إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 27 يناير 2016

1531 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل التاسع والسبعون النصرانية بين الجاهليين


1531

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
       
الفصل التاسع والسبعون

النصرانية بين الجاهليين


وقد بقيت النصرانية قائمة في اليمن في أيام الإسلام، ففي الأخبار الكنسية أن رئيس البطارقة النساطرة "طيموثاوس"، نصب في أواخر القرن الثامن للميلاد أسقفاً لنجران وصنعاء، اسمه "بطرس". وفي "الفهرست" لابن النديم، أنه التقى براهب من نجران يدعى حساّن، كان قد انفذه الجاثليق إلى الصين، ليتفقد مع خمسة أناسي من النصارى أحوال نصاراها، فعاد منها سنة "377" للهجرة، وأخبره بعجائب تلك البلاد. وذكر أنه في حوالي سنة1210 للميلاد كان في منطقة صنعاء خمسة أساقفة، وأسقف في مدينة زبيد وأسقف في نجران، وأنه كان في حوالى سنة 1250 للميلاد أسقف في عدن.

إن بقاء النصرانية في نجران وفي مواضع من اليمن وأنحاء أخرى من جزبرة العرب، وبقاء اليهودفي اليمن إلى زمن غير بعيد، يشير إلى أن ما ذهب اليه كثير من المؤرخين من إجلاء أهل الكتاب بأمر الخليفة "عمر" عن جزيرة العرب ثم بقية الخلفاء الذين ساروا على حكم: "لا يجتمع دينان في جزبرة العرب" فيه مبالغة. والظاهر أن الاجلاء كان قاصراً على المواضع التي تعرضت فيها جاليات أهل الكتاب فيها للاسلام بسوء. فطبق على جاليات يهود يثرب ومن كان يسكن إلى الشمال منهم، لوقوفهم موقفاً معادياً شديداً من الإسلام، ولعملهم في إثارة الفتن على المسلمين. ومن يدري فلعلهم،ولعل أهل الكتاب عموماً ساعدوا في قيام الردة وتشجيع المتنبين والمرتدين للقضاء على الخطر الذي زعموه، خطر ظهور الإسلام وانتشاره في جزيرة العرب وفي خارجها، وقيام دولة موحدة كبيرة فيها.

ومن يدري أيضاً، فلعل الروم والأحباش كانوا أيضأ في جملة من كان محرض أهل الكتاب على الدس للاسلام،وأن بعض من أعلن الردة مثل "النعمان الغرور" وهو نصراني، وغيره ممن ارتد معه من النصارى، كانوا قد تلقوا عوناً من الخارج، وهذا ما حمل الخليفة على اتباع قاعدة إجلاء الدساسين من اهل الكتاب مهما كان نوعهم عن جزيرة العرب لحماية الإسلام من خطر الفتنة ومن الردة، ولم تكن قواعده قد تركزت واستقرت استقراراً تاماً بعد.

إن الذي افهمه من سياسة إجلاء "عمر" لأهل الكتاب، هو ان ذلك الإجلاء كان خاصأَ بالجاليات اليهودية التي كانت تقيم فيما بين فلسطين ويثرب، وقاصراً عليها، بسبب وقوفها موقفاً معادياً من الإسلام، أما النصارى فلم تكن لهم جاليات هناك، فلم يقع أجلاء لهم فيها. ولكن "عمر" ومن جاء بعده لم يطبقوا الإجلاء على الأسر وألأفراد، بدليل ما نجده في أخبار أهل الأخبار من وجود أسر وأفراد من يهود ونصارى في يثرب وفي مكة وفي الطائف بعد وفاة عمر.

أما في غير الحجاز من بقية أنحاء جزيرة العرب، فلم يطبق قانون "عمر" على أهل الكتاب، بدليل دفع جالياتهم "الجزية" عن رؤوسهم في ايامه إلى وفاته، ثم في ايام من جاء بعده من الخلفاء. فكاًن الخليفة، قد طبق أمر الإجلاء على يهود الحجاز لخوفه من خطر بقائهم في مقر الإسلام وفي مدينة الرسول ومن احتمال عودة من هاجر منهم إلى أرضهم وتكتلهم من جديد، وإثارتهم من لم يكن قد تمكن الإسلام من قلبه بعد، فيقع للاسلام ما وقع في ايام الرسول من اتصالهم سراً بكفار قريش، ومن حدوث ردة جديدة، فقرر إجلاءهم جماعة عن تلك الديار.

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق