إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 29 يناير 2016

1572 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل السابع والثمانون من عادات وأَساطير الجاهليين


1572

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
    
الفصل السابع والثمانون

من عادات وأَساطير الجاهليين

ولأهل الجاهلية عادات وأساطير كثيرة، وقد اختص العرب بقسم منها، أما القسم الثاني فهو عام معروف، عرف عند الساميين والعجم، وهي مما يقل له " الشعيبات" أو "الفولكلوريات" في مصطلح الافرنج لهذا العهد.

فمن ذلك ما كانوا يفعلونه في أسفارهم إذ كان أحدهم اذا خرج إلى سفر عمد إلى ضخرة من "الرتم"، فعقد غصناً منها، فاذا عاد من سفره ووجده قد. انحلّ، قال: قد خانتني امرأتي، وإن وجده على حاله قال لم تخني. ويقال لذلك العقد "الرتم" و "الرتمة". وذكر ان الرجل منهم كان اذا سافر عمد إلى خيط فعقده في غصن شجرة أو في ساقها، فاذا عاد نظر إلى ذلك الخيط، فان وجده.بحاله علم ان زوجته لم تخنه، وإن لم يجده أو وجده محلولاً قال: قد خانتني. ويقال: بل كانوا يعقدون طرفاً من غصن الشجر بطرف غصن آخر.

وتستعمل "الرتمة" لتذكير الإنسان بشيء، يستعملها من يكثر نسيانه. وهي خيط يعقد في الاصبع للتذكير. وقد يعقد على الخاتم.

ومن اعتقادهم في السفر ان من خرج في سفر والتفت وراءه لم يتم سفره. فان التفت تطير، وفسره بالعودة. فلذلك لا يلتفت إلا العاشق الذي يريد العود، ومنها التصفيق: كاتوا اذا ضل الرجل منهم في الفلاة، قلب ثيابه، وحبس ناقته، وصاح في أذنها كأنه يومىء إلى انسان، وصفق بيديه: الوحا الوحا، النجا النجا، هيكل، الساعة الساعة، إليّ إلي"، عجّل، ثم يحرك الناقة فيهتدي. قال الشاعر: وأذن بالتصفيق من ساء ظنه  فلم يدرِ من أي اليدين جوابها

وذكر انه كان يقلب قميصه ويصفق بيديه كأنه يومىء بهما إلى انسان فيهتدي.

وكان أحدهم اذا أراد دخول قرية، فخاف وباءها أو جنهّا، وقف على بابها قبل ان يدخلها، فنهق نهيق الحمار، ثم علق عليه كعب أرنب، كأن ذلك عوذة له ورقية من الوباء والجن. ويسمون هذا النهيق التعشير.

وروي ان "عروة بن الورد" خرج إلى "خيبر" ليمتار، فلما قربوا منها، عَشَّرَ من معه، وعاف "عروة" أن يفعل فعلهم فيقال: إن رفقته مرضوا، وماتَ بعضهم، ونجا "عروة" من الموت والمرض".

وكان مسافرهم إذا ركب مفازة وخاف على نفسه من طوارق الليل، عمد إلى واد ذي شجر، فأناخ راحلته في قرارته، وهي القاع المستديرة، وعقلها، وخط عًليها خطاً، ثم قال: أعوذ بصاحب هذا الوادي. والى ذلك أشار القرآن "وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً".

وذكر أنهم كانوا إذا نزلوا الوادي، قالوا: نعوذ بسيّد هذا الوادي من شر ما فيه، فتقول الجن ما نملك لكم ولا لأنفسنا ضراً ولا نفعاً.

ومن عادات بعض العرب أنهم إذا خافوا شر إنسان وأرادوا عدم عودته اليهم، أوقدوا خلفه ناراً، إذا تحول عنهم، ليتحول ضبعه معه، أي شره. وكانوا يقولون: أبعد اللّه دار فلان وأوقد ناراً اثره، والمعنى لارجعه الله ولارده.

وإذا غاب انسان، فلم يقفوا على أثره، ففي الوسع الاهتداء اليه، وذلك باًن يذهبوا إلى بئر قديمة أو حفر قديم، ثم ينادوا في البئر أو الحفر اسم الغائب ثلاث مرات، فإن سمعوا صوتاً علموا أنه حي معافى، وإن لم يسمعوا شيئاً علموا أنه قد مات.

وإذا أرادوا ضمان عدم رجوع الثقلاء ومن لا يرغب في عودتهم، فإن الثقيل اذا غادر المحل، عمد صاحب البيت والمكان الى كسر شيء من الأواني أو رمى حجراً خلفه، وفي ذلك ظن بألا يعود.

ومن خرافاتهم أن أحدهم كان إذا اشترى داراً أو استخرج ماء عين أو بنى بنياناً وما أشبهه، ذبح ذبيحة للطيرة. وقد عرفت عندهم بس "ذبائح الجن".

وكانوا يفعلون ذلك مخافة أن تصيبهم الجن وتؤذيهم. وقد نهي في الإسلام عن ذبائح الجن.

وأوجدوا لدوام الحب علاجاً، هو شق الرداء والبرقع. زعموا أن المرأة إذا أحبت رجلاً أو أحبها ثم لم تشق عليه رداءه، ويشق عليها برقعها، فسدحبهما، فإذا فُعل ذلك دام حيهما.

وإذا صعب على المرأة العثور على خاطب لها، فإن في الإمكان تيسير ذلك بنشر جانب من شعرها، وتكحيل إحدى عينيها، وتحجيل احدى رجليها،ويكون ذلك ليلاَ، ثم تقول: "يا لكاح، أبغي النكاح، قبل الصباح"، فيسهل امرها، وتتزوج عن قريب.

ومن ارالْهم أن الرجل منهم اذَا عشق ولم يسلَ وأفرط عليه العشق، حمله رجل على ظهره كما يحمل الصبي، وقام آخر فأحمى حدَيدة أو ميلاً وكوى به بين إليتيه فيذهب عشقه.

ولدوام الحب بين الرجل والمرأة، يشق الرجل برقع من يحبها وتشق المرأة رداءه، فيصلح حبهما ويدوم، فإن لم يفعلا ذلك فسد حبهما.

واذا غاب عن النساء من يحببنه أخذن تراباً من موضع قدمه وموضع رجله، ليرجع سريعاً.

واذا أرادت المقلاة ان يعيش ولدها، ففي امكانها ذلك اذا تخطت القتيل الشريف سبع مرات، وعندئذ يعيش ولدها. وانما كانوا يفعلون ذلك بالشريف يقتل غدراً. وقد ذكر ذلك في شعر لبشر بن أبي خازم.

ومن عقائدهم ان صاحب الفرس المهقوع اذا ركبه فعرق تحته اغتلمت امرأته، وطمحت إلى غيره. والهقعة: دائرة تكون بالفرس، وربما كانت على الكتف في الأكثر.

وكان الصبي اذا بترت شفته، حمل منخلاً على رأسه ونادى بين بيوت الحي: "الحلاء الحلاء، الطعام الطعام " فتلقي له النساء كسر الخبز والتمر واللحم في المنخل، ثم يلقى ذلك للكلإب، فتأكله فيبرأ من المرض فان أكل صبي من الصيان من ذلك الذي ألقاه للكلاب تمرة أو لقمة، بترت شفته.

وتعالج "الخطفة" و "النظرة" عند الصبيان بتعليق سن ثعلب، أو سن هرة على الصبي، فان تلك الأسنان تهرٌب الجن. ويهربها كذلك تنقيط شيء من صمغ "السمرة" "حيض السمرة"، وهي شجرة من شجر الطلع، بين عيني النفسَاء، وخط شيء منه على وجه الصبي خطاً، فلا تجرؤ الجنية على التقرب من الصبي، ويقال لذلك "النفرات". فاذا قال لها صواحباتها في ذلك، قالت: كانت عليه نفرهْ  ثعالب وهرره.

والحيض حيض السمرهْ ومن عاداتهم في إبعاد الجن عن الصبيان، تنفير المولود، وذلك ان يسميه باسم غريب منفر، فينفر الجن منه، ولا يتقربون منه.

وعادة أخذ الغلام اذا ثغر، السن الساقط ووضعه اياه بين السبابة والإبهام، واستقبال الشمس، وقذف السن في عينها، لا تزال معروفة حتى الان، وهم يقولون في ذلك: "ابدليني بسن أحسن. منها، ولتجر في ظلمها إياتك"، أو "أبدليني أحسن منها، امن على أسنانه العوج، والفلجَ، والثعل،. قال طرفة: بدلته الشمس من منِبـتـه  برداً أبيضَ مصقول الأُشّر

واعتقد قوم منهم ان من ولد في القمراء، تقلصت غرلته، فكان كالمختون، واعتقدرا ان طول الغرلة من تمام الخلقة وأقرب ما يكون إلى السؤدد.

ومن عقائدهم، أن المولود إذا ولد يتناً، كان ذلك علامة سوءٍ، ودليلاً على الفساد. واليتن خروج رجل المولود قبلَ رأسه.

ومن عقائدهم ان الرجل كان اذا ظهرت فيه القوباء عالجها بالريق، واذا أصيب أو أصيبت دابته بالنملة، وخط عليها اين المجوسي اذا كان من اخته تبرا وتنصلح وترأب.

وزعموا أن من أصيب ب "الهُدَ بِد"، وهو "العشَا" يكون في العين عمد إلى سنام فقطع منه قطعة، ومن الكبد قطعة، وقلاهما، وقال عند كل لقمة يأكلها بعد أن يمسح جفنه الأعلى بسبابته: فيا سناماً وكَبِـد  ألا اذهبا بالهُدَبدٌ

ليس شفاء الهدبد  إلا السنام والكبدَ

ويزعمون أن ذلك يذهب بالعشا بذلك.

وقد زعم الجاهليون أن الطاعون الذي كان يقع كثيرأ في الجاهلية فيحصد الناس حصداً، هو من وخز الجنّ،وأنه من فعلهم في الإنسان ودعوه "رماح الجن"، وذكر ذلك في الشعر فقال أحد الشعراء: لعمرك ما خشيت على عدي  رماح بني مقيدة الحمـار

ولكني خشيت على "عديّ"=رماح الجن أو إياك جار وكانوا يرون أن أكل لحوم السباع يزيد في الشجاعة والقوة.

وفي حركات الإنسان دليل ومعان تنبىء عن أشياء. فإذا اختلجت العين دل، ذلك على توقع قدوم شخص غائب محبوب، ولا تزال هذه العادة باقية عند الناس اليوم، ومن عاداتهم أن أحدهم اذا خدرت رجله، ذكر أحب الناس اليه، فتنبسط. وكانوا يعقدون الرتم للحمى، ويرون أن من حلها انتقلت الحمى اليه. قال أحد الشعراء: حللت رتيمة فمكثت شهراً  أكابد كل مكروه الـدواء

وقد زعموا ان في البطن حية، اذا جاع الإنسان،عضت على شرسوفه وكبده. وقيل: هو الجوع بعينه، ليس أنها تعض بعد حصول الجوع.

ركان من عادة الجاهليين حمل ملوكهم على الأعناق إذا اشتد بهم المرض. وهم يعتقدرن أنهم بذلك سيتغليون على المرض، ويعللون ذلك بأنه أسهل على المريض، وأكثر راحة له من وضعه على الأرض.

واعتقدت العرب ان دمَ الملوك والرؤساء يشفي من عضة الكلب، وزعموا ان الكَلَب جنون الكلاب المعتري من أكل لحم الإنسان. وأجمعت العرب ان دواءه قطرة من دم ملك يخلط بماء فيسقاه، وقيل إن الرجلَ الكلَب يعض انساناً فيأتون رجلاً شريفاً، فيقطر لهم من دم اصبعه، فيسقون الكلبَ فيبرأ.

ومن عقائدهم انهم كانوا اذا قتلوا الثعبان خافوا من الجن ان يأخذوا بثاًره، فيأخذون روثة، ويفتونها على رأسه، ويقولون: روثة راث ثائرك. وقد يذر على الحية المقتولة يسير رمادٍ، ويقال لها: قتلك العين فلا ثاثر لك. وفي أمثالهم لمن ذهب العين دمه هدر: هو قتيل العين.

واعتقد الجاهليون ب "السفعة"، و "السفعة" العين تصيب الإنسان: عين إنسية وعين جنية، و "السفعة" النظرة من الجن.

واذا طالت علة الواحد فهم، وظنوا ان به مساً من الجن، لأنه قتل حية أو يربوعاً أو قنفذاً، عملوا جمالاً من طين، وجعلوا عليها جوالق وملؤوها حنطة وشعيراً وتمراً، وجعلوا تلك الجمال في باب جحر الى جهة المغرب وقت غروب الشمس، وباتوا ليلتهم تلك، فاذا أصبحوا، نظروا إلى تلك الجمال الطين، فاذا رأوا انها بحالها، قالوا: لم تقبل الهدية، فزادوا فيها، وإن رأوها قد تساقطت وتبدد ما عليها من الميرة قالوا: قد قبلت الدية، واستدلوا على شفاء المريض، وفرحوا، وضربوا بالدف.

ومن أوابدهم تعليق الحلي والجلاجل على اللديغ، يرون انه يفيق بذلك، ويقال انه انما يعلق عليه، لأنهم يرون انه ان نام يسري السم فيه فيهلك، فشغلوه بالحلي والجلاجل وأصواتها عن النوم. وذهب بعضهم إلى انه اذا علق عليه حلي الذهب برأ، وإن علق الرصاص أو حلي الرصاص مات.

ومن آرائهم في إطفاء نار الحرب انهم كانوا ربما أخرجوا النساء فبلن بين الصفين، يرون ان ذلك يطفىء نار الحرب ويقودهم إلى السلم.

ومن وسائل إبعاد الجن عن الناس، وإبعاد عيونهم عنهم، تعليق كعب الأرنب. يقولون إن من فعل ذلك لم تصبه عين ولا سحر، وذلك لأن الجن تهرب من الأرنب، لأنها ليست من مطايا الجن، لأنها تحيض. وذكر أيضاً ان من علق على نفسه كعب أرنب، لم يقربه "عمار الحي" "جنّان الحي" و "جنّان الدار"، و "عمّار الدار" و.لا "شيطان الحماطة" وجانّ العشرة "جار العشيرة" وغول العقر "غول القفر"، وكل الخرافي وان الله يطفىء نار السعالي. و "الحماطة" شجرة شبيهة بالتين تأوي اليها الحيات.

وكانوا إذا خافوا على الرجل الجنون وتعرض الأرواح الخبيثة له، نجسوه بتعليق الأقذار عليه، كخرقة الحيض وعظام الموتى. وذكروا أن أنفع من ذلك أن تعلق طامث عظام موتى ثم لا يراها يومه ذلك. ويشفي التنجيس من كل شيء، إلا من العشق.

ومن مذاهبهم قولهم في الدعاء: "لا عشت إلا عيش القرُاد". يضربونه مثلاً في الشدة والصبر على المشقة يزعمون أن القُراد يعيش ببطنه عاماً وبظهره عاماً.

وكانوا يتبركون بأشياء، منها المدمى من السهام، الدي ترمي به عوك ثم يرميك به. وكان الرجل إذا رمى العدو بسهم فأصاب، ثم رماه به العدو وعليه دم، جعله في كنانته تبركاً به. ذكر أن "سعداً" قال: "رميت يوم أحد رجلاً بسهم فقتلته، ثم رميت بذلك السهم أعرفه، حتى فعلت ذلك وفعلوه ثلاث مرات، فقلت:هذا سهم مبارك مدمى فجعلته في كنانتي،فكان عنده حتى مات".

كان أحدهم يلقى الرجل يخافه في الشهر الحرام، فيقول: حجراً محجوراً، أي حرام محرم عليك هذا الشهر، فلا. يبدؤه بشر. وكانوا يقولون ذلك اذا نزلوا مكاناً وخافوا فيه من الجن.

وكان من عاداتهم أنهم كانوا إذا أرادوا أن تورد البقر الماء، فعافته قدموا ثورأَ، فضربوه،فورد، فاذا فعلوا ذلك، وردت البقر. وفي ذلك قال الأعشى: و ما ذنبه إن عافت الماء باقر  وما أن تعاف الماء إلا لتضربا

ويقولون إن الجن تصد البقر عن الماء، وان الشيطان يركب قرني الثور.

ويظهر أن هذا الاعتقاد من الاعتقادات التي كانت شاثعة بين الجاهليين،بدليل وروده في أشعار عدد من الشعراء. وكانوا يزعمون أن الجن هي التي تصدّ الئيران عن الماءحتى تمسك البقرعن الماءحتى تهلك.

ومن عاداتهم أيضاً أنهم كانوا اذا وقع العرُ" في ابلهم، اعترضوا بعيراً صحيحهاً لم يقع ذلك فيه، فكووا مشفره وعضده وفخذه. يرون أنهم اذا فعلوا ذلك ذهب العر عن ابلهم.

وذكر أن العرّ قروح مثل القوباء، تخرج بالإبل متفرقة في مشافرها وقوائمها يسبل منها مثل الماء الأصفر، فتكوى الصحاح لئلا تعديها المراض، تقول منه: عرت الإبل، فهي معرورة. قال النابغة الذبياني: فحملتنى ذنب امرىء وتركـتـه  كذي العرّ يكوى غيره وهو راتع

وفي المعنى المذكور قول الشاعر: فألزمتني ذنباً وغـيريّ جـرّه  حنانيَكْ لا تكوِ الصحيح بأجربا

وقول آخر: كمن يكوي الصحيح يروم برءاً  به من كل جربـاء الإهـاب

وذكر ان الفصبل كان اذا أصابه العر،عمدوا إلى أمه فكووها،فيبرأ فصيلها.

ومن ذلك انهم كانوا يفقاون عين فحل الإبل، لئلا تصيبها العين. وكانوا اذا كثرت إبلهم فبلغت الألف، فقأوا عين الفحل، فان زادت الإبل على الألف فقأوا العين الأخرى. وذلك المقفأ والمعمى.

وكانت العرب اذا أجدبت، وأمسكت الماء عنهم، وتضايقوا من انحباس المطر، وأرادوا ان يستمطروا، عمدوا إلى السلع والعُشَر، فحزموهما، وعقدوهما في أذناب البقر، واضرموا فيها النيران، وأصعدوها في موضع وعر، واتبعوها، يدعون الله ويستسقون، وانما يضرمون النار في اذناب البقر تفاؤلاً للبرق بالنار. وكانوا يسوقونها نحو المغرب من دون الجهات. ويقال لهذا الفعل "التسليع". وذكر ان التسليع فى الجاهلية انهم كانوا اذا أسنتوا، أي أجدبوا، علقوا السلع مع العشر بأذناب البّقْر وحدروها من الجبال وأشعلوا في ذلك السلع والعشر النار يستمطرون بذلك. ونجد من الرواة من يقول: حدروها من الجبال وأشعلوا في ذلك السلع والعشر النار، ومنهم من يقول: ثم يضرمون فيها النار،وهم يصعدونها في الجبل، فيمطرون.

وقد أشير إلى هذا الفعل في الشعر، قال أمية بن أبي الصلت: سلَعَُ ما،ومثلهُ عشرٌ مـا  عائلٌ ما، وعالت البيقورا

وقال الورك الطائي "وداك الطائي".

لا درّ درّ رجال خاب سعـيهـم  يستمطرون لدى الأزمات بالعشر

أجاعل أنت بيقـوراً مـسـلـعة  ذريعةً لك بين الله والـمـطـر

ومن السلع " المُسَلّعةُ، كانت العرب في جاهليتها تأخذ حطب السلع والعشر في المجاعات وقحوط القطر، فتوقر ظهر البقر منها، وقيل: يعلقون ذلك في أذنابها، ثم تلعج النار فيها يستمطرون بلهب النار المشبه بسنى اليرق. وقيل: يضرمون فيها النار، وهم يصعدونها في الجبل، فيمطرون".

وقد تعرض "أبو الحسين احمد بن فارس" لموضوع "البيقور"، فقال: "كانت العرب اذا أمسكت السماء قطرها، استمطروا، فعمدوا إلى شجرتين يقال لهما السلع والعشر، فعقدوهما في أذناب البقر فأضرموا فيها النار، وأصعدوها في جبلً وعر وتبعوا آثارها، يدعون الله عز وجلّ ويستسقونه. قال ابن الكلبي: وانما يضرمونً النار تفاؤلاً للبرق". "كانوا اذا فعلوا ذلك توجهوا نحوالمغرب من بين الجهات كلها قصداً إلى العينّ، والعين قبلة العراق. قال العجاج: سارٍ سَرى من قبل العين فجر  غُرَّ السحاب والمرابيع البكر"

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق