إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 31 يناير 2016

1606 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الخامس والتسعون الارض


1606

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
      
الفصل الخامس والتسعون

الارض


والأرض هي مصدر الثراء والغنى للانسان، وعلى مقدار ما يملكه الإنسان من أرض، تكون ثروته ويكون غناه، وعلى قدر ما يبذله صاحب الأرض من جهد في استغلالها وفي تطويرها وفي استنباط ما في باطنها من خيرات يتوقف دخله منها وغلته التي تأتيه من أرضه هذه.

ولا تعرف ملكية الاْرض والماء، إلا بين الحضر. أما الأعراب، فإن هذه الملكية تكون عندها للقبيلة ولساداتها، حيث يحمون بعض الأرض، أو يستنبطون الماء من أرض موات لا ماء فيها، فتتحول الأرض بذلك إلى أرض نافعة ذات ماء، يبسط حافرها حمايته عليها ويجعلها ملكاً له، وقد يزرع عليها، فتصير الأرض التي يزرعها ملكاً له. وبهذه الطريقة تكونت الملكية بين القبائل.ولا يستطيع أن ينال من هذه الملكية بالطبع إلا المتمكن من أبناء القبيلة ومن ساداتها، من يتمكن بما لديه من مال وامكانيات من استنباط الماء ومن احياء الأرض واستغلالها بما عند من اموالٍ وعبيد.

ويكتسب هذا التملك صفة شرعية، إذ يعتبر ملكاً صرفاً لصاحبه، ليس لأحد حق منازعته عليه. ولمالكه أن يتصرف به كيف يشاء. له أن يبيعه، وله أن يبقيه، وان مات انتقلت ملكيته إلى ورثته.

فالأرض في معظم جزيرة العرب، حق عام مشاع لا تعود ملكيته لأحد. إلى إن صار الرعي، وأخذت القبائل تنتقل من مكان إلى مكان، ففرض سادتها حق الحمى، وهو نوع من التملك المتولد من حق الاستيلاء بسبب الزعامة والقوة والاغتصاب، فصار الحمى ملكاً لسادات القبائل، وصارت الأرض المتبقية التي دخلت في حوزة القبيلة بسبب بسطها سلطانها عليها، ملكاً لها. ملكاً مشاعاً بين جميع أبناء القبيلة، ليس لأحد صد أحد من أبناء قبيلته عن ارتياد أرضها، إلا بقانون القوة والعزة والتجبر، أو بفرض سلطانه على الأرض باستنباط مائها وهو حق لا يعمل به إلا القوي المتمكن.

ومن هذا الإحياء للارض الموات تكونت بعض المستوطنات في البوادي، جلب ظهور الماء فيها الناس إليها، فسكنوا حولها، وجاءوا من أطرافها للاستقاء من مائها، وشجع العثور عليه في هذا الموضع المتمكنين الآخرين على الحفر أيضاً، فكان إذا ظهر ماء عذب، جذب الناس إليه، وسحرهم بسحره، وأناخهم حوله، فتوسعت بذلك تلك المستوطنات، وتعددت،وظهرت فيها الملكية الفردية، والحياة الحضرية القائمة على الحيازة والتملك الفردي، بصورة أوسع مما نجدها عند البدوي الاعتيادي الذي لا يملك إلا بيته، وهو خيمته وأهله، وما قد يكون عنده من الإبل.

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق