إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 28 يونيو 2014

8-8 تاريخ العالم الإسلامي - الفصل الثامن - الدولة العثمانية سليمان الأول:



8-8


تاريخ العالم الإسلامي - الفصل الثامن - الدولة العثمانية

سليمان الأول:


تولى سليمان الملك عام 926هـ- 1520م، وفي عهده بلغت الدولة العثمانية أوج عزها، واتسعت أملاكها حتى بلغت أقصى البلاد، وفي عام 927هـ- 1521م، تداخل ملك المجر في أمور بلاد بوسنه فأرسل إليه السلطان سفيراً عالياً يطلب منه دفع الجزية أو الحرب، فما كان من ملك المجر إلا أن قتل السفير، فغضب السلطان وأمر بتجهيز الجيوش فسارت ففتحت بلغراد.

وبعد ذلك أخذ السلطان في الاستعداد براً وبحراً لفتح جزيرة رودس وشددوا الحصار عليها حتى اضطر رهبانها أن يطلبوا من السلطان إبعاد الجيوش العثمانية عن الجزيرة ريثما يتم إخلاؤها في مدة لا تزيد عن اثني عشر يوماً فقبل السلطان ذلك، ولكن بالرغم من أوامر السلطان احتلوا الجزيرة وارتكبوا أنواع الفظائع، فغضب السلطان وأمر بمراعاة شروط التسليم وعاقب المفسدين.

وفي عام 929هـ- 1523م، حصلت بعض فتن داخلية في بلاد القرم كانت نتيجتها زيادة تداخل الدولة العثمانية فيها حتى في تعيين أمرائها، وصارت بذلك ولاية عثمانية تقريباً.

وفي عام 930هـ- 1524م، أراد السلطان أن يجعل إقليم الفلاخ ولاية عثمانية ولم يكن للدولة إذ ذاك إلا السيادة، والجزية فسير إليها جيشاً استولى على عاصمتها وعلى أميرها فأرسلوه إلى الأستانة، فثار الأعيان وعينوا خلفاً له، فقبل السلطان تعيينهم هذا في مقابلة زيادة الجزية.

وفي عام 931هـ- 1525م، أخذت المخابرات بين ملك فرنسا والدولة العثمانية، فسعى فرنسيس الأول في التحالف مع آل عثمان والاتحاد معهم على محاربة شارلكان ملك النمسا، وكان في آن واحد ملكاً لإسبانيا وبلاد القاع (هولاندا) وإمبراطوراً لألمانيا وحاكماً لجزء عظيم من إيطاليا الجنوبية، إلى ما هنالك من جمهوريات وجزر في أوربا كانت تابعة له أو طوع أمره.

ويظهر من سعي فرنسا في استمالة الدولة العثمانية وبذل الجهد في محالفتها، مع كون فرنسا معتبرة لدى البابا أول الدول الكاثوليكية وأهمها محافظة على عدم تقدم الإسلام في أوربا، أن الدولة العثمانية بلغت في ذلك الوقت شأناً عظيماً لم تبلغه من قبل وصار وجودها ضرورياً لحفظ التوازن السياسي في أوربا.

أرسلت الملكة لويز زوجة فرنسيس الأول إلى السلطان سليمان تطلب منه بكل تواضع أن يهاجم ملك المجر أحد حلفاء شارلكان حتى يمنعه من مساعدته لتتمكن فرنسا بذلك أن تنتصر على شارلكان وتسترد ما سلب منها في وقعة بافيا، فقابل السلطان سليمان ذلك الطلب بارتياح ووعد بمحاربة المجر.

سافر السلطان عام 932هـ- 1526م، من القسطنطينية لمحاربة المجر، سار الجيش العثماني إلى بلاد المجر من طريق الصرب ماراً بقلعة بلغراد، وبعد أن فتح الجيش عدة قلاع ذات أهمية حربية على نهر الطونة، التقى الجيشان العثماني والمجري في وادي موهاكس انتصر العثمانيون في هذه الواقعة نصراً مبيناً وقتل ملك المجر، وسلم أهل مدينة بود عاصمة المجر مفاتيح المدينة إلى السلطان فاستلمها ودخل المدينة عام 932هـ- 1526م، وانتشرت الجنود العثمانية في البلاد المجرية تنهب وتقتل وترتكب كل الفظائع، وعين السلطان جان زابولي أمير ترنسلفانيا ملكاً على بلاد المجر.

وفي أواخر عام 934هـ- 1527م، ادعى فردينان ملك النمسا أن يكون ملكاً على بلاد المجر بسبب قرابته مع ملك المجر لويز، وسار بجنوده لمحاربة جان زابولي ملك المجر الجديد، أرسل جان زابولي إلى السلطان سليمان يستنجده على منازعه في الملك، فوعده السلطان بمساعدته وأصدر الأوامر إلى جميع الجهات بالاستعداد للحرب وجمع الجيوش، سار الجيش العثماني إلى بود وكان فردينان ملك النمسا محتلاً لها، فحاصرها حتى تركها فردينان هارباً من بود قاصداً إلى ويانه عاصمة النمسا فدخل الجيش العثماني بود وأعاد زابولي إلى عرش ملك المجر.

ثم سار السلطان بجيوشه إلى ويانه وحاصرها وكاد يفتحها لولا نفاذ الذخيرة وإقبال الشتاء بشدة برده وثلوجه المعهودة، فأصدر أوامره بالرجوع عن ويانه هذه السنة وإعداد الجيوش لمعاودة الكرة عليها في أقرب وقت.

وفي ربيع 937هـ - 1351م، أرسل ملك النمسا جيشاً لمحاصرة بود واستخلاصها من قبضة زابولي، فصد هذا الجيش عنها بقوة الحامية الإسلامية المعسكرة فيها.

وفي عام 938هـ- 1532م، سار السلطان سليمان قاصداً ويانه لفتحها ومحو ما لحقه من الفشل في المرة الأولى، وفي مسيره فتح قلاع وحصون، غير أنه لما بلغ السلطان من استعداد شارلكان للدفاع عن ويانه وجمع الجيوش فيها، وأضف إلى ذلك عدم وجود مدافع حصار مع السلطان واقتراب فصل الشتاء، عاد إلى القسطنطينية.

هذا وقد حصل في أثناء محاربة السلطان النمسا بعض اضطرابات على حدود بلاد الفرس، فسار السلطان إليها وأخضع الشاه طهماسب وافتتح تبريز وبغداد.

وتحالفت الدولة العثمانية مع فرنسا عام 941هـ- 1534م، على أن تجعل الدولة العثمانية وجهة حروبها نابولي وصقلية وإسبانيا عوضاً عن مهاجمة النمسا وألمانيا، وأن تدخل جيوش فرنسا مع إيطاليا.

واحتل خير الدين باشا تونس عام 942هـ-1535، بدون كبير عناء باسم السلطان سليمان، ولما بلغ شارلكان هذا الفتح جهز أسطولاً عظيماً قاده بنفسه وحاصر تونس مدة شهر وفتحها.

ثم جمع السلطان ببلاد الأرناؤد جيشاً عظيماً لشن الغارة على إيطاليا، ونزل خير الدين باشا بميناء أوترانته بجنوب إيطاليا استعداداً لمهاجمتها من الجنوب بينا يهاجمها السلطان من الشرق وملك فرنسا من الغرب، لكن إِحجام ملك فرنسا عن التقدم إطاعة للرأي العام النصراني الذي نقم عليه اتحاده مع دولة إسلامية سبب عدم نجاح هذا المشروع الذي لو تم لكانت نتيجته غالباً دخول إيطاليا في ظل الدولة العثمانية، وانتهى الأمر بأن تهادن ملك فرنسا مع شارلكان وأمضيا مهادنة نيس، وأما من جهة البندقية فاستمرت الحرب بينها وبين العثمانيين سجالاً وانتهت بالصلح.

وابتدأت الحروب ثانية وانتهت بانهزام جيش ألماني مرسل من قبل شارلكان.

ودخل السلطان عام 948هـ- 1541م، بود وافتتحها بعد اتفاق ملكها زابولي مع فردينان على اقتسام بلاد المجر وجعلها ولاية عثمانية.

وطلب فرانسوا الأول من السلطان مساعدته على محاربة شارلكان، فسافر السلطان عام 950هـ- 1543م، إلى بلاد المجر لاستئناف الحرب، وأقلع خير الدين باشا من مياه الأستانة بمراكبه قاصداً مرسيليا، فوصلها بعد أن غزا في طريقه سواحل صقلية، ثم حاصر نيس وفتحها عنوة من جهة البحر، ولم يتم احتلالها لوقوع الشحناء بين العسكرين العثماني والفرنسي، وأما جهة النمسا فاستمر القتال بين العثمانيين وأعدائهم مدة من الزمن كان النصر غالباً حليفهم إلى أن عقد بين الطرفين صلح مرضي لكل منهما عام 954هـ- 1547م.

وأرسل السلطان إلى سليمان باشا والي مصر بتجهز عمارة بحرية لمحاربة البرتغاليين وفتح عدن وبلاد اليمن، ففتح عدن وأغلب الحصون التي أقامها البرتغاليون.

وسار السلطان بجيوشه قاصداً تبريز عام 955هـ- 1548م، فدخلها وفتح في طريقه الجزء التابع للفرس من بلاد الكرد وقلعة وان وعاد يحف به النصر إلى القسطنطينية.

والخلاصة فقد تقدمت الفتوحات في أيام السلطان سليمان الأول تقدماً عظيماً وبلغت الدولة أوج قوتها، وأخذت بعده في الوقوف تارة والتقهقر أخرى.



يتبع



يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق