إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 31 يناير 2016

1623 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل السادس والتسعون الارواء الأودية


1623

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
       
الفصل السادس والتسعون

الارواء

الأودية

والأودية هي من أهم مناطق الماء والخصب في جزيرة العرب، وذلك لوجود الماء بها قريباً من سطح الأرض في الغالب، وقد يخرج إلى وجه الأرض. ولهذا نجد فيها مواضع عديدة خصبة ذات مزارع ونخيل منتشرة كأنها الجزر في البحار. وهي في الأصل مسايل ماء، حفرتها الأمطار والسيول المنهمرة على الجبال والهضاب والتلال، في سيرها نحو الأماكن المنخفضة، وعملت لها منافذ سارت مياهها منها. و "الوادي"، هو "سر""س ر"في العربية الجنوبية. وذكر علماء اللغة أن "السر"بطن الوادي وأطيبه وأفضل موضع فيه، وكذلك سرارة الوادي، أي بالمعنى الوارد من اللفظة في المسند، أو قريب منه.

ومن أودية جزيرة العرب: وادي الحمض، ووادي الدواسر، ووادي الرمة، ووادي حنيفة، ووادي تبالة، ووادي رنية، ووادي تربة، وغيرها مما يرد في كتب "الجغرافيا" وما ألف في وصف جزيرة العرب، أو وصف بقاعها، وفي كتب البلدان.

ولهذء الأودية فضل لا ينكر في ظهور موطن الحضارة في جزيرة العرب، ففي بواطنها وعلى جانبيها قامت مواطن استيطان منها نبتت الحضارة الأعرابية في جزيرة العرب، حضارة تمثل مرحلة متقدمة بالنسبة إلى الحياة الأعرابية،عمادها الزراعة وتربية الحيوان. وهي تثبت للمرء جلإء إن سبب انتشار الأعرابية في جزيرة العرب هو الجفاف الذي غلب عليها وندرة وجود الماء بها، وان الماء لو توفر بها، لكان نصيبها في الحضارة مثل نصيب غيرها من البلاد التي تقدمت في ايامها وازدهرت، فلما ظهر الماء في هذه المواضع، ظهر السكن والاستقرار، ولو رزق العرب سكان جزيرة العرب ما رزق غيرهم من جو طيب، ومن أرض خصبة ذات أنهار وماء، كان شأنهم غير هذا الشأن ولا شك.

ويقال للوادي "العقيق". وذكر أن العقيق كل مسيل شقه ماء السيل فانهره ووسعه. أي في معنى وادي. والأعقة من مواضع الخصب والزرع في جزيرة العرب، إذ تكون المياه فيها قريبة من سطح الأرض. منها عقيق اليمامة، وهو وادٍ واسع مما يلي العرمة، تتدفق فيه شعاب "العارض"، وفيه عيون عذبة الماء، وموضع بتهامة، وموضع بنجد، يقال له عقيق القنان، تجري إليه مياه قلل تجد وجباله، والعقيق، ستة مواضع أخر، وهي أودية شقتها السيل عادية منها عقيقان في بلاد بني عامر من ناحية اايمن. ومن الأودية المشهورة: وادي العتيق بالحجاز. و "العرمة"أرض صلبة تتاخم الدهناء ويقابلها عارض اليمامة. والأودية هي من أحب المواضع في جزيرة العرب، حتى إن.كانت جافة في معظم أيام السنة، وذلك لخصب تربتها، ولقرب الماء فيها من سطح الأرض، ولوجود العيون والبرك في بعض منها. وهي قبلة أنظار الأعراب والرعاة بعد نزول الغيث وامتلائها بالسيول، إذ يظهر فيها الكلأ: وتبقى في حفرها المياه، فتكون بركاً للشرب.

وقد زرع أهل وادي "مهزور"على مياهه، ويستمد هذا الوادي ماءه من السيل، وكذلك وادي "مذينيب". ومن "مهزور"إلى "مذينيب"شعبة يصب فيها. ويسيلان بماء المطر خاصة، و "مهزور" هو وادي "بني قريظة"، وقد كان يحدث اختلاف فيما بين المزارعين في حقوقهم في الماء، ولا سيما في ايام انحباس المطر أو أيام نزوله بشح، واستغلال أهل الأرضين العالية للسماء، مما يسبب انقطاعه عن الأرضين الواطئة الواقعة على مسايله. وقد كان "مهزور"يهدد المدينة بالغرق عند سقوط الأمطار بشدة وتكوينها سيولاً طاغية، ولما هدد المدينة بالغرق في خلافة "عثمان" اتخذ له ردماً. وقد هدد المدينة مراراً بالغرق، ولما كاد إن يغرقها سنة "156 ه"حفرت الحكومة له منسوباً، غاص منه الماء إلى وادي بطحان. وقد قضى الرسول في سيل "مهزور"إن لأهل النخل إلى العقبين، ولأهل الزرع إلى المشراكين، ثم يرسلون الماء الى من هو أسفل منهم.

و "بطحان"هو أحد أودية المدينة الثلاثة، وهي العقيق وبطحان وقناة.


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق