1545
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفصل الثاني والثمانون
اثر النصرانية في الجاهليين
وإذا لَنا قد حُرمنا من الموارد الأصلية الني يجب أن نستعين بها في معرفة أثر النصرانية عند نصارى الجاهلية والجاهليين، فإن في الشعر المنسوب إلى بعض نصارى الجاهلية مثل عدي بن زيد العبادي والى بعض الشعراء ممن كان لهم اتصال بالنصارى مثل الأعشى، فائدة في تكوين صورة يتوقف صفاؤها ووضوحها وقربها أو بعدها من الواقع والحق على مقدار قرب ذلك الشاعر من الصدق والصواب والواقع والافتعال.
وعدي بن زيد هو أشهر من وصل الينا خبره من شعراء النصارى الجاهليين. هو من العباديين، أي من نصارى الحيرة، ونلك عرف بالعبادي وكان من أسرة اكتسبت نفوذاً واسعاً ونالت حظاً كبيراً عند الفرس وعند ملوك الحرة، فكان لها أثر خطير في سياسة عرب العراق في ذلك الزمن. ولما كانت السياسة ارتفاعاً وهبوطاً، سعادة وشقاء، لاقى عدي منها الاثنين: ارتفع حتى بلغ أعلى المنازل، ثم انخفض حتى تلقاه قابض الأرواح وهو في سجنه فقضى عليه بعد أن ترك أثراً خطيراً في سياسة الحيرة وفي تقرير مصير الملك فيها. وعدي، على ما يذكر أهل الأخبار، من أهل اليمامة في الأصل: هاجر أحد أجداده من اليمامة إلى الحيرة بسبب دم اهرقه هناك، فخاف على نفسه من الثأر، ولم يجد محلاٌ أصلح له وآمن مقاماً من الحيرة، لوجود".أوس بن قلام" أحد رؤساء بني الحارث بن الكعب فيها وهو من اصخاب الجاه والنفوذ وبينه وبين اوس نسب من النساء، وهو نسب يضمن له الحماية والعيش بسلام، فجاء إلى الحيرة وأقام بها حيث أكرمه أوس وقربه إلى آل لخم، واكتسب منزلة عالية عند ملوك الحيرة، انتقلت من بعده إلى أبنائه الذين كوّنوا لهم صلات وثيقة مع آل لخم ومع ملوك الفرس، بما كان لهم من علم وذكاء ومن سياسة. ويذكر الأخباريون أن جدّ عدي قد تعلم الكتابة في الحيرة، فصار من أكتب الناس فيها، وأنه لذلك انتخب كاتباً لملك الحيرة، واتصل بحكم وظيفته المهمة هذه بدهاقين الفرس، وأنه لما توفي أوصى بابنه زيد والد عدي إلى واحد منهم يعرف ب "فروخ ماهان" فأخذه هذا إلى بيته، ورباه مع ولده. فتعلم عندهم الفارسية، وحذقها وكتب بها وبرز، وكان قد، حذق الكتابة بالعربية كذلك، فأوصله الدهقان الى كسرى، "لعلمه هذا باللغتين ولذكائه، فعينه في وظيفة مهمة لم يكن الفرس يعينون لها أحداً من غيرهم هي وظيفة البريد. وقد مكث في هذه الوظيفة زماناً جعلته يكتسب منزلة محترمة عند عرب الحيرة والفرس.
وعني زيد بتربية ولده عدياً: أرسله إلى الكتاب ليتعلم به العربية. فلما برع فيها، أرسله الى كتاب الفارسيه حيث تعلم مع أبناء المرازبة فنون القول والكتابة، ثم تعلم الرماية ولعب الفرس حتى صار من المبرزين فيها. وقد قربه علمه وعقله من آل لخم ومن الفرس، حتى وصل الى مناصب عالية جعلت لقوله أهمية كبيرة حتى في "تثبيت ملك ملوك الحيرة.
وقد أرسله "هرمز بن أنو شروان" في سفارة مهمة إلى القيصر "طيباريوس" فأدّاها على خير وجه. وعاد فأقام أمداً بالشام، ووقف على ما كان فيها من علم،ومعالم. وقد زادت هذه الأسفار بالطبع في سعة أفقه وفي ثقافته. ثم عاد إلى الحيرة، فوجد والده قد توفيَ بعد ان صار المهيمن الحقيقي على البلاد. وزار كسرى ليقدم اليه هدايا قيصر. وارتفع نجمه في البلاطين. وتزوج هنداً بنت الملك النعمان. غير ان تقدمه هذا أوجد له خصومة شديدة من منافسيه "بني مرينا" وهم نصارى مثله ومن أهل الجاه والحسب، فأغرى خصمه ومنافسه العنيد "عدي بن مرينا" قلب النعمان عليه. وكان عدي بن زيد صاحب الفضل في حصول النعمان على التاج وظل ابن مرينا يعمل في الخفاء للقضاء على عدي حتى تمكن من ذلك، إذ سجنه النعمان، ثم أمر فاغتيل وهو في السجن.
و ذكر ان "كسرى" جعله كاتباً على ما يجتبى من الغور، وكان هو سبب ملك النعمان بن المنذر.
والذي يهمنا في هذا الموضع من أمر عدي هو مدى وقوف عدي على النصرانية ومبلغ تسربها في نفسه وفي نفوس أهل الحيرة. أما النواحي الأخرى من حياته، فليس لها محل في هذا المكان. وشعر عدي و اضرابه من العباد بين هو سندنا الوحيد الذي نستخرج منه رأينا في النصرانية عند عدي وعند اخوانه العباديين.
والشعر المنسوب إلى عدي أقرب إلى نفوسنا وأسهل علينا فهماً من الشعر المنسوب إلى بقية الجاهليين، معانيه وألفاظه حضرية متحررة من الأساليب البدوية التي يميل إلى استعمال الجزل من الكلمات، وهو يخالف مذاهب أولئك الشعراء في كثير من الأمور. ولهذا " كانت الرواة لا تروي شعر أبيُ دؤاد ولا عدي بن زيد لمخالفتهما مذاهب الشعراء"، و "لأن ألفاظه ليست بنجدية". وقد ورد في شعره بعض المعربات مما يدل على أثر الفارسية والإرمية فيهْ. وكثير من شعره هو في الزهد، وفي التذمر من هذه الدنيا التي لا تدوم حالها على حال، وفي تذكير الأحياء بنهاية الأموات بالرغم مما أقاموه وشيّدوه من أبنية ضخمة وقصور شاهقة. وهذا الشعر يتناسب مع ما يذكره أهل الأخبار عن حياة هذا الشاعر،وتألق نجمه وبلوغه أعلى المراتب ثم سقوطه فجأة ودخوله السجن واغتياله فيه.
وفي شعره قصائد في القيان وفي الخمر تتحدث عن الحياة التي قضاها قائلها، وهي حياة لذيذة ولكنها لا تدوم بالطبع إلى الأبد، ولا بد لها ان تزول ثم تنتهي بما يوجب الأسف عليها والألم والتوجع من فنائها ومن ذهاب تلك الأيام.
أما صميم الديانة والآراء النصرانية الخاصة.، وهي ضالتنا في هذا الفصل وهدفنا الذي نقصده، فلا تجد منها في شعره الموثوق بصحته شيئاً كثيراً. ونحن لا نستطيع بالطبع ان نلوم عديّاً على ذلك، فعدي كما نعلم رجل شعر وسياسة،وليس برجل دين ولا كهانة فيتعمق في شعره بإيراد تواريخ الأنبياء والأوامر والنواهي الإلهية الواردة في التوراة والانجيل. ولم يذكر أحد من الاخباريين عنه انه كان كاهناً أو قسيساً فنأمل منه التطرق في شعره إلى موضوعات اللاهوت والكهنوت. فما نجده في شعره عن النصرانية هو من حاصل المناسبات والظروف، وليس من حاصل بحث متعمد قصد به البحث في الدين من أجل الدين.
ولو كان عديّ قد تعرض للنصرانية عنده وبين قومه لأفادنا ولا شك كثيراً. وما زلنا في الواقع فقراء في ناحية علمنا بمبلغ فهم أهل الحيرة وغير أهل الحيرة من نصارى العرب في الجاهلية لأحكام النصرانية وقواعدها، ومقدار رسوخها في نفوس أولئك النصارى ولا سيما الأعراب منهم. ولكن عذره كما قلت بينَ واضح، وليس لنا أن نلومه. وما جاء به عن النصرانية في شعره على كل حال مفيد، أفادنا ولا شك. فلنكن قنوعين غير طامعين، مكتفين مما أورده عدي عنها في شعره، ولننظر إلى المستقبل، فهو أملنا الوحيد، فنجده يكشف عن مصادر كتابية مطمورة، يبعثها من قبورها المغمورة بالأتربة المتراكمة، وعندئذ تكون أمام المؤرخ ثروة تغنيه،يستطيع أن يظهرها العشاق للمولعين بمعرفة أحوال الماضين. وقد ورد في قصيدة قيل انه نظمها في معاتبة النعمان على حبسه بيت فيه قسم برب مكة والصليب: سعى الأعداء لا يألون شراً عليك ورب مكة والصليب
وهذا البيت يدعو إلى التأمل والتفكير، فرجل نصراني يؤمن بعيسى وبالصليب،لا يمكن أن يقسم برب مكة. فمكة كما نعلم مجمع الأصنام والأوثان وكعبة الوثنية في الجاهلية، فكيف يقسم بربها رجل نصراني يرى الأوثان والوثنية رجساً من عمل الشيطان وكفراً. بل لو فرضنا اًنه أقسم بمكة وبرب مكة على سبيل مجاراة العرب الوثنين وتقرباً إلى الملك النعمان، فليس لدينا دليل مقنع يفيد أن وثنيي الحيرة كانوا يؤمنون برب مكة. ولم يذكر أحد من أهل الأخبار ان أصنام أولئك الوثنيين كانت بمكة، وأن أهل الحيرة كانوا يزورون مكة ويحجون الى "رب البيت" في جملة من كان يحج اليه من العرب. ولم يرد في روايات أهل الأخبار ان الملك "النعمان" كان وثنياً مؤمناً بقدسية مكة وأنه حج اليها حتى نذهب إلى الفرض بأن عدياً، إنما أقسم بمكة، مجاراة لهذا الملك، بل الوارد فيها أنه كان على دين النصرانية، وانه كان مؤمناً بهذا الدين، يزور الأديرة ويحضر الصلوات ورجل على هذا النحو من التدين لا يمكن بالطبع أن يحفل يقسم ببيت من بيوت الأصنام. ثم أن مصطلح "رب مكة"، هو مصطلح اسلامي، أخذ من عقيدة التوحيد في الإسلام، فقيل: "رب البيت" و "رب هذا البيت".
لقد اتخذ الأب "شيخو" هذا البيت دليلاً على انتشار النصرانية في مكة وعلى تنصر أحياء منها، وعلى ان النصرانية قديمة فيها، بل يكاد يفهم من قوله ان البيت هو في الأصل كنيسة بنيت بعد المسيح بعهد قليل: بناها النصارى الذين جاءوا إلى هذه المدينة وسكنوها، وان صور الأنبياء وصورة عيسى وأمه مريم التي ذكر الاخباريون انها كانت مرسومة على جدار الكعبة والتي أمر الرسول بطمسها ومحو معالمها هي دليل على أثر النصرانية في مكة، ولهذا كان النصارى لجاهليون يحجون اليها ويقدسونها، ولهذا السبب أقسم عدي بها، وأقسم الأعشى بها كذلك حيث قال: حلفت بثوبي راهب الدير والتـي بناها قصيٌ والمضاض بن جرهم
وذكر ان من شعر "عدي" هذا البيت: كلا يميناً بذات الودع لو حدثت فيكم وقابل قبر الماجد الزارا
وقد اختلف العلماء في مراده ب"ذات الودع"، فذهب بعض منهم إلى ان "ذات الودع" الأوثان، أو وثن بعينه، وقيل سفينة نوح، وكان يحلف بها، وكانت العرب تقسم بها، وتقول: بذات الودع. وقبل الكعبة، لأنه كان يعلق الودع في ستورها.
ولم يرد في شعر عدي شيء ما يتحدث عن عقيدة التثليث، أي الايمان بالثالوث. وكل ما ورد فيه هو الاشارة إلى عقيدة بوجود رب واحد هو "الله". وهو رب مستجيب مسبّح خلاق. وهذا الرأي اسلامي كما هو معلوم، وقريب من عقيدة الحنفاء.
ووردت في بيت شعر وجهه إلى النعمان كلمة "أبيل"، وأبيل اسم للمسيح، ويطلق على حبر النصارى أيضاً،ومعناها الناسك والزاهد. وهي من أصل سريانى، من فعل "ابل" بمعنى ناح وبكى على خطاياه،ولذلك قصد بها الناسك والراهب. وقد دعا الأعشى ضارب الناقوس: الأبيل.
ونسب لعدي هذا البيت: وأهبط الله إبليسـاً واوعـده ناراً تلهب بالأسعار والشرر
ولم ترد كلمة "ابليس" في شعر منسوب لشاعر جاهلي آخر، إنما وردت كلمة "شيطان" في شعر منسوب إلى أميّة بن أبي الصلت.
ونسب إلى عدي هذا البيت: ناشدتنا بكتاب اللّه حرمتنا ولم تكن بكتاب الله تقتنع
ويظهر من دراسة الشعر المنسوب لعديّ أنه كان على مذهب القائلين بالقضاء والقدر. فكل كائن خاضع لحكم القدر، يفعل به ما يشاء، ليس في إمكانه ردّ شيء مقدر كائن عليه. وقد رسخت هذه العقيدة في نفس عدي ولا شك بعد أن زجّ به في السجن، وأصبح وحيداً لا يدري ما الذي سيصنع به. وهي عقيدة يسلم بها أكثر من يقع في مثل هذه الظروف، لأنها تفرج عن النفس، وتخفف بعض التخفيبف عما ينتاب المرء وهو في هذه الحالة من هموم وأحزان. والإيمان بالقدر وبأن الإنسان مسير مجبر،عقبدة لها صلة كبيرة بالظروف الاجتماعية وبالأحوال التي تحيط بالانسان، وهي لبست من الآراء الدينية الخالصة.
ونسبت لعدي أبيات فيها حكايات من العهد العتيق، مثل هذه الأبيات وهي في مبدأ الخلق: اسمع حديثاً لكي يومهاً تجاوبـه عن ظهر غيب إذا ما سائل سألا
أن كيف أبدى إ له الخلق نعمتـه فينا وعـرفـنـا آياتـه الأولا
كانت رياحاً وماءً ذاُ عـراثـيه وظلمة لم يدع فتقا ولا خـلـلا
فأمر الظلمة السوداء فانكشفـت وعزّل الماء عما كان قد شغلا
وبسط الأرض بسطاً ثم قدرهـا نحت السماء سواء مثل ما فعلا
وجعل الشمس مصراً لاخفاء بـه بين النهار وبين الليل قد فـصـلا
قضـى لـسـتة ايام خـلائقــه وكان آخر شيء صوّر الرجـلا
دعاه آدم صوتاً فاسـتـجـاب لـه بنفخة الروح في الجسم الذي جبلا
وطابع هذا النظم وأسلوبه يفصحان انه نظم من النوع التعليمي الديني،لا أدرى أكان شاعرنا يعترف به وينسب إلى نفسه ? أما أنا، فلا أرى انه لشاعر عربي عاش قبل الإسلام.
ونجد فىِ شعر "عدي" نزعة من نزعات التصوف والتأمل، جاءت اليه من الأوضاع التي أحاطت به، من وشايات، ومن غضب الملك عليه ومن سجن، بعد ان كان السيد المهيمن. حتى صار الدهر عنده حالاً بعد حال. لا يدوم صفاؤه لأحد، فلا يركن أحد اليه،.ولا يغتر إن وجد نفسه في أعلى عليين، فقد يسقط غداً إلى أسفل سافلين.
وهناك شاعر آخر اسمه "الملمس بن عبد المسيح" يدل اسم أبيه على أنه كان نصرانياً، غير أن هناك رواية أخرى تذكر ان اسم والده "عبد العزُى". وعبد للعزُى من أسماء الوثنين كما هو معروف. تم اننا لا نجد في شعره ما يشير إلى آراء وعقائد نصرانية يمكن أن يستنبط منها أنه كان نصرانياً. ورجل يحلف في شعره باللات والأنصاب لا يعقل أن يكون نصرانياً.
أما الأعشى، فهو شاعر عاش في الجاهلية، وأدرك أيام الرسول. ومدحه بقصيدة جميلة مشهورة، جعلت أبا سفيان يحرض قومه على ارضائه خوفاً من ان يسلم و.من أن ينظم شعراً آخر في مدح الرسول وفي ذم قريش، فجعل له مائة من الإبل جمعها من قومه على أن يرجع ويؤجل أمر إسلامه عاماً. فرجع إلى بلدته "منفوحة" باليمامة، وكان قد ولد بها، فمات بها بعد حين وعرف قبره بين الناس أمداً.
وكان الأعشى كما يروي أهل الأخبار جوابا في الآفاق، عرف الحيرة ونادم ملوكها، وزار النجاشي في أرضه، وتجول في أرض النبيط وأرض العجم. وتنقل في أرجاء اليمن وفي حضرموت وعمان وبلاد العراق وبلاد الشام ومتع نظره بالآثار القديمة واتخذها عبرة للمعتبرين. وقد وسعت هذه الأسفار آفاق نظره وعرفته على شعوب متعددة وعلى آراء ومعتقدات متنوعة. ومنها هذه النصرانية التي نبحث فيها.
وقد حمله اختلاطه بالنصارى العرب على الاشارة إلى بعض طقوسهم وأحوال عباداتهم في شعره. وإلى ان يشير إلى قصص معروف بين أهل الكتاب، وارد بينهم، فذكره في شعره. فتراه يتحدث عن حمامة نوح وعن أخبار سليمان وعن جنّ سليمان وعن المباني القديمة العادية المنسوبة اليه، كما تراه يشير إلى عادة النصارى في الطواف حول الصليب أو تمثال المسيح. ثم تراه يشير إلى الصليب نصبه الراهب في الهيكل بعد ان زينه بالصور.
وفي الشعر المنسوب اليه إقرار بإلَه واحد كريم، ونهي عن عبادة الأوثان ومن التقرب منها ه،وفيه ان الرب يكفي الإنسان ويرعاه ويساعده في حله وفي ترحاله، وان الإنسان عبده. وان الفناء واقع على كل امرىء،. وليس أحد في هذه الدنيا بخالد، ولو كان الخلود لأحد لكان لسليمان. وفيه حديث عن البعث والحساب يوم الدين.
ونجد في شعره معرفة بنوح وبسفينته، أشار إلى نوح في مدحه إباسا حب ث خاطبه بقوله: جزى الإله إياساً خير نعمـتـه كما جزى المرء نوحا بعدما شابا
في فلكه اذ تبداها ليصنـعـهـا وظل يجمع الواحـا و ابـوابـا
فهل أخذ الأعشى رأيه هذا عن نوح من أهل الجزيرة ? وهل كان في ذلك قاصداْ متحدثاً مخاطباً رجلاً نصرانياً يعرف الحكاية والموضوع ? أو كان متحدثاً عن نوح حديث من يدين به ويعتقد، فهو رأيه ودينه. الواقع أن البت في ذلك أمر لا أراه ممكناً ما لم تتجمع لنا موارد تأريخية كثيرة، ليتمكن المرء من استنتاج رأي واضح في أمثال هذه الموضوعات المعقدة، التي لم تدرس مظانها المدوّنة، ولم تنتقد حتى الان.
وقد ذهب "كاسكل" "Caskel" إلى ان "الأعشى" كان نصرانيا. وذهب الأب "شيخو" هذا المذهب أيضاً، وجوّ ز "بروكلمن" تنصره، لكن ذهب إلى انه لم يكن متعمقا في النصرانية. وقد استدل "كاسكل" على نصرانيته من بيتين في ديوانه، ومن بيت آخر ورد في قصيدة أخرى، لا يمكن في الواقع ان يكون دليلا على نصرانية قائله.
وذكر انه كان قدرياً، روى روايته "يحيى بن متى" وهو من عباد الحيرة، انه أخذ مذهبه هذا في القدر من العبادبين نصارى الحيرة، كان يأتيهم يشتري منهم الخمر، فلقنوه ذلك. وقد استشهدوا على قوله هذا في للقدر بهذا البيت: استأثر الله.بالوفاء وبالعد ل وولى الملامة الرجلا
وقد راجعت شعر "الأعشى"، فلم أتمكن من استنباط رأي منه يدل على مقدار علمه بالنصرانية وعلى مدى تعمقه أو تعمق غيره من النصارى بدينهم. فما ذكره مما له علاقة بالنصرانية، هو شيء عام، يأتي بخاطر كل شاعر ذكي جوّ اب في الآفاق، له احتكاك واتصال بالنصارى أو بغيرهم، وهو لا يصلح ان يكون دليلاً على عقيدة ودين وفهم لذلك الدين.
وفي شعر "الجعدي" كلام عن سفينة نوح، ذكر أنه قال: يَرْ فعُ، بالقار والحديد من ال جوز، طوالاً جذوعها،ُ عمما
والنابغة الجعدي، مخضرم، يقال إنه كان مثل الحنفاء، أنكر الخمر والميسر، وهجر الأزلام والأوثان. وكان ممن فكر في الجاهلية، وأنكر الخمر والسكر، وهجر الأزلام واجتنب الأوثان، وذكر دين ابراهيم. وقد لقي الرسول، وأسلم وأنشده من شعره. وذكر أنه هو القائل القصيدة التي فيها: الحمد للهِ ربي لا شريك له من لم يقلها فنفسه ظلمـا
على نحو شعر أمية بن أبي الصلت، وقد قيل إنها لأمية، لكن صححها حماد الراوية.
ونجد في شعراء آخرين من غيرمن ذكرت ألفاظا وكلمات كانت معروفة عند النصارى وإشارات إلى عباداتهم وعاداتهم، وردت.في شعر "النابغة الذبياني" ولبيد، وامريء القيس، و أوس بن حجر وآخرين غيرهم ممن طافوا في الارضين وارتحلوا فوقفوا على بعض أحوال النصارى فأشاروا اليها في شعرهم.
ونجد في شعر "الأفوه الأودي" وهو صلاءة بن عمرو، تسجيلاً لأبناء نوح. سجلهم مع من سجل أسماءهم من ملوك التبابعة ممن دانت لهم الأنام، فنجده يقول: ولما يعصها سام وحـام ويافث حيثما حلت ولام
ولا أدري إذا كان هذا ا!بيت من نظم شاعر جاهلي، هو الأودي، أو من نظم شخص آخر نظمه على لسانه في الإسلام. ولكني لا أستبعد بالطبع أن يكون خبر أولاد نوح الثلاثة. وهم: سام ويافث وحام، قد عرف عند العرب النصارى وعند من كان على احتكاك واتصال بهم.
ونجد في بيت شعر ينسب لأفنون التغلبي ذكراً لولد آدم. وورود آدم في هذا البيت، إن صح انه من شعر ذلك الشاعر الجاهلي، دليل على وقوف هذا الشاعر على قصة آدم وانحدار البشر من نسله. ولا يستبعد ان يكون اذن قد وقف عليها باختلاطه ببني قومه تغلب، وقد كان قسم كبير منهم قد دخلوا في النصرانية. ولا يستبعد أيضاً ان يكون بعض الوثنيين قد وقفوا أيضاً على قصة الخلق كما وردت في الديانتين من اختلاطهم بأهل الكتاب واتصال بهم.
وقد وردت، في بيت اخر من قصيدة يقال انه قالها في رثاء نفسه، لفظة "الله" في شكل يفهم منه انه كان يدين بالتوحيد، وان الآجال كلها بيد الله، وأشار في بيت أخر إلى عاد وإرم ولقْمان وجدن.
وأشير في أشعار بعض الجاهلين الى تعبد النصارى وصلواتهم سجداً وقياماَ، وهؤلاء الذين أشير اليهم من الرهبان والناسكين الذين كانوا قد اعتكفوا في الِصوامع وفي البيع والأديرة النائية يعبدون الله، ويدعون إلى الرب تقرباً وخشية، ومنهم من ترك السجود أثراً في جباههم. وقد اطلقوا على صلواتهم هذه اسم "الصلاة". وهي من الألفاظ التي أخذها أولئك النصارى من "بني إرم". وعرفت المواضع التي كانوا يسجدون فيها بالمساجد، والمسجد هو الموضع الذي يتعبد فيه.
وقد كان الركوع من العادات المعروفة عند الأحناف والنصارى، و "كانت العرب في الجاهلية تسمى الحنيف راكعاً إذا لم يعبد الأوثان، ويقولون: ركع إلى الله". وأما إحناء الرؤوس، فكان للتعظيم، ولذلك حنوا رؤوسهم في الكنائس ولرؤسائهم على سبيل الاحترام و التعظيم. وقد كانوا يبجلون رؤوسهم وسادتهم كثيراً، ولذلك نزل الوحي بتأنيبهم وتقريعهم، إذ جعلهم هذا الاحترام في مصاف الآلهة والأرباب.
وتلحق بالصلاة التسابيح، أي ذكر الله وتقديس اسمه، وقد كان من عادة الرهبان التسبيح بعد الصلاة، ولا سيما في الضحى و العشي.
وقد كان رجال الدين، ولا سيما الرهبان منهم، يقومون بالفروض الدينية فرادى وجماعة، فيرتلون المزامير والأدعية بنغمات وألحان شجية. وقد عرف ترتيل القسيسين "الهينم"،وذلك في حالة النغم بخفوت الصوت. وإذا طرب القس في صوته خفياً قيل لذلك "الزمزمة".أما إذا تغنى، فيقال لذلك الشمعلة. وقد قيل للمتغنين في تلادة الزبور "المتشمعل". وورد: "شمعلة اليهود:. قراءتهم، إذا اجتمعوا في فهرهم". وأما إذا أطلق صوته بالدعاء فيقال لذلك الجأر. واللحون من الكلمات التي أطلقت على ترتيل أهل الكتاب لكتبهم المقدسة. فقد كانوا يقرؤون التوراة والانجيل في المحافل باللحن. وقد أشير إلى ذلك في بعض الأحاديث. أما إذا ردد الشخص نغمات الانجيل في حلقه، فكانوا يقولون له الترجيع، ومنه قولهم: رجع الانجيل.
و "التصبيغ" من الألفاظ التي كانت تدل على معنى خاص عند النصارى،هو التعميد. وقد عرفه الجاهليون. وذكر علماء اللغة ان الصبغة الدين والملة والشريعة والفطرة والختانة. "اختتن ابراهيم، صلوات الله عليه، فهي الصبغة.
فجرت الصبغة على الختانة. وصبغ الذمي ولده في اليهودية أو النصرانية صبغة قبيحة، أدخله فيها". و " كانت النصارى تغمس أبناءها في،ماء المعمودية ينصرونهم". وقد صالح عمرُ بني تغلبَ بعدما قطعوا الفرات قاصدين اللحاق بأرض الروم، على ألا يصبغوا صبياً ولا يكرهوه على دينهم، وعلى ان عليهم الصدقة مضعفة. وعرفوا "المعمودية" بقولهم: "لفظ معمودية معرب معموذيت بالذال المعجمة، ومعناها الطهارة. وهو ماء أصفر للنصارى يقدس بما يتلى عليه من الانجيل، يغمسون فيه ولدهم معتقدين انه تطهير له كالختان لغيرهم".
وقد كان نصارى الجاهلية يعمدون أولادهم، يأخذونهم أطفالاً إلى الكنائس لتعميدهم على نحو ما يفعل سائر النصارى. وقد قيل له: التغميس والتصبيغ.
والصوم من الأحكام الدينية المعروفة عند اليهود والنصارى، وقد أشير إليه في شعر لأمية بن أبي الصلت وفي بيت ينسب إلى النمر بن تولب. وقد عرف أهل الجاهلية ان اليهود كانوا يصومون، وقد أشير إلى صومهم في عاشوراء في اثناء الكلام على فرض الصوم على المسلمين بصيامهم شهر رمضان، ولابد أن يكون للجاهليين علم بصوم النصارى كذلك، وذلك نتيجة لاتصالهم بهم واختلاطهم معهم.
ومن المصطلحات النصرانية "الحواريون"، وقصد بها رسل المسيح.و قد وردت اللفظة في مواضع من القرآن الكريم. ووردت لفظة "الحواري" في بيت ينسب إلى "ضابىء بن الحارث بن أرطاة البرجمي". وقد رجعَ بعض الباحثين أصل هذه اللفظة إلى لغة بني إرم ورجعها اللغويون إلى أصل عربي هو "حور"، وذهب آخرون إلى أنها من أصل حبشي.
والصليب،. من أهم المصطلحات المعروفة عند النصارى، لاعتقادهم بصلب المسيح عليه، حتى صار رمزاً للنصرانية. وصاروا يعلقونه على أعناقهم تبركا وتيمنا به، وينصبونه فوق منائر كنائسهم وقبابها، ليكون علامة على متعبّد النصارى. وقد أقسموا به. وقد عرف المسلمون تمسك ا!نصارى به، واتخاذهم له شعاراً،، حتى كان بعضهم يرسمه على. جبهته، وكانوا يلثمونه ويتمسحون به تبركا، و.يزينون صدورهم به.
وذكر علماء اللغة "الشبر" على أنه من المصطلحات الشائعة بين النصارى. وهو على حدّ تعريفهم له: "شيء يتعاطاه النصارى بعضهم لبعض كالقربان،يتقربون به، أو القربان بعينه"، وذكروا أيضاً أن "الشبر" الانجيل والعطية والخير. ومن ذلك قول عديّ: لم أخفه والذي أعطى الشبر
ويظهر من كتب الحديث ان أهل الكتاب كانوا يخالفون المشركين في بعض عاداتهم: كالذي ورد عن عبد الله بن عباس من "ان النبي صلى اللّه عليه وسلم كان يسدل شعره، وكان المشركون يفرقون رؤوسهم، وكان أها الكتاب يسدلون رؤوسهم. وكان النبي، صلى الله عليه وسلم، يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء. ثم فرق النبي صلى الله عليه وسلم رأسه". وكالذي ورد من ان أهل الكتاب كانوا يخالفون الجاهليين في كيفية التحية عند ملاقاة أحدهم الاخر، وان الرسول أقر المصافحة.
وقد أطلقت لفظة "المصاحف" في شعر ينسب إلى امرىء القيس على أسفار النصارى، وهو قوله: "كخطّ زبور في مصاحف رهبان". والكلمة على رأي بعض علماء الساميات والنصرانيات من أصل حبشي، ومفردها "مصحف". وصحف بمعنى كتب. وقد وردت لفظة "صحيفة" في بيت ينسب إلى "لقيط ا لإيادي".
والمجلة من الألفاظ المعروفة بين الجاهلين. وقد اشتهرت في العربية باقرانها باسم "لقمان"، فقبل: "مجلة لقمان". وأطلقت عند العبرانيين على أسفار الكتاب المقدس على سبيل التخصيص أحياناً وعلى باب التعميم في بعض الأحيان. وقد وردت في شعر للنابغة، هو: مجلتهم ذات الإلـهَ ودينـهـم قويم فما يرجون غير العواقب
وقصد بها كتاب النصارى، فقد مدح به الغساسنة، وهم على دين المسيح.
و قصد بالسفر وبالأسفار الكتاب والكتب من التوراة والإنجيل، وكلمة "سفر" بمعنى كتاب. وكانت النصارى تقرأ كتبها. من الصحف، وتفسر للمستمعين ماجاء فيها من مشكل.
ولفظة "جهنم" من الألفاظ المعروفة عند اليهود والنصارى. وهي تعني الموضع الذي يكون فيه العذاب بعد الحشر، فيخلد فيه أصحاب الآثام والمعصية. واللفظة من أصل عبراني على رأي المستشرقين وعلماء الساميات هو "جحينوم" "جهينوم" "Gehinnom، أي "وادي حينوم"، "Hinnom"،. وهو وادِ يدور حول القدس نحو أربعة كبلومترات، ويعرف اليوم باسم "وادي الربابي"، وقد كان اليهود الوثنيون يقربون في موضع منه يسمى "توفيث" " "Topheth"، الصبيان قرابين للالهَ "ملوخ"، "Moloch"="Molech"، يقدمونها ذبائح محروقة إِكراماً له، ثم صار هذا الموضع محلا ترمى فيه أقذار المدينة وجثث الحيوانات، وتحرق هناك لئلا تنتشر منهاْ الأوبئهَ، و صار الموضع رمزاً للجحيم، ومنه أخذت لفظة "جهنه"، "Gehenna"، التي هي جهنم، الموضع الذي يعاقب فيه المجرمون بعد الموت.. وهو موضع يقع تحت الأرض، واسع جداً، وأكبر حجماً من الأرض. يلقى فيه الآثمون جزاء إثمهم في الدنيا ومخالفتهم شريعة الرب.. فيبقون فيه يعذبون. وقد اختلف في موضوع أبدية التعذيب وبقاء وجهنم، فمنهم من رأى أن جهنم خالدة، وأن العذاب أبدي، ومنهم من ذهب إلى أنها ترفع بعد انتهاء التعذيب.
وقد وردت لفظة جهنم في مواضع متعددة من شعر أمية بن اْبي الصلت،كما ورد فيه وصفها وكيفية التعذيب فيها،. ولمعرفة أصل هذا الشعر: هل هو من شعر امية حقاً، أو من شعر آخرين وضعوه على لسانه، لا بد من دراسته ومقارنته بما جاء في الإسلام عن وصف جهنم وكيفية التعذيب فيها. وهناك رواية تنفي ورود لفظة جهنم في أي شعر جاهلي خلا هذا الشعر المنسوب إلى أمية بن أبي الصلت، ويلاحظ انه ذكر "عدن" مع جهنم.
ولم أجد في أشعار الجاهليين ذكراً للانجيل، إلا في الشعر المنسوب إلى "عدي بن زيد العبادي". وربما في شعر عدد قليل آخر من الجاهليين، لم أقف عليه. غير ان عدم ورود اللفظة كثيراً في هذا الشعر، لا يدل على عدم معرفة الجاهلين لها، ودليلنا على ذلك ورودها في مواضع من القرآن الكريم. وورودها فيه دليل على وقوف الجاهلين عليها واستعمالهم اياها، وأصلها من اليونانية، وقد وقف العرب عليها من السريانية أو من الحبشية. وقد ذكرت فيما سبق ان نفراً من أهل الكتاب كانوا قد أقاموا بمكة وكانوا يقرأون التوراة والانجيل بألسنتهم، فلا يستبعد اذن وقوف بعض الجاهليين، ولا سيما المثقفين منهم وأصحاب التجارات الذين كانوا يقصدون الحيرة وبلاد الشام ونجران للتجارة وكان لهم اتصال وثيق بنصارى هذه الأرضين على الانجيل وعلى الكتب الأخرى التي كان يستعملها رجال الكنيسة لافهام الناس أمور الدين.
ويظهر من بعض روايات الأخباريين أن بعض أهل الجاهلية كانوا قد اطلعوا على التوراة والانجيل، وأنهم وقفوا على ترجمات عربية للكتابين. أو أن هذا الفريق كان قد عرب بنفسه الكتابين كلاّ أو بعضا، ووقف على ما كان عند أهل الكتاب من كتب في الدين. فذكروا مثلاً أن "ورقة بن نوفل" "كان يكتب الكتاب العبراني، ويكتب من الانجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب ": وقالوا: "وكان امرؤ تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العربي، ويكتب من الانجيل بالعربية ما شاء الله أن يكتب". وذكروا مثل ذلك عن "أمية بن أبي الصلت"، فقالوا إنه كان قد قراً الكتب المقدسة، وقالوا مثل ذلك عن عدد مهن الأحناف.
وإذا كانت هذه الروايات صحيحة، فإنها تدل على أن الجاهليين كانوا قد وقفوا على ترجمة العهدين. ويرى بعض المستشرقين احتمال ترجمة العرب للكتاب المقدس قبل الإسلام وعند ظهوره،ترجمة من اليونانية على الأرجح. وقد استندوا في ذلك إلى خبر ذكره "ابن العبري"، Barkebraeus""، يفيد أن البطريق "المنوفيزيتي" المدعو "يوحنا".، "Monophysite Patriarch Johannes" كان قد ترجم الكتاب المقدس إلى أمير عربي اسمه "عمرو بن سعد" " وذلك بين سنتي "631" و "640" للميلاد، والى اًخبار أخرى تفيد أن بعض رجال الدين في العراق كانوا قد ترجموه إلى العربية وذلك قبيل الإسلام وعند ظهوره. ولا يستبعد وجود ترجمات للكتاب المقدس في الحيرة، لما عرف عنها من تقدم في الثقافة وفي التعليم، ولوجود النصارى المتعلمين فيها بكثرة. وقد وجد المسلمون فيها حينما دخلوها عدداً من الأطفال يتعلمون القراءة والكتابة وتدوين الأناجيل، وقد برز نفر منهم، وظهروا في علوم اللاهوت. وتولوا. مناصب عالية في سلك الكهنوت في مواضع أخرى من العراق، فلا غرابة اذا ما قام هؤلاء بتفسير الأناجبل وشرحها للناس للوقوف عليها. وقد لا يستبعد تدوينهم لتفاسيرها أو لترجمتها، لتكون في متناول الأيدي، ولا سيما بالنسبة إلى طلاب العلم المبتدئين. وقد لا يستبعد أيضاً توزيع بعضهم هذه ااترجمات والتفاسير إلى مواضع أخرى لقراءتها على الوثنيين وعلى النصارى للتبشير.
ونجد في كتب الاخباريين وفي كتب قصص الانبياء وفي القصص المدونة عن الماضين قصصاً وأمثلة وكلاماً يرجع أصله إلى بعض أسفار التوراة اوِالى الأناجيل، غيرْ اننا لا نستطيع ان نؤكد ان هذا المدون قد نقل عن الجاهليين، وان أهل الجاهلية كانوا يعرفونه، وانه ليس مما قصه أهل الكتاب أو مسلمة أهل الكتاب مثل كعب الأحبار ووهب بن منبه على المسلمين، فدخل بينهم. ثم إن القصص أكثره من "التلمود" و "المشنا" والكتب غير القانونية، روي بشكل فيه بعدٌ في بعض الأحيان عن هذا المدون المعروف، وهو يفيدنا من هذه الناحية كثيراً في الحكم على مدى معرفة العرب بعلم أهل الكتاب.
وللاسماء أهمية كبيرة في تعيين مبلغ أثر لليهودية والنصرانية في الجاهليين. وإذا كانت أسماء الوثنيين قد ساعدت "ولهوزن" في الكشف عن أسماء أصنام وأوثان لم ترد في كتاب الأصنام.لابن الكلبي ولا في كتب الأخباريين الأخرى، وساعدت في الكشف عن مدى تغلغل الوثنية في نفوس أهل الجاهلية، فإن للأسماء لليهودية أو الأسماء النصرانية التي تسمى بها أهل الجاهلية والتي وصل خبرها. للينا أهمية كبيرة في الافصاح عن مدى تأثر الجاهليين بالديانتين. وليس من اللازم أن تكون هذه الاّسماء أسماء أناس كانوا على دين يهود، أو على دين النصرانية، فالأسماء وإن كان لها ارتباط في الغالب بأديان حامليها غير أنها لا تكون دائماً دليلاً على دين أصحابها، فلبيئة ولبعض العادات والاعتقادات دخل في اختيار الأسماء. وعلى ذلك فإن ما سنذكره من أسماء لا نذكرها على أن أصحابها كانوا يهوداً أو نصارى حتماً، وإنما نذكرها على سبيل الإشارة إلى أن بعض الجاهليين كانوا يحملون أسماء هي في الغالب من اسماء اليهود والنصارى.
وفي طليعة هذه الأسماء التي يجب ان نذكرها، الأسماء للواردة في التوراة والانجيل، فهي أسماء عبرانية ونصرانية معروفة، وبها تسمى.كثير من اليهود والنصارى. ودخولها بين الجاهليين العرب دليل على وجود بعض تلك المسميات بينهم، وتسمى أهل الجاهلية بتلك الأسماء.
ومن جملة تلك الأسماء: آدم وقد دعي يه آدم بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب. قُتل في الجاهلية، وهو الذي وضع النبي دمه يوم فتح مكة. وقد جاء "ابن دريد" بتفسير لهذه التسمية فذكر انها من الأدمة أو بمعنى الطويل القامة ذي العنق الناصع، ولم يشير إلى وجود علاقة لها باسم آدم أبي للبشر. غير أني لا أستبعد احتمال أخذها من التسميات التي كانت بين لليهود أو النصارى عند الجاهلين. غير اننا لا نعرف من أمثال هذه التسميات غير عدد قليل محدود بحيث لا يمكن ان نتخذها قاعدة لبناء حكم عليها في ورود هذه التسمية عند الجاهلين.
وأكثر من هذه التسمية شيوعاً اسم "ابراهيم"، ومن جملة من تسمى بها: ابراهيم جد عدي بن زيد بن حمان بن زيد بن أيوب من بني امرىء القيس بن زيد مناة بن تميم. فولد أيوب ابراهيم وسلم وثعلبة وزيد. منهم عدي بن زيد ابن حمان بن زيد بن ايوب بن مجروف الشاعر. ومنهم مقاتل بن حسان بن ثعلبة ابن أوس ين ابراهيم بن أيوب، الذي نسب اليه قصر مقاتل. وقال ابن الكلبي: لا أعرف في الجاهلية من العرب أيوب وابراهيم غير هذين، وإنما سميّا بهذين الاسمين للنصرانية.
وممن سمي بابراهيم: ابراهيم بن كتيف النبهاني، وهو شاعر قديم،وابراهيم الأشهلي، وابراهيم بن الحارث بن خالد التيمي القرشي، وأبو رافع ابراهيم القبطي، وهو من موالي الرسول، وابراهيم بن عباد الأوسي، وابراهيم بن قيس بن حجر بن معد يكرب الكندي،وابراهيم النجّار وهو الذي صنع المنبر لرسول الله. وأكثر هؤلاء هم من الذين عاصروا الرسول وكانوا من صحابته. ويجب ألا ننسى أن الرسول سمى ابنه الذي توفي صغيراً في حياته ابراهيم.
وعرف من الصحابة رجل اسمه "إِسحاق الغنَوَي"، وعرف ثلاثة صحابيين باسم "اسماعيل". وأما "أيوب"، فقد عرف به "أيوب بن مجروف" جد عدي بن زيد العبادي، وأيوب بن مكرز، كما تكنى به أبو أيوب خالد ابن زيد الأنصاري من الصحابة، وهو الذي نزل عليه الرسول يوم مقدمه إلى يثرب مهاجراً من مكة.
واسم "داوود" من الأسماء التي وردت في جملة أسماء ملوك بني سليح، فذكر منهم "داوود اللثق". وأظن ان لفظة "دؤاد" التي كني بها الشاعر الجاهلي أبو دؤاد الإيادي هي من داوود، وإنْ ذهب المفسرون فيها مذهباً آخر فقالوا انها من الدُود والدوادة والدودة وأمثال ذلك. وعرف شاعر آخر باسم داوود بن حمل الهمداني، ومن الأنصار.رجل اسمه داوود. بن بلال وصحابي اسمه داوود بن سلمة الأنصاري.
وقد عرف داوود في الشعر الجاهلي بنسجه الدروع حتى ضربت بدروعه عندهم المثل. وهي في نظرهم دروع قوية ممتازة، صنعها كل من الحديد الذي كان يلين بين يديه. وقد تكرر ورود ذلك في أشعار جملة شعراء، مما يدل على انها كانت معروفة بين الجاهليين مشهورة. هذا ولا بد ان يكون لذلك أصل بعيد ظهر من قصص بني اسرائيل عن داوود وعن ملكه وحروبه وتغلبه على خصومه، هذا القصص الذي جعل من داوود رجلاً لا يستطاع التغلب عليه بفضل الحديد الذي لان بين يديه، فصار دروعاً لا تمضي فيه سيوف المقاتلين.
ولم يخل شعر الأعشى من اسم داوود، فورد في مناسبة التحدث عن حوادث الزمان واعتداء الدهر على الإنسان، وتبدل الأيام، كما في موضع آخر في كلامه على الدروع. أما عبيد الأبرص، فقد ذكره في أثناء كلامه على طول العمر.
وعرف "سليمان" في أبيات للنابغة قالها في مدح النعمان ملك الحيرة بتسخيره الجنّ لبناء تدمر. وعرف بمثل ذلك وببنائه الأبنية الفخمة وبسعة ملكه في شعر لشعراء آخرين. واذا كان ما نسب إلى أولثك الشعراء صحيحاً، كان رأيهم هذا في سلمان بتأثير ما كان يقصه أهل الكتاب على الجاهلين من قصص وارد في العهد القديم، في سفر الملوك الثالث وأخبار الأيام الثاني عن ملكه وعجيب أبنيته.
وقد ورد اسم سليمان علماً لجملة رجال، عاشوا في الجاهلية وفي أيام الرسول،فهناك حاكم من حكام العرب المعروفين في الجاهلية اسمه "سليمان بن نوفل".
وهناك جملة من الصحابة عرفوا بسليمان. ومن هذه اللفظة نشأت الأسماء: سلمان وسلام، وسُليم، كما يتبين ذلك من أبيات للأسود بن يعفر والخطيئة والنابغة. وعرف بسلمان رجل من نصارى بني عجل اسمه سلمان العجلي.
وهناك طائفة لأسماء نصرانية خالصة تسمى بها نفر من الجاهلين قبل الإسلام،مثل: عبد المسيح، وعبد ياسوع، وعبد يسوع، وعبد يشوع، وايشوع، وأبجر. وقد عرف بأبجر عدد من ملوك الرها، كما عرف بها أبجر بن جابر سيد بني عجل، وأفريم، و بولس، وجرجس، وجريج، ورومان، ورومانوس، و سرجس، و سمعا ن، وشمعون، و نسطا س، و حنين،، و "حنيناء" و "يحنة". ومن أسماء النساء: مارية، ومريم، وحنة، ومن بين هذه الأسماء ما كانت خاصة بطبقة الموالي الذين جلبوا من الخارج، وبيعوا في أسواق النخاسة، فحافظوا على أسمائهم القديمة التي تشير إلى أصولهم في النصرانية.
ونرى ورود "عبد المسيح" بين أسماء أهل الحيرة بصورة خاصة، ورد علماً لأناس معروفين جداً بينهم، وكانوا عليهم زعماء، مثل عبد المسيح بن عمرو ابن قيس بن حياّن بن بقيلة، وكان في جملة من خرج لملاقاة خالد بن الوليد للاتفاق معه على شروط الصلح. وعادة جعل المرء نفسه عبداً لإلَه أو لشخص مقدس، كما في هذه التسمية، لم تكن من العادات الخاصة بالنصارى، فقد رأينا أن أكثر الجاهلين كانوا يجعلون أنفسهم عبداً لإلهَ من الالهة، ثم يتخذون ذلك تسمية لهم، مثل عبد العزى، وعبد يغوث، وعبد ودّ، وأمثال ذلك. فلما كانت النصرانية،تبرأ من تنصر من اسم الآلهة الوثنية،وأحلوا محلها اسم المسيح.
وكان اسم والد حنظلة صاحب دير حنظة الذي بأرض بني علقمة بالحيرة "عبد المسيح."، ويذكر الأخباريون أنهم وجدوا على صدر الدير كتابة مكتوبة بالرصاص على ساج محفور: "بني هذا الهيكل المقدس، محبة لولاية الحق والأمانة، حنظلة بن عبد المسيح، يكون مع بقاء الدنيا تقديسه، وكما يذكر أولياؤه بالعصمة، يكون ذكر الخاطىء حنظلة".
غير ان هذه الأسماء اليهودية الأصل أو النصرانية قليلة الاستعمال، فلم تكن مستعملة بنطاق واسع. وأكثر من تسمى بها، هم من الموالي والأرقاء، أو من العرب الذين كانوا على أطراف العراق وبلاد الشام، وممن تأثر بالمؤثرات الثقافية الأعجمية، أو ممن كان على يهودية أو نصرانية، فتسمى بأسماء محببة أو مباركة في هاتين الديانتين.
وأهل نجران، هم الذين كانوا يجادلون الرسول في طبيعة المسيح، فلم يكن بمكة أو بيثرب قوم منهم يستطيعون مجادلته في أمور الدين. وقد ذكر بعض المفسرين ان أهل نجران كانوا أعظم قوم من النصارى جادلوا الرسول في عيسى. جاؤوا إلى الرسول، فقالوا له: ما شأنك تذكر صاحبنا? فقال: من هو? قالوا:، عيسى تزعم انه عبد الله. فقال: أجل انه عبد الله. قالوا: فهل رأيت مثل عيسى أو أنبئت به، ثم خرجوا من عنده غاضين. وقالوا إن كنت صادقا، فأرنا عبداً يحيي الموتى ويبرىء الأكمه، ويخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه، فلما عادوا قال رسول الله: مثل عيسى كمثل آدم خلقه من تراب،ا ثم قال له:كن فيكون.
وقد جادل بعض النصارى رسول الله في أمور الدين، ثم أسلموا. ونظراً لقلة عددهم بيثرب، لم يقاوموه هنا كما قاومه اليهود.
وطبيعي أن يتأثر نصارى الجاهلية بلغة بني إرم، فيستعملوا المصطلحات الدينية التي كانت شائعة في الكنيسة، وهي مصطلحات إرمية الأصل في الغالب: فقد كانت لغة بني إرم لغة العلم والدين عند النصارى الشرقيين. بها يقيمون طقوسهم الدينية " ومنها يترجمون الأناجيل إلى أتباعهم النصارى ا لعرب،. فدخلت بذلك إلى العربية ألفاظ إرمية ذات معان خاصة. ومنها. الألفاظ التي تكلمنا عنها وألفاظ أخرى عديدة لم نتطرق اليها، لعدم وجود صلة لها بهذا الموضوع، وخشية الإطالة والخروج على صلب الموضوع. وهناك مصطلحات يونانية ولاتينية وحبشية، لها صلة بالدين وبالمجتمع دخلت العربية أيضاً عن طريق النصرانية، ظهر أثرها في نصارى بلاد الشام والعربية الغربية خاصة، بتأثير الاحتكاك المباشر والتبشير.
وقد عني بعض الباحثين بجمع المصطلحات الدينية المعروفة عند أهل الكتاب في الجاهلية والتي أقرها الإسلام على نحو ما كانت تعرف به، أو أعطاها معنى خاصاً، ومن بينها عدد كبير ورد في القرآن الكريم. و لما كانت غالبية العرب على الوثنية، وهي ديانة بسيطة قليلة الشعائر بالنسبة إلى اليهودية والنصرانية، لذلك كانت هذه المصطلحات شائعة معروفة بين أهل الكتاب من الجاهليين، وقد نقلوها من اللغات الدينية التي كتب بها علماء أهل الكتاب، فهي في الغالب من أصل سرياني أو عبراني أو يوناني أو حبشي.
وقد جمع الأب "شيخو" في كتابه: "النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية" الألفاظ الخاصة بأهل الكتاب من الأبيات الواردة في دواوين شعراء الجاهلية وفي كتب الأدب، وهي أبيات منها ما أجمع الرواة و أهل الأخبار على نسبتها إلى اولئك الشعراء، ومنها ما ورد عند بعض الرواة والاخباريين ولم يرد في دواوين أولئك الشعراء، ليجعل من تلك الألفاظ دليلاً على أثر النصرانية.في الجاهليين، وعلى مدى تغلغلها بينهم. وهو حكم لا يمكن أن يكون سليماً، إلا بعد ثبوت صحة نسبة تلك الأبيات إلى الجاهليين.
وقد كان للنصرانية أثر مهم في نشر الكتابة العربية، المأخوذة عن الإرمية،بين الجاهليين، الكتابة التي تولد منها قلمنا الذي نكتب به في الوقت الحاضر.وقد وجد المسلمون في فتحهم للعراق مدارس عديدة لتعليم الأطفال القراءة والكتابة،كما أن تجار مكة ويثرب الذين كانوا يقصدون الشام والعراق وجدوا الضرورة تحتم عليهم تعلم هذا الخط، فتعلّموه. ولما نزل الوحي كتب كتابه به، فصار قلم المسلمين. كما سأتحدث عن ذلك في موضوع الخط عند الجاهليين.
ولم يترك رجال الدين من النصارى العرب. لنا أثراً كتابياً ينبىء عن مدى اشتغالهم في علم اللاهوت وفي العلوم الأخرى،غير أن هذا لا يعني أن النصارى العرب لم يزجوا علماء دين منهم، ولم يعطوا النصرانية رجلاً منهم يخدمها ويقف حياته الروحية عليها، ففي قوائم أسماء من حضروا المجامع الدينية التي عقدت للنظر في الأمور الجدلية وفي القضايا التي تخص مبادئ الدين أسماء رجال تنبئ أنهم كانوا عرباً، وقد دونت في محاضر تلك المجالس أسماء المواضع التي مثلوها من بلاد العرب، كما أن بين رجال الدين الكبار الذين نبغوا في العراق من كان أصله من الحيرة، وإذ كانت غالبية سكان هذه المدينة من العرب، فلا يستبعد أن يكون من بين هؤلاء العلماء النصارى الحيريين من كان من أصل عربي.
لقد كانت النصرانية عاملاً مهماً بالطبع في ادخال الآراء الإغريقية والسريانية إلى نصارى العرب،فقد كانت الكنيسة مضطرة إلى دراسة الإغريقية ولغة بني إرم،لما للغتين من قدسية خاصة نشأت من صلتهما بالأناجيل. وقد كان أثر الإرمية أهم في الكنيسة الشرقية من الإغريقية، لكونها لغة الثقافة في الهلال الخصيب في ذلك العهد. ولهذا وجدنا معظم التعابير والمصطلحات الدينية عند نصارى الشرق هي من هذه اللغة، ومنها أخذها النصارى العرب، فصارت عربية، وقد كان السريان قد نقلوا بعض مؤلفات اليونان واللاتين إلى لغتهم، ولا أستبعد نقلهم بعض تلك المؤلفات، ولا سيما الدينية منها، من هذه اللغة الى اللغة العربي، وذلك قبل الإسلام، أو ترجمتها ترجمة شفوية لطلاب العلم مكن العرب ممن كانوا لا يفقهون لغة بني إرم،أو لا يلمّون بها إلماماً صحيحاً. وإذ كانت هذه اللغة لغة مقدسة ولغة الكنيسة الرسمية، وكان أكثر رجال الدين من بني إرم،فقد كانت هذه اللغة اللغة المقررة في الكنيسة، بها يدرس ويتباحث رجال الدين وان كانوا عرباً،على تحو ما يفعله رجال الدين الأعاجم الذين يدرسون العربية بعلومها المختلفة ليتفقهوا بذلك في الدين، والعربية هي لغة الدين الاسلامي،وكما يفعل رجال الدين الكاثوليك أيضاً في دراستهم اللاتينية وتبحرهم بها لأن اللاتينية هي لغة النصرانية عند الكاثوليك.
وكان للنصرانية أثر آخر في نصارى عرب الجاهلية، هو أثرها فيهم من ناحية الفن، إذ أدخلت النصرانية بين العرب فناً جديداً في البناءة هو بناء الكنائس والأديرة والمذابح والمحاريب والزخرفة، كما أدخلت النحت والتصوير المتأثرين بالنزعة النصرانية. ولدخول أكثر هذه الأشياء لأول مرة بين الجاهليين، استعملت مسمياتها الأصلية اليونانية أو الإرمية في اللغة العربية، بعد ان صقلت وهذبت، حتى اكتسبت ثوباً يلائم الذوق العربي في النطق. وستكشف الحفريات في المستقبل عن مدى تأثر النصارى العرب الجاهليين بالفن النصراني المقتبس عن الروم أو عن بني إرم والأحباش.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق