961
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفصل الحادي والخمسون
فقر وغنى وأفراح ؤأَتراح
الر قص
والرقص وجه آخر من وجوه التسلية والتفريج عن النفس. يرقصون في المناسبات، مثل الأعراس والأفراح الأخرى. وهو في الغالب ارتفاع وانخفاض، وقد يكون ذلك هو الذي حمل علماء اللغة على تفسير الرقص أنه ارتفاع وانخفاض. والراقصون هم من الشباب في الغالب، أما الشيوخ، فكانوا لا يرقصون، لعدم ملاءمة الرقص مع جلال السن.
وذكر علماء اللغة أن من الرقص نوع يقال له "الدرقلة". وذ كَر بعض آخر أن "الدرقلة" الرقص. "قال محمد بن إسحاق: قدم فتية من الحبْشة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، يدرقلون، أي يرقصون". وقيل: الدرقلة: لعبة للعجم معربة. وهي من الحبشة على بعض اراء علماء اللغة. ونطقت ب" الدركلة" كذلك. وذكروا أن الرسول "مرّ على أصحاب الدركلة فقال: جدّوا يا بني أرفدة حتى يعلم اليهود والنصارى أن في ديننا فسحة". قيل إنّ الدَركلة ضرب من الرقص ولعبة للعجم معربة.
وقد عرف الحبش بحبهّم للرقص. وكان أهل مكة وغيرهم من أهل الحجاز إذا أرادوا الاحتفال بعرس أو ختان أو أية مناسبة مفرحة أخرى أحضروا الحبش للرقص والغناء على طريقتهم الخاصة. وورد في الحديث أنه قال للحبشة دونكم يا بني أرفدة. وقيل هم جنس من الحبشة يرقصون. وقيل "أرفده" لقب لهم.
هو اسم أبيهم الأقدم يعرفون به.
وقد كان الرقص عند الشعوب السامية نوعاً من أنواع التعبير عن الفرح والشكر تجاه آلهتهم. ويدخل في جملة الشعائر الدينية. ولا يستبعد أن يكون الجاهليون مثل غيرهم قد رقصوا لآلهتهم في المناسبات الدينية، تعبيراً عن شكرهم للالهة. ولكن معارفنا عن ذلك قليلة جداً، فلا نجد في الكتابات الجاهلية أية إشارة اليه، أما أخبار أهل الأخبار عن الرقص عند الجاهليين، فهي قليلة. ولا اًستبعد أن يكون السعي بين الصفا والمروة كان رقصاً في الأصل فكان الساعون يرقصون ويغنون أغاني دينية، في تمجيد رب البيت والتقرب اليه. كما كانوا يرقصون في المعابد الأخرى.
ويعدّ يوم وصول الملوك والأمراء والسادات إلى مكان ما، يوماً مشهودا ًيجلب الفرح والسرور إلى قلوب الناس، ويعطي ذلك اليوم بهجة وسروراً، وكانوا يستقبلون كبار الوافدين عند قدومهم بأصناف اللهو. ويخرج "المقلسون" بالسيوف والريحان وبالدفوف والغناء. ولذلك قيل "القلس" و "التقليس": الضرب بالدفّ والغناء. و "المقلس": الذي يلعب بين يدي الأمير. ولما قدم "عمر" الشام لقيه المقلسون بالسيوف والريحان. والقلس: الرقص في غناء، وقيل هو الغناء الجيد.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق