إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 2 يونيو 2014

315 عمر بن عبد العزيز ( معالم التجديد والاصلاح الراشدى ) على منهاج النبوة الفصل الثالث : السياسة الداخلية لمعاوية رضي الله عنه المبحث الخامس : النظام المالي في عهد معاوية رضي الله عنه سادسا : شبهات حول مصارف الأموال في عهد معاوية :


315

عمر بن عبد العزيز ( معالم التجديد والاصلاح الراشدى ) على منهاج النبوة

الفصل الثالث : السياسة الداخلية لمعاوية رضي الله عنه

المبحث الخامس : النظام المالي في عهد معاوية رضي الله عنه  
سادسا : شبهات حول مصارف الأموال في عهد معاوية :

أثار بعض المؤرخين شبهات حول مصارف الأموال في عهد معاوية رضي الله عنه، وذكروا عدة مصارف وسموها بأنها جائرة وغير شرعية منها:

1 ـالتفريط في خراج بعض الأقاليم والتفرقة في العطاء:

أ ـإعطاء مصر طعمة لعمرو بن العاص:

    تتعدد الروايات التي تنص على أن معاوية أعطى مصر طعمة لعمرو بن العاص لقاء تأييد الأخير له في حربه ضد علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وجل هذه الأخبار تحوي روحاً عدائية لعمرو ومعاوية وتصور اتفاقهما على حرب علي كما لو كانت مؤامرة دَنيئة أو صفقة مريبة، خان فيها الرجلان ربهما ودينهما، وتاريخهما مقابل عرض زائل أو نصر سريع، وكأنه من المستحيل أن يبذل ابن العاص نصره لقضية اجتمع حولها آلاف الرجال في الشام وغيرها ـ وهي الطلب بدم عثمان ـ إلا إذ نال ولاية مصر وخراجها لنفسه، وبعض هذه الروايات تحوي سباباً لهذين الصحابيين، كأن تزعم أن عمرو فضل ولاية مصر على حسنى الآخرة وصرح بذلك فقال: إنما أردنا هذه الدنيا ، أو أنه قال لمعاوية: لا أعطيك من ديني حتى آخذ من دنياك ، أو قوله: إنما أبايعك بها ديني ((أي بمصر ، أو قوله لمعاوية: ولولا مصر وولايتها لركبت المنجاة منها، فإني أُعلم أن علي بن أبي طالب على الحق وأنت على ضده ، إلى غير ذلك من الروايات ، وهكذا روايات باطلة وموضوعة عند المسعودي وكتاب الإمامة والسياسة المنسوب لابن قتيبة وغيرها تمسخ عمرو بن العاص إلى رجل مصالح، وصاحب مطامع وراغب دنيا، وقد تأثر بالروايات الضعيفة والموضوعة والسقيمة مجموعة من الكتّاب والمؤرَّخين، فأهووا بعمرو إلى الحضيض، كالذي كتبه محمود شيت خطاب وعبد الخالق سيِّد أبو رابية ، وعباس محمود العقَّاد الذي يتعالى عن النَّظر في الإسناد، ويستخفُّ بقارئه، ويظهر له صورة معاوية وعمرو رضي الله عنهما بأنَّهما: انتهازيَّان، صاحبا مصالح، ولو أجمع الناَّقدون التاريخيون على بطلان الرِّوايات التي استند إليها في تحليله فهذا لا يعني للعقَّاد شيئاً، فقد قال بعد أن ذكر روايات ضعيفة، واهية، لا تقوم بها حجة:... وليقل الناقدون التاريخيون ما بدا لهم أن يقولوا في صدق هذا الحوار، وصحَّة هذه الكلمات، وما ثبت نقلة، ولم يثبت منه سنده، ولا نصُّه فالذي لا ريب فيه، ولو أجمعت التواريخ قاطبة على نقضه: أن الاتفاق بين الرجلين، كان اتفاق مساومة، ومعاونة على الملك، والولاية، وأن المساومة بينهما كانت على النصَّيب الذي آل على كلِّ منهما، ولولاه لما كان بينهما اتفاق .

    وهناك عدة دلائل ترد على الروايات الضعيفة والموضوعة والسقيمة التي لاقت رواجاً واستقرار في تشويه عمرو بن العاص ومعاوية بالظلم والبهتان منها ما عرف من صحة إسلام وتقوى معاوية وعمرو، وتاريخهما المضيء في خدمة دين الله منذ أسلما ، ففي معاوية يكفي دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال: اللهم اجعله هادياً مهدياً، واهد به ، وقوله صلى الله عليه وسلم اللّهمّ علِّم معاوية الكتاب والحساب، وقه العذاب ، وأما عمرو بن العاص رضي الله عنه فقد شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإيمان حيث قال: أسلم الناس وآمن عمرو بن العاص  وفي حديث آخر قال: ابنا العاص مؤمنان عمرو وهشام ، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :.. وصدق عمرو، إن لعمرو عند الله لخيراً كثيراً .

ـ    كانت بيعة عمرو لمعاوية في عهد علي على الطلب بدم عثمان، فقد كان تأثر عمرو بمقتل عثمان عظيماً، فعندما سمع خبر مقتل عثمان... ارتحل راجلاً يبكي، ويقول: يا عثماناه: أنعي الحياء والدين... حتَّى قدم دمشق ، فقد كان من أقرب أصحابه، وخلانه، ومستشاريه، وكان يدخل في الشُّورى ـ في عهد عثمان ـ من غير ولاية، ومضى إلى معاوية رضي الله عنهما ليتعاونا معاً على الاقتصاص من قتلة عثمان والثأر للخليفة الشهيد ، لقد كان مقتل عثمان كافياً لأن يحرِّك كلَّ غضبه على أولئك المجرمين السَّفَّاكين، وكان لابدَّ من اختيار مكان غير المدينة للثأر من هؤلاء الذين تجرَّؤوا على حرم رسول الله، وقتلوا خليفته على أعين النَّاس، وأيُّ غرابة أن يغضب عمرو لعثمان؟ وإن كان هناك من يشك في هذا الموضوع، فمداره على الرِّوايات المكذوبة التي تصوِّر عمراً: كلُّ همه السُّلطة والحكم .

ـ    ومن الدلائل على بطلان فرية إعطاء مصر طعمة لعمرو بن العاص ، ما ذكره أبو مخنف أحد رواة الفرية السابقة، أن دفع معاوية جيشه إلى فتح مصر وأخذها من يد أنصار علي بن أبي طالب سنة 38هـ ـ وكان عمرو قائده في هذه الحملة ـ أنه كان: يرجو أن يكون إذا ظهر عليها ظهر على حرب علي لعظم خراجها ... فكيف يهب معاوية ذلك الخراج كله لعمرو وهو في مسيس الحاجة إليه؟

ـ     ومن الدلائل أيضاً: أن معاوية كتب بعد استخلافه إلى عامله على خراج مصر ـ وردان ـ أن زد على كل امرئ من القبط قيراطاً، فرد عليه: كيف وفي عهدهم أن لا يزاد عليهم ؟ ولم يل وردان خراج مصر لمعاوية إلا في ولاية عمرو بن العاص لأن من ولوا مصر بعد موت عمرو ـ وهم عتبة بن أبي سفيان وعقبة بن عامر ومسلمة بن خالد ـ كانوا يتولون صلاتها وخراجها، وهذه الرواية صريحة قاطعة في الدلالة على اهتمام معاوية بزيادة حصيلة الخراج في مصر، وفي ولاية عمرو بن العاص عليها، وهذا الاهتمام لا معنى له إلا إذا كان فائض الخراج في مصر يحمل إلى معاوية في دمشق ليواجه به وجوه الإنفاق المتنوعة . كما أن معاوية لم يكن يستحل أن يتنازل عن خراج مصر ـ وهي من أغنى أقاليم الدولة الإسلامية آنذاك ـ لفرد واحد وهو يعلم أنه حق الأمة كلها، وأنه لا يملك التنازل عنه، وقد روى ابن تيمية عن عطية بن قيس قال: سمعت معاوية بن أبي سفيان يخطبنا يقول: إن في بيت مالكم فضلاً بعد أعطياتكم وإني قاسمه بينكم، فإن كان يأتينا فضل عاماً قابلاً قسمناه عليكم، وإلا فلا عتبة علي، فإنه ليس بمالي وإنما هو مال الله الذي أفاءه عليكم ، وإذا أضفنا إلى ذلك ما نعرفه من تنافس الأمصار الإسلامية مع بعضها، ووجود معارضة للأمويين في مصر كانت حديثة العهد منذ تبعية مصر لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه حتى ـ دخلها ـ عمرو بن العاص سنة 38هـ، لازددنا يقيناً أن أهلها لم يكونوا يقبلون ما يزعمه الرواة حول إعطائها طعمة لابن العاص وعلى ذات السبيل نذكر أن من رجال مصر من بذل في سبيل نصرة معاوية مثلما بذل عمرو بن العاص، إن لم يفقه، كمعاوية بن حديج وأصحابه من العثمانية، وهؤلاء لا يقبلون بحال أن يمتاز عمرو عليهم كل هذا الامتياز، قد مر بنا فيما مضى أن معاوية بن حديج هذا قد أرجع ابن أخت معاوية ـ عبد الرحمن بن أم الحكم ـ الذي ولاه معاوية مصر، من قبل أن يدخلها، ورفض أن يتولى إمارتهم ورده إلى الشام على نحو غير كريم، فما استطاع معاوية أن يغضب بن حديج .

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق