثم ولي السلطان فؤاد سلطنة مصر في 1335هـ- 1917م، ولما أعلنت الهدنة في صفر 1337هـ- 11 تشرين الثاني 1918م، ذهب سعد زعلول وصاحباه علي شعراوي وعبد العزيز فهمي فقابلوا معتمد الدولة البريطانية بمصر وبعد مناقشة وجيزة، قالوا: إننا نريد أن نكون أصدقاء للانجليز صداقة الحر للحر لا العبد للسيد، فصاح المعتمد دهشاً: إذن أنتم تطلبون الاستقلال؟ فأجابه سعد نعم، ونحن أهل له، فأجاب المعتمد إني لا أعرف شيئاً عن أفكار الحكومة البريطانية في هذا الصدد، ثم طلبوا منه السماح لهم بالسفر إلى الخارج للمطالبة بإلغاء الحماية والاعتراف باستقلال مصر أمام مؤتمر الصلح في فرساي فرفض طلبهم، فأخذ عندئذٍ الزعماء ينشرون الدعوة للاستقلال في أنحاء البلاد، وأيدهم الشعب تأييداً كبيراً، ومنحهم توكيلاً للمطالبة باستقلال مصر استقلالاً تاماً، وتألف حزب الوفد المصري برئاسة سعد زغلول، للسعي لتحقيق هذا الغرض.

فلما رأى الانجليز حماسة الشعب واشتداد الحركة الوطنية، غضبوا وعزموا على استعمال القوة، فنفوا سعد زغلول وثلاثة من زملائه محمد محمود وحمد الباسل وإسماعيل صدقي إلى جزيرة مالطة في جمادى الثانية 1337هـ- آذار 1919، فقامت في البلاد ثورة تعرف بثورة سنة 1919م، ثم أطلق سراحهم في رجب 1337هـ- 7 نيسان 1919م، فسافروا إلى باريس، ولحق بهم آخرون من أعضاء الوفد للدفاع عن قضية البلاد أمام مؤتمر الصلح في فرساي، ولكنه لم يقبل اشتراكهم فيه، واعترف بالحماية البريطانية على مصر، فأخذ الوفد يعمل على إفهام أهل أوربا وأميركا مركز مصر وعدالة مطالبها وحقها في الاستقلال.

غير الانجليز لم يعترفوا بالوفد المصري، وأرسلت لجنة برياسة ملنر إلى مصر لبحث أسباب الثورة، فقاطعها الشعب المصري، ولذلك اضطرت إنجلترا أن تعترف بالوفد المصري، وحدثت مفاوضات بين سعد واللجنة في لندن.

وبعد مدة قصيرة حدث نزاع بين سعد وعدلي يكن رئيس الوزراء واستقال بعض أعضاء الوفد، وكونوا حزب الأحرار الدستوريين، وسافر عدلي إلى لندن على رأس وفد رسمي لمفاوضة الحكومة الانجليزية، ولكن المفاوضات لم تنجح، وعاد إلى مصر، واستقال في ربيع الثاني 1339هـ- كانون الأول 1920م.

وعلى أثرها اشتدت الحركة الوطنية بفضل جهاد سعد وخطبه الحماسية، فلجأ الانجليز إلى القوة مرة ثانية، لوقف هذه الحركة، فنفوا سعداً  وبعضاً من كبار أنصاره إلى جزيرة سيشل في المحيط الهندي.

وبعد نفي سعد وصحبه أعلنت الحكومة الانجليزية تصريح 28 شباط 1922م، تهدئة للحالة بمساعي عبد الخالق ثروت، وبموجبه أعلنت إنجلترا إلغاء الحماية البريطانية على مصر واعترفت بمصر مملكة مستقلة ذات سيادة، وأصبح السلطان ملكاً على بلاده.

واحتفظت إنجلترا لنفسها بأربع نقاط هي:

1-   أن يكون لها حق حماية قناة السويس.

2-   أن يكون من حقها حماية مصالح الأجانب والأقليات الدينية بمصر.

3-   أن تدافع عن مصر من أي تدخل أو اعتداء أجنبي.

4-   أن تتفاوض الدولتان فيما بعد في مركز السودان.

ولما تم وضع الدستور سنة 1341هـ- 1923م، بدئ في تنفيذه، فأجريت انتخابات لاختيار أعضاء المجلس النيابي، فحصل الوفد المصري فيه على أغلبية عظيمة، فألف سعد الوزارة الدستورية الأولى، وافتتح المجلس في شعبان 1342هـ - 15 آذار 1924م.

وبعد وفاة سعد زغلول في ربيع الأول 1346هـ- 23 آب 1927م، خلفه في زعامة الوفد مصطفى النحاس، وتولى رئاسة الوزارة وحاول في أثنائها الوصول إلى اتفاق مع الانجليز يحقق به مطالب البلاد.

وجرت مفاوضات بين إنجلترا ومصر في عدة مناسبات، منذ إعلان تصريح 28 شباط، لحل مسألة التحفظات الأربعة ولكنها فشلت جميعها، وأهمها مفاوضات سنة 1930م، التي قام بها مصطفى النحاس رئيس الوزارة وقتئذٍ، وعلى أثر فشل هذه المحاولة، أقيلت وزارة النحاس، وتألفت وزارة جديدة برئاسة اسماعيل صدقي، وقامت بوضع دستور جديد يعرف بدستور سنة 1930م، وعارضه بشدة الوفد المصري والأحرار الدستوريون وغيرهما من الأحزاب المصرية، واستمر هذا الدستور معمولاً به حتى ألغته وزارة محمد توفيق نسيم في شعبان 1353هـ - تشرين الثاني 1934م، وأعادت دستور سنة 1923م.

وفي سنة 1355 هـ- 1936م، أظهر الشعب المصري والملك فؤاد الرغبة في اتحاد الأحزاب للوصول إلى اتفاق مع الانكليز، وقد لبى الزعماء النداء، وتكونت الجبهة الوطنية برئاسة مصطفى النحاس.

وعقب وفاة الملك فؤاد الأول 1355هـ- 1936م، نودي بابنه فاروق ملكاً على مصر، ولما كان عمره إذ ذاك أقل من ثماني عشرة سنة، تألف مجلس الوصاية برئاسة الأمير محمد علي توفيق ولي العهد وبعضوية عبد العزيز عزت ومحمد شريف صبري، ليشرف على أحوال الدولة حتى يبلغ الملك السن الدستورية.

وفي سنة 1355هـ- 1936م، أظهر المصريون والانجليز، رغبة في التفاهم وحل المشكلات التي كانت بين البلدين، فجرت مفاوضات بين الجبهة الوطنية برئاسة مصطفى النحاس، وهيئة بريطانية برئاسة مايلز لامبسون المندوب السامي البريطاني بمصر، وبدأت المفاوضة بقصر الزعفران بالقاهرة في المحرم 1355هـ- آذار 1936م، وانتهت بنجاح بقصر أنطونيادس بالاسكندرية في آب وسافر أعضاء الجبهة الوطنية إلى لندن بدعوة من الحكومة البريطانية، لإمضاء المعاهدة هناك، وقد تم إمضاؤها في جمادى الثانية 1355هـ- 26 آب 1936م، وصارت تعرف بمعاهدة الزعفران.

ولما كان يقطن مصر أجانب كثيرون يتمتعون بامتيازات عظيمة، تعرف بالامتيازات الأجنبية، فاتفقت مصر مع الدول ذات العلاقة على عقد مؤتمر في مونترو بسويسرا في نيسان 1937م، للنظر في مسألة الامتيازات الأجنبية بمصر، وسافر وفد مصري برئاسة مصطفى النحاس لحضور هذا المؤتمر: وبعد مناقشات، وافقت الدول على إلغاء الامتيازات الأجنبية بمصر، على أن يتم ذلك في اثني عشر عاماً، ابتداءً من شعبان 1356 هـ- 15 تشرين الأول 1937م.

وفي ربيع الأول 1356هـ- أيار 1937م، عقدت عصبة الأمم بمدينة جنيف بسويسرا اجتماعاً خاصاً للنظر في قبول مصر عضواً فيها، فوافقت الدول على قبول مصر عضواً في العصبة.

وفي 29 تموز 1937م، بلغ فاروق الأول السن القانونية، فتولى سلطاته الدستورية.

وفي رجب 1359هـ- آب 1940م، ألغي صندوق الدين العمومي.

ثم اشتدت الخصومة السياسية بين الأحزاب وتكتلت الأحزاب المناوئة لحزب الوفد وساندها الملك ورجال القصر.

ثم فرض الانكليز على فاروق مصطفى النحاس لتأليف الوزارة في صفر 1361هـ- شباط سنة 1942م، فقبل الملك ذلك مرغماً.

ثم سرت في البلاد موجة من الاغتيالات، فاغتيل أمين عثمان وأحمد ماهر ومحمود فهمي النقراشي وحسن البنا، وتوالت الأحداث التي أنذرت بسوء العاقبة أضف إلى ذلك معركة فلسطين الخاسرة 1367هـ- 1948م.

محمد علي
   

1220هـ- 1805م

إبراهيم بن محمد علي
   

1265هـ- 1849م

عباس بن طولون
   

1266هـ- 1849م

سعيد بن محمد علي
   

1270هـ- 1854م

إسماعيل بن إبراهيم
   

1280هـ- 1863م

محمد توفيق بن إسماعيل
   

1296هـ- 1879م

عباس حلمي
   

1309هـ- 1892م

حسين كامل
   

1333هـ- 1914م

فؤاد الأول
   

1335هـ- 1917م

فاروق الأول
   

1355-1371هـ/1936-1952م




يتبع

b

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق