إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 28 يونيو 2014

8-17 تاريخ العالم الإسلامي - الفصل الثامن - الدولة العثمانية مصطفى الرابع:


8-17

تاريخ العالم الإسلامي - الفصل الثامن - الدولة العثمانية

مصطفى الرابع:

جلس هذا السلطان على سرير الملك عام 1222هـ- 1807م، بعد أن وقعت الفتن الداخلية مما أنهك كيان الدولة، وأما الوقائع الخارجية فإن بونابرت غير سياسته مع الدولة وعرض على الروسيا والنمسا تقسيم بلاد الدولة، فجعل لفرنسا بلاد بوسنة والبانيا ومقدونيا وبلاد اليونان وابيروس، وللنمسا بلاد الصرب، وللروسيا البغدان والافلاق والبلغار على أن تطبق هذه المعاهدة السرية إذا لم تقبل الدولة العثمانية توسط فرنسا في الصلح بين الدولة العثمانية والروسية، وفعلاً تم الصلح بينهما.

وفي عام 1223هـ-  1808م، ثار الثائرون وطلبوا إعادة السلطان سليم الثالث وعزل السلطان مصطفى الرابع، فأمر مصطفى بقتل سليم وإلقاء جثته إلى الثائرين كي يكفوا عن الثورة، ولكن الأمر أتى على عكس ما كان يؤمل فقد زاد الثائرون هياجاً ونادوا على الفور بعزل السلطان مصطفى الرابع.





محمود الثاني:

تقلد هذا السلطان الخلافة عام 1223هـ- 1808م، اهتم محمود الثاني بإصلاح الشؤون الداخلية والاستعداد لإهلاك طائفة الانكشارية، وللتفرغ لذلك عقد الصلح مع الانكليز في ذي القعدة 1223هـ- 6 كانون الثاني 1809م، وافتتح المفاوضات مع الروسيا بدون أن يتوصل إلى اتفاق مرضي للطرفين فاستؤنفت الحركات العدوانية ودارت رحى الحرب بين الجيشين، وانتهت بعقد معاهدة بين الطرفين عرفت بمعاهدة بخارست أمضيت في 1227هـ- 28 أيار عام 1812م، وأهم شروطها إبقاء ولايتي الافلاق والبغدان تابعتين للدولة ورجوع الصرب مع بعض امتيازات إلى حوزتها، وحفظت الروسيا لنفسها إقليم بسارابيا واحد مصاب الدانوب.

وثارت اليونان وطلبت استقلالها، واشتعلت نيران الحرب بينهم وبين العثمانيين عام 1237هـ- 1822م، ولما رأى السلطان محمود ما ألمَّ بجيوشه من الخسائر وثبات اليونانيين أمامها واعتصامهم بالجبال أحال أمر محاربتهم على محمد علي باشا والي مصر ليشغله عما كان ينويه من طلب الاستقلال، وقد أذعن محمد علي وأرسل الجيوش المصرية بقيادة ولده إبراهيم باشا إلى بلاد اليونان كما مر سابقاً.

وأخيراً اجتمع مندوبو انكلترا وفرنسا والروسيا وعقدوا مؤتمراً في لندن لتقرير أحوال اليونان، وبعد المداولة اتفقوا على استقلال موره وجزائر سكلاده وتأليف حكومة مستقلة لها يحكمها أمير مسيحي تنتخبه الدول ويكون تحت حمايتها، وعلى أن تدفع الحكومة اليونانية للباب العالي جزية سنوية قدرها 500 ألف قرش.

وأما الدولة العثمانية فلم تقبل هذا القرار وعكفت على محاربة الروس الذين أعلنوا الحرب عليها، واجتازت الجيوش الروسيا نهر بروث واحتلت ياش عاصمة البغدان، ثم حاصرت بخارست عاصمة الافلاق، ثم حاصرت وارنه وشوملة، واحتلت اسكي استانبول، واحتل الروس من جهة عدة قلاع وحصون أهمها قلعة قارص الشهيرة، ثم توقف القتال بسبب اشتداد البرد وتراكم الثلوج.

ثم استؤنف القتال في ربيع عام 1244هـ- 1829م، واجتازت الجيوش الروسية نهر الطونة واخترقت جبال البلقان، ووصلت إلى مدينة ادرنة واحتلتها عنوة، ولم يبق أمامها عائق يوقفها عن التقدم إلى القسطنطينية إلا عدم رغبة الدول في سقوطها في أيدي الروس، لأنها اتفقت على إضعافها إلى حد لم يمكنها التقدم مع بقائها عقبة في سبيل الروس وحاجزاً بينهم وبين البحر المتوسط، فدارت المخابرات بين هذه الدول والروس وتم الصلح وأمضيت به معاهدة أدرنة في ربيع الثاني 1245هـ- 14 أيلول 1829م، أهم ما حوت إرجاع البلاد الآتية إلى الدولة العثمانية:

إِمارة البغدان وإِمارة الافلاق ومقاطعة قره جه ادوه والبلغار وإقليم دوبرجه من الدانوب لغاية البحر مع مدائن سيلستربه وحرصو وماجين وايزاكنجه وتولتتا وبابا طاغ وبازارجق ووارنه وبرافودي وجميع المدن والضياع والقرى التابعة لها وجميع بلاد البلقان من امينه بورنو إلى فزار والإقليم الممتد من بلاد البان إلى البحر الأسود مع مدائن سليمنا وتشامبولي وايداو وكرنيات وميسيمبزيا واوكهيولى ويورجاس وسيزيبولي وفرق قلدس وادرنه ولوله بورجاس وجميع الأمكنة التي احتلتها جنود الروس من بلاد الروملي.

وفي أواسط سنة 1246هـ- 1830م، نفذت فرنسا ما كانت تنويه من مدة في ولاية الجزائر بدعوى منع تعدي قرصان البحر المسلمين على مراكبها التجارية، والحقيقة ليكون لها مركز حربي بشمالي افريقية حتى لا تكون انكلترة صاحبة السيادة على البحر الأبيض المتوسط باحتلالها معاقل جبل طارق وجزيرة مالطة.

وقرر مجلس الوزراء المنعقد برياسة الملك نفسه في رمضان 1245هـ- 7 شباط سنة 1830م، وجوب الاستيلاء على الجزائر، وفعلاً أرسل إليها جيشاً وعمارة بحرية، وفي 13 حزيران نزلت عساكر فرنسا بالقرب من مدينة الجزائر ونشب القتال بين الفريقين في 19 منه، ففاز الفرنسيس ودخلت مدينة الجزائر، ثم شرعوا يرسلون الجيوش تباعاً إلى الجزائر لفتحها، وما برح أهلها يقاومونها تحت إِمرة البطل الكبير السيد عبد القادر الحسني الذي دافع عن بلاده مدة سبع عشرة سنة حتى احتلتها جميعاً وأصبحت في عداد أملاكها[1].

ولما تحقق السلطان محمود أفضلية النظامات العسكرية المتخذة في الجيوش الأوربية وسمع ما أتته الجنود المصرية المنظمة من الأعمال الباهرة في محاربة موره، زاد تعلقه بإصلاح الجندية العثمانية وإلغاء الطائفة الانكشارية، فجمع أعيان المملكة وكبار ضباط الانكشارية في بيت المفتي في عام 1241هـ- 1826م، وأقنعهم بضرورة إصلاح الجندية، ولما ابتدئ في تعليم الضباط بمعرفة من تعين من ضباط الفرنج بصفة معلمين تنبه الانكشارية إلى عواقب الأمر وعلموا أنه لو تم هذا النظام كان سبباً في ضياع امتيازاتهم كافة، فشرعوا يستعدون للثورة والعصيان ليوقفوا تنفيذه، ولما علم السلطان محمود بثورتهم سلط عليهم جنود المدفعية وهؤلاء سلطوا مدافعهم على الانكشارية فدمرتهم، وأعلن السلطان إبطال طائفتهم.


[1] وثارت الجزائر بعد احتلالها من قبل الفرنسيين ثورات أعظمها: الثورة الجزائرية التي شبت نيرانها في صفر 1374هـ- تشرين الأول 1954م، فوقعت حوادث مختلفة في عدة أنحاء من البلاد، ولاسيما بجبال أوراس، وشرقي منطقة قسطنطينة.

وما كان يقبل شهر أيار حتى امتدت موجة الاغتيالات إلى منطقة قسطنطينة والإرهاب والتخريب ينتشران في مدينة الجزائر ونواحيها، والدوريات تصطدم في جهات مختلفة، فقررت الحكومة الفرنسية أثر ذلك زيادة قوات الجيش والشرطة، إلى حد كبير، وإشراك بعض قطع الأسطول الحربي في العمليات الدائرة بالقرب من الشواطئ وإرسال عدد إضافي من طائرات القتال و(الهيلوكبتر) فوراً إلى الجزائر.

وإعلان حالة الطوارئ في منطقة قسطنطينة كلها، وفي بعض مراكز المقاطعات المحيطة بمدينة الجزائر ومدينة وهران وبعض المناطق الجنوبية.

وفي صفر 1375هـ- 30 أيلول 1955، أقرت الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة إدراج القضية الجزائرية في جدول أعمالها وأوصت بحلها.

وأعلنت جبهة التحرير الوطني بياناً قالت فيه:

إن جيش التحرير الوطني لا يستطيع أن يسلم سلاحه إلا لجكومة جزائرية، وتمهيداً لقيام هذه الحكومة، يجوز له فقط أن يقبل وقف إطلاق النار بشروط محدودة وهي:

1-       وقف كل العمليات العسكرية وحملات الردع والقمع

2-       الإفراج عن المعتقلين السياسيين جميعاً وتقدر جبهة التحرير عددهم بين 15-20 ألف شخص,

3-       عدول الحكومة الفرنسية صراحة عن زعمها القائل: إن الجزائر جزءً من فرنسا.

4-       اعتراف صريح من الحكومة الفرنسية بمبدأ حق الشعب الجزائري في الحرية والاستقلال.

5-       تنظيم انتخابات حرة بعد أشهر قلائل من العودة إلى السكينة والهدوء لتكوين جمعية تأسيسية، تمهد لقيام حكومة جزائرية.

6-       تجري مفاوضات بين هذه الحكومة الجزائرية والحكومة الفرنسية للاتفاق على النظم السياسية الخاصة بمستقبل الجزائر.

 وازدادت جبهة التحرير تصلباً في موقفها فيما بعد، على أثر التصريحات التي أدلى بها رئيس وزراء فرنسا الاشتراكي جي موليه في أثناء زيارته للجزائر، حين أعلن أن الجزائر فرنسية وستظل فرنسية، واستبدلت جبهة التحرير (استقلال الجزائر فعلاً) بمبدأ حقها في الاستقلال، كما اشترطت تكوين حكومة جزائرية قبل الشروع في تنظيم أية انتخابات.

وتألف في محرم 1376هـ- 20 آب 1956م، مجلس وطني يتولى الإشراف على الثورة الجزائرية وعرضت القضية الجزائرية ثانية في 1377هـ- 1957م، على الجمعية العمومية لهيئة الأمم المتحدة وأوصت الأطراف المعنية بحلها ولاتزال الثورة الجزائرية تشتد يوماً بعد يوم قوة ونضالاً، والفرنسيون يضاعفون قواهم سواء بالرجال أو العتاد.



يتبع



يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق