1538
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفصل الثمانون
المذاهب النصرانية
أما اليعاقبة، فقد انتشر مذهبهم بين عرب بلاد الشام والبادية، وقد اصطدم هذا المذهب بالكنيسة الرسمية للبيزنطيين، واعتبرته من المذاهب المنشقة الباطلة، لذلك حاربته الحكومة، وقاومت رجاله. كما عارضه النساطرة، لاختلافه معهم في القول بطبيعة المسيح، وفي أمور أخرى، وهذا ما حمل النساطرة على الحكم بهرطقة اليعاقبة، كما حمل هذا الاختلاف اليعاقبة على الحكم بهرطقة النساطرة، حتى صار اختلاف الرأي هذا سببأ في وقوع معارك كلامية وجدل طويل عربض بين رجال المذهبين.
واليعاقبة Jacobite church، و يدعون ب "المنوفسيتيين" Monophystte=Monophysite أيضاً، أى القائلين بالطبيعة الواحدة، لقولهم إن للمسيح طبيعة واحدة وأقنوماً واحداً، فقيل لهم من أجل ذلك "أصحاب الطبيعة ألواحدة"، هم مذهب من مذاهب الكنيسة الشرقية، نسبوا إلى "يعقوب البرادعي" Jacabus Baradaeus ويسمى ب "جيمس" James أيضاً، المولود في حوالى سنة "500" للميلاد في مدينة "الأجمة" Tela=Tella من أعمال "نصيبين" في شرقي "الرها" Edessa والمتوفى سنة 578للميلاد. ولد في أسرة كهنوتية، وتتلمذ ل "ساويرس" الذي صار رئيساً على بطريركية أنطا كية في عام 514 للميلاد. ثم اضطر إلى مغادرة انطاكية الى مصر لاختلافه مع رجال الدين في هذه المدينة في طبيعة المسيح، إذ كان يقول بوجود طبيعة واحدة فيه، ومنه أخذ يعقوب رأيه هذا في المسيح.
وذهب "يعقوب" في حوالى سنة 528للميلاد إلى القسطنطنية، لحمل القيصرة "ثيودورة" Theodora علي التأثير في الكنيسة وحملها على الكف عن اضطهاد القائلين برأيه في طبيعة المسيح. وقد مكث في القسطنطنية خمسة عشر عاماً، وسعى سعياً حثيثاً في نشر مذهبه والتبشير به، وهذا ما أوقعه في نزاع مع بقية رجال الدين هناك لخروجه على تعاليم المجمع الخلقيدوني الذي عين التعاليم الثابتة في طبيعة المسيح.
وكان "يعقوب" أسقفاً على "الرها" Edessa في حوالى سنة "541م". وكان "الحارث بن جبلة" من المقدرين له، والمحبوبين عنده، لذلك كان ممن توسطوا لدى بلاط "القسطنطنية" للسماح له بالخروج منها، وللتوفيق بين آرائه وآراء الكنيسة البيزنطية، كما توسط "المنذر" لدى البيزنطيين للغرض نفسه.
وكان من جملة تلاميذ "يعقوب" والمبشرين بتعاليمه "أحودمة" "أحودمى" الذي اغتيل بأمر كسرى أنو شروان في 2 آب من سنة575م. وكان من المبشرين النشيطين، ذهب الى بني تغلب وبشّر بينهم، وقد عرف هؤلاء عند السريانيين بالأعراب سكنة الخيام، وأقام بينهم كهانأَ ورهباناً، وبنى لهم ديراً عرف فى السريانية ب "عين قنا" أي "عين الوكر" وديراً آخر بتكريت سمي "دير جلتاني". وكانت في ايامه أسقفيتان على العرب: أسقفية عرفت بأسقفية العرب، وأسقفية التغلبيين أو "السن" وكرسيها ب "عاقولا" "عاقول". وعاقولا هي موضع الكوفة. أما كرسي أسقفية العرب، فكان في الحيرة.
كذلك كان من تلاميذه "جيورجيوس" "جرجيس" و "غريغور"، وقد تمكنا بنشاطهما وتبشيرهما من نشر هذا المذهب في بلاد الشام وبين الأقباط و ا لأرمن.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق