1541
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفصل الثمانون
المذاهب النصرانية
أما "الأبيونيون" Ebionites، فجماعة من قدماء اليهود المتنصرين عرفوا بهذه التسمية العبرانية الأصل التي تعني "الفقراء"، لا يعرف عن كيفية ظهورهم ونشوء عقيدتهم على وجه صحيح أكيد، وكل ما يمكن أن يقال عن معتقداتها إنها مزيج من اليهودية والنصرانية، وإنها نصرانية بنيت على أسس ودعائم يهودية، فهي نصرانية يهودية في وقت واحد.
وقد ذهب بعض قدماء المؤرخين إلى انهم انما دعوا بهذه التسمية نسبة إلى مؤسس هذا المذهب المسمى "ابيون" Ebion. غير ان من الصعب اثبات صحة هذا الرأي. وهم يعتقدون بوجود الله الواحد خالق الكون، وينكرون رأي "بولس" الرسول في المسيح، ويحافظون على حرمة يوم السبت Sabbath وحرمة يوم الرب. وقد ذهب بعض قدماء من تحدث عنهم إلى انهم فرقتان بالقياس إلى مولد الابن المسيح من الأم العذراء. ويُعتقد أكثرهم ان المسيح بشر مثلنا، امتاز على غيره بالنبوة، وبأنه رسول الله، أرسله إلى الناس أجمعين. فهو رسوله ولسانه الناطق برسالته للعالمين. وهو نبي كبقية من سبقه من الأنبياء المرسلين. وقد آمن بعض منهم بعقيدة "العذراء" وولادتها للمسيح من غير اتصال ببشر، غير ان بعضاً آخر منهم، آمن بان المسيح ابن مريم من "يوسف" فهو بشر تمامأَ، وأنكر الصلب المعروف، وذهب إلى ان من صلب، كان غير المسيح، وقد شبه على من صلبه، فظن انه المسيج حقاً. ورجعوا إلى انجيل متى بالعبرانية "The Gospel of Mathew " وأنكروا رسالة "باولس" Paul على النحو المعروف عند بقية النصارى.
وأما "الناصريين" "Nazarenes"، فهم فرقة معارفنا عن أصلها وعن كيفية ظهورها قليلة كذلك. وأكثر ما نعرفه عنها مستمد مما كتبه عنها "أفيفانيوس" "Epiphanius" و "جيروم" "Jerome". وقد أدخلهم "أفيفانيوس" في جملة "الهراطقة" "Heratics"، وذكر انهم كانوا يقرأون النسخة العبرانية لانجيل متى، The Gospel of Mathew وانهم ظهروا في غور الأردن.
وقدا اعترفوا بألوهية المسيح "ابن الله"، قائلين انه ولد من العذراء مريم، واعترفوا برسالة القديس "بولس" كما حافظوا على ناموس موسى "Mosaic Law " "شريعة موسى"، وهم يرون ان ميلاد المسيح شيء خارق للعادة، وانه "المولود الأول من الروح القدس"، وان تعاليمه، هي متممة للرسالات السابقة ومكملة لها. وقد راعوا حرمة السبت، وما يختص بالأكل وبالختان.
وأما "الكسائيون" "Elkesaites"، ففرقة يظهر أنها ظهرت في أواخر القرن الأول وأوائل القرن الثاني للميلاد في وادي الأردن، ومعناها اللغوي "القوى الخفية"، في لغة بني إرم، و "المتخفون"، أو المتسترون تحت الكساء في لغتنا. وقد نبعت من اليهودية. وهي تنسب إلى رجل اسمه "Elkesai " "الكسائي" صاحب كتاب نسب اليه، ويحافظ الكسائيون على الختان وعلى حرمة السبت وعلى سائر أحكام الشريعة الموسوية، وينسب اليه أنه كان يرى تحريم أكل اللحوم. والظاهر ان ذلك من وضع المستخفين بتعاليمه. وإنما كان يحرم أكل ذبائح الوثنيين وما أهلَّ للاوثان. وقد حتم على"أتباعه التوجه إلى بيت المقدس في صلواتهم، ومنع التوجه إلى الشرق. وهو يعتقد بوجود إلَه واحد، وباليوم الاخر،وبملائكته. ويرى أن الشياطين هي النجوم الكائنة في المناطق الشمالية من السماء.
ومن أهم تعاليم "الكسائيين" الإغتسال،أو ما يقال له "التعميد" "Babtism " وذلك بالاغتسال في النهر أو في البئر لغسل الأدران من الأجسام وتطهيرها. ويسمي المغتسلُ "باسم الله العلي العظيم" "بسم الله الرحمن الرحيم"، ويستعمل الغسل في الشفاء من الافات كذلك، مثل عض الكلب المكلوب أو الحيوانات المؤذية واخراج الأرواح الشريرة من الجسم. ولذلك يمكن تسمية هذه الفرقة بالمغتسلة، لجعلها الغسل من أهم أركان الدين.
وللخبز والملح اهمية خاصه لدى أصحاب هذا المذهب، فهما بمثابة العهد عندهم.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق