إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 28 يونيو 2014

8-16 تاريخ العالم الإسلامي - الفصل الثامن - الدولة العثمانية سليم الثالث:


8-16


تاريخ العالم الإسلامي - الفصل الثامن - الدولة العثمانية

سليم الثالث:


تولى السلطان سليم الملك عام 1203هـ- 1788م، وجو السياسة مكفهر ورحى الحرب دائرة بلا انقطاع، فبذل جهده في تقوية الجيوش لكن اليأس قد استولى على الجنود وغادر كثير منهم مراكزهم.

اتحد في هذه السنة الجيشان الروسي والنمسوي، وكان عاقبة ذلك الاتحاد أن انهزم العثمانيون، واستولى الروس على بندر الحصينة واحتلوا معظم بلاد الفلاخ والبغدان وبسارابيا، ودخل النمسويون بلغراد وفتحوا بلاد الصرب، وخلاصة القول أن الدولة العثمانية أصبحت في خطر عظيم ولو استمر اتحاد النمسا والروسيا لفقدت أغلب أملاكها، ثم عقدت بين الدولة العثمانية وإمبراطورية النمسا معاهدة ستووا القاضية برد بلاد الصرب وجميع فتوحاتها أخيراً.

وسار بونابرت عام 1213هـ- 1798م، إلى مصر لفتحها بدون إعلان حرب على الدولة العثمانية، وفي اليوم الأول من شهر تموز وصلت العمارة الفرنسية إلى مياه الإسكندرية عند مطلع الفجر، وتكون الجيش الزاحف على الإسكندرية في الساعة الثالثة من صباح يوم الأحد 2 تموز من ثلاث فرق فقط (منو) على الجناح الأيسر (وكليبر) في القلب (وبون) في الجناح الأيمن، ومازال بونابرت سائراً برجاله حتى أشرفوا على الإسكندرية التي لم تكن محصنة، ولم يكن لها جيش كاف للدفاع لا من جانب الدولة ولا من جانب المماليك، فلم يأت ظهر ذلك اليوم حتى كان نابليون قد دخل المدينة ونزل في دار القنصل الفرنسي، ونادى بالأمان في البلد ورفع أعلامه عليها، ولما استقرت قدم نابليون بالإسكندرية شرع أولاً في وضع نظام لحكومتها وأصدر أمراً إلى القواد يقضي باحترام الدين وحقوق الأهالي وأملاكهم.

وبعد أن أقام نابليون في الإسكندرية سبعة أيام سار قاصداً القاهرة فدخلها في 25 تموز، وأصدر منشوراً حث فيه العرب على الإخلاد إلى السكينة وأن لا يحرجوا صدور الفرنسيس بقتالهم إياهم، وبشر المصريين بعهد سلام ورفاهية ورقي وإصلاح وأكثر من الوعود والأماني.

وأما الدولة العثمانية فأخذت في الاستعداد لمحاربة الفرنسيس في مصر، وكانت مطمئنة البال من جهة النمسا والروسيا اللتين كانتا منشغلتين بمحاربة الفرنسيس خوفاً من امتداد مباديهم الحرة إلى بلادهما فتفل عرشهما، وأما الانكليز فعرضوا على الدولة مساعدتهم على إخراج الفرنسويين من مصر خوفاً على طريق الهند من أن تكون في قبضة دولة قوية، فقبلت الدولة مساعدة الانكليز وانضمت العمارة الروسية إلى العمارة العثمانية والانكليزية، وأعلنت الحرب على فرنسا.

ولما شعر بونابرت باجتماع تلك الدول لمحاربته عزم على فتح الشام عام 1214هـ- 1799م، من طريق العريش، فدخل غزة ووصل الرملة ويافا، ثم حاصر عكا ولم يتمكن من فتحها لوصول المدد إليها تباعاً من طريق البحر واستيلاء الأميرال الانكليزي سدني سميث على مدافع الحصار التي أرسلها من مصر لإطلاقها على الأسوار، ولتيقظ أحمد باشا الجزار قائد حاميتها بإفساد الألغام التي ينشئها الفرنسيون لنسفها وبعد مناوشات جرت بين الفرنسيس والعثمانيين عاد بونابرت إلى القاهرة.

وفي 22 آب سافر بونابرت من الإسكندرية قاصداً فرنسا ليسعى في نيل رياسة الجمهورية الفرنسية، وبقي الجيش الفرنسي في مصر بدون مراكب تحميه من نزول الانكليز والعثمانيين إلى الثغور، أو تأتي إليه بالمدد أو مجرى الأخبار من فرنسا، ونقص عدده بعد من مات ببر الشام بالطاعون والحرب، وبكلمة أخرى أصبح عدد الجيش الفرنسي غير كاف لحماية السواحل والمحافظة على الأمن في الداخل، وبعد مناوشات حصلت بين كليبر القائد الفرنسي ويوسف باشا الوزير العثماني، واتحاد الانكليز والعثمانيين على إِخراج الفرنسيس من القطر المصري، تم إخراجهم بعد أن وقعت في جمادى الأولى 1216هـ- 2 أيلول هام 1801م، بين القائد الفرنسي منو وبين العثمانيين والانكليز وقعة عظيمة قتل فيها كثير من الطرفين، وخرج القائد المذكور مع من بقي معه من الإسكندرية وسافر إلى بلاده على مراكب الانكليز وبخروجه انتهت الحرب.

ثم دارت المخابرات بين فرنسا وانكلترا في أمر الصلح وتم الاتفاق عام 1217هـ - 1802م، على أن ترجع مصر إلى الدولة العثمانية مع ما كان لها من الحقوق، وأن يقام في جزائر اليونان جمهورية مستقلة تحت حماية الباب العالي، وتعهدت الدولة العثمانية برد ما صودر من أملاك الفرنسويين ببلادها ومنح فرنسا جميع الامتيازات السابقة المضمونة لها بمعاهدة عام 1153هـ-1740م، وأن يكون لمراكبها التجارية حق الملاحة في البحر الأسود أسوة بمراكب الروس، وبعد ذلك أجلت انكلترا جيوشها عن مصر والإسكندرية عام 1218هـ- 1803م.

وفي عهد هذا السلطان حصلت اضطرابات داخلية في بلاد الصرب والأرناؤد، وفتن الانكشارية بسبب شروع السلطان في تنظيم الجيوش على النظام الجديد.

ونشب القتال عام 1221هـ- 1806م، بين الدولة العثمانية والدولة الروسية وانضمت انكلترا إلى الروسيا وطلبتا من الدولة التنازل عن ولايتي الافلاخ والبغدان إلى الروسيا وإعلان الحرب على فرنسا، وإلا تكن إنكلترا مضطرة لاجتياز مضيق الدردنيل وإطلاق مدافعها على القسطنطينية، فلم تقبل الدولة هذه المطالب واجتاز الأميرال دوك وورث الدردنيل.

ولو لم يمانع الفرنسيون في القسطنطينية في تأييد طلب الانكليز لأذعن العثمانيون له، ولما رأى الأميرال الانكليزي استحالة دخوله البوسفور، قفل راجعاً إلى البحر الأبيض وقصد الاسكندرية 1222هـ- 1807م، فاحتلها، ثم سير فرقة إلى رشيد فانهزمت وأخيراً رحلوا عن الديار المصرية رجب 1222هـ- 4 أيلول 1807م.

ثم عصت الانكشارية كعادتها وقتلوا جميع المعضدين لمشروع النظام العسكري من الوزراء والأعيان، ولما بلغ السلطان خبر هذه الثورة أصدر أمراً بإلغاء النظام العسكري الجديد وصرف العساكر النظامية، لكن لم يكتف الثائرون بذلك، بل قرروا عزل السلطان خوفاً من أن يعود لتنفيذ مشروعه وساعدهم على ذلك المفتي فأفتى بأن كل سلطان يدخل نظامات الفرنج وعوائدهم ويجبر الرعية على اتباعها لا يكون صالحاً للملك، واستمرت هذه الثورة يومين وانتهت بعزل السلطان سليم الثالث.



يتبع


يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق