إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 31 يناير 2016

1641 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل السابع والتسعون معاملات زراعية المحاقلة


1641

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
        
الفصل السابع والتسعون

معاملات زراعية

المحاقلة

ولم ترد في نصوص المسند معلومات مسهبة عن المحاقلة عند العرب الجنوبين. ولكن في استطاعتنا أن نقول انها لم تكن تختلف في أسلوبها عن المحاقلة عند أهل الحجاز قبيل الإسلام. والمحاقلة عندهم اكتراء الأرض بالحنطة أو الذهب أوشيء آخر، والمزارعة على نصيب معلوم يتفق عليه بالثلث أو الريع أو أقل من ذلك أو أكثر، أو على الأوسق من التمر والشعير، أو على الدينار والدرهم. ويقال للمحاقلة "نحقل" في المسند.

والمخابرة هي المؤاكرة،وهي المزارعة على نصيب معلوم مما يزرع في الأرض. وقيل: المخابرة المزارعة على النصف ونحوه، أي الثلث، والمزارعة على نصيب معين كالثلث والربع وغيرهما وقيل المزارعة ببعض ما يخرج من الأرض. والمؤاكرة المزارعة على نصيب معلوم مما يزرع. وهي المخابرة. وفي الحديث كنا نخابر ولا نرى بذلك بأساً حتى أخبر رافع إن رسول الله نهى عنها. وقد اختلف علماء اللغة في أصل اللفظة، فقال بعضهم: هي من خبرت الأرض خبراً كثر خبارها، وقال بعض آخرمن خيبر، لأن النبي أقرها في أيدي أهلها على النصف من محصولها، فقيل خابرهم، أي عاملهم في خيبر. و "الخبر" في قول علماء اللغة الزرع، ومن هذه اللفظة يجب أن يكون أصل المخابرة. ويظهر من اختلاف العلماء في تعريف المراد من لفظة المخابرة، التي تعني المزارعة أنهم لما أرادوا وضع حد لمعناها، وجدوا المخابرين أي المزارعين أنماطاً وأشتاتأَ في تثبيت حصص المخابرة ونصيبها، فحفظ كل ما سمعه، وظن أن ما وعاه وسمعه هو المخابرة، فجاءت تعاريفهم من ثمَّ على هذا النحو. ولو أخذناها ودققناها، وجدنا أنها كلها شيء واحد، هو: المخابرة المزارعة على نصيب معلوم مما يزرع في الأرض،. أما تثبيت الأنصبة، فلا دخل له بالتعريف، لأنه مجرد تعامل أشخاص واتفاق اًفراد، منهم من كان بزيد في النصيب ومنهم من كان ينقص منه: حسب الحاجة، على نحو ما يقع في كل تعامل مثل البيع والشراء.

والمزارعة، المعاملة على الأرض ببعض ما يخرج منها ويكون البذر من مالكها، فإن كان من العامل، فهي مخابرة.

وقد كانوا يتعاملون مع المزارعين أو الأجراء على "القصارة". وهي ما يبقى في المنخل بعد الانتخال، اْو ما بقي في السنبل من الحب، مما لا يتخلص بعدما يداس، أو ما يبقى على لأرض من حب بعد التذرية. فيشترط بعضهم أن تكون القصارة للمذري، وقد لا يوافق على ذلك صاحب الزرع، فتكون له. وقد يحدث الاختلاف بين صاحب الزرع وبين المذري، بسبب اتهامه للمذري، باستغلال الشرط، والإفراط في إسقاط الحب على الأرض للاستفادة منه.

وذكر إن أحدهم كان يشترط في المزارعة ثلاثة جداول والقصارة، أي ما سقى الربيع. وقد نهى النبي عن ذلك. والجدول النهر الصغير، ونهر الحوض ونحو ذلك من الأنهار الصغار.

ولما جاء المهاجرون إلى يثرب. وكان بينهم قوم يحسنون الزراعة، وكانوا يريدون عملاً يعتاشون منه، حاقلوا أصحاب الأرض على زرع أرضهم في مقابل نصيب معلوم، كانوا يتفقون عليه. وقد نجح بعض منهم في استغلال الأرض، وكسبوا منها. غير إن قسماً منهم اختصموا مع الملاّك، بسبب توزبع الحاصل أو الماء، فكان الرسول يتداخل بنفسه لحسم الخلاف. وقد صار الصحابة من من أهل مكة بين تاجر وبين زراع، ورد في حديث "أبي هريرة": "لم يشغلني عن النبي غرس الوديّ، أي صغار النخل". وورد إن الأنصار قالوا للمهاجرين: تكفونا المؤونة في النخل بتعهده بالسقي والتربية ونشرككم في الثمرة، واتفقوا على ذلك.

وقد نهى الإسلام عن المحاقلة والمزارعة والمؤاكرة، وذلك لما كان يقع بسببها من خلاف بين المالك والفلاح، وما كان يقع من ظلم في القسمة أو اختلاف على توزبع الحاصل. فلما جاء الرسول إلى "يثرب"، ورأى هذه الخصومات، نهى عن إبجار الاْرض وكرائها بقوله: "من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها، فإن لم يفعل فليمسك أرضه". وفي رواية أخرى أنه لم "يحرم المزارعة، ولكن قال أن يمنح أحدكم أخاه خير له من أن يأخذ شيئاً معلوماً، لأنهم كانوا يتنازعون في كراء الأرض حتى أفضى بهم إلى التقاتل بسبب كون الخراج واحداً لأحدهما على صاحبه، فرأى أن المنحة خير لهم من المزارعة التي توقع بينهم مثل ذلك".

وقد ذكر العلماء أن هذا النهي إنما وقع بسبب المنازعات التي كانت تقع فيما بين الطرفين المتعاقدين، لاتفاقهما على شيء مجهول، وذكروا مثلآ آخر على ذلك هو كرى المزارع على الأربعاء وبشيء من التبن. والربيع هو النهر الصغير. فتقع المنازعة وّيبقى المزارع أو رب الأرض بلا شيء. وقد كانوا يتعاقدون على ما ينبت على ربيع الساقي، أي النهر الذي يسقي الزرع. فيقع اختلاف بين المزارع والمالك، أو بين صاحب الماء والمزارع. أما إذا كان الاتفاق على شيء واضح معلوم، في مثلَ استئجار الأرض البيضاء من السنة إلى السنة، او في آجال يتفق عليها بالذهب والفضة، أي بالدنانير والدراهم، فقد جاز كذلك كا ورد في كتب الحديث.

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق