إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 31 يناير 2016

1601 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الرابع والتسعون الثروة الحيوانية الأسماك


1601

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
       
الفصل الرابع والتسعون

الثروة الحيوانية

الأسماك

وقد أشير في القرآن الكريم إن صيد البحر، فورد فيه: )أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم وللسيارة، وحرم عليكم صيد البرّ ما دمتم حرماً، واتقوا الله الذي إليه تحشرون(. وصيد البحر، ما يصطاد من البحار من حيوانات تعيش فيه. وقد كان العرب يعتاشون من البحر، ولا سيما سكان السواحل حيث يسدّ هذا الصيد جزءاً مهماً من معيشتهم، فيستعملون ما يحتاجون إليه، ويبيعون الفائض منه، أو يتقاضون به. وقد كان سكان السمواحل يخرجون بالوسائل المتيسرة لهم لصيد السمك، ومنهم من يصطاد عند السواحل فيجمع ما يقع تحت يديه ليستفيد منه.

ويقال لصياد السمك "العركي"كذلك. ولهذا قيل للملاحين "عرك"لأنهم يصيدون السمك. وفي الحديث إن النبي كتب إلى قوم من لليهود على ساحل خليج العقبة عليكم ربع ما أخرجت نخلكم، وربع ماصادت عروككم، وربع المغزل. والعروك جمع عرك، وهم الذين يصيدون السمك.

وقد عاش على صيد البحر خلق كثير من سكنة السواحل، في ذلك الزمن، حيث كانت سبل العيش عندهم قليلة ضيقة. وقد استفادوا من الحيتان والأسماك الأخرى الكبيرة بصورة خاصة للحمها الغزير، ولاستعمال عظامها وهي كبيرة في حاجات متعددة، حتى جلودها استفادوا منها. والحيتان معروفة في البحر الأحمر وفي البحر العربي والخليج. وهي لضخامتها يحتاج في صيدها إلى آلات والى أيدي متعددة. وقد أشير إليها والى ضخامتها في القرآن الكريم.

والحوت، في رأي بعض علماء اللغة السمك كله، ولكن الغالب أنه ما عظم منه، والسمك في العرف أصغر من الحوت.

ويجفف السمك في الشمس، ويملح أحياناً كاَ ويجفف في الهوإء ليؤكل وقت الحاجة اليه. وقد يستعمل علفاً للحيوانات. وقد يطحن السمك المجفف ويؤكل طحينه، ويجعل علفأَ للحيوانات. وقد يحفظ السمك في ماء مملح أو في خلٍّ، ويقال للسمك المملح ما دام طرياً "القريب". وأما السمك الًممقور في ماء وملح، فهو "النشوط". والمقر السمكة المالحة أو المنقعة في الخل. و "الحساس"، سمك يجفف ويسمى "قاشعاً "كذلك.

ومن حيوان البحر "التّامور"، و "الاطوم"سلحفاة بحرية غليظة الجلد، يشبه بها جلد البعير الأملس وتتخذ منها الخفاف للجمالين، وتتخذ منها النعال. وقيل: إنها سمكة عظيمة، يقال لها المصلة والزالخة، تحذى من جلدها النعال.

و "النكيع" دابة من دواب البحر، و "الزجر"، سمك عظام، و "اللخم " سمك بحري، ضخم لا يمر بشيء إلا قطعه، وهو يأكل الناس. وقيل هو الكوسج، وقيل القرش. و "الجمل"، كاللخم من السمك الضخم، ويقال. له "البال"، قيل إن طول السمكة منه ثلاثون ذراعاً، ويقال هي "الكبع".

و "الكبع"، جمل البحر، وقيل سمك بحري وحشي الهيئة، ومنه يقال للمرأة الدميمة: يا وجه الكبع. و "الكنعد" و "الكنعت"ضرب من سمك البحر. و "سابوط"دابة من دواب البحر. و "قضاعة"اسم كلب الماء، وقيل كلبة الماء. و "قبع"دويبة بحرية، و "الدوع"ضرب من الحيتان بلهجة أهل اليمن، وسمكة حمراء صغيرة كأصبع. و "العنز"، ويقال لها "عنز الماء"أيضاً، سمكة كبيرة، لا يكاد يحملها بغل.

و "الجريث"سمك يقال له "الجريّ"". ويظهر أن اليهود كانوا لا يأكلونه، ولما جاء الإسلام، ساًلوا عن أكله، فاختلف الناس فيه، فمنهم من أباحه ومنهم من نهى عنه. وذكروا اسم نوع آخر من السمك اسمه "الصلور"، قالوا إنه "الجريث"، وأما "الانقليس"، فإنه "مار ماهي"بالفارسية، أي حية الماء. وقد ذكر أحد الشعراء أن الأزد كانوا يأكلون: "للشيم"، والجريث، والكنعد، و "الشيم"نوع من السمك أيضاً. فقال: قل لطغام الأزد لا تبطروا  بالشيم والجريث والكنعد

وقد كان أهل للبحرين يحملون "الكنعد"المالح في الجلال البحرانية. يستخرجونه من البحر. وذكر الشاعر "جرير"هذا السمك أيضاً، وذكر أنهم كانوا يشوونه ويأكلونه مع البصل.

و "القرش"سمك ضخم كبير، يقال له Shark في الانكليزية، يستفاد من لحومه، كما يستفاد من شحومه في الأغراض الطبية، وقد يستفاد من جلوده الغليظة في صنع الأحذية. وزعم أهل الأخبار، أن "القرش"، دابة بحرية تخافها دواب البحر كلها.

وأشير في الحديث إلى دابة من دواب البحر، يقال لها "العنبر"، عثر عليها رجال سرية كان الرسول قد أرسلها إلى ناحية السيف، فجاعوا فاكلوها. ويذكر علماء اللغة أنها سمكة بحرية يبلغ طولها خمسين ذراعاً يقال لها يالفارسية"باله"تتخذ من جلدها الترسة،فعرف الترس المتخذ منها بالعنبر. قال العباس بن مرداس: لنا عارض كرهاء الصريم  فيه الأشلة والعـنـبـر

وذكر أن الناس كانوا يحتذون أحذية من جلد العنبر فيكون أقوى وأبقى ما يتخذ منه وأصلب.

وقد اتخذوا من جلد الأسماك الكبيرة الخشنة مادة تحك بها السياط والقدحان والسهام والصحاف، ويقال لهذا الجلد: "السفن". وقيل: السفن جلد الاطوم تسوى قوائم السيوف من جلدها، أو جلد أخشن غليظ كجلود التماسيح أو الضب يجعل على قوائم السيوف، أو يسحج بها القدح حتى تذهب عنه آثار المبراة. وقد ذكر اللؤلؤ والمرجان في القرآن الكريم، ويستخرج اللؤلؤ من أجواف الصدف. وقد اشتهر به أهل العربية الشرقية بصورة خاصة، يستخرجه الغواصون من البحر. ولا تزال هذه المنطقة تستخرجه وتربح منه. ويوجد اللؤلؤ في البحر الأحمر، ولا سيما قرب جدة والى الجنوب، لكنه لم يشتهر لؤلؤه شهرة لؤلؤ الخليج، ولم يشتهر غواصو البحر الأحمر بالغوص. ولعل اللؤلؤ الذي ذكر في القرآن الكريم هو من اللؤلؤ المستورد من الخليج. واللؤلؤ الدر في تفسير علماء اللغة.

وتعدّ جزيرة "فرسان " من مغاصات الدر، أي اللؤلؤ. و "المرجان"مادة كلسية، يفرزها نوع من الحيوانات البحرية نظير هيكل لوقاية جسمه من الأمواج. وقد تتوسع فتكون صخوراً مرجانية تكون خطراً على السفن. وله ألوان مختلفة، من أبيض وآخر أحمر،. بعضه متفرع على هيأة مروحة أو أشكال النبات. وتصنع منه حلي، ولذلك عُدَّ في جملة المواد الثمينة مثل اللآلىء التي تدخل في التجارة. وهو في البحر الأحمر، ولا سيما في ساحل جزيرة العرب، كثير. ويظهر إن أهل الأخبار وعلماء اللغة، لم يكونوا على علم واضح بالمرجان، فذهب بعض منهم إلى انه صغار اللؤلؤ، وقال بعض آخر إلى انه "البسذ"، وهو جوهر أحمر، وذهب بعض آخر الى انه عظام اللؤلؤ، وذهب آخرون إلى انه خرز أحمر، إلى غير ذلك من آراء. و "البسذ"، لفظة فارسية. وقد ذكر علماء التفسير إن "كعب الأحبار"قال: ألمرجان "البسذ".

والصدف، وهو المحار، غشاء اللؤلؤ ويظهر أن أهل الجاهلية كانوا يرون إن السماء إذا أمطرت فتحت الأصداف أفواهها،فما وقع فيها من مطر فهو لؤلؤ. وقد استفادوا من الصدف، إذ اتخذوا منه حلياً وزينة. وأكلوا ما في جوفها. وهناك ألفاظ تؤدي معنى الصدف،مثل الجُمّ، وهو صدف من أصداف البحر. و "القبقب " و "القنقن"ضرب من صدف البحر، يعلق على الصبيان من العين. و "الدوك"ضرب من صدف البحر، والدلاع ضرب من محار البحر.

وقد استفادوا من السلاحف، ولا سيما البحرية منها. استفادوا من هيكلها ومن لحمها، وعالجوا بعض الأمراض بدمها. وذكر أن "الغيلم"السلحفاة، وقيل الذكر منها. واتخذوأ من عصب السلحفاة ومن عظامها خرزاً يظنم منها القلائد والأسورة.

وفي جزيرة العرب حيوانات وحشية، منها ما كانت مؤذية وهي السباع. ومنها ما كانت تفيد الإنسان، إذ كان يصطادها ويأكلها: مثل الغزلان والظباء الوحشية، والبقر الوحشي، و "الناشط"هو الثور البري، والحمر الوحشية، والوعل، وقّد تمكن الإنسان من تأليف بعض هذه الحيوانات مثل الغزال والظبي، فرباها بمقياس صغير في البيوت وفي البساتين.

وتوجد القردة في مواضع من جبال السراة وفي العربية الجنوبية، وقد كانت تؤذي النبات والشجر.

وعرفت "النمور"في مواضع من جزيرة العرب، فقد ذكر العلماء إن في جبل " أقراح"نمور وأراوي، وان في جبل "شواحط"كثير من النمور والأراوي. والأروى أنثى الوعول وهي تيوس الجبل. وعرفت مواضع الأسود ب "مأسدة"، و منها "بيش""بيشة"باليمامة.

ويظهر إن أهل الجاهلية لم يستذوقوا لحم الخنزير، ولعل منهم من كان يحرم كله او يتجنبه. وقد ذكر إن الأحناف كانوا يحرمون أكله على أنفسهم، وان من سنن ابراهيم، تجنب أكل لحم الخنزير، غير إن النصارى العرب، ومنهم "تغلب"كانوا يأكلونه، وقد عيرهم غيرهم بأكله. ولا تجد في الشعر الجاهلي ولا في القصص اشارات إلى أكل أهل الجاهلية لحم الخنزير، ولا إلى تربيتهم له. ويظهر انهم كانوا يكرهونه، وإلا لما سكتت روايات أهل الأخبار عن ذكره، ولقام الرعاة بتربيته وبالعناية به، عنايتهم بالحيوانات الأخرى.

واستعان الجاهليون بالكلاب في الصيد، وهناك فصائل خاصة منها استخدمت في الصيد. كما استخدموها في حراسة الماشية، وفي الحرث.

وقد كانت الذئاب والسباع تؤذي الرعاة. تغتنم الفرص، فتهجم على ماشيتهم وتفترس ما تستطيع افتراسه منها. ولهذا كانوا إذا نزلوا أرضاً مسبعة، أي ذات سباع، خافوا منها، وأوقدوا بها ناراً في الليل، لطرد السباع عنهم، إذ كانت تخشى النار. واذا كثرت السباع في الطريق، قيل: أسبعت الطريق. والمسبوعة البقرة التي أكل السيع ولدها. ويقال للارض التي تكثر فيها الذئاب: أرض مذأبة، كقولك أرض مأسدة من الأسد، للارض التي تكثر فيها الأسود. وإذا جاع الذئب، صار شرساً جريئاً لا يهاب الإنسان، فيهجم على الغنم، مع وجود الرعاة معها، وقد يهاجم البشر. وقد تختقي الذئاب بالغضى، فيقال ذئاب الغضى.

وفي موضع يقال له "بستان ابن عامر"مأسدة. وهو مجتمعع النخلتين: النخلة اليمانية والشامية. و"عثر"مأسدة أيضاً باليمن، وقيل جبل بتبالة مأسدة. ومن مواضع الأسد: أسد خفّان، وأسد الشرى من بلاد لخم، وأسد حاملة، وأسد الملاحيظ، وأسد المقيضا، وأسد الكطاء، واسد تعشر، وأسد لية، وأسد حلية، وأسد السحول،وأسد عتود وغيرها. وهناك مواضع أخرى اشتهرت بوجود الوحش بها.

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق