2-6
تاريخ العالم الإسلامي - الفصل الثاني - الدولة الأموية
الوليد بن عبد الملك:
تولى بعد عبد الملك الخلافة ابنه سنة 86هـ- 705م، كان الوليد من أفضل خلفاء بني أمية سيرة، وكان ميالاً للإصلاح والعمارة فقام بإصلاح داخلي عظيم، وسير قواداً عظاماً لفتح المعمور.
وأخذت سنة 92هـ- 711م أساطيل الأمويين تمخر البحر قاصدة سيلان، وسار القاسم إلى بلاد السند حتى أتى الدْيبل ولم يزل محاصراً للديبل حتى خرج العدو إليه فهزمهم وفتحها، ثم جعل لا يمر بمدينة إلا فتحها حتى عبر نهر السند وفتح فتوحاً عظيماً في بلاد السند.
وخرج قتيبة بن مسلم إلى ما وراء النهر فجاشت الترك والسغد والشاش وفرغانة وأحدقوا به فهزمهم وفتح بخارى، ثم فتح مدائن وخوارزم صلحاً، وسمرقند بعد قتال شديد وكاشان وكاشغر.
أرسل موسى بن نصير عامل الوليد على افريقية رجلاً من مواليه يقال له طريف فأغار على جزيرة سميت باسمه فأصاب شيئاً ورجع سالماً وذلك سنة إحدى وتسعين، ثم دعا موسى مولى له يقال له طارق بن زياد لفتح اسبانيا، ولما بلغ الأمر رودريك (رذريق) ملك طليطلة جمع جموعه والتقى بطارق في موضع يقال له البحيرة فانهزم رودريك، وسار طارق بأصحابه إلى مضيق الجزيرة فمدينة استجة فلقيه أهلها فقاتلوه قتالاً شديداً، ثم انهزموا، ثم فرق جيوشه على مدن اسبانيا ففتح كثيراً منها، ثم كتب إلى موسى بالفتح والغنائم فحركته الغيرة، واستخلف على القيروان ولده عبد الله وجهز جيشاً من وجوه العرب والموالي وعرفاء البربر فأتم موسى الفتح، ثم أجمع أن يأتي إلى المشرق من ناحية القسطنطينية ويتجاوز إلى الشام، ويخوض ما بينهما من أمم الأعاجم مجاهداً إلى أن يلحق بدمشق دار الخلافة وبلغ ذلك الوليد فاشتد قلقه بمكان المسلمين من دار الحرب فبعث إليه بالتوبيخ والانصراف، فقفل موسى عن الأندلس وولى عليها ابنه عبد العزيز واتى القيروان، وأصبحت اسبانيا كلها في يد العرب إلا ولايات جبلية دافعت عن استقلالها، ولم يهم العرب أمرها فخلوا عنها، غير أن هذه الولايات كانت الأساس الذي بنى الإسبان عليه ملكهم القومي.
وأهم العوامل الطبيعية التي ساعدت العرب على فتح اسبانيا مجاورتها لملك العرب في الغرب، وانكشاف البلاد للعرب وسهولة اجتيازها.
وأهم العوامل السياسية التي خولت العرب فتحها توحيد أمر العرب وتنظيم القيادة واعتيادهم الجهاد وعدل أمرائهم واشتهارهم بذلك، ومن جهة أخرى تضعضع حالة الاسبان لانقسامهم بعضهم على بعض، مقاطعة قومية، وتشتت آرائهم في انتخاب ملوكهم وقيام بعضهم على بعض الآخر، وخراب البلاد بالحروب الأهلية وظلم أولي الأمر فيهم، وسوء إدارتهم وإسرافهم في سفك الدماء واضطهاد اليهود واستباحة أموالهم وأرواحهم، ظهر أثر هذه العوامل في تحريض نفر منهم العرب على فتح البلاد، وفي ضعفهم عن مقاتلة العرب والتحاق قسم منهم بالفاتحين يدلونهم على عورات البلاد، وقعود القسم الآخر عن مقاومة تذكر.
وأهم العوامل الاقتصادية التي ساعدت العرب على فتح اسبانيا جهل الاسبان استثمار خيراتهم، والمجاعة التي وقعت قبيل الفتح، ونستطيع أن نضيف إلى ذلك الوباء الذي أصاب هذه الجزيرة في ذلك العهد فذهب بعدد عظيم من السكان، ثم رغبة العرب والبربر بما يجره الفتح من الكسب والغنائم.
وأهم العوامل الدينية التي سهلت للعرب فتح اسبانيا انشقاق الاسبان بعضهم على بعض ديناً، ثم رغبة المسلمين في نشر دينهم وما نفثه هذا الدين في صدورهم من الإيمان بالقضاء والقدر.
وكان مسلمة بن عبد الملك يسير إلى الروم ليفتح ما أمامه من الحصون العظيمة التي أقاموها لحفظ بلادهم، ومن الحصون التي افتتحوها حصن طوانة وحصن عمورية واذورلية وهرقلة وقمونية وطرطوس وغيرها حتى هابهم الروم.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق