إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 10 يناير 2016

962 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الحادي والخمسون فقر وغنى وأفراح ؤأَتراح


962

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
    
الفصل الحادي والخمسون

فقر وغنى وأفراح ؤأَتراح

العاب مسلية

وقطع الجاهليون وفتهم ببعض الألعاب المسليّة، مثل "النرد" وقد أشير اليه في الحديث ب "النردشير" وب "النرد". وذكر بعض العلماء أن "النرد" هو "الكوبة"، بلغة أهل اليمن. وأشير اليه في حديث اهل الأخبار عن "امرىء القيس الكندي" وعن الناعي الذي أوصل الخبر اليه، فقالوا: "فوجده مع نديم له يشرب الخمر، ويلاعبه بالنرد، فقال له: قتل حجر، فلم يلتفت إلى قوله، وأمسك نديمه، فقال له امرؤ القيس: اضرب، فضرب،. حتى إذا فرغ، قال: ما كنت لأفسد عليك دستلك " والدست مصطلح فارسي، أي ما كنت لأفسد عليك لعبك.

وكان في الجاهلية إذا خاب قدح أحدهم ولم ينل مرامه قبل تمّ عليه الدست. وقيل الدست: هو دست القمار، كان في اصطلاح الجاهلية. وفلان حسن الدست: شطرنجي حاذق.

واللعب اللهو والتسلية، وهو أنواع. كما ان لكل عمر نوع من اللعب يليق به. و "التلعابة" و "التلعاب" الكثير اللعب، والكثير المزح والمداعبة. و "الشطرنج" لعبة، والنرد لعبة كذلك، وكل ملعوب به فهو لعبة. و "اللعبة" الأحمق الذي يسخر به ويلعا ويطرد عليهْ.

ويعبر عن اللهو واللعب بلفظة "الديدن"، و "الددن"، و "الدد"، و "الددا"، و "ديد"، و "ديدان"، و "الديدبون". وفي الحديث: "ما أنا من دد ولا الددُ مني". أي ما أنا في شيء من اللهو واللعب.وورد لعديّ بن زبد آلعباديّ: أيها القلب تعلـل بـددن  إن هميّ في سماع وأذن

وذكر أن الدد: هو الضرب بالأصابع في اللعب، وأن الديدبون: اللهو.وللاْطفال ألعاب تتناسب مع سنهم، منها: "الجماح"، وهي سهيم يلعب به، يجعلون مكان زجّه طيناً، و "البقيري"، ولعبة "الغراب"، وقد ذكر أن صبياناً كانوَا يلعبونها ليلاً. و "الكعاب" و "الفيال".، وهي لعبة كانوا يلعبون بها، يجمعون تراباَ ويخبئون فيها خبئاً، ويقولون لصاحبه في أي الجانبين هوْ ?.

ومن ألعاب الصبيان لعبة يقال لها "الدخرجاء" و "الدحيريجاء"، وفيها قال الشاعر: عليك الدحيريجاء فاتبع صحابهـا  سيكفيك زين الحرب أروع ماجد

ومن ألعاب الصبيان، لعبة "عظم وضاح." "عظيم وضاح"، أن يأخذ بالليل عظماً أبيض، فيرمونه في ظلمة الليل، تم يتفرقون في طلبه، فمن وجده فله القمر. وذكر أن من وجده يركب الفريق الآخر من الموضع الذي وجدوه فيه إلى الموضع الذي رموا به منه. وورد في الحديث أن النبي لعب وهو صغير بعظم وضاح.

و "البقُيري": أن يجمع يديه عامحما التراب في الأرض إلى أسفله، ثم يقول لصاحبه: اشته في نفسك، فيصيب ويخطىء. وذكر أنهم يأتون الى موضع قد خبيء لهم فيه شيء، فيضربون بأيديهم بلا حفر يطلبونه.

والخطرة، أن يعملوا مخرافا، ثم يرمى به واحد منهم من خلفه إلى الفريق الاخر، فإن عجزروا عن أخذه رموا به اليهم، فإن أخذوه ركبوهم. وأما " الدارة"، ويقال لها "الخراج"، أن يمسك أحدهم شيئاً بيده ويقول لسائرهم. أخرجوا ما في يدي. و "الشحمة"، أنه يمضى واحد من أحد الفريقين بغلام فيتنحّون ناحية ثم يقبلون، ويستقبلهم الآخرون، فإن منعوا الغلام حتى يصيرواً إلى الموضع الآخر فقد غلبوهم عليه،ويدفع الغلام اليهم، وإن لم يمنعوه ركبوهم، وهذا كلّه يكون في ليالي الصيف، عن غب ربيع مخصب.

وسابق الأطفال والشبان بعضهم بعضاً. سابقوا على الخيل وسابقوا على الأقدام فكان السابق يفخر على المسبوقين، وربما خاطروا في السباق، فيأخذ السابق، "الخطر"، وهو ما جعلوه رهناً للسابق. وصارعوا. واعتبروا المصارعة رياضة وفخراَ. فالقوي يصرع الضعيف. ولهذا كان المصارع الذي لا يصرع يتباهى ويفخر بنفسه على غيره.وقد سابق رسول الله بنفسه على الأقدام. ويقال للمصارعة "المراوغة"، لما فيها من مراوغة الواحد منهما للآخر، للتغلب عليه. وقد صارع النبي "ركانة بن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب"، فصرعه مرتين.

"وكان شديداً. يحكى أنه كَان يقف على جلد بعير لين جديد حين سلخه. فيجذبه من تحته عشرة فيتمزق الجلد ولا يتزحزح هو عن مكانه".

ومن ألعاب الصبيان "الطبن"، وهو خط مستدير يلعب به الصبيان. و "الشعارير" وهي من لعب الصبيان. واما البنات فالتماثيل الصغار التي يلعب وإلمتقامرين على الجزور: الأيسار. وذكر أن اشتقاق "الميسر" إما من اليسر لأنه أخذ مال الرجل بيسر وسهولة من غير كد ولا تعب، أو من اليسار لأنه سلب يساره.

وقد ألف بعض العلماء كتباً في الميسرة منها كتاب ألفه "ابن قتيبة الدينوري" وكتاب ألّفه "الزبيدي" دعاه "نشوة الارتياح في بيان حقيقة الميسر والقداح".

وآراء العلماء متباينة في الميسر وفي المراد منه، وفي طريقته. ويظهر أن قسماً ممن كان يلعب الميسر لم يكن يلعبه ابتغاء الكسب، وانما كان يلعبه للتسلية وللترفيه عن الآخرين، وذلك باعطائه ما يكسبه للمحتاجين وللفقراء، ولذلك افتخروا بعملهم هذا وعدّوه مفخرة من مفاخر العرب، لأنم كانوا يفعلونه في أيام الشدة وعدم اللبن واًيام للشتاء. فيعطون اللحم للمحتاج اليه، إذ عيب من كان يأخذه لنفسه وعدّ وه عاراً، وقد افتخروا به في شعرهم، ومدحوا من يأخذ القداح وعابت من لا ييسر ودعته "البرم"، وذللك لبخله وظنه بماله من أن يذهب إلى غيره، مع أن الناس في حاجة شديدة اليه.

وإلى لعب الموسرين الأيسار في الشتاء لمساعدة ذوي الحاجة، أشار طرفة في شعره إذ قال: وهم أيسار لـقـمـان إذا  أغلت الشتوة أبداء الجزور

وأما القسم الآخر ممن كان ييسر، فكان يبغي الكسب والمال، لذلك كان يقامر بكل ما يملك في سبيل الحصول على المال للمياسرة. روي عن "ابن عباس" أنه "كان الرجل في الجاهلية يخاطر على أهله وماله" في سبيل المياسرة. وكان يلجأ إلى الغش والخداع والى السرقة واضاعة العيال، ولأضراره هذه حرمه الإسلام.

وقد ييسرون على الأسرى، فقد وقع "سحيم بن وثيل اليربوعي" في سباء، فضرب عليه بالسهام، فقال في ذلك: أقول لهم بالشعب إذ ييسرونـي  ألم تعلموا أني ابن فارس زهدم

وصفة الميسر: أن القوم كانوا يجتمعون فيشترون الجزور بينهم، فيفصلونها على عشرة أجزاء يؤُتى بالحُرضة وهو رجل يتأله عندهم لم يأكل لحما" عندهم قط بثمن، ويؤتى بالقداح وهو أحد عشر قدْحاً، سبعة منها لها حظ إن فازت، وعلى أهلها غرم إن خابت، يقدر ما لها من الحظ إن فازت، وأربعة ينفل بها القداح، لا حظ لها إن فازت ولا غرم عليها ان خابت.

فأما التي لها الحظ: فأولها الفذ في صدره حز واحد، فإن خرج أخذ نصيباً، وإن خاب غرم صاحبه ثمن نصيب، ثم التوأم، له نصيبان ان فاز، وعليه ثمن نصيبين إن خاب، ثم الضريب، وله ثلاثة أنصباء، ثم الحلس وله أربعة، ثم النافس وله خمسة، ثم المسبل، وله ستة، ثم المُعَلى وله سبعة. والمسبل يسمى: المصفح، والضريب يقال له: الرقيب.

وأما الأربعة التي يفصل بها القداح، فهي: السفيح، والمنيح، والمضعف، وا لوغد.

وقيل: إن للمنيح موضعين: أحدهما لا حظ له، والثاني له حظ فكأنه الذي يمنح الحظ، واستدلوا عابر ذللك بقول عمرو بن قبيصة: بأيديهم مقرومة ومغـالـق  يعود بأرزاق العيال منيحها

فيؤتى بالقداح كلها وقد عرف كل ما اختار من السبعة ولا يكون الأيسار إلا ان الناس كانوا ينظرون إلى "الحرضة" نظرة استصغار وازدراء ويعرف أيضاً ب "الضريب".

ويسمى "الرقيب" ".رابىء الضرباء" يقعد خلف ضارب قداح الميسر يرتبى لهم فيما يخرج من القداح فيخبرهم به ويعتمدون على قوله فيه، ثم يجلس الأيسار حوله دائرين به. ثم يفيض الضريب بالقدّاح، فإذا نشز منها قدح استسله الحرضة من غير أن ينظر اليه، تم ناوله الرقيب فينظر الرقيب لمن هو فيدفعه إلى صاحبه، فيأخذ من أجزاء الجزور على قدر نصيب القدح منها وذلك هو الفوز.

فإن شاء بعد ذلك أمسك، وإن شاء أعاد السهم على "خطار" آخر، وهو السبق يراهن عليه، وهو ما يوضع بين أهل السباق. واعادة السهم تسمى التثنية. وقد وصفت "القداح" بأنها عيدان من نبع، قد نحتت وملست وجعلت سواء في الطول. وهي عشرة من رواية أخرى غير الرواية التقدمة. هي: الفذ والتوأم والرقيب والحلس والنافس والمسبل والمعلى والمنيح والسفيح والوغد. وللاول سهم إن فاز، وفوزه خروجه وعليه عزم سهم إن خاب، وكذلك باقيها على الترتيب فيما له وعليه إلى المعلى، وهو السابع، وله سبعة وعليه سبعة يفرض في كل سم منها بحسب ماله، وعليه حز وتكثر هذه السهام بثلاثة أخر أغفال ليس فيها حزوز ولا لها علامات ليكون ذلك أنفى للتهمة وأبعد من المحاباة. وهي: المنيح وألسفيح والوغد، وتسمى القداح مغالق، لأنها تغلق الرهن إذا ضربوا بها.

وإذا حضرت القداح وحضر الأيسار أخذ كل منهم من القداح على قدره وطافته ورياسته، فمهم من لا يبلغ حاله -أكثر من الفذ فأخذه له، فإن خاب غرم سهماً، وإن فاز أخذ سهماً " ومنهم من يأخذ المعلى ولا يبالي بالغرم إن خاب وينال النصيب الأوفر ان فاز. ومنهم من يأخذ المعلى وسهماً إن لم يحضر من يتمم السهام، فيأخذ ما فضل من القداح، ويقول للايسار قد تممتكم.

ويقع الغرم أي ثمن الجزور على من لم في يخرج سهمه وهم أربعة: أصحاب الرقيب والحلس والنافس، والمسبل. ولجملة هذه القداح ثمانية عشر سهماً، فيجزأ الثمن على ثمانية عشر جزءاً. ويلزم كل صاحب قدح من هذه القداح مثل ماكان نصيبه من اللحم لو فاز قدحه، فإن لم يخرج الفذ ولا التوأم وخرج الرقيب أخذ صاحبه ثلاثة أجزاء، ثم ضربوا ثانيه فخرج المعلى، أخذ صاحبه السبعة الأجزاء الباقية، وهي تتمة الجزور، وكانت الغرامة على من لم يخرج قدحه، وهم أصحاب القداح الخمسة التي خابت. وقد ينحرون جزوراً اخر لأن في القداح التي خابت نصيباً يزيد علىما بقي من اللحم.وإن فضل من أجزاء اللحم شيء وقد خرجت القداح كلها كانت تلك الفاصلة لأهل الوبد من العشرة، وهم أهل الضعف وسوء الحال.


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق