إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 29 يناير 2016

1596 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الثالث والتسعون المراعي أصناف الرعاة


1596

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
      
الفصل الثالث والتسعون

المراعي

أصناف الرعاة

والرعاة على صنفين: رعاة الإبل، وهم إلممعنون في البوادي، والذين يبيتون مع الإبل في المرعى لآ يأوون إلى بيوتهم، ولا يرعون غيرها، وهم: "الجشر" أو هم الذين يرعون الابل، ويقيمون معها في المرعى، ولا يرعون معها غيرها من بقية الحيوانات. وهم جلَ الأعراب، بل كلهم، لأن حياة الأعرابي هي حياة رعي إبل، يرعاها عند ببته أو على مبعدة منه. بات مع الإبل بعيداً عن بيته أو أهله اياماً أو موسم الربيع، أو أقام عند خيمته مع إبله، فهو راعي إبل في الحالتين.

وراعي الإبل، هو الأعرابي الأصيل، ابن البادية جوّاب بيداء، لا يأكل البقل والخضر، هو كما قال الراجز: جواب بيداء بها غروف  لايأكل البقل ولا يريف

ولا يرى في بيته القليف  

ويقال للاعرابي الذي ينشأ في البدو والفلوات لم يزايلها: المقحم. ويكون هؤلاء الرعاة الأعراب من أبعد الرعاة عن "المصانع"، أي القرى والحضر، ومن أهلها، لا يذهبون إليها ولا يتصلون بها. فهم يعيشون في عالم خاص بهم بعيد عن القيود والتكاليف، والتنويع في المأكل والمشرب.

ورعاة يرعون إبلاَ ويرعون غيرها معها من بقر وخيل وغنم. وهم لعدم استطاعة البقر والغنم من التوغل في البادية والتعمق في طياتها، لا يستطيعون الابتعاد عن الماء كثيراً، لعدم استطاعة تلك الحيوانات الصبر على العطش كثيراً، ولهذا فهم على اتصال بالحضر وبالحضارة، وهم مرحلة وسطى بين الحضارة وبين الأعرابية، وهم الجرثومة التي نبتت منها المجتمعات العربية الحضِرية في العراق وفيَ بلاد الشام وفي جزيرة العرب، وهم من أهل الخيام السود المنسوجة من شعر الماعز، أو من صوف الأغنام. وقد أشير اليهم في التوراة، وقد كانوا يسكنون شرق العبرانيين وفي أرض فلسطين.

وكانوا ينتجعون أيام الكلأ فتجتمع منهم قبائل شتى في مكان واحد، فتقع بينهم ألفة، فإذا افترقوا ورجعوا إلى أوطانهم ساءهم ذلك، وقد عرف هؤلاء ب "الخلطاء". كما كانرا يتشاركون في الرعي، وذلك أن يستأجروا راعياً أو رعاة، ويقدم كل واحد من الشركاء ما يريد تقديمه من الإبل أو إلشياه، ويحتمل كل واحد من المتشاركين أجر الرعي، حسب عدد إبله أوشياهه.

ولا يشترط في الراعي، أن يكون أجيراً لغيره يرعى إبل وماشية غيره، فقد يكون راعياً، وهو مالك لإبله ولبقية الماشية التي يرعاها " وهو إنماُ سميّ راعياً لأنه اتخذ الرعي وسيلة للحياة يعيش عليها. ويجوزّ أن يكون قد ورثها عن آبائه وأجداده، ويجوز أن يكون قد اختارها هو حرفة له، كما يجوز أن يكون راعيأَ لمال غيره من أهل قبيلته أو من الأبعدين، وقد يكون هؤلاء من أهل الحواضر المستقرين، يسلمون ما لهم للرعاة، لترعى في البوادي، وليكثر نسلها وتصح أجسامها، فإذا أرادوا بيعها طلبوا من الرعاة اعادتها اليهم.

ويقوم الأبناء في العادة برعي إبل الأب والعائلة، ونجد في القصص إشارات اليهم، لطمع الرجال في الإبل، وازدراءهم شأن الراعي لصغر سنه، فيستاقون إبله، مما يتسبب عن ذلك تعقب السراق، ووقوع حوادث بينهم وبين أرباب الإبل.

ولا يربي الرعاة الدجاج والبط والحمام والأوز والطيور المختلفة والخنازبر، انما يربيها أهل الريف. والريف ما قارب الماء من أرض العرب وغيرها، وأرض فيها زرع وخصب، أو حيث تكون الخضر والمياه والزروع. وتربية الدجاج حرفة ينظر العربي إليها نظرة ازدراء واستهجان ؛ فلا يليق برجل حرّ يحترم نفسه، إن يخدم طيراً أو حيواناً صغيراً كالدجاجة، ولذلك كانت من حرف "النبط"والعرب المتنبطة، أي أهل الريف ممن خالط النبط، أي بني إرم، ومن تأثر بهم. وقد ربى أهل القرى الدجاج والطيور، لأكلهم، إذ كانوا يأكلون لحم الدجاج. ذكر إن الرسول والصحابة أكلت لحومها، ونجد الشعراء يشيرون إلى صياح الديكة عند دنوهم من الأرياف، لتربيتهم الدجاح واعتنائهم بها، واعتبارهم لحومها من ألذّ اللحوم.

وترعى ألماشية في القرى وفي المزارع بما يظهر من أخضرعلى وجه الأرض بعد الحصاد، ويقال لذلك: المحشرة.


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق