إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 29 يناير 2016

1592 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الثاني والتسعون الشجر آفات زراعية


1592

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
     
الفصل الثاني والتسعون

الشجر

آفات زراعية

ويفهم من بعض النصوص الجاهلية إن الزراعة كانت تتعرض لآفات زراعية خطيرة تقضي على المزروعات في بعض الأحيان. وطالما وجدنا أصحابها يسألون الآلهة وقاية مزروعاتهم وحمايتها وانزال البركة عليها ومنحهم غلات وافرة كثيرة. وقد يكون من بين هذه الآفات: الحشرات والجراد وانحباس المطر. ومن طرق هذه الحماية في نظرهم تسمية الزرع باسم إلهَ، ليكون في حمايته ورعايته. وقد يخصص نصيب منه لذلك الإلهَ، في مقابل حمايته له.

وفي كتب اللغة ألفاظ عديدة في معاني الآفات التي تصيب الزروع، مثل: البثق، وهو داء يصيب الزرع من ماء السماء، و " الغمل"، وهو مرض يغمل النبات، فيجعله يركب بعضه بعضاً ويذبل ويعفن. و "الخناس"، داء يصيب الزرع فيتجعثن منه فلا يطول. و "الشفران"، و "اليرقان"، آفة للزرع تصيبه فيصفر منها، وقيل دود يكون في الزرع فيتلفه، و "الأرقان"، والرصع، والوصم، وهو العيب في العود، والقادح، أيضاً يقع في الشجر وفي الخشب فيأكله، والقادح أيضاً العفن، ويقع القادح في الأسنان، وهو السواد الذي يظهر فيها. والسوس، داء يصيب الزرع، لوقوع السوس فيه، بسبب حشرة تعبث فيه، ويقال مثل ذلك بالنسبة إلى الصوف والثياب والطعام، إذا عبثت العثة فيها. و "العُثة" سوسة، أو الأرضة التي تلحس الصوف فتؤذيه. وقيل: دويبة تعلق إلإهاب فتأكله. والجدجد أيضاً دوبية تعلق الإهاب فتأكله. والأرضة ضربان، ضرب صغار، مثل كبار الذرّ، وهي آفة الخشب خاصة، وضرب مثل كبار النمل، ذوات أجنحة، وهي افة كل شيء من خشب ونبات، غير إنها لا تعرض للرطب، وهي ذوات قوائم. وقيل: هي دودة بيضاء شبه النملة تظهر في أيام الربيع. وقيل دودة بيضاء سوداء الرأس، وليس لها أجنحة، وهي تغوص في الأرض وتبني لها كنّاً من الطين، وهي تأكل الخشب وغيره. والنخر، داء يصيب الأغصان والسيقان، والخشب، فيسبب جفافها وتفتتها. و "القادحة"، دودة تأكل الشجر.

و "القتع"، دود حمر تأكل الخشب، أو هي الأرضة، وقيل الدود مطلقاً. وقيل هي السنفة، وللقتعة، والهرنصانة، والحطيطة، والبطيطة، واليسروع، و العوانة، و الطحنة.

و "السرفة"، دويبة تؤذي الزرع، تثقب الشجر ثم تبني فيها بيتاً من عيدان دقاق تجمعها بمثل غزل العنكبوت، وقيل دودة تنسج على بعض الشجر وتأكل ورقه وتهلك ما بقي منه بذلك النسج. وذكر أن "الهرنصانة"،السرفة، وأن "البطيطة"السرفة كذلك. وأن "الحطيطة"السرفة أيضاً.

ومن الأمراض والآفات التي تصيب النخيل، الدمان، ويقع على التمر، فيفسد، وتصيبه العفونة قبل إدراكه حتى يسود. والمُراض، داء للثمار يقع فيها فيهلكها، و "القشام"، وهو أن ينتفض تمر النخل قبل أن يصير بلحاً. وذكر بعض العلماء أن الدمان فساد النخل قبل إدراكه، وإنما يقع ذلك في الطلع يخرج قلب النخلة أسود معفوناً. وذهب آخرون الى أنه فساد الطلع وتعفنه وسواده. وقال بعفضهم: الدمان التمر المتعفن، وانه فساد التمر وعفنه قبل إدراكه حتى يسود من الدمن. وأما المُراض، فذكر بعض العلماء أنه اسم لجميع الأمراض. وأما القشام، فهو أكال يقع في التمر.

ومن الافات التي كانت تصيب الزرع فتؤذي الناس وتلقي بأصحاب الزرع خسائر كبيرة "الجراد". فقد كان يكتسح الزرع في بعض السنين اكتساحاً، فيأتي في موجات كثيفة، ويلتهم كل ما يجده أمامه، حتى يجرد الأرض جرداً، ولا يترك من نبتها شيئأ. ونجد في كتاباًت المسند اشارات إليه. ويقال له: "اربى" في العربيات الجنوبية. وفي العربية: "جراد سد"، أي كثير سد الأفق. ويقال جاءنا سد من جراد، إذا سد الأفق من كثرته.

وللجراد أسماء تمثل مراحل نموه، ذكرها علماء اللغة.مما يدل على مدى اتصاله بحياة الناس، وما كان يحدثه من أذى وأثر في زرعهم. وإذا أكل الجراد نبت أرض. قيل: أرض مجرودة، وجرد الجراد الأرض جرداً، ومن أسماء الجراد "الجندب". وقيل انه الصدى يصر باًلليل ويقفز ويطير، وقيل هو أصغر من الصدى يكون في البراري، وقيل هو الصغير من الجراد.

وكان الجراد يغزو المزارعين فيأتي على ما زرعوه، لا يترك لهم منه شيئاً، وهم عاجزون عن الاتيان عليه. وهو أنواع عديدة من حيث اللون والجسم. وكان إذا انتفل من مكان إلى مكان ظهر في السماء، وكاًنه سحابة من كثرته. وقد صار طعاماً لهم " يأكلونه كما يأكل هو زرعهم. ذكر إن "ابن أبي أوفى"قال: غزونا مع النبي سبع غزوات أو ستاً كنا نأكل معه الجراد.

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق