إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 29 يناير 2016

1578 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل التسعون الزرع ا لحصاد


1578

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
       
الفصل التسعون

الزرع

ا لحصاد

ويحصد الزرع بعد نضجه، يحصد بالمنجل. وأكثرما يستعمل في البر والشعير ونحوهما من الزرع. والمحصد، المنجل. والحصاد هو "فقل"في المسند. وقد فسر بعض العلماء لفظة "خرفت"بمعنى الحصاد كذلك. ولا يقصد بالحصاد هنا حصاد الحبوب وحدها، كالحنطة والشعير، كما نفهم من معنى اللفظة في عربيتا، وانما يقصد بها هذا ومعنى آخر هو جني الثمار وقطف الأعناب، عند نضوجها.

ويقال لمن يحصد الحصاد بالأجرة "المحاين"، وللعمل "المحاينة"، يقال استأجره محاينة، أي على الحصاد.

وترد لفظة "افقل"من أصل "فقل"في النصوص الزراعية، وهي من الالفاظ اليمانية القديمة التي وعتها كتب اللغة، فذكرت إن " الفقل"التذرية بلغة أهل اليمن، وان أهل اليمن يذرّون بالمفقلة، وهي الحفراة ذات الاسنان، يرفعون بها الدق ثم ينثرونه ويذرونه لاستخلاص الحب منه. و "الدق"ما قد ديس ولم يذر. و "افقل"في نصوص المسند، هي البيادر التي تتجمع من هذه الحبوب بعد التذرية.

وترد لفظة "خرف"في عربية القرآن الكريم بمعناها الوارد في نصوص المسند. فذكر علماء اللغة، إن "خرف"بمعنى صرم واجتنى، وان الاختراف بمعنى لقط النخل بسراً كان أو رطباً، وأنها تعني قطف الثمر، كما وردت لفظة "المخرفة"بمعنى البستان والنخل والسكة بين صفين من النخل، يخترف المخترف من أيهما شاء، والمخترف هو القاطف للثمر، وأن "المخرف"بمعنى زنبيل صغير يخترف فيه من أطايب الرطب،أو الالة التي تخترف فيها الثمار و "الخارف " حافظ النخل، والخرّ اف النظار، والخرافة ما خرف من النخل.

وقد وردت لفظة "نحقل"بمعنى الناتج والمحصول، و "حقل"بمعنى الحاصل. أي الحاصل الزراعي المجموع من الحقل والمزرعة، وذلك كما في هذه الجملة: "نحفل ثمنيت الفم بقلم لس". ومعناها: "الحاصل ثمانية آلاف لس من البقول". و "لس"نوع من الكيل أو الوزن، أو الكومات، اًو الحزم.

ويعبر عن الدراسة بلفظة "علص"في المسند. وفسّر بعض علماء المسشد لفظة "معلصت"، بمعنى المزرعة والحقل. ولا استبعد كونها آلة من آلات الدراسة أيضاً.

واذا ديس الزرع قيل لذلك العمل الدق والدياس والدّ راس. والإكادة كالإداسة.

وأما الدقّوقة، فالبقر والحمر التي تدوس الزرع لاستخراج حبه وتهشيم سيقانه. وقد تستعمل بعض الالات لقطع سوق الزرع وتهشيمه وتهشيم السنبل، تجرها الثيران أو الحمير، ويجلس عليها شخص ليثقلها، وهي مثل العجلة، التي تقطع الجلّ، يقال لها "الحيلان". وهي آلة من خشب لها محالتان كمحالة العجلة، قد أنعلتا بحديد مضرس إذا دارتا على الجل قطعتاه، فتجعلان فىٍ طرفي عارضة ضخمة، ويقعد عليها رحل ليثقل، ثم يجرها الثور على الجل. وأما "المقحفة" فالخشبة المتقفعة التي يقحف بها الحب، أي يذرى.

وبعد الدياسة والدراسة يذرى الطعام لفصل الحب عن التبن. ويستعملون في ذلك آلات التذرية، وهي آلات يدوية ما زال الفلاحون يستعملونها كما كانت قبل آلاف السنين، تتّألف من مقبض طويل وأصابع في رأسه يذرى بها الهشيم في الهواء، ليحمل الهواء التبن، وهو خفيف الوزن إلى مكان والحب إلى مكان آخر. وقد ذكر العلماء جمله أسماء لآلة التذرية، منها "المذرى"و "المذرّ ة " و "المرو ح"و "المرواح"و "ا لميثار" و "الحفراة"، و هي "الر فش" أيضاً.

ويتولى الفلاحون دوس الحاصل بأنفسهم، لهشم السيقان والحصول على التبن والحب. يستعملون في ذلك أرجلهم وآلات الدياسة. أما إذا كان الحاصل كبيراً، فيستعملون عندئذ الحيوان يمشي عليه، أو يجر آلات الدياسة الثقيلة لهشم السيقان وفصل الحب عنها.

ومن عادات أهل اليمن في الدرس والدياسة التناوب، وذلك بأن يجتمعوا مرّة عند هذا ومرة عند هذا، فيتعاونوا على الدياس، ويسمون ذلك "القاه". وذلك كالطاعة له عليهم، لأنه تناوب قّد ألزموه على أنفسم، فهو واجب لبعضهم على بعض. وقد وصف أحد أهل اليمن ذلك للرسول بقوله: "انا أهل قاه، فإذا كان قاه أحدنا دعا من يعينه، فعلموا له، فأطعمهم وسقاهم من شراب يقال له المزر". وكان اًهل "الجوخان"يتناوبون ويتعاونون على الدياس، بجتمعون مرة عند هذا ومرة عند هذا، يرون التعاون فيما بينهم لزاماً عليهم، وكالطاعة لهم، ونوبة كل رجل قاهة.

ويجمع الفلاحون الحاصل ثم يقسمونه بحسب الانفاق، إن كان هناك فلاح وربّّ أرض، ليأخذ كل واحد منهما نصيبه، أو يوزع حسب نصيب كل من الشركاء، إن كان الزرع شركة. أو يسلم إلى صاحب الزرع، إن كان الزرع زرعه، وكان الفلاحون عبيداً له. ويخزن الحاصل في مخازن مبنية، وفي بيادر وبيدر الطعام كومه. والبيدر الموضع الذي يداس فيه الطعام، والمكان الذي يجمع الطعام فيه. وهو "الأندر"، و "الكدس". و "الأندر"، كدس القمح خاصة. والكُدس: الحب المحصود المجموع. وهو العرمة من الطعام والتمر والدراهم ونحو ذلك، مما يكدس بعضه فوق بعض.

وذكر علماء اللغة أن "الجرين"للحب، والبيدر للتمر. وذكروا أيضاً أن الجرين موضع البر، بلغة أهل اليمن، وان "إلجرد"الطحن شديداً بلغة هذيل وينقل الطعام بأوعية إلى المخازن، ومنها نوع يقال له "العيبة"، وهو زنبيل من أدم، ينقل فيه الزرع المحصود إلى "الجرن"في لغة همدان. وهناك أسماء أوعية أخرى استعملت في نقل الحاصل من أرض الحصاد وكوم التذرية إلى المخازن. ويعبر عن حمل الزرع بعد الحصاد إلى البيدر بلفظة "رفع"كأن يقال: "رفع الزرع"، و "الرفاع"اكتناز الزرع ورفعه بعد الحصاد. وأما "الغبوط"فالقبضات المصرومة من الزرع. و "الغبوط"هي القبضات التي إذا حصد البر وضع قبضة قبضة، الواحد غبط. وأما "المكتل"،فزنبيل يحمل فيه التمر أو العنب إلى "الجرين"، وقيل هو شبه الزنبيل يسع خمسة عشر صاعاً. وفي حديث خيبر: فخرجوا بمساحيهم ومكاتلهم. وكان "عمال خيبر"قد خرجوا بمساحيهم ومكاتلهم، فلما رأوا رسول الله، صلى الله عليه وسلم والجيش، قالوا: محمد والخميس معه، فأدبروا هراباً".

و "الحنوان"، هما الحشبتان اللتان عليهما الشبكة ينقل عليها البُرَّ. و "الوشيجة."، ليفُ يفتل ثم يشبك بين خشبتين ينقل بها البر المحصود.

ويعبر عن جمع المحصولات في مواضع معينة لتحسينها، أو لخزنها، أو لتجفيفها وللمحافظة عليها بجملة ألفاظ، منها: "الكدس"، ويراد بها الحب المحصود المجموع، وهو العرمة من الطعام والتمر والدراهم ونحو ذلك. ومنها "المربد"، والمربد كل شيء حبست به الإبل والغنم. ولهذا قيل مربد النعم الذي بالمدينة. وهو أيضاً الجرين الذي يوضع فيه التمر بعد الجداد لييبس، وهو "الأندر"بلغة أهل الشام، والبيدر بلغة أهل العراق. وأما "المسطح"،فمكان مستو يبسط عليه التمر ويجفف، ويسمى "الجرين"يمانية. وأما "الصبرة"، فما جمع من الطعام بلا كيل ووزن بعضه فوق بعض.يقال اشتريت الشيء صبرة، أي بلا وزن ولا كَيل. والصبرة الكدس.

وللمحافظة على الحبوب وغيرها من التلف، اتخذت مخازن تحت الأرض تحفظ فيها سميت "مدفنن""المدفن"في المسند. ولا تزال هذه الطريقة معروفة في مواضع من جزيرة العرب حيث يخزنون القمح وسائر ألحبوب في حفر تحفر في الأرض. ويعرف "المدفن"ب "قنت"، اي الحفرة فى لغة المسند كذلك. وهي مخزن يخزن فيه الحب. وذكر "الهمداني"، إن أهل اليمن كانوا في أيامه يحفرون حفراً في الأرض ويدفنون الذرة فيها، ويسع المدفن خمسة آلاف، قفيز إلى ما هو أقل. ويسد عليه، ويبقى على ذلك مدة طويلة، فإذا كشف المدفن ترك أيامأ حتى يبرد ويسكن بخاره، ولو دخله داخل عند كشفه لتلف بحرارته.

ويعبر عن قطف الثمار وجزها، ولا سيما النخل بلفظة "الصرام"، و"صرم " و "اصطرام". و "اصطرام"النخل اجترامه. وجرم النخل جرماً، خرصه وجزه، والجرام صرام النخل. وتؤدي لفظة "الجداد"معنى "الصرام" كذلك، وقيل: الجداد بمعنى الحصاد والقطاف.


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق