إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 29 يناير 2016

1567 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الخامس والثمانون في اوابد العرب الأحلام


1567

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
      
الفصل الخامس والثمانون

في اوابد العرب

الأحلام

والأحلام "Dreams" و "الرؤيا" "Visions" باب من أبواب الكهانة كذلك، فهي تفسير لما سيقع في المستقبل من حوادث. وقد تخصص بذلك أناس تعاطوا تعبير الرؤيا والأحلام. وإذ كان اعتقاد الشعوب القديمة ان الأحلام حقيقة، لاكما نتصورها نحن، كان الاهتمام بها كبيراً، والاعتناء بها شديداً ولا يزال يخصها كثير من الناس بالعناية.

وقد فسرت بعض الشعوب القديمة الأحلام بأنها الآلهة أوالأرواح تتجلى في الإنسان في أثناء منامه، فتطلعه على أشياء كثيرة تتعلق بحياته وبمصيره، وتساعده بذلك على حلّ مشكلات عديدة عويصة لديه، أو تهديه إلى أمور لم يكن يعرف عنها شيئاً، أو تحذره بقرب حلول كارثة أو خطر به أو بغيره، أو حصول خير له أو لغيره. وقد ترجع به إلى أيام ماضية وحوادث قديمة سالفة. كان قد نسيها وذهبت من ذاكرته. ونجد في المؤلفات اليونانية واللاتينية والسريانية وفي الكتابات الهيروغليفية والمسمارية أشياء عديدة من القصص المتعلق بالأحلام. وفيها أن كثيراً من الملوك والخاصة كانوا يقيمون وزناً عظيماً لما يرونه، أو يراه الناس من أحلام. وقد نجح كثير منهم كما خسر كثير منهم أيضاً بسبب تأثير الأحلام فيهم، حتى إن بعضهم أتخذ له مفسراً للاحلام أو جملة مفسرين، ليكونوا في خدمته حتى اذا ما رأى حلماً فسروه له.

ولما كانت بعض الأحلام مزعجة، رجع الكهان المتخصصون بالأحلام أسبابها إلى فعل الأرواح الشريرة. أما الأحلام المريحة الطيبة، فقد جعلوها من إلهام الآلهة في الإنسان. ولأهمية الاعتقاد بالأحلام، وضعت قواعد وتعاليم للأشخاص الذين يريدون معرفة مستقبلهم بالرؤيا والأحلام. وقد نصح في بعضها باجتناب الأكل الثقيل، وبشرب بعض الأشربة المعينة وبالنوم في المعابد، للحصول على الرؤيا الصادقة، والابتعاد عن أضغاث الأحلام. وضع تلك القواعد أناس تخصصوا بهذا الفن، يلجأ اليهم من يرى حلماً ليجد تفسيره عندهم. فلكل شيء في الرؤيا والحلم معنى خاص، لا يمكن ان يعرفه إلا ذوو الخبرة والعلم.

وقد عثر طما كتابة لحيانية في موضع "الخريبة"، تبين منها وجود صنم في معبد هذا الموضع تخصص بتفسير الأحلام.

وفي كتب التفسير والسير والأخبار والأدب أمثلة عديدة من الرؤيا، تشير إلى ان الاعتقاد بالأحلام كان معروفاً عند الجاهليين، وان أثره كان عميقاً في حياتهم. وقد يكون لأهل الكتاب أثر عليهم في كيفية تفسير الأحلام وتوجيه تعبير الرؤيا، غير ان الاعتقاد بالأحلام هو اعتقاد عام، وكان يقوم به متخصصون بتفسير الأحلام. وقد عرف في الإسلام واشتهر به "ابن سيرين".

وقد عرف بعض العلماء الاسلاميين الحلم بأنه عبارة عما يراه النائم في نومه من الأشياء المزعجة، وخصصوا للرؤيا بما يراه الإنسان في منامه من الخير والشيء الحسن. وهم بذلك على طريقة القدماء في جعل الأحلام نوعين: أحلام من فعل الشيطان والأرواح الخبيثة، وأحلام من إلهام الآلهة في الإنسان، وهي التي تنكشف من رؤية أشياء جميلة وعن أشياء يرغب صاحب الحلم في الحصول عليها وتحقيقها. ويرجع العلماء الرؤيا إلى النفس، تطلع على الواقعات فتتذكرها، وتوحي بها إلى صاحبها. وهم يعتقدون بها، وجعلوها جزءاً من النبوة.


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق