إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 31 يناير 2016

1620 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل السادس والتسعون الارواء الاستفادة من مياه الأمطار


1620

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
       
الفصل السادس والتسعون

الارواء

الاستفادة من مياه الأمطار

وقد اضطر سكان جزيرة العرب إن يلجأوا إلى الوسائل الصناعية للاستفادة من المياه وذلك لقلتها وشحها، سواء أكانت مياه أمطار أم مياه أرض، متدفقة من أجواف الأرض على هيأة عيون أو جعافر. وفي جملة ما اتخذوه اقامة السدود في الأرضين التي تساعد طبيعتها على اقامة السدود، وحفر الآبار للاستفادة منها في السقي وفي الزراعة بما يتناسب بالطبع مع كميات مياه الآبار.

وقد اتخذ أهل المواضع المرتفعة مثل الأماكن الجبلية التي يصعب نقل الماء إليها كل الوسائل الممكنة للمحافظة على ماء المطر والسيطرة عليه وجمعه لئلا يذهب سدى، فحفروا الصهاريج العميقة في البيوت وفي أماكن أخرى ليسيل إليها، وسلطوا مياه الميازيب على أماكن تسيل منها إلى هذه الصهاريح. ولا يزال بعض الميازيب الجاهلية في حالة جيدة يستعمل في الأغراض التي صنع من أجلها. وهي مصنوعة من الصخور، وبعضها من المرمر الأبيض الجميل. وفي مسجد "حصن غيمان"، صهريج جاهلياُ قديم، يستعمل لخزن المياه. وهناك صهاريج عديدة في هذا الموضع، كلها من ايام الجاهلية، وبعضها مفتوح على هيأة حوض، وأكثره من النوع المغطى والمنقور في الصخر. وقد تساقطت سقوف بعض هذه الصهاريج أو أصيبت بتلف في بعض أقسامها وظهرت هيآتها للعيان، فعرفت أشكالها وأعماقها، ولبعضها ممرات توصل بعضها ببعض، فتجعلها كأنها شبكة تربط مساحة واحدة تملأ بالماء تحت سطح الأرض. ولهذه الصهاريج فتحات تستخرج منها المياه للأرواء.

ولهذه الصهاريج أهمية خاصة في ايام الحروب، إذ تمنع العدو من قطع الماء عن المحاصرين، وبذلك يستطيعون البقاء مدة طويلة يدافعون عن أماكنهم خلف الأسوار.

وقد استخدمت الصهاريج لخزن الماء، حتى البيوت استخدمتها لذلك، فكان إذا وقع الغيث سال إلى هذه الصهاريج فخزنته. وقد اتخذ أهل المدن الصهاريج الكبيرة لتموين الناس بالماء، وبنوا الصهاريج في المعابد ليستفيد منها المتعبدون القادمون إليها ورجال الدين.

وقد عثر على صهاريج عديدة في حضرموت وفي اليمن،عرفت عند الحضرميين ب "نقب". وهي عبارة عن حفر نقرت في الصخور وفي المواضع الحجرية وفي مواضع أخرى، يبلغ قطر أفواهها وفتحاتها زهاء المتر في الغالب. أما أعماقها فهي مختلفة وكذلك أقطارها السفلى أي من جهة قواعدها، فقد عثر على بعضها، وأعماقها تتراوح من ثلاثة أمتارالى أربعة، وأقطارها السفلى تتراوح من خمسة أمتار إلى ستة. ويقال لعملية إلحفر "نقب"كما في هذه الجملة: "نقبو نقب " اي "نقبوا نقباً"،: معناها "حفروا نقباً"و "حفروا صهريجاً".

وتوصل هذه الصهاريج بمجاري تحت الأرض قد يبلغ أطوالها جملة كيلومترات لايصال الماء منها إلى مواضع السكن أو الزرع. وتكون الصهاريج مرتفعة عن مسايل المياه الأرضية، ليسيل منها الماء الى الجهات التي تريدها. ويكون معينها هو ماء المطر. ويظهر أن طريقة توزيع الماء من النقاب بمسايل المياه أرضية كانت شائعة قبل الإسلام في المدن والقرى المرتفعة البعيدة عن الغيول والنهيرات والآبار والتي تتساقط فيها الأمطار، فلجأت إلى هذه الطريقة الفنية لحبس مياه الأمطار للاستفادة منها في الشرب والاستعمال وفي الزراعة أيضاً.


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق