إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 31 يناير 2016

1610 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الخامس والتسعون الارض الحمى


1610

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
      
الفصل الخامس والتسعون

الارض

الحمى

وتفرد العزيز من أهل الجاهلية بالحمى لنفسه، كالذي كان يفعله "كليب بن وائل"، فإنه كان يوافى بكلب على نشاز من الأرض، ثم يستعديه ويحمي ما انتهى إليه عواؤه من كل الجهات، وتشارك الناس فيما عداه حتى كان ذلك سبب قتله. والحمى، موضع فيه كلأ يحمى من الناس إن يرعى. وذكر إن الشريف من العرب في الجاهلية إذا نزل بلداً في عشيرته استعوى كلباً فحمى لخاصته مدى عواء الكلب، لا يشركه فيه غيره، فلم يرعه معه أحد، وكان شريك القوم في سائر المراتع حوله.

وقد نهى النبي إن يحمى على الناس حمى كما كانوا في الجاهلية يفعلون إلا ما يحمى لخيل المسلمين وركابهم التي ترصد للجهاد ويحمل عليها في سبيل الله، وابل الزكاة كما حمى عمر "النقيع"لنعم الصدقة والخيل المعدة في سبيل الله. وكان الرسول قد حماه، وهو موضع على عشرين فرسخاً من المدينة، وقدره ميل في ثمانية أميال . وقد جعل بعض العلماء هذا النقيع: نقيع الخضمات، وجعله بعضهم غرز النقيع. وذهب بعضهم مذهباً اخر في تعيين موضع المكان.

وقد حمى عمر "السرف""الشرف"أيضاً. وفي الشرف حمى "ضرية"، وضرية بئر وفي الشرف الربذة، وهي الحمى الأيمن. وفي الحديث إن عمر حمى الشرف والربذة. ويقال لحمى الربذة "حمى الحناكية"في الوقت الحاضر. وهناك حمى آخر، يسمى "حمى النير". وذكر إن بالنير قبر "كليب وائل"، الذي تنسب إليه بدعة الاحماء، وهو قريب من "ضرية".

ومن أشهر الأحماء وأكبرها في جزيرة العرب، حمى "ضرية". يذكر أهل الأخبار أنه سمي ب "ضرية بنت ربيعة بن نزار". وقد حماه "عمر"لإبل الصدقة وظهر الغزاة، وكان ستة أميال من كل ناحية من نواحي ضرية، وضرية في وسطها. وحمى "فيد"، ذكر أنه فلاة في الأرض بين "أسد"، و"طيء"، في الجاهلية. فلما قدم "زيد الخيل"على رسول الله أقطعه "فيد". وقر أشير إلى هذا الحمى في الشعر. و "فيد" قلعة وبليدة بطريق مكة، في نصفها من الكوفة في وسطها حصن عليه باب حديد وعليها سور دائر، كان الناس يودعون فيها فواضل أزوادهم إلى حين رجوعهم، وما ثقل من أمتعتهم، وهي قر أجأ وسلمى جبلي طيء. وقد ذكرت في شعر لزهير، وفي شعر للبيد بن ربيعة، وفي شعرلأخرين. وقد زعم بعض أهل الأخبار أنها سنيت ب"فيد ابن حام"أول من نزلها. وقد يشير هذا الزعم إلى وجود جالية من العبيد في هذا المكان، عهد إليها زراعة الأرض. وذكر أنها عرفت بكعكها حتى ضرب به المثل: وتلك فيد قرية والمـثـل  في كعك فيد سائرلايجهل

وقد أعطى الرسول "بني قرة بن عبد الله بن أبي نجيح"النبهانيين المظلة كلها أرضها وماءها وسهلها وجبلها حمى يرعون فيه مواشيهم.

ولا تزال عادة الاحماء متبعة حتى الآن. ف "سجا"مثلاً وهو ماء يعدّ في حمى الأمير "فيصل آل سعود"خص به إبله وخيله.

وقد عرف الاحماء عند العرب الجنوبيين،: قد ذكر "الحمى" بلفظة "محمت " و "محميم " في نصوص المسند. أي "المحماة"و "المحمى"، ومعناها الأرض المحماة، أي "الحمى".

وذكر علماء اللغة إن "الحمى""المحجر". والمحجر: "الحديقة"، والمرعى المنخفض والموضع فيه رعي كثير وماء، وما حول القرية ومنه محاجر أقيال اليمن، أي ملوكها، وهي ألاحماء. كان لكل واحد منهم حمى لا يرعاه غيره. وذكر إن محجر القيل من أقيال اليمن حوزته وناحيته التي لا يدخل عليه فيها غيره. وورد إن "بني عمرو بن معاوية" لما امتنعوا عن دفع الصدقات خرجوا إلى "المحاجر"، وهي أحماء حموها، فنزلوا بها وتحصنوا، وقاوموا منها جيش المسلمين. ويظهر إن المحاجر، هي أبنية حصينة من حجارة، اتخذت في أملاك اهل المحاجر، للدفاع عنها ايام الخطر.

ولم يستعمل الحمى كما يظهر من كتب الحديث والفقه في غير الرعي، رعي الكلأ الذي ينبت فيه. ولم أعثر حتى الآن على نص يفيد انهم استعملوه لأغراض زراعية. ويظهر إن لفظة "الحمى" قد خصصت بهذا النوع من المراعي، لتمييزها عن المراعي العامة التي يتساوى فيها الجميع في حقوق الرعي، فهي مراعي مشاعة لا يجوز منع إبل أحد من الرعي فيها، وتساهم في الرعي فيها إبل السادة أصحاب الاحماء.

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق