1539
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفصل الثمانون
المذاهب النصرانية
وقد بذل "شمعون الأرشامي" Shem'on of Beth Arsham و "مراثا" Muratha جهداً كبيراً في نشر هذا المذهب بين أهل العراق،وصارت "تكريت" القاعدة الكبرى للمذهب اليعقوبي في العراق. بقيت محافظة على هذا المركز في ا لاسلام.
وقد دخل أكثر الغساسنة في هذا المذهب، وتعصبوا له، وطالما توسطوا لدى الروم في سبيل حملهم على الكف عن اضطهادهم والتنكيل بهم. ظلوا مخلصين لهذا المذهب إلى ظهور الإسلام. وقد نعت بعض ملوكهم بنعوت تدل على تنصرهم وتدينهم، مثل: المحبين للمسيح والمؤمنين. وقد وردت في بعض المخطوطات اشارة إلى كاهن نعت ب "كاهن ذي العزة والمحب للمسيح البطريق المنذر بن الحارث"، كما أنعم القياصرة على بعض ملوك الغساسنة بألقاب لا تمنح في العادة إِلا لمن كان على دين النصرانية.
وتذكر تواريخ اليعاقبة قصصاً عن بعض هؤلاء الملوك يشير إلى ذكائهم وتمسكهم في قواعد هذا المذهب وتعلقهم به، ودفاعهم عنه، وافحامهم بذكائهم وبعلمهم أيضاً لخصوم هذا المذهب من أصحاب المذاهب الأخرى ممن أرادوا اقناعهم بالخروج من المذهب اليعقوبي ونبذه، مع ميلهم إلى التوفيق بين المذاهب ومع الفرقة بين النصارى، كالذي ذكروه مع مناظرة وقعت بين البطريرك "البطريق" افرام "526 - 545م"، وهو من بطاركة الملكيين والحارث بن جبلة ملك الغساسنة وهو على اليعقوبية، وقد أفحم فيها الملك الحارث خصمه على ما يدعيه اليعاقبة بذكائه وبقوة بديهته وحجته، وكالذي رووه عن تعنيف المنذر بن الحأرث للبطريرك "دوميان" في أثناء زيارته للقسطنطنية، لتهجمه على اليعاقبة واثارته بهذا الهجوم الفرقة بين النصارى، وطلبه منه الاتفاق مع "فولا" بطريرك اليعاقبة على التآخي وتوحيد المساعي، وكالذي ذكروه عن هذا المنذر أيضاً من كتابته إلى القيصر "طيباريوس" للتدخل في حمل البطريرك والأساقفة على ايقاف حملاتهم على اليعاقبة، ولكي يسعى في اطلاق الحربة لجميع النصارى، وأن يصلي كل واحد منهم أينما شاء وحيثما شاء.
وكان لليعاقبة مشهد مقدس يحجون اليه للتبرك به والنذر له، هو مشهد القديس "سرجيوس" "سرجيس" في مدينة "سرجيوبوليس" Sergiopolis، و هي الرصافة. وكان عرب بلاد الشام اليعاقبة يتيمنون به، ويضعون صورته مع الصليب على راياتهم أملاٌ في الفوز في المعارك. والى هذا القديس أشار الشاعر الأخطل بقوله: لما رأونا والصليب طالعـاً ومار سرجيس وموتاً ناقعا
وأبصروا راياتنا لوامـعـاً خلوّا لنا راذان والمزارعا
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق