إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 31 يناير 2016

1619 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل السادس والتسعون الارواء المطر


1619

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
       
الفصل السادس والتسعون

الارواء

المطر

ويقال للمطر في المسند "ذ ن م م""ذنمم". وقد وردت هذه اللفظة في عدد من النصوص، ويقال له "دثن"أيضاً. وهي "الدث"في عربية القرآن الكريم،يقال دثت السماء إذا نزل منها الدث، والدث هو المطر الضعيف. ويراد ب "دثن" الدث"في المسند، المطر الذي يتساقط بعد الحر الشديد وفي نهاية القيظ.

ويقال للمطر الغيث كذلك. وذكر بعض علماء اللغة أن الغيث هو المطر الخاص بالخير الكثير النافع، ومن المجاز: الغيث بمعنى الكلأ ينبت بماء السماء، وكذا السحاب. ورأى بعض العلماء أن الغيث اسم المطر كله. وأما السبل، فالمطر أيضاً، أو المطر بين السحاب والأرض حين يخرج من السحاب ولم يصل إلى الأرض ومثله العثانين. وأما الودق، فالمطر أيضاً. ومنه النزل والرجع في كلام هُذيل. وكذللث الخرج والقطر والخدر. وقيل: النصر، الغيث. والذهاب اسم المطر كله ضعيفه وشديده. و " ألديمة"، مطر يدوم أي يطول زمانه أياماً. وأرض مديمة، أصابتها الديم، والمدام المطر الدائم. و "الديمن"و "الديم"، هو الزرع الذي يسقى بماء المطر، في اصطلاح أهل العراق اليوم.

واذا بكر الغيث في أول الوسمي، قيل له "باكور". أما آخر امطار السنة الذي يأتي في وقت الخراف، أي أواخر الخريف، فإنه "خرفن"في نصوص المسند، أي "الخراف".

ويقال للمطر الذي ينزل في فصل الخريف: "الخريف"، ويقال له: "الخرفي"كذلك، أو هو أول المطر في أول الشتاء، وهو الذي يأتي عند صرام النخل، ثم الذي يليه الوسمي. وهو عند دخول الشتاء، ثم يليه الربيع، ثم يليه الصيف، ثم الحميم. وقال بعض علماء اللغة: أول المطر الوسمي، ثم الشتوي، ثم الدفىء، ثم الصيف، ثم الحميم، ثم الخريف، ولذلك جعلت السنة ستة أزمنة. وقال أبو حنيفة: ليس الخريف في الأصل باسم للفصل، واتما هو اسم مطر القيظ، ثم سمي للزمن به. والحجاز كله يمطر بالخريف، ونجد لاتمطر به.

والمزن السحاب. وقد وردت اللفظة في القرآن الكريم. ويقول علماء اللغة إن المزن جمع مزنة، وهي السحاب الأبيض. وقد كَان جل اعتماد أهل جزيرة العرب في الشرب، وفي الإرواء على ماء المطر. كما في ذلك في الاية: )أفرأيتم الماء الذي تشربون، أ أنتم أنزلتموه من المزن، ام نحن المنزلون(.

ولارتباط حياة العرب بالمطر،كثرت الألفاظ المتعلقة به في لغتهم. ففي معاجم اللغة ألفاظ كثيرة في معنى المطر وفي أمور تتعلق به، في مثل السحاب، وأنواعه وأسماء قطعه، وما شاكل ذلك من ألفاظ وأسماء، تمثل لك مدى عناية العرب بالمطر، لشدة حاجتهم إليه.

وللعرب علامات إذا ظهرت دلت عندهم على أنها أمارات الغيث وعلاماته، منها الهالة التي تكون حول القمر، إن كانت كثيفة مظلمة، كانت من دلائل المطر، ولا سيما إن كانت مضاعفة. ومنها "الندأة، وهي الحمرة التي تكون عند مغرب الشمس أيام الغيوث. والمبشرات، وهي عدة علامات تتوالى، تدل عندهم على نزول الغيث. ومنها الرعد والبرق، ومنها أن ترى القمر أو الكواكب في الصحو يحيط بها لون يخالف لون السماء، وكذلك إن رأيت القمر في الغيم وإن كان قزعاً كأنه تحيط به خطوط كخطوط قوس المزن، وهي القسطانية. وبعض الرواة يجعل قوس الغيم أيضاً بدأة.

وهم يعتبرون الغيث نعمة ورحمة، ولهذا كانوا يفرحون بزوله ويستبشرون، لا سيما إذا كان نزوله بعد قحط وجدب. ويهنأ أحدهم الآخر بانصبابه لما سيصيبهم جميعاً من خير عميم، ولكنه قد يصير نقمة إذا نزل سيلاً مدراراً، يكتسح كل شيء يجده أماه، وقد تمتلىء به بطون الأودية، فتغرق سيولها القرى والمستوطنات. مثل ما كانت تصاب به مكة من السيول. فمكة في وادٍ على طرفيه جبال: إذا نزلت عليها الأمطار سالت الى باطن الوادي، فتؤذي البلدة والحرم، وقد أقيمت الردم لمنع السيول من اغراق الحرم، والبيوت، غير أن السيول تكون قاهرة جبارة في بعض الأحيان، فلا يقف أمامها ردم ولا سكر. وقد أشار أهل الأخبار الى المهم من هذه السيول.

وِقد هددت السيول يثرب بالغرق أيضاً، مع إنها ليست في واد، وذلك من سيل "مهزور". وقد أقام "عثمان" ردهاً لمنع سيل هذا الوادي من اغراق ا لمدينة.


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق