إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 27 يناير 2016

1526 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل التاسع والسبعون النصرانية بين الجاهليين


1526

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
       
الفصل التاسع والسبعون

النصرانية بين الجاهليين


وأما الموارد النصرانية، فإنها مختلفة فيما بينها في أول من أدخل النصرانية الى اليمن، فالموارد اليونانية ترى رأياً، والموارد السريانية ترى رأياً، والموارد الحبشية ترى رأياً آخر، يختلف عن الرأيين. وكل رأي من هذه الأراء الثلاثة يرجع شرف نشر النصرانية في اليمن اليه.

يحدثنا كتبة التواريخ الكنسية من اليونان أن القيصر "قسطنطين" الثاني أرسل في عام "354" للميلاد "ثيوفيلوس اندس"، Theophilus Indus، أي "ثيوفيلوس الهندي"، من جزبرة سرنديب أي سيلان إلى العربية الجنوبية للتبشير بالنصرانية بين الناس. وقد تمكن من انشاء كنيسة في عدن وأخرى في ظفار وثالثة في هرمز،وعين للمتنصرين رئيساً ثم رحل. وصارت ظفار في سنة 356م مقراً لرئيس اًساقفة يشرف على شؤون نصارى نجران وهرمز وسقطرى. وقد عثر على مقربة من خرائب ظفار على أعمدة من الطراز "الكورنثي" وعلى بقايا تيجانها وعليها نقوش صلبان يظهر أنها من مخلفات تلك الكنائس القديمة التي شيدت بمساعدة البعثات التبشيرية وفي أيام الحبشة في اليمن.

وزعم "فيلوستورجيوس" Philostorgius ان هذا الشعب الذي بشّر "ثيوفلوس" بين أفراده بالنصرانية، شعب هندي، وكان يدعى سابقاً باسم شعب "سبأ" نسبة إلى عاصمته سبأ ويعرف اليوم باسم حمير Homeritae. وقد توهم عدد من الكتبة "الكلاسيكيين" فحسبوا الحميريين من الهنود، كما ان بعضاً منهم ظنوا ان السبئيين من "الكوشيين" الحبش، والذي أوقعهم في هذا الوهم هو صلات هؤلاء بافريقية وبالهند، ولوقوع بلادهم على المحيط الهندي وعلى مقربة من افريقية.

وجاء في رواية أخرى ان القيصر"قسطنطين" الثاني أرسل "ثيوفيلوس" إلى ملك حمير Homeritae ونجاشي الحبشةAxume وذلك في عام "356"للميلاد. برسائل كتبها القيصر إلى الملكين. فلما أنهى مهمته لدى ملك حمير، انتهز هذه الفرصة فزار وطنه الهند، ثم عاد فذهب إلى الحبشة. وعاد منها فذهب إلى أنطاكية Antiochia ومنها إلى القسطنطنية. ويظهر من هذه الرواية ان مهمته هذه لم تكن مهمة دينية، انما كانت ذات طابع سياسي، الغاية منها ضم حمير والأحباش إلى معسكر البيزنطيين.

وقد كان من مصلحة الحكومة البيزنطية بعد دخول القيصر"قسطنطين"في النصرانية عام "313" م للميلاد واتخاذها ديانة رسمية للدولة، ان ينشر هذا الدين ويكثر أتباعه، لما في ذلك من فوائد سياسية ومصالح اقتصادية،فضلا عن الأثر العميق الذي يتركه هذا العمل في نفوس أتباعه المؤمنين مما يرفع من مكانة القياصرة في نفوس الشعب ويقوي من مراكزهم ونفوذهم على الكنيسة والرعية. وبمساعدة هؤلاء القياصرة تمكن المبشرون من انشاء ثلاث كنائس في "ظفار" و "عدن" و"هرمز".

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق