إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 31 يناير 2016

1614 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الخامس والتسعون الارض الأرض ملك الآلهة


1614

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
      
الفصل الخامس والتسعون

الارض

الأرض ملك الآلهة

الأرض كما سبق إن بينت ملك للآلهة. وكل شيء على هذه الأرض هو ملك لها كذلك. والناس أنفسهم عبيد لها "ادم". ورأيهم هذا يطابق رأي الإسلام بالنسبة الى الملك. فالله في الإسلام مالك الملك، وهو مالك كل شيء. والمال مال الله والناس عبيد له. وعندهم أن ممثلي السلطة الإلهية على هذه الأرض هم الذين ينظمون الملك ويقيمون العدل بين الناس ويحقوّن الحق كما تأمرهم الآلهة به. ُكما شرعته لهم وأوصت به. فهم في ذلك مثل الإسلام ايضاً في إن اولي الأمر أي "السلطان"يحكمون بين الناس بالقسط والعدل ومما أنزله الله على رسوله من أحكام وأوامر ونواهٍ فهم ظل الله وخلفاء رسول الله على العباد.

هذا هو المبدأ العام بالنسبهّ الى الملكية والتملك عند العرب الجنوبيين. ويتمثل هذا الرأي في عقود التملك "شامت""شمت"بالشراء المدوّنة باللهجات العربية الجنوبية، حيث يذكر المتعاقدون أنهم باعوا أو تملكوا ملكاً مثل أرض أو دار أو بستان أو غير ذلك، بموافقة "الإله الفلاني"، وبرضاه. وانهم أجروا ذلك وفقاً لأوامره ونواهيه يكتبون ذلك على حجر يضعونه على حدّ الملك أو باب الدار، ليكون بمثابة شهادة تمليك. أو صك بيع أو شراء وسند "طابو"، أي سند تملك كما يعبر عن ذلك في لغة أهل العراق في الوقت الحاضر.

وحكم ان الملك ملك الآلهة، لا يعني إن الملكية هي مجرد انتفاع الى أجل يحدد أو لا يحدد. أو إن من حق السلطان انتزاع الملك صاحبه والاستيلاء عليه أو اعطائه لأخر باعتباره ممثل سلطة الآلهة على الأرض. بل الملكية تملك دائم، لا يجوز لأحد منازعة صاحب الملك على ملكه لأن انتزاع الملك من صاحبه ومن دون رضاه تعسف وظلم. ولا ترضى الآلهة بظلم أحد، حتى وإن صدر ذلك الظلم من "السلطان"أي الملك أو من خوّله الملك الحكم نيابة عنه. وقد خولت القوانين المالك الذي يغتصب.ملكه حق مقاضاة المغتصب عند ذوي الِرأي و "أولي الأمر"وعند المعابد وإن كان ذلك المغتصب ملكاً. صحيح إن بعض الملوك ظلموا الناس، بمصادرة أملاكهم وأموالهم، وبالاستيلاء على كل ما مَلَكه أفراد رعيتهم من دون دفع تعويض عنه. غير إن هذا عمل شاذ، وقد وقع لظروف شاذة. كأن يكون الشخص الذي صودر ملكه من أعداء الملك أو قد قام بعمل معاد للحكومة، أو قاوم "أولي الأمر"بطريقة من الطرق، أو خالف أوامر المعبد وأحكام دينه إلى غير ذلك من أمور. فهذه أمور شاذة لا تكون قاعدة حكمية عامة، لأن الأصل القانوني هو: إن الملكية حىّ مقدس لا يجوز مسه ولا الاعتداء عليه، لأن الآلهة لا ترضى بذلك، وهي تنتقم من المعتدين مهما كانوا.

والملك هو كل ما تملكه يمينك ويكون في حوزتك احتواءً قادراً على الاستبداد به. وكل.ما صار في ملكك إما شراءً واما إرثاً أو لقطة لم يظهر مالكها ولم ينازعه عليها منازع ولم يعارض في تملكه لها قانون، واما هبة او ما شاكل ذلك.

وذلك بالنسبة إلى الملك الدائم الذي لا يمكن انتزاعه من صاحبه، لأن الآلهة أمرت به وأقرته. خلاف الملكية المؤقتة، التي تمنح الإنسان حق التصرف بالملك ولكن لأجل وبشروط تعين وتثبتّ لا يجوز تخطيها والعمل بخلافها. مثل التملك بعقد، أي بشروط ويعبر عن ذلك ب "شامت""شمت". ويكون ذلك شراءً، أو بعقد خاص أو بإيجار.

ولا نجد في الحجاز أو نجد أو العربية الشرقية ملاكاً مزارعين كباراً على نحو ما نجده في اليمن أو في بقية العربية الجنوبية، وذلك لصغر مساحة الأرضين المسقاة بالمطر أو بالمياه الأرضية في هذه البلاد. نتيجة شح الأرض وبخلها على الناس بالماء. ولهذا لم يظهر في الحجاز أو في نجد أو أرض العروض مزارعون كبار، لهم عدد كبير من الفلاحين والرقيق يستغلونهم في استغلال الأرض. ومع ذلك فاننا لا نجد حتى في اليمن أو في للعربية الجنوبية أناساً أصحاب أرضين واسعة أي من نسميهم اليوم ب "اقطاعيين"على نحو ما نجده في أرض السواد، أي العراق، حيث كان الإقطاعيون يملكون مساحات واسعة من الارض، تسقيها الانهار دون كبير عناء، ويعمل فيها الفلاحون بأجور بخسة ورقيق الارض والخول فتأتي لاصحابها بالمال والثراء.

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق