إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 25 يونيو 2014

1-3 تاريخ العالم الإسلامي - الفصل الأول - العصر الراشدي أبو بكر الصديق - إنفاذ جيش أسامة وقتاله أهل الردة:


1-3

تاريخ العالم الإسلامي - الفصل الأول - العصر الراشدي

أبو بكر الصديق - إنفاذ جيش أسامة وقتاله أهل الردة:

لم يكن أمر البيعة أول عقبة قطعها المسلمون بعد وفاة النبي (ص)، فإنه لم يكد ينتشر نعيه في الآفاق حتى ظهر النفاق، وارتد كثير من الأعراب، والمسلمون يومئذٍ في ارتباك عظيم لفقد نبيهم وقلتهم وكثرة عدوهم، لأنهم لم يتأثروا بعد بأثر الإسلام ولم تزك أنفسهم الزكاء المطلوب ـ (قالت الأعراب آمنّا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم)، وانقسم المرتدون إلى فريقين: فريق امتنع عن أداة الزكاة، وفريق تبع المتنبئين ورفض الدين كله.

قال البلاذري: لما استخلف أبو بكر ارتدت طوائف من العرب ومنعت الصدقة، وقال قوم منهم: نقيم الصلاة ولا نؤدي الزكاة، فقال أبو بكر: لو منعوني عقالاً لقاتلتهم[1] .

ومن الأعمال التي أتاها أبو بكر التي تدل على صدق عزيمته إنفاذه جيش أسامة الذي أكد إنفاذه الرسول (ص) وقت مرضه.

لما تولى أبو بكر كان أسامة بن زيد مبرزاً، وكان عمر بن الخطاب من جملة جيش أسامة على ما عينه رسول الله (ص)، فقال عمر لأبي بكر: إن الأنصار تطلب رجلاً أقدم سناً من أسامة، فوثب أبو بكر وكان جالساً وقال: ثكلتك أمك يا ابن الخطاب استعمله رسول الله (ص) وتأمرني أن أعزله. ثم خرج أبو بكر إلى معسكر أسامة وأشخصهم وشيعهم وهو ماش وأسامة راكب، فقال له أسامة يا خليفة رسول الله لتركبن أو لأنزلن فقال أبو بكر: والله لا تنزل ولا ركبت وما عليَّ أن أغبر قدمي ساعة في سبيل الله، ولما أراد الرجوع قال أبو بكر لأسامة: إن رأيت أن تعينني بعمر فافعل، فأذن أسامة لعمر بالمقام، ولم يشأ الخليفة أن يستبد على رئيس السرية بإبقاء عمر، وهذا مقام كبير في احترام ذي السلطان سلطانه.

هذا وقد أوصاهم أبو بكر قبل رجوعه عنهم بوصية قصارى ما يقال فيها: إن الدول المتمدنة الآن مع حرصها على تخفيف بلاء الحروب ودعواها العريضة في خدمة الإنسانية والإنسان، ومراعاة حقوق العمران، لم تستطع واحدة منهن أن تقيد جيوشها بمثل مضمونها وهاهي بنصها:

لا تخونوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا الطفل ولا الشيخ ولا المرأة ولا تعقروا نخلاً ولا تحرقوه ولا تقطعوا شجرة ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً إلا للأكل وإذا مررتم بقوم فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له، وإذا لقيتم أقواماً فحصوا أواسط رؤوسهم وتركوا حولها مثل العصائب فاضربوا بالسيف ما فحصوا عنه، فإذا قرب عليكم الطعام فاذكروا اسم الله عليه وكلوا، يا أسامة اصنع ما أمرك به نبي الله ببلاد قضاعة – ولا تقصر في شيء من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ودعه من الجرف ورجع[2].

فسار أسامة وشن الغارة على بلاد قضاعة وأخافهم وغنم منهم واستمر في بعثه أربعين يوماً ثم عاد، وكان هذا البعث مفيداً للمسلمين لأن أعداءهم لما تسامعوا به قالوا: لو لم يكن للقوم قوة ما أرسلهم جيوشهم تغير على من بُعد عنهم من القبائل القوية.

حمل أبو بكر على هؤلاء المرتدين لما جاءتهم أخبارهم ومكث ينتظر بعث أسامة لأنه كان فيه معظم القوة وكانت جيران المدينة من عبس وذبيان قد اجترأوا عليها يريدون مهاجمتها فلما قدم بعث أسامة استخلف أبو بكر أسامة على المدينة وكان قصده بذلك أن يرتاح جنده ويريحوا ظهورهم، وخرج فيمن معه من الجند وحرس المدينة لحرب عبس وذبيان حتى نزل على أهل الربذة بالابرق فاقتتل جنده مع بني عبس فهزم العبسيون، وأقام أبو بكر بالابرق أياماً وقد غلب بني ذبيان على البلاد ثم عاد أبو بكر إلى المدينة، فلما استراح جند أسامة خرج إلى ذي القصة فنزل بهم، وذو القصة على بريد من المدينة تلقاء نجد فقطع بها الجند وعقد الألوية وهي أحد عشر لواءً لأحد عشر أميراً وهم:

1.    خالد بن الوليد ووجهته طليحة بن خويلد الأسدي ببزاخة، فإذا فرغ منه قصد مالك بن نويرة بالبطاح.

2.    عكرمة بن أبي جهل ووجهه إلى مسيلمة باليمامة.

3.    ووجه في إثر عكرمة شرحبيل بن حسنة.

4.    المهاجر بن أبي أمية ووجهه إلى جنود الأسود العنسي بصنعاء.

5.    حذيفة بن محصن ووجهته أهل ذبا بعمان.

6.    عرفجة بن هرثمة ووجهته أهل مهرة وأمر هذا ومن قبله أن يجتمعا وكل أمير على صاحبه في عمله.

7.    سويد بن مقرن إلى تهامة باليمن.

8.    العلاء بن الحضرمي ووجهه إلى البحرين.

9.    طريفة بن حاجز ووجهه إلى بني سليم ومن معهم من هوازن.

10.عمرو بن العاص ووجهه إلى قضاعة.

11.خالد بن سعيد ووجهه إلى مشارف الشام.

 والخلاصة اشتغل أبو بكر في أمر الردة بعزيمة لا تزعزعها الكوارث أطفأ بها تلك النار التي هاجت في أنحاء الجزيرة حينما شعرت بفقد الرسول (ص) واستتب الأمر لأبي بكر وعاد الناس إلا ما كانوا عليه.

[1] فتوح البلدان للبلاذري

[2] تاريخ ابن خلدون ج2




يتبع



يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن




 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق