إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 25 يونيو 2014

1-20 تاريخ العالم الإسلامي - الفصل الأول - العصر الراشدي علي بن أبي طالب - سر نجاح معاوية


1-20

تاريخ العالم الإسلامي - الفصل الأول - العصر الراشدي

علي بن أبي طالب - سر نجاح معاوية

تولى علي الخلافة في دور فتنة عمياء، وفي وقت كان على جند المسلمين بالشام رجل شديد الدهاء بعيد المطامع وهو معاوية بن أبي سفيان، انتهز فرصة تقلب الأحوال في عاصمة الخلافة الإسلامية فدعا الناس إلى نفسه، وكان بما فيه من صفات القادة وخلال رجال السياسة كفؤاً لما ندب نفسه إليه، فالتفت عليه قلوب من كان قبله من جنود المسلمين وقوادهم، واستطاع بهذه القوة منازعة علي على الخلافة طوال مدة خلافته.

ومن أكبر أسباب قوته عدم تحرجه مما كان يتحرج منه الخليفة الرابع، فكان معاوية يستميل الأحزاب إليه بالأموال واجتذاب أهوائهم بالمصانعات، بينا كان علي يحاسب عماله ورجاله على الفتيل والقطمير ولا يضع درهماً في غير موضعه.

عن عبد الله بن عمير قال: حدثني رجل من ثقيف قال: استعملني علي بن أبي طالب على مدرج سابور فقال: لا تضربن رجلاً سوطاً في جباية درهم ولا تبيعن لهم رزقاً ولا كسوة شتاءً ولا صيفاً ولا دابة يعتملون عليها، ولا تقيمن رجلاً قائماً في طلب درهم، قلت: يا أمير المؤمنين إذن ارجع إليك كما ذهبت من عندك، قال: وإن رجعت ويحك إنما أمرنا أن نأخذ منهم العفو يعني الفضل[1].

كان معاوية بالعكس يهب مئات الألوف لأشياعه بلا حساب فاجتمعت عليه أهواء من معه ورأوا في بقائهم بقاءً لتمتعهم واستدامة لعزتهم، فلم يقصروا في الدفاع عنه طرفة عين.

ولولا هذه الأسباب لما استطاع معاوية أن يطمح ببصره إلى خلافة النبي (ص) في حياة علي حتى ولا في حياة مثل عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وغيرهما من أركان الدين وأعلام الهدى، ولكن للمال في كل زمان ومكان سلطاناً على النفوس يفوق كل سلطان.

وكان من عوامل نجاح معاوية حلمه البالغ الحد، وسياسته البعيدة الغور، ولين عريكته مع ذويه والمحيطين به، جمع حوله نفراً أمثال عمرو بن العاص وعبد الله بن سريح والضحاك بن قيس من أقطاب الدهاء والمكر من لا يشتق لهم غبار في التوسل لأغراضهم.

ومما زاد في عوامل نجاح معاوية أن علياً كان لسعة علمه وأحاطته بالأحكام يرى نفسه جديراً بأن يستبد برأيه في الأمور العظام فلا يستشير فيها أحداً فأغضب بذلك من حوله من كبار الصحابة، فكانوا ينظرون لخلافته نظر المستثقل لنيرها المحب لانتهاء أمدها.

من العوامل التي أسقطت هيبة خلافة علي مع ما كان عليه من الكفاءة العالية أنها أقيمت بيد رجال من أهل الثورة كانوا يرون لهم فضلاً عليه، وكانت نفوسهم مشبعة بأصول انقلاب لا تصلح معها لحفظ حالة معينة.

أما معاوية فإنه في هذه الأثناء أظهر كل ما يستطيع إظهاره من الدهاء والسياسة فاستمال الأحزاب بالمال وقطع ألسنة أهل المطامع بالولايات والأعطيات ولم يدع وسيلة من الوسائل إلا استخدمها لفشل أمر علي وإفساد قلوب أصحابه عليه.

فماذا يفعل علي وهو لا يستطيع دس الدسائس، ولا بذل الأموال في غير وجوهها ولا المحاباة بالولايات والأقاليم، بل كان من الورع وشدة الحرص على أمانة الله أنه شدد الحساب على عبد الله بن عباس أخص أعوانه حتى اضطره لمفارقته والشخوص إلى المدينة.

[1] أسد الغابة في معرفة الصحابة – لابن الأثير ج4




يتبع



يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق