إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 28 يونيو 2014

6-26 تاريخ العالم الإسلامي - الفصل السادس - مصر والشام وجزيرة العرب المملكة الهاشمية:


6-26

تاريخ العالم الإسلامي - الفصل السادس - مصر والشام وجزيرة العرب

المملكة الهاشمية:

أعلن الشريف حسين الثورة بالحجاز في شعبان 1334هـ- حزيران 1916م، قبل أن يستعد العرب لها، ويدخروا من السلاح والمعدات ما يضمن لهم الوقوف في وجه قوات الترك.

ومن حسن الحظ أن حامية جدة كانت أول حامية تركية، استسلمت للعرب في الحجاز، فقد رفعت راية التسليم في 16 حزيران، ويبلغ عدد رجالها 1346 جندياً بينهم 20 ضابطاً، وغنم العرب من جدة 10 مدافع ميدان، و4 مدافع جبلية، و4 رشاشات، ومستودعاً كبيراً للأسلحة والذخائر.

واستعان العرب بالمدافع التي غنموها في جدة على ضرب الحامية التركية، وكانت متحصنة بقلعة جياد (مكة)، فاقتحموها في رمضان 1334هـ- 4 تموز 1916م، وأسروا حاميتها وغنموا فيها 3 مدافع جبلية، ومدفعين من العيار الكبير، وكمية كبيرة من الذخائر والعتاد، ثم اقتحموا ثكنة جرول في 9 تموز، وبذلك تم للعرب التغلب على قوات الترك في مكة.

وفي شوال 1334هـ- 15آب 1916م، استولى العرب على ثغر الليث على شاطئ البحر الأحمر، وعلى ثغر املج، ثم استسلمت الطائف على يد عبد الله بن الحسين في 24 ذي القعدة 1334هـ- 22أيلول 1916.

وهاجمت العرب بقيادة علي وفيصل، قوات فخري باشا قائد قوات المدينة، فلم تفلح العرب، وشجع فخري باشا ما لقيه من فوز في المعركة الأولى، فحمل بقوة كبيرة على جيش فيصل، فاحتل العلاوة وبلغ بير الماشي، وهي على بعد 30 كيلومتراً من المدينة، ولقي علي بن الحسين عناء في أوائل الثورة من حسين بن مبيرك شيخ رابغ، فقد كان ميالاً مع الترك، ثم حمل فخري على جيش فيصل، فدارت معركة دامية بين الفريقين، انتهت بارتداد الترك، ثم عاد فخري إلى الهجوم، فحمل على جيش فيصل، فارتد أمامه حتى ينبع البحر، ثم ارتد فخري إلى المدينة فجأة في الغداة، فلحق به فيصل ثم استأنف فخري الخروج، فهاجم بير عباس بقوات كبيرة واحتلها، ولكن فيصلاً اضطره إلى إخلائها، فارتد إلى بير الرايق وخاف الحسين من تكرار هذه المعارك وقد شاعت أخبار بأن فخري ينوي الزحف على مكة بطريق رابغ، وأدرك أن الترك عازمون على ضرب الثورة العربية ضربة قاضية فأرسل الحسين يطلب من حلفائه الانكليز المدد والنجدات بواسطة مندوبه في مصر.

وحصل أخذ ورد بينه وبين الحلفاء بشأن إرسال القوى والمعدات إلى رابغ، وقد استمرت نحو أربعة أشهر، قاسى الحسين في خلالها من مطل الانكليز وتسويفهم واختلاف قادتهم وذوي الشأن منهم الأمرين، مما جعل الحسين يعدل عن الاعتماد على الحلفاء عسكرياً، وينظر في إنشاء جيش نظامي يعول عليه في المهمات وفي مقابلة الخطوب، ودارت مفاوضات بين الحسين وولاة الأمور من الانكليز بمصر، وتقرر أن يستعان على تحقيق هذه الأمنية بالجنود والضباط العرب الذين أسرهم الانكليز في ميدان فلسطين وفي العراق، على أن تقدم السلطة إليه ما يحتاجه من سلاح وعتاد، ثم نظم ثلاثة جيوش:

1-   الجيش الشمالي بقيادة فيصل، ومقره حوالي بير درويش غربي المدينة، ومهمته الرئيسية إشغال جيش فخري باشا ومنعه من بلوغ ينبع.

2-   الجيش الجنوبي بقيادة علي، ومقره رابغ، ومهمته منازلة الترك ومنعهم من الزحف إلى مكة.

3-   الجيش الشرقي بقيادة عبد الله، ومقره في العيص، ومهمته منازلة العدو وتخريب سكة الخط الحديدي بين الشام والمدينة.

وبعدما استقرت الحالة في الحجاز وزال الخطر عن الثورة العربية، رأى رجال مكة أنه لابد من إنشاء حكومة، تسوس البلاد وتدبر أمورها، فاجتمع أهل الحل والعقد في مكة في 6 المحرم 1335هـ- 3كانون الأول 1916م، وبايعوا الحسين ملكاً على العرب وأنشئت حكومة، وأذيع بلاغ بهذا الشأن على وزارات خارجية الحلفاء والمحايدين.

وفي ربيع أول 1335هـ- 24كانون الثاني 1917م، أطلقت البوارج البريطانية قنابلها على الوجه، وأنزلت على مسافة 3 أميال منها 250 بحرياً انكليزياً و 500 جندي عربي، حملتهم من ينبع، فدارت بينهم وبين الترك معارك انتهت بانسحاب الترك وسقطت مدينة الوجه، ثم استولى العرب على المويلح، واضطر الترك على أثر اتساع ميدان القتال، وانتقاله من الحجاز إلى بادية الشام، وظهور العرب حول محطات سكة الحديد الممتدة في البادية، إلى اتخاذ تدابير جديدة على طول الخط.

ثم احتل الجيش العربي العقبة والكويرة، وأعيد تنظيم القوى النظامية في العقبة على منوال جديد فصارت تتألف من أربعة ألوية: لواء العقبة ومقره العقبة، ولواء الكويرة، واللواء الهاشمي، ولواء المدفعية.

وبعدما استقرت أقدام الجيش الشمالي في العقبة والمناطق المجاورة لها، وحاز ما حازه من نصر وتوفيق، رأى أن يوسع نطاق أعماله، وينقل الميدان إلى حوران وجبل الدروز والغوطة، فكاتب قائد الجيش الشمالي فيصل، الانكليز، فتم الاتفاق على إعداد حملة كبيرة، يقودها فيصل، ويكون مقرها الأزرق.

وبدأت الحملة الكبرى عملها في ذي الحجة 1336هـ- 21أيلول 1918م، بمهاجمة محطة خربة الغزالة فدمرتها، ونسفت قضبان الخط الحديدي الواقع بينها وبين درعا، وعطلت الخطوط الحديدية بين درعا وحيفا، وفي 28 منه احتلت محطة درعا، وفي 29 منه زحفت إلى دمشق على الخط الحديدي، فوصلتها في 30 منه، ودخلتها بين هتاف الأهالي، وترحيبهم، ورفعت العلم العربي على أبراجها، وبدئ بإنشاء الحكومة العربية.

هذا بعض ما جرى في الشمال حتى دخول دمشق، أما ما جرى في ميدان الحجاز بعد سفر الجيش الشمالي، فخلاصته أن جيش الجنوب بقيادة علي، وجيش الشرق بقيادة عبد الله، أقاما على حصار المدينة، وكان الأمر لايخلو من مناوشات عسكرية تدور بين الفريقين، ودام الحال على هذا المنوال حتى عقدت الهدنة بين الحلفاء والترك في 1337هـ- 30 تشرين الأول 1918م، وبها تقرر وجوب سحب جميع قوى الترك في البلاد العربية وأبلغ في أوائل تشرين الثاني، القائد التركي فخري باشا نص معاهدة الهدنة، ودعي إلى التسليم، فأبى وأصر بالرغم من جميع المحاولات حتى ربيع الثاني 1337هـ - كانون الثاني 1919م، حيث شدد عليه الحصار وسرت روح التمرد بين صفوف جيشه فأذعن للأمر الواقع، وسلم نفسه لعلي بن الحسين في 16 كانون الثاني.

وما كاد العرب ينتهون من نضالهم مع الترك، حتى رأوا أنفسهم على أبواب نضال جديد مع حلفائهم الانكليز، بسبب نكولهم للوعد الذي قطعوه للحسين، بإنشاء دولة عربية مستقلة في داخليتها وخارجيتها، تكون حدودها شرقاً بحر فارس وغرباً بحر القلزم والحدود المصرية والبحر الأبيض، وشمالاً ولاية حلب والموصل ونهر الفرات مجتمعاً مع دجلة إلى مصبها في بحر فارس، ماعدا مستعمرة عدن، وقد قبل هنري مكماهون هذه الحدود وأبدى تحفظاً عليها في كتابه المؤرخ في ذي الحجة 1333هـ- 24 تشرين الأول 1915م، هذا نصه: لما كانت مقاطعات مرسين والاسكندرونة وبعض أجزاء سورية الواقعة إلى الغرب من مقاطعات دمشق وحمص وحماه وحلب، لا يمكن تسميتها عربية محضة، فإنه يقتضي إخراجها من الحدود المبينة.

وكان الحسين يرجو بعدما عاهد الانكليز، واتفق معهم، وأعلن الثورة في الحجاز، أن يحل محل الدولة العثمانية في الجزيرة ويرثها، فتنتقل إليه السيادة على هذه الإمارات ويسيطر عليها.

على أن الظرف قد تحول في خلال السنة الأولى للحرب، فانضم الإدريسي إلى الانكليز وعاقدهم واعترفوا بإمارته وسلطانه، وأمدوه بالأموال والسلاح، وفعل ابن سعود فعله أيضاًَ، فعقد مع الانكليز في 26 صفر 1334هـ- 26كانون الأول 1915م، معاهدة العقير، فاعترفوا فيها بأن نجداً والحسا والقطيف وجبيلا وتوابعها، هي بلاد ابن سعود وآبائه من قبل، كما اعترفوا بابن سعود حاكماً عليها.

ورفض يحيى إمام اليمن الدخول في مفاوضات مع الانكليز، ورد رسلهم قانعاً بما ناله من الترك بمعاهدة دعان.

وانضم آل الرشيد إلى الترك، وأقاموا على الولاء لهم في داخل الجزيرة يمدونهم بالإبل، ويأخذون منها الأموال والسلاح، وارتبط مصيرهم بمصير الترك.

وأما العلاقات بين الحسين وابن سعود فكانت غير ودية، قبل إعلان الحرب العامة الأولى، وزادت سوءاًً بعد الحرب العالمية الثانية، فانتهت إلى معارك دامية أدت بفوز الجيش السعودي واحتلال الحجاز بكامله وضمه إلى المملكة العربية السعودية كما بينا في بحثنا عن السعوديين.




يتبع



يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن










ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق